المجالي : عامل الثقة المختل بين الحكومات والناس اصبح جزءا من ثقافتنا
لقمان اسكندر - أكد رئيس مجلس النواب الأردني السابق عضو مجلس الأعيان رئيس حزب التيار الوطني عبدالهادي المجالي أن مسار الإصلاح في الأردن أسهم في وقف الفساد أو الحد من حجمه، وانتقد «عقلية» العمل النيابي، والتمسك بقانون الصوت الواحد.
وقال المجالي في حوار مع «البيان» إن المملكة قطعت شوطا كبيرا في ملف الإصلاح، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية المقبلة ستكون نقطة تحول كبيرة في مسار الإصلاح. ودعا إلى ضرورة إفراز الانتخابات المقبلة لنواب يعملون بعقل سياسي لا خدماتي، مشيرا إلى أن العمل بقانون الصوت الواحد غير ممكن رغم أنه عاد واستدرك بالقول إن الواقع الأردني غير جاهز اليوم لقانون انتخاب مبني على القوائم.
وحول الملف الاقتصادي قال المجالي إنه «لا يمكن إعادة تأميم قطاعات تم خصخصتها، داعيا إلى إعادة النظر في اقتصادنا على مستويين، الأول: النهج بمجمله من سياسات مالية واقتصادية، وثانيا: إعادة النظر بأسلوب إدارة الاقتصاد الوطني، وهذا من شأنه في النهاية خطة وطنية اقتصادية تضمن نموا مستداماً. وتاليا نص الحوار بين المجالي و«البيان» والذي تركز على قضايا الإصلاح والملفات الساخنة التي تعتمل على الساحة الأردنية.
ما هو موقفكم من مشروع قانون الانتخاب المعروض على مجلس النواب.. وهل تعتقد بامكانية العودة إلى مبدأ الصوت الواحد؟
موقفنا من قانون الانتخاب واضح، نريد قانون انتخاب ديمقراطياً وعصرياً يكون ممثلاً لفئات الشعب، وأن يأتي بنواب مسيّسين، أي نواب يعملون بعقل سياسي لا عقل خدماتي، ويأتي بنواب على سوية عالية من المعرفة التي تنعكس بشكل إيجابي على مهمة السلطة التشريعية بوصفها سلطة رقابة وتشريع.
والحقيقة أن الاستمرار في العمل بقانون الصوت الواحد غير ممكن في ظل التغيرات والتطورات التي تشهدها الساحة الوطنية، فضلا عن الحاجة بين فترة وأخرى إلى تطوير التشريعات لتواكب التقدم الحاصل في العالم وانظمته الانتخابية وتواكب الحاجات الأساسية التي تنتج عن تعاظم قيم حقوق الإنسان والحريات العامة.
والقانون المقترح جيد، لكن يمكن لمجلسي الأعيان والنواب تطويره، خصوصا لجهة زيادة عدد مقاعد القائمة النسبية المغلقة إلى 25 أو 30.. ويمكن في المستقبل تغيير الأمر لتصبح صحة القائمة 50% والفردي 50%. ومطلوب في المرحلة الحالية إعادة النظر في المقاعد التعويضية، والمهم أن تعيد الحكومة النظر بتقسيم الدوائر بصورة دقيقة لضمان عدالة التمثيل. مسألة الصوت الواحد انتهت، وإن كان البعض من السياسيين يرون أن الاستمرار في اعتماده ممكن، لكن شخصيا اعتقد أن الصوتين للدائرة الفرعية معقول ويعطي فرصة جيدة للناخب ويوسع خياراته.
أي نظام انتخابي تؤيدون.. ما هو المتاح اليوم؟
كل الأنظمة متاحة من الناحية السياسية، والنظام الانتخابي الذي أراه مناسبا للمرحلة هو نظام الفردي (الدائرة) ونظام القائمة المفتوحة.. وأنا مع ما جاء في القانون حيال منح الناخبين صوتين في الدائرة لكن لست مع مقترح القانون بشأن القائمة الحزبية المغلقة وعددها 15 مقعدا، أنا مع قائمة نسبية مغلقة لا يقل عدد مقاعدها عن 25 مقعدا.
وبالمحصلة آمل أن نصل إلى قانون انتخاب كله على القوائم، لكن لنتحدث بصراحة الواقع الأردني غير جاهز لهذا الأمر الآن، لكن في المستقبل ممكن، فالحياة تتطور والأنظمة الانتخابية قابلة للتطوير، المهم أن لا نستعجل الخطوات نترك الأمور تنضج بصورة صحيحة ونراكم الخبرات التي تتيح لنا الانتقال إلى مرحلة أخرى، ولا ننسى أن ناخبينا لم يتعودوا على نظام القوائم بعد ونحتاج إلى جهد كبير لشرح هذا النظام وكيفية التعامل معه.
