رمضانيات (٨)التجارة مع الله
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
…
وردت كلمة ( تجارة) في القران الكريم في ثمان ايات، ست منها بمعنى التجارة المتعلقة بالمال والبيع، كقوله تعالى في سورة التوبة ( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، واثنتين بمعنى مجازي؛ اي التجارة مع الله، احداها في سورة فاطر ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ)، والاخرى في سورة الصف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).
حقيقة التجارة مع الله أنها تقوم على اسس الايمان والجهاد بالمال والنفس كما في الآيات في سورة الصف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
وقد سبقتها الايات المتعلقة بالجهاد ايضا ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مرصوص). وفي آية وردت فيها مفردة في عملية التجارة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه)
التجارة مع الله فيها تسليم لامره، والقيام بالفعل المطلوب ابتغاء الاجر يوم القيامة، لذلك جاءت نتيجة التجارة ( ومن ضمنها الجهاد) هي المغفرة والفوز بالجنة ابتداءاً، ثم جاءت ثمرة الدنيا العاجلة لاحقة لثمرة الآخرة ( وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ). بالتأكيد ان الانسان يحب ان يرى ثمرة عمله عاجلا، ومنها صبره وتضحياته، لكنها ليست اساس العقد في التجارة مع الله، فبدلاً من الانشغال بموعد النصر وهو عند الله، فالاولى الانشغال في ان تكون سببا فيه.
يجاهد أهل غزة، ونتألم لأجلهم، ونتمنى ان تنتهي معاناتهم فورا وينتصرون، لكن الاولى من ذلك ان نكون سببا في نصرتهم، فتكون تجارتنا مع الله كما ارادها في اياته الدالات، خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي تتضاعف فيه الحسنات.
وتقبل الله طاعتكم وربحت تجارتكم مع الله