السيارات الكهربائية تغزو شوارع الأردن.. ما مصير محطات الوقود؟
جو 24 :
شهد التخليص على مركبات البنزين في الأردن تراجعا تاريخيا وغير مسبوق في الربع الأول من العام الجاري بواقع 1355 مركبة فقط، مقارنة بـ3309 مركبات خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بنسبة انخفاض 59%.
وفي المقابل، ارتفع التخليص على المركبات الكهربائية بشكل ملحوظ بواقع 12617 مركبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقابل 5686 خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة نمو وصلت إلى 122%، وذلك حسب إحصائيات هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية التي حصلت عليها الجزيرة نت.
وشهد العام الماضي التخليص على 38277 مركبة كهربائية مقارنة بـ15576 مركبة كهربائية عام 2022 حسب إحصائيات الهيئة.
الإقبال على السيارات الكهربائية
الأرقام السابقة تشير إلى زيادة كبيرة في إقبال الأردنيين على اقتناء السيارات الكهربائية بدلا من السيارات التي تعمل بالبنزين أو غيرها من أنواع الوقود الأحفوري.
ويعود هذا إلى عدة أسباب أجملها جهاد أبو ناصر ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية في تصريحات خاصة للجزيرة نت، بما يلي:
الدعم الحكومي المقدم للسيارات الكهربائية من خلال فرض نسبة ضريبة خاصة مخفضة على هذه السيارات أسهمت بتقديمها بأسعار معتدلة للمواطنين مما أدى لزيادة الإقبال عليها.
توفير المحروقات وفاتورة الصيانة عند اقتناء سيارة كهربائية قد تصل لتوفير مبلغ 200 دينار شهريا (282 دولارا) لكثير من المستخدمين، وخاصة لمن يسير بمعدل يومي يتجاوز 100 كيلومتر.
وكان الأردن قد خفّض رسوم الاستيراد على السيارات الكهربائية إلى 10% فقط، وهي أقل بكثير من رسوم السيارات الهجينة (55%) والسيارات التي تعمل بالبنزين (86%)، حسب ما ذكرت قناة المملكة الأردنية.
ويعمل كثير من المواطنين والشباب العاطلين عن العمل في تطبيقات "التاكسي الذكي" وتوصيل الطلبات، وتعد السيارات الكهربائية مثالية لهذا النوع من العمل،.
وفي هذا السياق قال محمد أبوحشيش وهو يعمل في توصيل الطلبات، وكان قد استبدل بسيارته التي تعمل بالبنزين سيارة كهربائية "إن التوفير كبير جدا" حيث تكلفه سيارته الكهربائية نحو 50 دينارا أردنيا (70 دولارا) فقط في الشهر، بينما كان يحتاج لأكثر من 230 دينارا شهريا (324 دولارا) عندما كان يستخدم سيارة تعمل بالبنزين.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو:
هل البنية التحتية في الأردن مستعدة لاستقبال هذه التحولات؟
يجيب جهاد أبو ناصر عن هذا السؤال بالقول: "إن البنية التحتية غير مهيأة لاستقبال هذا العدد الكبير من السيارات الكهربائية. صحيح أن الحكومة الأردنية دعمت هذا القطاع من خلال تخفيض الضرائب على السيارة نفسها، ولكنها تركت للقطاع الخاص مسؤولية إنشاء البنية التحتية".
ويضيف أن هذا "الأمر يتقدم ببطء شديد في البلاد، ومعظم المواطنين اليوم يشحنون مركباتهم في بيوتهم، وهي عملية تأخذ الكثير من الوقت، ولو كانت هناك بنية تحتية واسعة وممتدة لرأينا المزيد من الإقبال على شراء واقتناء هذه السيارات، خاصة من قبل المواطنين الذين لا تتوفر لديهم أماكن آمنة خاصة بهم لبناء محطات شحن منزلية يستطيعون من خلالها شحن سياراتهم".
مستقبل محطات الوقود
يصل عدد محطات الوقود في الأردن إلى نحو 730 محطة حسب ما ذكر المهندس نهار سعيدات نقيب نقابة أصحاب محطات المحروقات في الأردن في تصريحات خاصة للجزيرة نت، والذي أكد أن "محطات الوقود في الأردن تواجه تحديات حقيقية وفرصا جديدة ناتجة عن التحول نحو استخدام المركبات الكهربائية".
