وطنيتي والدعوة للإصلاح والإخلاص في العمل ودور مؤسسات التعليم العالي
أ. د. هاني الضمور
جو 24 :
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأردن، تبرز أهمية الوطنية كركيزة أساسية لتعزيز الوحدة والتماسك الاجتماعي. إن الوطنية ليست مجرد شعور بالانتماء للوطن، بل هي مسؤولية مشتركة يتحملها كل فرد من أفراد المجتمع، تتجلى في الدعوة للإصلاح والعمل بإخلاص من أجل مستقبل أفضل.
الوطنية تعني الالتزام بالمبادئ والقيم التي تأسس عليها المجتمع الأردني، والسعي لتحقيق التنمية والازدهار. إن الدعوة للإصلاح تتطلب منا جميعاً أن نكون على وعي بما يدور حولنا من قضايا ومشاكل، وأن نعمل بجدية على إيجاد الحلول المناسبة لها. الإصلاح ليس مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، بل هو عملية مستمرة تتطلب تضافر الجهود والعمل الجاد لتحقيق التغيير المنشود.
الإخلاص في العمل هو أحد أهم مظاهر الوطنية، وهو المفتاح لتحقيق التنمية والتقدم. فالعامل المخلص يؤدي عمله بإتقان وتفانٍ، مما ينعكس إيجابياً على الأداء العام للمؤسسات والشركات. إن الإخلاص في العمل يعزز من ثقة المجتمع في مؤسساته ويُسهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام.
وطنيتي لا ترتبط بمركز أو منصب قد توليته أو غادرته كرها لسبب ما بل هي شعور عميق بالانتماء والمسؤولية تجاه الوطن، بغض النظر عن الظروف أو المواقع. الوطنية الحقيقية تتجاوز المصالح الشخصية والمناصب، فهي تعبر عن حب عميق للوطن واستعداد دائم لخدمته في أي مجال وأي وقت.
تلعب مؤسسات التعليم العالي دوراً حاسماً في تعزيز هذه القيم وترسيخها بين الشباب. فهي ليست مجرد مكان لتلقي العلم والمعرفة، بل هي حاضنة للقيم الوطنية ومركز للإبداع والابتكار. من خلال برامجها الأكاديمية وأنشطتها اللامنهجية، تستطيع الجامعات والكليات أن تساهم في بناء شخصية متكاملة للطلاب، تجمع بين العلم والأخلاق والمسؤولية الوطنية.
الدعوة للإصلاح تتطلب منا أيضاً تعزيز قيم النزاهة والشفافية في جميع المجالات. فلا يمكن تحقيق الإصلاح الحقيقي دون مكافحة الفساد والحد من التجاوزات الإدارية والمالية. الشفافية تعني أن تكون جميع العمليات والقرارات واضحة ومعلنة للجميع، مما يعزز من ثقة المواطنين في الحكومة والمؤسسات المختلفة.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية العمل التطوعي كأحد أشكال الوطنية والإخلاص في العمل. العمل التطوعي يُسهم في بناء مجتمع متكافل ومتعاون، حيث يتشارك الأفراد في تقديم الخدمات والمساعدات لمن هم بحاجة إليها. إن تعزيز ثقافة العمل التطوعي يعكس روح الوطنية والانتماء الحقيقي للوطن. هنا يأتي دور مؤسسات التعليم العالي في تشجيع طلابها على الانخراط في الأنشطة التطوعية، مما يعزز من روح المواطنة الفاعلة ويُسهم في بناء مجتمع أقوى.
ختاماً، إن الوطنية ليست مجرد كلمات تُردد، بل هي أفعال ومواقف تتجلى في حياتنا اليومية. الدعوة للإصلاح والإخلاص في العمل هي الطريق نحو مستقبل أفضل للأردن، حيث يتكاتف الجميع لتحقيق التنمية والازدهار. علينا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية، وأن نعمل بجدية وتفانٍ من أجل وطننا العزيز، مستلهمين من مؤسسات التعليم العالي دورها المحوري في تشكيل مستقبلنا.