وهذا يتطلب من الأحزاب أن تعيد تقييم تجربتها لجهة تطوير هياكلها لتكون قادرة على تحمل أعباء ومسؤوليات تقتضيها مسألة القوائم الانتخابية الحزبية، وعلينا أن نعترف أنه برغم تجربتنا الحزبية الطويلة لكنها تعاني لغاية الآن من اختلالات تجعلها غير جاهزة بالمعنى الدقيق للكلمة للتحول إلى انتخابات بنظام القوائم الحزبية الكبيرة، يعني القانون الحالي يعطي فرصة لكن الأمل أنه في الانتخابات بعد المقبلة نكون بلغنا إلى الحالة الحزبية التي تحدث فرقا في المشهد السياسي.
كيف تنظر إلى مسيرة الإصلاح في المملكة.. هل تسير الحكومة في الطريق الصحيح؟
سأجيب عن السؤال من الجزء الأخير، وأقول إن كنت تتحدث عن الحكومة الحالية فهي تشكلت منذ فترة بسيطة وبالكاد انتهت من مسألة الثقة النيابية، وبالتالي الحكم الواقعي عليها الآن غير ممكن، لكن هذا لا ينفي أن عليها مسؤوليات كبيرة للمضي في مسار الإصلاح وتعظيمه.
أما كيف أنظر إلى مسار الإصلاح بكليته، فأنا اعتقد أنه قطع شوطا كبيرا، وإن كان هنا وهناك بعض الخلل والتباطؤ، الذي حقيقة دفع جلالة الملك غير مرة إلى التدخل لزيادة فعالية التعامل مع ملف الإصلاح وفي أحيان أقال حكومات لشعور جلالته أنها تسير بوتيرة الإصلاح أقل من المفترض.
لذلك دائما التعويل على التدخلات الملكية لتصويب مسار الإصلاح وتفعيله، وهو ما أدى إضافة إلى إصرار الشارع إلى أنجاز تعديلات في الدستور وإقرار قانون البلديات وقانون الأحزاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخابات وقريبا إقرار قانون المحكمة الدستورية، وتاج هذه القوانين الإصلاحية سيكون قانون الانتخاب.
هذه كلها منجزات، وحتى لو في بعض التشريعات التي أقرت بعض الخلل ممكن أن يصوب في مجلس النواب المقبل والذي سيتم انتخابه قبل نهاية العام الحالي.. ما أريد قوله إن علينا انتظار مجلس النواب المقبل ونعطيه فرصته لمراجعة كل التشريعات إعادة تقييمها ومراجعتها وتصويب المختل منها. ونحن كناخبين مطلوب منا اختيار النائب القادر على تحمل مسوؤلياته، والمتمكن من واجبه، كي نكون على ثقة من أن التشريعات وقضايا الرقابة بيد أمينة.
تحرك وتحجيم
كيف تنظر إلى فعالية التحرك الرسمي ضد الفساد؟
مسار الإصلاح بما فيه مكافحة الفساد أسهم بشكل مباشر في وقف الفساد أو على الأقل حد من حجمه لأن كل موظف ومسؤول بات على يقين من أن تورطه في أية قضية سيدفع ثمنها عبر القضاء وقبل ذلك سيدفع ثمنها من سمعته.
أظنك تعرف أن رؤوس كبيرة تمثل أمام القضاء بتهم فساد ثابتة أو شبهة فساد، وأتوقع المزيد، لكن علينا أن نكون حذرين في تعاملنا مع هذه القضية كي لا نصيب بالضرر أشخاصا أبرياء، وأنا هنا أدعو إلى التوثق من الفساد أو شبهة الفساد قبل اللجوء إلى إجراءات من شأنها المس بكرامة الناس وسمعتهم.
محاربة غير جادة
لماذا يرى الكثير من الناس برأيك ان جميع الحكومات السابقة وهذه الحالية غير جادة في محاربة الفساد؟
هذا حكم انطباعي في كثير من جوانبه، الحكومات أحالت العديد من الملفات للتحقيق سواء تحقيقا نيابيا، او في هيئة مكافحة الفاسد أو في القضاء، والعديد من الملفات قيد الدراسة، ربما عامل الثقة المختل بين الحكومات والناس هو السبب، وأصبح جزءاً من ثقافتنا الشك الدائم في نوايا الحكومات وتوجهاتها وقراراتها.ولنعط الحكومات فرصة استكمال الملفات وإذا توقفت هذه الحكومات عند حد معين فلنا أن نتهمها بالتقصير وعدم الجدية.
ما هو تصورك للأردن ما بعد ربيعه ؟
الانتخابات النيابية المقبلة ستكون نقطة تحول كبيرة في مسار الإصلاح وستكون نتائجها تتويجا لسنة ونصف من الحراك الشعبي ومن العمل الرسمي والاهتمام الملكي، وهي كلها إرادات التقت على أهمية الإصلاح وضرورة إنجازه.