ويرى أنه "إذا استطاع أصحاب المحطات فهم العوامل والمتغيرات الجديدة، وتطبيق الإستراتيجيات المناسبة، وكذلك إذا استجابت الحكومة الأردنية لمطالب النقابة بأن يكون ترخيص منافذ الشحن للسيارات الكهربائية حصريا لمحطات الوقود لضمان استمراريتها، فستكون هذه المحطات قادرة على التكيف والازدهار في البيئة الجديدة".
وأوضح سعيدات أن النقابة تقوم حاليا بالتعاون مع إحدى الجامعات الوطنية في الأردن بإجراء دراسة شاملة ومعمقة عن أثر التحول نحو السيارات الكهربائية على محطات الوقود، وسيتم الإعلان عن النتائج قريبا.
وكشف سعيدات عن بعض الأرقام والإحصائيات التي توصلت إليها الدراسة من خلال متابعة عدد السيارات الكهربائية في الأردن من عام 2016 وحتى الآن مع توقع حركة نموها السنوي حتى عام 2030، حيث تبين "وجود نمو تصاعدي كبير من 885 سيارة كهربائية عام 2016 إلى ما يزيد على 38 ألف سيارة تم التخليص عليها في عام 2023، وصولا إلى أكثر من 91 ألف سيارة كهربائية سيتم التخليص عليها في سنة 2030 كما هو متوقع".
وفي سياق متصل، قال المهندس أحمد الهياجنة وهو صاحب محطة محروقات في شمال الأردن في تصريحات للجزيرة نت: "إن حجم المبيعات انخفض بنسبة كبيرة ليس عندي فقط، ولكن لدى كافة أصحاب محطات المحروقات في البلاد".
ويضيف الهياجنة: "انخفضت مبيعات المحروقات في محطتي خلال الربع الأول من هذا العام من 12 ألف لتر يومي إلى 8 آلاف لتر، وهو ما يمثل نحو 33% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية 2023، وطبعا هناك دور مهم للسيارات الكهربائية في هذا الانخفاض".
ولكن -كما يقول- "هناك دور آخر قد يكون أكثر أهمية وهو الضائقة المادية الشديدة التي يعيشها المواطن الأردني، وهو ما أدى بالعديد من المواطنين للاقتصاد في الحركة والتقليل من السير بمركباتهم بهدف التوفير".
وعن مستقبل محطات الوقود وهل هي في طريقها للزوال، قال جهاد أبو ناصر "إن محطات الوقود ستبقى موجودة لمدة طويلة لأن في الأردن اليوم نحو مليوني مركبة منها نحو 5% فقط سيارات كهربائية، وحتى يحدث تغيير شمولي فهذا يحتاج لفترة طويلة".
ويضيف أن سيارات البنزين "لن تنتهي قريبا لكن من المفترض أن تواكب محطات الوقود الموجودة في البلاد التغييرات الحاصلة، وأن تتوسع وتبني محطات شحن خاصة بالسيارات الكهربائية، وهو ما نلاحظه فعلا خصوصا لدى محطات الوقود الجديدة".
ويتفق المهندس الهياجنة مع جهاد أبو ناصر في هذا الرأي، حيث يؤكد أن تأثير السيارات الكهربائية ما زال في بداياته حاليا، ولكن هذا التأثير يزداد يوميا، وسيصبح كبيرا جدا في المستقبل بسبب انتشار السيارات الكهربائية خصوصا مع الدعم الحكومي المقدم لها، إذ إن أغلب السيارات التي يتم التخليص عليها وترخيصها حاليا هي السيارات الكهربائية.
ويمثل هذا تحديا حقيقيا لأصحاب محطات الوقود الذين بدؤوا فعليا بمواكبة هذه التحولات من خلال بناء منافذ شحن خاصة لشحن السيارات الكهربائية في محطاتهم.
ويوضح الهياجنة هذه النقطة قائلا: "بدأنا في مواكبة هذه التطورات للمحافظة على عملنا و"لقمة عيشنا" حيث قمت شخصيا ببناء منفذي شحن في محطتي، وأخطط لبناء منفذين آخرين في المستقبل القريب"
ويؤكد أن العديد من أصحاب محطات الوقود في الأردن قاموا ببناء منافذ شحن خاصة للمركبات الكهربائية داخل محطاتهم، خصوصا التي بها مساحة كافية، وقادرة على تحمل الضغط كي يعوّضوا النقص الحاصل من مبيع المحروقات من خلال الدخل العائد من شحن هذه المركبات.
المصدر : الجزيرة