jo24_banner
jo24_banner

النسور : البطالة المرتفعة اضعفت تحقيق النمو الاقتصادي

النسور : البطالة  المرتفعة اضعفت تحقيق النمو الاقتصادي
جو 24 : قال مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الدكتور معن النسور بأن البطالة المرتفعة والتي تتجاوز نسبة الـ11% ، وتصل إلى 25% في صفوف الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً تعد أبرز التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وتشكل أعلى من المعدل في الدول متوسطة الدخل وهي ناتجة عن جملة تحديات ومشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية أضعفت قدرة دول المنطقة على تحقيق نمو اقتصادي متوازن طويل الأمد ، وبالتالي خلق فرص عمل للقوى العاملة المتنامية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.



وأضاف النسور خلال ورقة عمل قدمها في مؤتمر " التحديات الاقتصادية والمالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومجلس التعاون الخليجي " الذي نظمته مؤخراً الجامعة الألمانية الاردنية بأن مشكلة البطالة هي العارض للعديد من الأمراض المزمنة والتحديات التي تعاني منها المنطقة ، بالإضافة إلى ضعف الهياكل المؤسسية والحاكمية في دول المنطقة، حيث تلعب المؤسسات دوراً كبيراً في تحقيق التنمية الاقتصادية ودفع عجلة النمو الاقتصادي مشيراً بأن سيادة القانون وحماية حقوق الملكية ومحاربة الفساد هي عوامل تؤدي الى نمو اقتصادي متوازن ، وعندما نقارن أداء دول المنطقة مع الدول الأخرى وخصوصا الدول متوسطة الدخل في العالم في "مؤشرات الحوكمة العالمية" نلاحظ أن دول المنطقة تعاني من ضعف في التمثيل والمساءلة وضعف في نوعية الأطر التنظيمية.



وأكد النسور بأن الإصلاحات والنمو الإقتصادي لا يمكنها الاستمرار مالم تؤد إلى خلق فرص عمل للقوى العاملة المتنامية بسرعة في المنطقة ، وأن تقترن بسياسات اجتماعية ملائمة لجميع فئات السكان ، فحتى يكون النمو قابلاً للاستمرار، يجب أن يشمل ويستفيد منه الجميع ، ولا تستأثر به قلة قليلة من الناس.



وبين النسور بأن المنطقة تتميّز بالتنوع الكبير فهي تشمل دول العالم الأشد فقراً ومنها اليمن، وتشمل أغنى دول العالم وهي قطر ، ولكن معظم دول المنطقة تقع ضمن الدول متوسطة الدخل حسب تصنيف البنك الدولي ، وحتى تتمكن المنطقة من البناء على التنوع الكبير وتحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي فيما بينها، فقد وضع الاقتصاديون والسياسيون والاجتماعيون العديد من التصنيفات لدول المنطقة، لعل أبرزها تصنيف البنك الدولي الذي قسم دول المنطقة إلى ثلاث مجموعات وتتمثل في مجموعات الدول فقيرة الموارد وتشمل الأردن ومصر والمغرب وتونس ولبنان والضفة الغربية وجيبوتي ، والدول غنية الموارد ووفيرة العمالة: وتشمل الجزائر والعراق وسوريا واليمن وإيران ، والدول غنية الموارد والمستوردة للعمالة: وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي السعودية والكويت وعمان وقطر والإمارات والبحرين بالإضافة إلى ليبيا.



وأوضح النسور بأن أبرز الاختلافات بين مجموعات هذه الدول هي مستوى الدخل حيث تقع دول مجلس التعاون الخليجي بين الدول المرتفعة الدخل، وحجم الحكومة وإنفاقها والاعتماد على التجارة الخارجية يرتفع في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة مع دول المنطقة الأخرى، مضيفاً بأن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر أحد محركات النمو في دول المنطقة، حيث يعتمد النمو الاقتصادي في بعض دول المنطقة كالأردن ومصر على تراكم الفوائض المالية والحوالات من العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي.



وأضاف بأن المنطقة تعاني الكثير من التحديات الاقتصادية التي تؤثر على قدرتها في تحسين مستوى الدخل وتوفير الحياة المعيشية لمواطنيها .