وسيكون الاردن بعد ربيعه أفضل، سواء على صعيد مشاركة الناس في صناعة قرارهم المستقبلي، وفي توسيع الحريات والحقوق، وفي وجود سلطة تشريعية فعالة وذات قيمة وسلطة تنفيذية تعلم حدودها ولا تتغول على أية سلطة أخرى، وكذلك الأمر سنشهد انخفاضا كبيرا في قضايا الفساد، وإزدهارا اقتصاديا لأن الإصلاح السياسي له انعكاس جوهري وحقيقي على الواقع الاقتصادي.. والمهم أن الناس ستشعر أنها شريكة، بطريقة أو أخرى، في إدارة شؤونها في كل المناحي.
وحتى نكون منصفين، الأردن، حتى بوضعه الحالي، أفضل بكثير من أنظمة أخرى في دول العالم الثالث، وما سننجزه من إصلاحات خلال العام الحالي ستنقل الأردن إلى مكانة أفضل وأعتقد جازما أننا سنعزز النموذج الأردني الإيجابي بوصفه دولة ديمقراطية تعددية راكمت الكثير من الانجازات خلال سنوات طويلة.
ملاحظات على الحراك
هناك الكثير من الملاحظات حول أداء الحراك المطالب بالإصلاح في الأردن.. هل لديكم ملاحظات عليه؟
الملاحظة الأساسية على الحراك استعجالة على الإصلاح ويريد قطع أشواط طويلة بأقل وقت ممكن، وأنا أرى أن في ذلك مخاطر لأننا نتخذ خطوات وقبل أن تنضج نريد الانتقال إلى خطوات أخرى وهذا يعني احتمال حدوث أخطاء واختلالات وارد، ولنا أن نراجع تجارب الدول العربية التي شهدت حراكات مماثلة وإلى أين وصلت فيها حالة الفوضى والصراع على كل التفاصيل، نحن لا نريد ذلك نريد التدرج وإنضاج كل خطوة قبل أن ننتقل إلى خطة أخرى لضمان متانة وقوة البناء الإصلاحي.
والملاحظة الأساسية الأخرى، أن لدينا حراكات متعددة ومتنوعة من حزبية وشعبية، لكنها صراحة غير متماسكة وغير متوافقة بشكل حقيقي على برنامج إصلاحي واحد ومرجعية تنسيقية واحدة، وهذا يضعفها من ناحية، ومن ناحية أخرى يربك الدولة التي لا تعلم برأي أي حراك تأخذ.
ماذا يعني ذلك، يعني ذلك أن لدينا تصورات إصلاحية كثيرة وكبيرة لكل حراك، والرؤية مختلفة بين الشعبي والحزبي، وعامل الثقة غير متوفر في غالب الأحيان بين أطراف الحراك.
وأنا هنا أنتقد ولا أهاجم.. أنا مع الحراك بشكل واضح لكن أريد حراكا يؤمن بتدرج الإصلاح ولديه رؤية متماسكة وواقعية وتراعي ظروف الدولة والأخطار التي تحيطها.
لا يجوز رفض الطاقة النووية.. وملف الموارد على الطاولة
قال المجالي رداً على سؤال عن موقف حزبه من استخدام الطاقة النووية في المملكة والمعالجات التي يراها لحل أزمة الطاقة في الاردن، إن مشروع الطاقة النووية «مهم وحيوي في دولة فاقت فاتورة الطاقة فيه أكثر من مليار دينار (نحو 5.1 مليارات درهم)»، معتبراً إياه «مشكلة حقيقية في الموازنة التي تعاني عجزا كبيراً»
وتابع القول: «أنا مع دراسة خيار الطاقة النووية بعناية، من حيث الكلفة ومن حيث المكان.. لا يجوز أن نرفض مثل هذا الخيار الذي تنتهجه الدولة لمجرد الرفض أو الموقف الانطباعي، فمواقفنا يجب أن تكون موضوعية ومنطقية، وأن ننظر إلى خياراتنا بشمولية لنعرف الممكن والمتاح وغير الممكن وغير المتاح، لان بلدنا لا يمكن أن يستمر وهو يواجه أزمة طاقة بلا حلول.
وتابع السياسي الأردني البارز القول : « في الحقيقة لم نستغل كل مواردنا، لدينا الطاقة الشمسية يجب أن ندرسها كخيار باهتمام شديد، لدينا اليورانيوم. والدراسات تقول إن لدينا احتياطيا معقولا ويمكن أن نستفيد منه في توليد الطاقة وفي التجارة، ولدينا النحاس وباحتياطات كبيرة خصوصا في منطقة ضانا، لدينا الصخر الزيتي وبكميات كبيرة ومن المفيد التعامل معها في ظل الأسعار العالمية المرتفعة للنفط..
هذه كلها وغيرها موارد كبيرة ومهمة يمكن أن نضعها على الطاولة ونزيد منسوب الاهتمام بها بوصفها مصادر دخل كبير يمكن أن تخفف من إشكالية مالية الدولة، وبالتالي تنعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني وعلى معيشة الناس وما يواجهونه من فقر وبطالة».(البيان)