طلاق في شهر العسل!
شهر العسل هو الشَّهر الذي تتحوَّل فيه الأحلام والآمال إلى واقع ملموس بعدما يجتمع الزوجين في عش واحد، حيث يختارا له مكاناً مفضلاً لهما بعيداً عن أعين البشر ليمارسا فيه الحب والمودَّة، لكنَّ قصَّة صاحبتنا "س .أ " لم تكن كذلك أبداً، فقد كانت بداية شهر العسل بالنِّسبة لها صدمة حقيقيَّة لم تعد تحتملها بمرور الأيام، وربَّما هي نتيجة لسوء الاختيار، وضعف عنصر السؤال عن الزوج قبل إتمام الزواج ... فتابعوا معنا القصَّة التَّالية:
حلم تبدد في لحظة
تروي لنا "س. أ " قصَّتها قائلة: "أنا فتاة كأيّ واحدة تحلم بأن تكوِّن أسرة، تقدَّم لي شاب من أسرة كريمة، فتمَّ القبول، وحصل النصيب بيننا، ومنذ فترة الملكة، وهو يرسم لي حياة ربَّما تكون أقرب للخيال، فهو رومانسيّ، وكلامه عذب، واتفقنا على كلِّ شيء، وبعد الزواج قررنا أن نسافر لنقضي شهر العسل في تركيا، وبعد التجهيزات، سافرنا ثالث يوم من زواجنا، كانت الدنيا لا تسعني من الفرحة التي ماتت في أوَّل يوم نزلنا فيه المطار هناك، ففوجئت فيه أنَّ أوّل شيء قابلني به بعد وصولنا للفندق شربه الكثير للخمر، وفقدانه للسيطرة على تصرُّفاته، وأصبح يتكلَّم معي على أنني صديقته "أماني" التي يعرفها قبل زواجنا، كان يردد مغامراته معها وذكرياته الجميلة، وكنت أشعر بخوف شديد من طريقة فقدانه لعقله، وكل مرَّة يصحو فيها من سكرته، أحاول أن أناقشه فيما يفعله، فيرد عليّ بغضب ويقول: "أنا تزوجتكِ حتى أهرب من كلام أمي ليس لتكونين مثلها"، وكنت أغضب منه، ولا أسمح له بالنوم معي في الفراش، ولكن لم يهتم، حيث أصبح يتركني في الفندق طوال الليل بمفردي، وفي النهار نائم في الغرفة".
تخاذل الأهل
وعن موقف الأهل تقول: "لم أحتمل ذلك، وبقيت أبكي وأندب حظي، لا أعرف ماذا أفعل؟ كنت أخجل من إخبار أهلي؛ لكي لا أفضح زوجي، ولكن تمالكت شجاعتي، واتصلت بأهلي، وأخبرتهم بالأمر، فلم يعيروا ذلك اهتماماً، وأصبحوا يصبرونني ويقولون: "استمتعي بسفركِ "يا غبية "، مصيره يعود ويتوب".
ولكن أصبح يزيد سوءاً؛ لأنَّ المصاريف قلَّت عندنا، وأصبح يطلب مني، فرفضت وقلت: "نعود للبلد أفضل"، واتصلت بأهلي أخبرهم بظروفنا، فاتصلوا به ينصحونه بالعودة، ولكنَّه رفض، وقال: "لا تتدخلوا بحياتنا"، ثمَّ عاد وتلفَّظ عليّ بألفاظ سيئة جداً؛ لأنني أخبرتهم، وقال لي: "إذا لم يعجبكِ سافري لوحدكِ".
التفكير في الهروب
وتضيف: "صُدمت منه وأصبحت أفكِّر بجديَّة في العودة، ولكنني لا أجيد اللغة، ولا أعرف كيف أحجز أو أتصرَّف في بلد لم أزرها، فهذه أوَّل رحلة سفر لي بحياتي خارج حدود السعوديَّة، ولكن من فضل الله تعرَّفت على عائلة سعوديَّة، وأخبرت المرأة بالموضوع، فأخبرت زوجها، وسعى في تخليص أموري.
وبعد خروج زوجي كعادته للسهر ليلاً، كانت رحلتي الساعة 12 مساءً، فقامت العائلة بتوصيلي للمطار، وسافرت وعدت للبلد، ولكن إلى مدينة جدة وليس الرياض، فاتصلت بعمتي هناك، وأخذتني لبيتها، واتَّصلت بأهلي، فحجزوا لي بعد 4 أيام للرياض".
نيران الطَّلاق
وتتابع: "إنني منذ شهر في بيت أهلي، وهو عاد ولم يسأل، ولم يسأل أهله بالرُّغم من حديث والدي مع والده، ولكن للأسف والده يقول: "إن ابنتكم " غير مناسبة ولاتصلح"، سافرت وتركت زوجها، وأنتم لا تشرفوننا"، ولم ينظروا لما تسببه لي من ضرر، بالإضافة لشماتة الصديقات والكلمات التي أسمعها، كما اتهمني البعض في عرضي؛ لأنني في بيت أهلي بعد شهرين من الزواج، فكرهت المجتمع، وكرهت زوجي ونصيبي".
نهاية القصَّة
يخبرنا المستشار الأسريّ والاجتماعيّ عبد الرحمن القراش عن دوره في هذه القصَّة بعدما وقف على أحداثها: "بعد اتصال الأخت الكريمة، تمَّ التنسيق مع والدها، وفهم أبعاد الموضوع من جانب أهلها ورغبتهم في الطَّلاق، وتمَّ الاتصال بالزوج، وكانت المفاجأة أنَّه على علم وقدر ومكانة، ولكن للأسف فيه من الغرور الشيء الكثير، حيث يردد دائماً أنَّ أهلها لا يحلموا بمثله زوج لابنتهم، ولا يرغب في التطليق إلا بإرجاع تكاليف الخسائر، ثم تمَّ الاتصال بوالده، وكان بنفس أسلوب الابن، ولكن الحمد لله تمَّ طلاقها بإرجاع نصف المهر فقط، من دون تحمُّل أيّ خسائر، ودون الذَّهاب للمحكمة، فكما تعلمون أنَّ التطليق القضائيّ يدوم لأشهر، وربَّما سنوات".
وحول الدروس التي يمكن استفادتها من هذه القصَّة يقول:
- يجب على أهل البنت التأكُّد من السؤال عن المتقدِّم، وعدم الاكتفاء بما يقدِّمه من عطايا، فهي ليست مقياساً.
- عدم الاغترار بالمركز الوظيفيّ للمتقدِّم أو التعليميّ.
- أنصح كلّ اثنين متزوجين تأجيل السَّفر للخارج حتى يتم التأكُّد من حسن العشرة بينهما، فليس السَّفر أو شهر العسل مقياس للسَّعادة.