مقتطفات من الهجرة النبوية الشريفة
كانت أهم جهتين هاجر المسلمون إليهما هما الحبشة ويثرب، وجميع الهجرات إليهما تمت في أوقات متفاوتة لتحقيق أهداف حددها الرسول، إما للحفاظ على من اعتنق الإسلام أو لنشره في بيئة تضمن له منطلقا صالحاً وصحيحاً استعداداً لنشره في العالم وإقامة دولة الإسلام.
والهجرة النبوية هي خروج نبي الإسلام محمد واصحابه من مكة إلى المدينة المنورة فرارا من اذى قريش، ومنها قد بدأ التاريخ الهجرى على يد "عمر بن الخطاب ".
الهجرة الأولى إلى الحبشة:
لما مكث الرسول على دعوته، فلم يبرح يدعو إلى الله سراً وجهراً. وكان المؤمنون الأوائل مضطهدين ومعذبين، فأضطروا إلى الخروج مهاجرين متسللين سراً وذلك في شهر رجب سنة خمس بعد النبوة 615 م.
وكان الذين خرجوا أحد عشر رجلاً وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشعيبة، ووفق الله المسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيها إلى أرض الحبشة وخرجت قريش في أثرهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحداً، حيث كان خروجهم سرا.
الهجرة الى المدينة المنورة:
هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، مع أبي بكر الصديق بما عرف بعام الهجر ةوفشلت محاولات قريش في تتبعه وإعادته وتجلت عناية الله في الطريق وشهدت بذلك "أم معبد" كما شهد سراقة حتى وصل إلى المدينة المنورة فاستقبل بفرح المؤمنين، وأنشد الأنصار طلع البدر علينا، وأقام مسجدا وحمل فيه الحجارة مع أصحابه، وآخى بين المهاجرين والأنصار، ووضع ميثاقا عظيما لتنظيم العلاقة بين المقيمين من المهاجرين والأنصار واليهود في المدينة المنورة وظهرت آثار الهجرة في مغالات التأسيس للدولة والأمة.
وسميت المدينة بدار الهجرة والسنة كما في صحيح البخاري، وصارت الهجرة إليها من سائر الأنحاء الأخرى التي بلغها الإسلام تقوية للدولة إلى أن قال النبي بعد فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً : "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا" (متفق عليه) وبقي معنى الهجرة في هجر ما نهى الله عنه، وبقت تاريخا للأمة.
يقول الرسول الكريم لأتباعه قبل هجرته بأشهر قليلة: " رأيت دار هجرتكم أرض نخل بين لابتين ـ حرتين ـ "، وهذا الوصف موجود كذلك في الانجيل والتواة كما ورد في بعض الروايات وكان اليهود يهددون أهل يثرب من الأوس والخزرج بقولهم : (لقد أظلنا زمان نبي فوالله لنتبعنه ثم لنقاتلنكم معه ولنذبحنكم كذبح عاد وثمود)
لذا فان للهجرة عند المسلمين معان عميقة في الوجدان والعقيدة، إذ تفصل بين الحق والباطل بالهجرة إلى الله، بالهجرة من الشرك والكفر إلى الإسلام، وبذلك تعد الحد الفاصل بين عوائد المجتمع الجاهلي ونظامه وتأسيس دولة الإسلام بالمدينة المنورة. ولذلك كله بدأ التأريخ الهجري أو (تقويم هجري) عند المسلمين انطلاقا من عام الهجرة النبوية من مكة إلى يثرب التي أصبحت بعد ذلك تسمى المدينة المنورة.