أما بالنسبة لحجم الحكومة الكبير وضعف كفاءة إنفاقها في هذه البلدان فأوضح النسور بأن بلدان المنطقة تبنت نموذج تنمية يرتكز على الدولة أو (State-centered development model)، حيث يوظف القطاع العام حوالي ثلث المشتغلين في دول المنطقة، بينما يتركز الإنفاق الحكومي على دفع رواتب والتي تصل حصتها إلى ضعف مستواها في الدول متوسطة الدخل، كما يحصل الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي على ضعف مستواه في معظم الدول متوسطة الدخل. مشيراً بأن هذا النموذج من التنمية المعتمد على الدولة والمقرون بضعف المؤسسات والحاكمية أدى إلى إضعاف دور القطاع الخاص وقلة تراكم رأس المال بشقيه البشري والمادي.



وتطرق النسور إلى تطور رأس المال البشري، مبينا بأن هذه المنطقة تعاني مما يسمى من "عجز في التعليم"، والعجز هو ليس في نسبة الأمية التي انخفضت، و نسبة الالتحاق بمدارس المرحلة الأساسية والتي وصلت إلى 83%، وإنما العجز في نوعية التعليم ، فالتحاق الطلاب بالمدارس لا يعني أنهم يكتسبون المهارات اللازمة والمطلوبة من سوق العمل ولا يحصلون على نوعية التعليم التي نطمح إليها.



وبين النسور بأن تراكم رأس المال في المنطقة والضروري لتحقيق النمو الاقتصادي ورفع مستوى الإنتاجية في الاقتصاد من خلال التفاعل بين شقيه المالي والبشري، يعتبر متدنيا وهو من علامات وأسباب ضعف التنمية في المنطقة والدول النامية بشكل عام، حيث تبلغ نسب الاستثمار والادخار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في دول المنطقة أقل من مثيلاتها في دول شرق آسيا.



وأكد النسور بأن للقطاع الخاص دوراً كبيراً في زيادة تراكم رأس المال وزيادة الإنتاجية في الاستثمارات، ولكن في دول المنطقة يعاني القطاع الخاص من تدخل الحكومة من خلال القواعد التنظيمية والإجراءات المقيدة للأعمال المتعلقة بالبدء بها من ترخيص وتأسيس ومتطلبات رأس المال وحتى خروجها من السوق كما يظهر تقرير ممارسة الأعمال الصادر من البنك الدولي تغيب العديد من التشريعات الضرورية لازدهار القطاع الخاص كقوانين المنافسة ومكافحة الاحتكار.



وأوضح النسور بأن أحد أبرز التحديات التي يواجها القطاع الخاص في المنطقة وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة هو الحصول على التمويل والذي يشكل أحد أهم حواجز الدخول إلى الأسواق ، مشيراً بأن دراسة قام بها البنك الدولي في العام 2008 حول تمويل الشركات في المنطقة، أظهرت أن 40% من الشركات تعتبر أن التمويل وكلفته يعتبر أبرز العقبات التي تواجهها. وتبلغ نسبة الشركات التي تحصل على تمويل من البنوك في المنطقة حوالي 30% مقارنة مع 40% من قبل الشركات العاملة في دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.



وفيما يتعلق بتعميق تراكم رأس المال المادي ، كشف النسور بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج إلى استثمار 75 إلى 100 مليار دولار سنويا في مجال البنية التحتية حتى تتمكن من المحافظة على نسب النمو المتحققة خلال العقد الماضي وزيادة تنافسية إقتصاداتها، مبيناً بأن الإنفاق الحكومي يتركز على الإنفاق الجاري من رواتب ودعم سلع أساسية مما يقلل من فرص الإنفاق الحكومي على تمويل مشاريع البنية التحتية، وهذا الأمر يتطلب زيادة مشاركة القطاع الخاص في تمويل وتنفيذ مشاريع البنية التحتية وتحمل مخاطرها.



وأضاف النسور بأنه يمكن وضع العشرات بل المئات من الحلول لعلاج هذه التحديات على مستوى المنطقة، والعديد منها يمكن حلها عن طريق تحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي بين دول المنطقة التي تتميز بالتنوع فيما بينها، وهذا التكامل الإقليمي يتطلب العمل بشكل رئيسي على تسهيل التجارة البينية والاستثمار من خلال بنية تحتية متطورة وسياسات اقتصادية تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال وزيادة دور القطاع الخاص وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة ، وحتى نترجم ذلك على أرض الواقع، يمكننا التفكير بإطار مؤسسي إقليمي يهدف إلى تحقيق هذا التكامل، ويعكس الأولويات والتحديات التنموية التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويضع خارطة طريق لتنميتها ويعالج الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية بين دول المنطقة.







وأضاف النسور بأنه يوجد العديد من المؤسسات الإقليمية التي تهدف إلى دفع عجلة التنمية في المنطقة، حيث يوجد في المنطقة يوجد ثمان مؤسسات إقليمية تعمل حاليا وهي: بنك التنمية الإسلامي، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، صندوق النقد العربي، صندوق الأوبك للتنمية الدولية، البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، صندوق أبوظبي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية.



