من الذي خان القضية الفلسطينية؟ حقائق من خفايا اتفاقية أوسلو..!
جو 24 :
كتب الفريق ركن متقاعد موسى العدوان -
في هذه الأيام التي يجري بها اتهام الآخرين بخيانة القضية الفلسطينية، دعونا نعود إلى شاهد من أهل البيت الفلسطيني نفسه، لنعرف رأيه بمن خان تلك القضية حقيقة، بعيدا عن الاتهامات العشوائية.
وهذا الشاهد هو السيد بسام أبو شريف مستشار الرئيس عرفات الأقرب إليه، والذي نشر مؤخرا جزءا من مذكراته على مختلف وسائل الإعلام، بيّن بها حقائق ما جرى من خفايا اتفاقية أوسلو.
تلك الاتفاقية التي ما زالت السلطة الفلسطينية متمسكة بها، رغم ما جرّته على القضية الفلسطينية وشعبها، من مآسٍ وانتكاسات. وسأورد تاليا مقتطفات من تلك المذكرات.
يقول أبو شريف : " كان أبو عمار - والحقيقة أنها نقطة ضعفه الأساسية - يستعجل إقامة دولة فلسطينية، وأن يكون رئيسها قبل أن يمضي به العمر، فجاءه من يُزيّن له أوسلو ويقول له دولة فلسطينية مستقلة بعد مرحلة انتقالية..!
يومها وبحكم واجبي كمستشار قلت لأبي عمار: احذرهم إنهم يجروك إلى كمين، لتحويل منظمة التحرير إلى أداة كناسة وحراسة، في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيادة الإسرائيلية. وطالبته بعدم القبول بأوسلو وقلت: إنّ من يزين لك أوسلو منهزم داخلياً وتعب ومش قادر يكمل.
وبعد جدال كبير وافق أبو عمار على أوسلو، ومن جانبي استقلت من موقعي وذهبت للإقامة في الأردن، ولم أدخل إلى الأرض المحتلة إلا بعد عام ونصف العام، من دخول ياسر عرفات إليها وإثر اتصال منه. أما لماذا قبل ياسر عرفات بإعلان المبادئ واتفاقات أوسلو، ولم يتمسك برؤية حل الدولتين الواردة بالرؤية الفلسطينية لحل الدولتين، التي نُشرت في مقال عام 1988.
وإنّ من زيّن لعرفات ذلك الكمين، لعب على مسألة حساسة لديه، أي الدولة الفلسطينية المستقلة. وجاءت اتفاقات أوسلو ولم تمنحنا دولة ولا أرض، ومكنت الإسرائيلي من التحكم بلقمة العيش، والاقتصاد الفلسطيني. ثم وقع أبو علاء قريع الاتفاق الاقتصادي في باريس، وهو اتفاق استسلام سلّم فيه رقاب الفلسطينيين لإسرائيل.
وأضاف أبو شريف: بعد عودتي إلى الأرض المحتلة، شاركت بحفل لجمعيات سلام، وكان شمعون بيريز حاضرا واقترب مني وقال: يبدو أن صديقك جاد حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة..!، فقلت له: بالطبع، ولذلك وقع المعاهدة، فقال لي: قل لصديقك إنه لا يوجد، ولن يوجد أي إسرائيلي، يوافق على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقط حكم إداري ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية.
فقلت له: لكن هذا مناقض لما أتُفق عليه، فأجابني مبتسماً: عليك قراءة الاتفاق مرة أخرى، انتم اعترفتم أن لا حق لكم على هذه الأرض، فكيف نمنحكم دولة، على أرض ليس لكم حق فيها وعليها؟ ولن تقبل أي حكومة إسرائيلية إعطائكم دولة فلسطينية، أو إقامة دولة للفلسطينيين.
ونقلت هذه الرسالة للرئيس ياسر عرفات، فهز رأسه وقال: يكذبون.. إنهم بالفعل خدعونا وهم لا يريدون السلام. فقد أدرك عرفات حقيقة كمين أوسلو، وعرف منذ العام 2000 أنه لن تكون هناك دولة ولا عودة لاجئين ولا سيادة ولا حدود ولا وقف للاستيطان ولا شيء! وأنه اعترف لهم بحق تاريخي على معظم فلسطين من أجل قبولهم بإعطائه دولة، ولكنهم لم يعطوه شيئا على الاطلاق. وأنّ كل الفرص (أغلقت.. أغلقت.. أغلقت) وبدأ يهيئ لمقاومة الاحتلال..!
ورأى بسام أبو شريف مستشار الرئيس عرفات: أنّه بعد اغتيال عرفات تحوّلَ النظام الفلسطيني، والمنظمة والسلطة الفلسطينية وأجهزتها، إلى أداة لخدمة إسرائيل، تحت غطاء (التنسيق الأمني).
تعمل هذه الأجهزة على منع المقاومة، وتسليم المناضلين لسلطات الاحتلال، وإعطاء الإسرائيليين معلومات عنهم، وملاحقة كل من يحاول مقاومة الاحتلال، وحتى قمع تظاهرات المطالب الاقتصادية والحياتية والاجتماعية، إذ تتعامل أجهزة الأمن معها وكأنها عدوّ، لأن الأمريكيين والإسرائيليين دربوها على ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: بعد أن أوضح السد بسام أبو شريف مستشار عرفات، حقيقة ما جرى في اتفاقية أوسلو، هل يمكن للمتفذلكين مواجهة الحقيقة المؤلمة، ويخبرونا من الذي خان القضية الفلسطينية، وأضاع حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة في العقود الثلاث الأخيرة ؟