توسع سلطة وزارة التعليم العالي: تدخلات مستمرة وانتقادات متزايدة
جو 24 :
كتب أ. د. هاني الضمور *
في السنوات الأخيرة، أثارت التدخلات المستمرة لوزارة التعليم العالي في الجامعات الحكومية، والتي تشمل توحيد عمليات القبول والتقويم الأكاديمي بالإضافة إلى سياسات قبول الطلاب العرب والأجانب، جدلاً واسعًا. هذه التدخلات، التي يُنظر إليها على أنها تجاوزات تهدد استقلالية الجامعات، تثير تساؤلات حول الجهة التي تستفيد منها وما إذا كانت تعكس تعطشًا للسلطة من قبل الوزارة.
تعديات على استقلالية الجامعات
القبول الموحد، الذي يفرض أعدادًا من الطلبة تفوق قدرة الجامعات الاستيعابية، وتوحيد التقويم الأكاديمي، يقيدان قدرة الجامعات على التحكم في سياساتها الأكاديمية والإدارية. هذه الإجراءات تضع الجامعات تحت ضغط مستمر لتلبية معايير الاعتماد دون الأخذ في الاعتبار الموارد المتاحة لها، مما يؤدي إلى تدهور جودة التعليم المقدم.
الانتقادات الموجهة للوزارة
الانتقادات تأتي من أكاديميين وطلاب على حد سواء، الذين يرون أن هذه التدخلات تخلق بيئة تعليمية مشحونة بالقلق وتقلل من الحوافز للابتكار والتطوير الأكاديمي. الأكثر من ذلك، تُعتبر سياسات قبول الطلاب العرب والأجانب مثيرة للجدل، حيث تفرض معايير قد تكون غير عادلة أو غير متساوية، مما يثير تساؤلات حول الإنصاف والتمييز.
إصرار الوزارة على التدخل
يبدو أن إصرار الوزارة على هذه التدخلات يعكس رغبة في توسيع نفوذها داخل النظام التعليمي العالي. من خلال السيطرة على جوانب كثيرة من العملية التعليمية، تعزز الوزارة موقعها كحكم نهائي في تحديد سياسات القبول والتقويم، مما يثير الشكوك حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تخدم الطلاب والجامعات أو مصالح الوزارة نفسها.
لمصلحة من هذا التدخل؟
بينما يمكن القول إن بعض هذه الإجراءات قد تهدف إلى تحقيق العدالة والشفافية، فإن الطريقة التي يتم بها تطبيقها تعكس غالبًا تعطش الوزارة للسلطة أكثر من كونها تحقيق لمصلحة النظام التعليمي بأكمله. التدخلات المستمرة تعكس رغبة في السيطرة والتحكم على حساب استقلالية الجامعات والنمو الأكاديمي.
التأثير على جامعات الأطراف
تشكل توحيد سياسات القبول تحديًا خاصًا لجامعات الأطراف، والتي غالبًا ما تفتقر إلى الجاذبية والموارد المقارنة بالجامعات الكبرى في المراكز الحضرية. هذه الجامعات تعتمد على مرونة في سياسات القبول لجذب طلاب من خلفيات متنوعة ولتحسين موقفها التنافسي. توحيد سياسات القبول يمكن أن يحد من قدرتها على التكيف والابتكار في جذب الطلاب، مما يضعف مكانتها أكثر ويقلل من تنوع الطلاب الذي يمكن أن تقدمه.
مطالبات بالتغيير وإعادة التقييم
من الضروري أن تستجيب الوزارة لهذه الانتقادات بإجراء مراجعة شاملة لسياساتها. ينبغي أن تشمل هذه المراجعة مشاركة واسعة من ممثلي الجامعات والطلاب لضمان أن أي تغييرات تصب في مصلحة النظام التعليمي بأكمله. إعادة التقييم يجب أن تركز على تعزيز استقلالية الجامعات وتمكينها من تحديد سياساتها بناءً على احتياجاتها وظروفها الخاصة، بدلاً من فرض معايير موحدة قد لا تكون مناسبة للجميع.
نحو نظام تعليمي أكثر عدالة وفاعلية
التحدي الأكبر يكمن في توفير نظام تعليمي يحترم التنوع ويعزز العدالة في الفرص التعليمية. يجب أن تكون الجامعات قادرة على الابتكار والتطور دون قيود تعوق تقدمها. من خلال تعزيز استقلالية الجامعات والاستماع إلى احتياجاتها، يمكن للوزارة أن تسهم في خلق بيئة أكاديمية تشجع على الإبداع والتميز.
في النهاية، السعي نحو تحقيق توازن بين السيطرة الضرورية للحفاظ على معايير الجودة وبين توفير مساحة كافية للاستقلالية الأكاديمية سيكون أساسيًا لضمان أن يظل التعليم العالي في البلاد قادرًا على تلبية تحديات العصر الحديث وإعداد جيل قادر على المساهمة بفاعلية في المجتمع.
* الكاتب رئيس جامعة آل البيت سابقا