التراشق الإيراني الإسرائيلي
المحامي معاذ وليد ابو دلو
جو 24 :
منذ ثورة الخميني أي منذ خمسة عقود تقريباً، ونحن ننتظر رد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على إسرائيل في الوقت المناسب للعمل على زوالها، وبتنا نشهد في آخر عقديْن حالات من الكرّ والفرّ البسيطة سواءً كانت إعلامية أو حتى عسكرية وبالجزء اليسير جداً ما بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل .
أما من ناحيتنا كعرب، فإننا نتمنى زوال إسرائيل وإنهاء احتلال فلسطين وتحريرها من النهر إلى البحر، ولكننا كشعوب تتميز بالعاطفة فإن هذا يجعلنا أداة بيد كافة الأمم .
اليوم يشهد الصراع الإسرائيلي- الإيراني المغلّف باتفاق ضمني على ضرورة عدم تجاوز الخطوط المتفق عليها بوجود الدولتيْن في إقليمنا، وهو أيضاً يغلّف بصراع دعائي وجودي هدفه الاستمرار الوظيفي لكل من الطرفيْن لإبقاء هذه المنطقة مشتعلة ولو بالصورة الدعائية، دون انعكاس إيجابي للقضية المركزية الأولى لنا كعرب، أو التي يجب أن تبقى الأولى لنا وهي فلسطين .
على الجانب العربي الذي يغيب به مشروعنا، ينقسم التعاطف الشعبي إلى قسميْن في معادلة هذا الصراع المزعوم، القسم الأول: يدافع عن وجهة نظره الداعمة لإيران بالقول إن خصمي إسرائيل وإن أي ردة فعل من إيران أو غيرها هو لمصلحة القضية الفلسطينية ويجب أن يلاقي الدعم، خصوصاً في ظل التوسع الاستيطاني والأعمال العدائية في الضفة الغربية والقدس ومعارك التهجير والقتل والترويع والتجويع في غزة، وإن أية عملية تجاه هذا الكيان تشكل نقطة إيجابية للأشقاء في فلسطين، ويساعدهم في صراعهم هناك. أما القسم الآخر المختلف عن الأول، فيرى بأن إيران لا تختلف عن إسرائيل، فهي دولة توسعية لها مطامع في الإقليم تتمدد بمشروع احتلالي لبعض العواصم العربية وتتدخل في شؤون الأشقاء الداخلية، بالإضافة إلى أنها تتلقى صفعات إسرائيلية قوية كان آخرها قتل عدد من كبار الضباط والاعتداء على قنصليتها في سوريا، بالإضافة لاختراق الداخل فيها والاعتداء حتى على قيادتها وعلمائها ومحطاتها الدفاعية والنووية، وبالتالي يكون ردها أشبه بمسرحية هزلية تمت الموافقة عليها من قبل إسرائيل، وبحدود لا يمكن تجاوزها أو تحقيق أضرار فيها ولو بجرح شخص واحد.
لذلك، فإننا لا نجد لنا كعرب مصلحة بأي ردات فعل إيرانية على إسرائيل، إذ لن يكون لها قيمة، كما لن تشكل أية إيجابية على الصراع العربي الإسرائيلي، لا بل على العكس، ستعطي شرعية لإسرائيل لفعل ما تفعله في الأشقاء بفلسطين أمام المجتمع الدولي، كما سيعطي دفعة لحكومتها اليمينية التي تزعم بكل وقت أنها تدافع عن نفسها في إقليم يحاول كل من فيه افتراسها.
أما أنا كاتب هذه المقالة، فإني أقدّر وجهتيْ النظر، ولكن السؤال الذي يراودني دائماً، أين نحن كعرب مما يحدث في الإقليم من صراع قوة، سواءً متفق عليه لتقسيم الكعكة أم لا؟
هنا أعتقد بأننا يجب علينا إعادة حساباتنا العربية ودارسة تحالفاتنا، خصوصاً أن العقود المقبلة سوف تزيد من عدد الطامعين فينا .