كاتب في "اسرائيل اليوم " يجيب على سؤال : ما الذي يدفع الأمريكيين لاعتناق الإسلام؟
جو 24 :
نشر الكاتب إلعاد بن دافيد، مقالا في صحيفة "إسرائيل اليوم" بعنوان "ما الذي يدفع الأمريكيين لاعتناق الإسلام؟".
والكاتب هو خبير في الإسلام والولايات المتحدة في جامعة "بار إيلان".
وتاليا نصّ المقال:
في مقالي السابق، استعرضت ظاهرة الانضمام إلى الإسلام في الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة، حتى أصبحت ثاني أكبر ديانة في البلاد. اليوم سأناقش الدوافع". (كتبت عن مقال السابق في حينه).
ورغم أن الانضمام إلى الإسلام في الولايات المتحدة هو ظاهرة تاريخية بدأت منذ القرن الماضي، إلا أن أحداث 11 سبتمبر عزّزت هذه الظاهرة بسبب الشهرة الهائلة التي حصل عليها الإسلام. هذه الحقيقة جعلت بعض الأمريكيين الذين كانوا غير مهتمّين بهذه الديانة يشعرون بالفضول تجاهها، مما أدى في بعض الحالات إلى التعاطف العام وحتى التحوّل إلى الإسلام.
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأمريكيين للانضمام إلى الإسلام: منذ 11 سبتمبر، بدأ العديد من أعضاء المجتمع المسلم الأمريكي في تعظيم قوّتهم الاجتماعية والسياسية والإعلامية لتسويق الإسلام وتأكيد علاقتهم بهوّيتهم الوطنية بطريقة إيجابية. هذا الواقع أدّى إلى الربط بين الإسلام وبين القضايا الاجتماعية مثل مكافحة الفقر والعنصرية والظلم الاجتماعي. هذا الربط جعل الإسلام يظهر كدين يناضل من أجل العدالة والحرية، كما حدث بعد مقتل جورج فلويد، أو كما يحدث الآن، في التضامن العميق مع غزة والفلسطينيين، مع تقسيم العالم إلى "غزاة" و"متعرّضون للغزو"، "مضطهَدين" و"مضطهِدين".. وضع تقابلي يجذب بشكل خاص الشباب الذين يتعرفون على النضال من أجل الضعفاء.
الانضمام إلى الإسلام يتم أيضاً من خلال دافع عاطفي أو إيماني، حيث يجد المتحوّل إلى الإسلام في الدين إجابة على الشعور بالفراغ واستعادة لسلام النفس. الاستماع إلى نغمة اللغة العربية الفصيحة للقرآن، على سبيل المثال، كانت في كثير من الأحيان شرارة أولية ودليلاً للمستمع على صحة الدين. هذه الحقيقة تزداد قوة لدى الأمريكيين غير المسلمين، الذين تكون اللغة العربية غريبة عليهم تماماً، ولذلك يكون تعرضهم لتميز لغة القرآن أكثر تأثيراً.
الإسلام أيضاً يُعرَض كأول دين ناضل ضد العنصرية منذ تأسيسه قبل 1400 سنة، في وقت لم تكن فيه ثقافات أو ديانات أخرى تروج لفكرة أن الجميع متساوون أمام الله، كما قال النبي محمد (عليه الصلاة والسلام.. مني طبعا) في حديثه الشهير بأنه لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى. هذه الرسائل ذات صلة خاصة بالمجتمع الأفروأمريكي، الذي عانى من العنصرية لفترات طويلة، وتمنحه شعوراً بالهوية والانتماء إلى الجماعة المشتركة.
الإسلام في أمريكا يُقدَّم كمدافع عن كرامة النساء، حيث يعارض بشدّة الفجور والإباحية المنتشرة في الشوارع وعلى الشبكات. هذه الرسائل تكون فعالة بين النساء اللواتي يشعرن بتوق إلى الروحانية ويكرهن الانحلال والانفتاح الجنسي المتزايد، مما يجعلهن يرين في هذه الرسائل نوعاً من "النسوية الإسلامية" التي تقاوم تسليعهن في المجال العام.
منذ 11 سبتمبر، انضم ما يقرب من مليون أمريكي إلى الإسلام، ورغم الصورة السلبية، خاصة للمسلمين، بسبب تورّطهم في هجمات إرهابية، يُبرِز العديد من المتحوّلين إلى الإسلام الفرق بين "الإسلام السلبي" الذي تُصوره وسائل الإعلام وبين "الإسلام الإيجابي" الذي عرفوه.
الإسلام، مثل اليهودية، يدعو إلى الإيمان بإله واحد، بينما يقدم الثالوث المقدس كإيمان مسيحي غير منطقي. ولكن لأن اليهودية لا تسعى لجذب المؤمنين الجدد، فإن الإسلام يُقدم كالمروّج الحصري للتوحيد. سهولة التحوّل إلى الإسلام مقارنة بعملية التحوّل إلى اليهودية، والرسالة البسيطة والعالمية للإسلام كحضارة عالمية مقارنة باليهودية التي تُعتبر ديانة "هامشية ومعقّدة"، تشكّل مصدر جذب قوي للمسيحيين الذين ينضمون إلى الإسلام بشكل طبيعي. الإسلام أيضاً يرى في يسوع أحد أنبيائه العظماء، مما يجعل المسيحي الذي يتحوّل إلى الإسلام يشعر بنوع من الاستمرارية مع تراثه السابق.
في السياق المتعلق بإسرائيل والمجتمعات اليهودية، يصاحب الانضمام إلى الإسلام في الغرب تبنّي بعض المشاعر المعادية للصهيونية ودعم النضال الفلسطيني.. واقع يصبح ذا صلة خاصة في العصر المعقّد بعد 7 أكتوبر.