يوم التروية: الحجّاج يتوافدون إلى منى عشية الوقوف على جبل عرفة
بدأ موسم الحج الجمعة في مكة المكرّمة وضواحيها في غرب المملكة العربية السعودية، مع وصول أعداد كبيرة من المصلّين إلى مشعر منى في ظل حر شديد.
وغادر الحجاج مكّة المكرّمة بالحافلات أو سيرا على الأقدام متّجهين إلى مشعر منى على بُعد بضعة كيلومترات من المسجد الحرام، لقضاء يوم التروية، حيث أول محطات مناسك الحج في المشاعر المقدسة، اقتداء بسنة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم.
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج فيها إلى ما بعد بزوغ شمس السبت، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد "النفرة" من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام الـ(10 و11 و12 و13) من ذي الحجة، ورمي الجمرات الثلاث؛ جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرقي المسجد الحرام، وهو حدّ من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا في الحج، ويحَدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي "محسر".
وعشية الوقوف على جبل عرفة، ردّد الحجّاج القادمون من أركان العالم جماعةً "الله أكبر" و"لبّيك اللّهم لبّيك".
ووسط حرارة شديدة يُتوقع وصولها إلى 44 درجة مئوية، قال الباكستاني فهد أزمار (31 عاما)، "الحو حار جدّا جدّا... لكنني أحمد الله لأنّه منحني الفرصة لأكون هنا".
يشارك في الحج أكثر من مليون ونصف المليون مسلم هذه السنة، ويعدّ أحد أكبر التجمّعات الدينية في العالم.
وبعد الطواف سبع مرّات حول الكعبة، يمضي الحجاج يوم التروية في منى في خيم موزّعة في المشعر.
يقول الباكستاني انتشام إلهي (44 عاما) الذي يتقاسم خيمته مع عشرات من مواطنيه، "يجب أن تكون هناك مساحة أكبر قليلا بين الأسرّة، كما أنّ مكيّف الهواء لا يعمل بشكل جيّد... لكن الحاج شيمته الصبر".
في الخارج، تمّ تركيب مرشات للمياه في الساحة المركزية، وتوزيع المياه والمظلات.
سيكون يوم السبت صعبا جدّا بالنسبة للحجاج على جبل عرفة، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية محمد العبد العالي إنه تم تسجيل أكثر من عشرة آلاف حالة من الأمراض المرتبطة بالحر العام الماضي في أثناء الحج، بما في ذلك 10% من ضربات الشمس، وهي أخطر أشكالها.
"صور الحرب"
تجري مراسم الحج هذه السنة في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفيما يقول العديد من الحجّاج إنّهم يدعون الله من أجل الفلسطينيين.
لا تستطيع المغربية زهرا بني زهرا (78 عاما) حبس دموعها في أثناء حديثها عن "صور الحرب والنازحين والأطفال الشهداء" التي تطاردها، وتقول "إخواننا يُقتلون، نراهم بأعيننا".
وأصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الاثنين أمرا باستضافة ألف حاج "من أسر الشهداء والجرحى من قطاع غزة"، ليرتفع عدد الحجاج الفلسطينيين لأداء مناسك هذا العام إلى ألفي شخص، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
ورغم ذلك، حذر الوزير السعودي المسؤول عن الحج توفيق الربيعة، الأسبوع الماضي، من أنه لن يتم التسامح مع "أي شعارات سياسية".
وينتظر البعض لسنوات فرصة أداء المناسك، مع توفير التصاريح من قبل السلطات السعودية على أساس حصص لكل دولة.
وتقول نونارتينا حاجيباولي (50 عاما) لفرانس برس إنها تشعر بالفخر لكونها جزءا من ألف حاج وصلوا هذا العام من سلطنة بروناي في جنوب شرق آسيا.
وتضيف "أنا عاجزة عن الكلام، ولا أستطيع أن أصف ما أشعر به".
ويمثل تنظيم الحج تحدّيا لوجستيا بالنسبة للمملكة التي استقبلت أكثر من 1.8 مليون حاج العام الماضي، حضر قرابة 90% منهم من الخارج، وفقا للأرقام الرسمية.
وأشارت وسائل إعلام رسمية إلى أن نحو 1.5 مليون شخص وصلوا حتى وقت متأخر من يوم الاثنين إلى السعودية.
أحدثت السلطات تطويرات كبيرة، أبرزها في المسجد الحرام الذي من المقرّر الانتهاء من أعمال توسعته في العام 2025.
كذلك، تستخدم السلطات الذكاء الاصطناعي لتيسير تحرّكات الحشود وضمان سلامة الحجاج.