ازدهار تهريب الآثار العربية لإسرائيل
كشفت سلطة الآثار الإسرائيلية النقاب عن ازدهار عمليات تهريب الأثريات من البلدان العربية، في ظل ما سمتها الفوضى الناجمة عن الثورات العربية, وقالت إن بحوزتها كميات كبيرة من كنوز العراق التاريخية.
ويؤكد شاي بار طوبا مدير وحدة مكافحة سرقة الأثريات في سلطة الآثار الإسرائيلية للجزيرة نت أن تهريب الكنوز الأثرية من البلدان العربية إلى إسرائيل قد ازداد بعد الثورات العربية نتيجة ضعف نظام الحكم وفقدان حالة الاستقرار فيها وتفشي الحفريات غير القانونية.
وأشار إلى ازدياد ظاهرة تهريب المكتشفات الأثرية من مصر لإسرائيل عبر سيناء غداة اندلاع الثورة والسطو على بعض المتاحف، منوها بأن البلاد شهدت ظاهرة مشابهة موجودة في دول أخرى غداة الاحتلال الأميركي للعراق ونهب متاحفه.
وأقر بار طوبا بأن سلطة الآثار الإسرائيلية احتجزت كمية كبيرة من الآثار العراقية المسروقة، زاعما أنها أبلغت الإنتربول بما لديها لكن العراق لم يبادر لاستعادتها.
كما كشف عن وجود ألواح فخارية ورخامية نقشت عليها مخطوطات مسمارية أصلها من العراق تباع في إسرائيل، منوها بأن سلطة الآثار اضطرت لإعادتها للتجار لأن القانون يسمح بمصادرتها لتسعين يوما فقط بغية البحث عن أصحابها الحقيقيين.
وأضاف أن "العراق بدلا من الاستجابة وإثبات ملكيته للأثريات المسروقة منه لم يتعاون رغم توجهاتنا للإنتربول عشرات المرات بهذا الخصوص، فاضطررنا لإخلاء سبيل الموجودات الأثرية بعد توثيقها علميا في أرشيفاتنا".
تعديل القانون
ويرجع بار طوبا عدم تعاون العراق لاسترداد أثرياته المسروقة لحالة الفوضى، زاعما أن السلطات العراقية ربما تفضل بقاء المسروقات في إسرائيل لاستخدامها ذخائر إعلامية ضدها.
كما يشير إلى أن إسرائيل سمحت حتى الشهر الأخير بالمتاجرة بالأثريات، لافتا إلى أن ذلك زاد كمية الأثريات من البلدان العربية التي سرقت من هناك وسوّقت في البلاد تحت غطاء المتاجرة المشروعة.
وتابع "هذه الفوضى دفعتنا لحظر المتاجرة بالآثار بتعديل القانون بحيث تخضع كل عملية بيع لفحوصاتنا ولمصادقتنا، لكن التهريب متواصل وحتى هذا التاريخ لم تكن حاجة للتهريب فالتجارة تمت علانية وبحرية".
ويؤكد زياد تاجر أثريات من مدينة الناصرة داخل أراضي 48 للجزيرة نت أن التهريب من البلدان العربية تجارة رائجة في إسرائيل قبل وبعد تعديل القانون طمعا في أرباح كبيرة.
سيناء البوابة الأولى
ويشير إلى أن سيناء اليوم تعتبر بوابة التهريب الأولى، لافتا لابتياعه سيفا أثريا بعشرين ألف دولار الأسبوع الماضي.
وتابع "هناك أدوات رخامية ومنحوتات حجرية وقطع نقد معدنية تاريخية، ويؤسفني أن كنوزا آشورية وبابلية وعباسية وفرعونية تصل البلاد وتباع بأسعار خيالية وأحيانا بالمزاد العلني في إسرائيل".
ويقول إنه بخلاف العراق هناك تعاون مع مصر والأردن، وينوه بأن سلطة الآثار المصرية بصدد استعادة موجودات أثرية مهمة من إسرائيل بناء على طلب القاهرة.
وكانت سلطة الآثار الإسرائيلية أعلنت الشهر الماضي أنها صادرت أثريات مهمة، منها أغطية لتوابيت خشبية استخدمت لدفن مومياوات عمرها آلاف السنوات تحوي نقوشا ورسومات نادرة, ضبطت في القدس المحتلة بعدما ابتاعها تاجر محلي لقاء عشرات آلاف الدولارات.
وذكرت الناطقة بلسان سلطة الآثار يولي شفارتس أن بعض المكتشفات الأثرية تعود للعصرين الحجري والبرونزي، وأنها غير موجودة في أي مكان في العالم عدا في مصر بفضل مناخها الجاف، موضحة أنه تمت مصادرتها والتحفظ عليها داخل مختبر معد خصيصا لذلك.
وأوضحت الناطقة أن لصوص آثار مصريين باعوا المكتشفات التي سرقوها من غرب مصر لمهربين باعوها لدبي، ومن هناك تم تهريبها مجددا لإسرائيل بواسطة دولة أوروبية تمهيدا لبيعها في العالم بالمزاد العلني بعد استصدار شهادات رسمية لها وكأنه عثر عليها في البلاد.
وقالت للجزيرة نت إن المهّربين اضطروا لقص بعض الأثريات لنصفين بغية تيسير عملية تهريبها داخل حقائب مما ألحق بها ضررا فادحا، منوهة بأنها أغطية لقبور صنعت من خشب النخيل واستخدمت لاحتواء جثامين محنطة لا يعرف مصيرها.
ويؤكد بار طوبا أن بالأسواق الإسرائيلية أثريات عربية وإسلامية وأجنبية من شمال أفريقيا كالمنحوتات وألواح الرخام والأدوات الزجاجية النادرة.
كما يشير إلى أن تهريب الآثار من الأردن لإسرائيل موضوع مركّب بفعل تشابه الموجودات الأثرية بين البلدين المتجاورين واللذين خضعا لحكم واحد في كثير من الفترات التاريخية، بخلاف مصر والعراق.
ويوضح أن إسرائيل لم تعد للأردن موجودات أثرية في السنوات السبع الأخيرة، لكنهما يتعاونان بهذا المضمار منوها بأن سلطة الآثار الإسرائيلية ضبطت لوحة حجرية تحمل مخطوطات قديمة عراقية لكن أرقام المتحف المثبتة فيها تظهر أنها أحضرت من سوريا.