وأوضح النسور بأن التحليل العميق لعمل هذه الصناديق والبنوك الإقليمية والتي يبلغ رأسمالها المصرح به حوالي الـ50 مليار دولار ورأسمالها المدفوع حوالي الـ28 مليار دولار، ومقارنته بتحليل للأطر المؤسسية الإقليمية وعمل مؤسساتها في أوروبا وأسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية كصندوق الاستثمار الأوروبي، البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، بنك التنمية الأسيوي، بنك التنمية الإفريقي، وبنك الأمريكتيين. نستنتج أن الإطار المؤسسي الإقليمي في المنطقة يعاني من نقاط ضعف وتتمثل في التشتت وازدواجية الأدوار مما يتسبب في تقليل كفاءة عمل هذه الصناديق في تلبية الاحتياجات التنموية والاقتصادية في المنطقة ، وعدم اتساق عمل صناديق المنطقة مع الأولويات التنموية الحقيقية للمنطقة ، بالإضافة إلى عدم اشتراك المؤسسات الدولية الأخرى والدول الأخرى المتقدمة من خارج المنطقة في تمويل عمل هذه الصناديق كالبنك الدولي والأمم المتحدة والولايات المتحدة واليابان والإتحاد الأوروبي، حيث يتمتع هؤلاء الشركاء بخبرة واسعة في هذا المجال ، وعدم قدرة هذه الصناديق على تمويل عملياتها من خلال الاستدانة من الأسواق المالية العالمية أسوة بباقي المؤسسات الإقليمية الأخرى كبنك التنمية الإفريقي والبنك الأوروبي للأعمار والتنمية، حيث يقتصر تمويلها على مساهمة حكومات المنطقة ، وكذلك عدم التركيز على تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها ، ومحدودية الأدوات المالية مقارنة بالصناديق الإقليمية الأخرى، فأغلبية هذه الصناديق تقدم القروض والمنح وقلة قليلة منها تستثمر في الملكية أو مايسمى (Equity Investments) ، وعدم قدرة هذه المؤسسات على تمويل المشاريع الكبرى العابرة لبلدان المنطقة (Cross-border) والتي تكلف بضعة مليارات وتساهم في زيادة التكامل الاقتصادي كمشاريع النقل والطاقة .



وقدم النسور اقتراحين لتحسين الإطار المؤسسي الإقليمي ، يتمثل الاقتراح الأول في أن يتم مراجعة عمل وأولويات المؤسسات الإقليمية في المنطقة لتعكس الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للمنطقة وخصوصا التركيز على تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها، ومن ثم تقديم المزيد من الدعم المادي لها من خلال زيادة رساميل هذه المؤسسات ، بينما يشمل الاقتراح الثاني إنشاء بنك إقليمي لتنمية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -شبيه بعمل البنوك الإقليمية الأخرى- من خلال دمج الصناديق المتشابهة في المنطقة أو من خلال ضخ أموال جديدة من دول المنطقة والدول المتقدمة الأخرى والمؤسسات الدولية كالبنك الدولي وغيره، ومن ثم الاقتراض من الأسواق العالمية.



وأوضح النسور بأن تركيز هذا البنك يجب أن يكون منصباً على تحفيز التكامل الاقتصادي مابين دول المنطقة وبين دول المنطقة والدول الأخرى من خلال الاستثمار وتمويل مشاريع البنية التحتية العابرة للبلدان كمشاريع سكك الحديد، وأنابيب نقل النفط والغاز، والاتصالات. ويوجد العديد من مقترحات المشاريع كمشروع الجسر الرابط بين السعودية ومصر، ومشروع السكك الحديدية في الأردن ، بالإضافة إلى تطوير القطاع الخاص وتحفيز وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث يمكن لهذا البنك أن ينشىء ويدير صندوقاً خاصاً لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ، وتطوير البنية التحتية في دول المنطقة من خلال الشراكة بين القطاع الخاص والعام ، وكذلك تطوير رأس المال البشري في المنطقة من خلال إصلاح نظم التعليم في المنطقة ، ومعالجة مشاكل نقص الطاقة والمياه في بلدان المنطقة ، ويمكن للبنك تحقيق ذلك من خلال تقديم القروض والمنح والاستثمار في الملكية (Equity Investment)، وتقديم المساعدات الفنية، والمساهمة في صنع السياسات التنموية للمنطقة.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير