غزة: بين حي الطفايلة وعربان الزيارات والتصريحات الجوفاء
جو 24 :
د. صالح نصيرات - حي الطفايلة في العاصمة عمان أنموذج فريد في الأردن العزيز. فهذا الحي الذي يمثل شريحة متميزة ومتقدمة في تعاملها مع الحرب الصهيونية التدميرية على غزة حالة فريدة في الوطن العربي كله. فمنذ الايام الأولى للحرب شمر شباب وكهول عن سواعد وارتقوا إلى مستوى المسؤولية التي يؤمنون بها تجاه غزة. فلم يلتفتوا إلى التصريحات الجوفاء التي ملأت فضاء بلاد العربان، ولم يسمحوا لأنفسهم أن يناموا مخدرين بتلك التصريحات، ولم يؤمنوا بالزيارات والرحلات البروتوكولية إلى الغرب و الشرق تستجدي "دعما" لوقف النار المدمرة على غزة.
في الحي نشط الشباب والكهول فتواصلوا مع أهل الخير، ومدوا أيديهم إلى جيوبهم، وقرروا أن يقوموا بما يستطيعون. فكانت حملتهم الأولى لشراء سيارة إسعاف والثانية لتقديم الفرش والأغطية و الملابس ثم كانت الثالثة لتقديم الحليب لأطفال غزة الذين مات عدد منهم بسبب فقدان الحليب وآخرها حملة توزيع آلاف الارغفة من الخبز. وهم أنفسهم ومنذ سنوات مع إخوانهم في حملة جبر الخواطر يطوفون على قرى الاردن شماله وجنوبه يقدمون ما يستطيعون من خير لأهلهم وإخوانهم على امتداد الوطن.
هذا الحي الذي سكنه أجداد وآباء شباب الحي منذ الخمسينسات من القرن الماضي ليس من الأحياء "الراقية"!! في ضخامة المباني، ولا يضم مسؤولين كبارا ولا يسكنه المليونيرات، ولا يقع في عواصم الثراء الفاحش والهدر المنظم لأموال الأمة، إلا أنه يضم في جنباته شهامة ومروءة عز نظيرها اليوم. فهو مع الوطن بلا تردد، ومع أهل فلسطين بلا كلل. فلماذا لا تقتدي الاحياء الاردنية بهذا الحي؟ ولماذا لا تنشأ المبادرات الخيّرة في أحياء مدننا وقرانا؟ ولماذا لا يذهب الناس إلى الحي ليتعلموا من أهله الشم هذه الخصال وتلك الفعال؟
لا نقدم فقط تحية لأهل الحي الكرام، بل نقول لهم إيضا إن ما فعلتموه وتفعلونه اليوم أنصع دليل على تطبيق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم" أيُّما أهل عَرَصَةٍ أصبحَ فيهم امرؤٌ جائع، فقد برئت منهم ذِمَّةُ الله عز وجلَّ" .
دعوة لكل الأحياء في أردن الخير والشهامة للاقتداء بتطبيق قيم الإسلام ومبادىء الدين الحنيف في الولاء والحب والصدق في الأخوة.