المقاطعة تتحول الى اسلوب حياة، وبدائل محلية تستحوذ على حصص الشركات الاجنبية في السوق
جو 24 :
خاص -
مازالت حملات مقاطعة منتجات الشركات (الأمريكية والفرنسية والألمانية والبريطانية وغيرها من العلامات التجارية التي تتخذ من دول داعمة للكيان الصهيوني مقرّا لها)، تتوسع وتتمدد في الأردن والعديد من الدول العربية والإسلامية.
وقد وصل الأمر لدى كثير من الأردنيين حدّ الاستغناء عن تلك السلع دون انتظار ايجاد بديل لها، الأمر الذي آتى ثماره وانعكس فعلا على أوضاع تلك الشركات والعلامات التجارية بشكل واضح.
وكالة "بلومبرغ" بثّت مؤخرا تقريرا حول حملات المقاطعة، مشيرة إلى أن تلك الحملات الشعبية والعفوية انطلقت منذ بدء الحرب على قطاع غزة، حيث طالت المقاطعة منتجات الشركات والمتاجر والعلامات التجارية الأمريكية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى تلك الفرنسية والألمانية والبريطانية.
وبحسب تقرير "بلومبرغ"، فقد كان على رأس الشركات والعلامات التجارية المتضررة من حملات المقاطعة سلسلة مطاعم "ماكدونالدز"، ومتاجر "ستاربكس" الأمريكية، وسلسلة متاجر "كارفور"، وشركات "بيبسي" و"كوكاكولا"، وشركة "أمريكانا للمطاعم العالمية".
وقالت "بلومبرغ" إن العديد من متاجر "ستاربكس" و"ماكدونالدز" في الأردن لاتزال فارغة إلى حد كبير رغم بدء حملة المقاطعة في أكتوبر. وعادة يرى المارة مقاعد ومقصورات فارغة لا يشغلها أحد سوى العمال، مع انحناء أمناء الصناديق "الكاشير" على طاولاتهم. كما تضع محلات السوبر ماركت هناك أيضاً لافتات على عدد كبير من العلامات التجارية الأجنبية توضح أنها "سلع مقاطعة".
وأضافت الوكالة الاقتصادية أنه لوحظت تداعيات المقاطعة بشكل كبير في الأردن والكويت ومصر، فيما اختار بعض أصحاب الأعمال الصغيرة من مطاعم وبقالات اتخاذ موقف تجاه المقاطعة، وقاموا باستبدال كافة المشروبات الغازية المقاطعة مثل "بيبسي وكوكاكولا" بعلامات تجارية محلية في أوائل أكتوبر.
وبينما أكد التقرير حجم تأثير حملات المقاطعة على أوضاع تلك الشركات المالية، أشارت "بلومبرغ" إلى أن المقاطعة انعكست ايجابا على الشركات الصناعية المحليّة، حيث تضاعفت مبيعات هذه الشركات أكثر من ثلاثة أضعاف مبيعاتها السابقة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، حذّر الرئيس التنفيذي لشركة "ماكدونالدز"، كريس كيمبكزينسكي، من أن شركته تشهد "تأثيراً تجارياً ملموساً" في الشرق الأوسط بسبب انتشار معلومات غير دقيقة بشأنها.
وفي خبر بثّته CNBC قبل نحو ثلاثة أسابيع، فقد فقدت شركة McDonald's أكثر من (6) مليارات دولار من قيمتها السوقية في (4) أيام بعد اعتراف الرئيس التنفيذي بتأثر أعمال منطقة الشرق الأوسط بتداعيات الحرب على غزة.
في الوقت نفسه، انخفضت أسهم شركة "أمريكانا للمطاعم العالمية"، صاحبة امتيازات مطاعم "كنتاكي" و"بيتزا هت" و"كريسبي كريم" و"هارديز" في الشرق الأوسط، بنسبة 27% في البورصة السعودية خلال الأشهر التالية لنشوب الحرب، حيث توقع بعض المحللين تضرر أرباحها جراء المقاطعة.
اللافت في تقرير "بلومبرغ"، هو الاعتراف المدعم بالبيانات بأن المقاطعة العربية للعلامات التجارية الداعمة للاحتلال قد نجحت نجاحا غير مسبوق ومنقطع النظير، وأصبح هناك تحوّلا في نمط الاستهلاك في الدول العربية، وهذه مسألة يفترض التوقف عندها طويلا، فالعدوان على غزة شكّل صدمة كبيرة للناس، والغالبية العظمى رأوا أن أضعف الايمان هو مقاطعة السلع ومنتجات الشركات الداعمة دولها للعدوان البربري والوحشي على قطاع غزة والضفة الغربية.
قرار المقاطعة لم يكن زوبعة في فنجان أو رد فعل لحظي وآني سرعان ما يتراجع عنه الناس كما حدث في معظم الدعوات التي انطلقت في مفاصل سابقة، فالحدث هذه المرة مختلف تماما، وقد نمت قناعة حقيقية لدى الناس أنهم يشاركون في مناصرة الأشقاء في غزة من خلال المقاطعة. واكتشف الناس أن الحياة بدون هذه السلع أمر طبيعي وممكن وليس مستحيلا، وأن هناك بدائل محلية يمكن اللجوء لها، وقد قامت العديد من الشركات المصنّعة للمنتجات البديلة برفع جودة منتجاتها.
الواضح أن قرار المقاطعة بات قطعيا لدى الغالبية العظمى من الناس، ولم يعد أمام هذه الشركات بديلا عن مغادرة المنطقة أو أن تختار فكّ الارتباط مع تلك الشركات العالمية العابرة للحدود والتي تصطف دولها وتنحاز وتتآمر على الأهل في غزة والضفة الغربية وتشارك بعمليات القتل والإبادة الجماعية.