سؤال يطرحه فيلم "لو" كيف يؤثر الصديق الخيالي على صحة طفلك النفسية؟
جو 24 :
ماذا لو كان لدى طفلك صديق خيالي؟ يشاركه لهوه ومرحه، وكذلك لحظات الخوف والقلق؟ هذا السؤال طرحه فيلم "لو" "IF" للمخرج والمؤلف "جون كراسينسكي"، وذلك عبر حكاية مراهقة صغيرة تواجه أحداثا قاسية حين تموت والدتها، ويعاني والدها من مرض خطير، وفي الوقت ذاته تكتشف قدرتها على رؤية الأصدقاء الخياليين المهجورين من أصدقائهم البالغين.
إذا كان لطفلك صديق وهمي يشاركه ألعابه ويحادثه طوال الوقت، ربما يشعرك ذلك ببعض القلق والمخاوف، ويجعلك تتساءل حول القرار الصحيح، هل تترك طفلك ليلهو ويستمتع مع صديقه المتخيل؟ أم أن عليك التدخل؟
شكل صحي من أشكال اللعب
على الرغم من المخاوف التي تنتاب العديد من الأمهات والآباء عندما يتحدث أطفالهم حول الأصدقاء الخياليين، فقد أظهرت الأبحاث أن ما يقرب من 65% من الأطفال كان لديهم صديق خيالي، وهو أمر لا يشكل خطورة، بل على العكس يتيح وجود صديق خيالي شكل صحي من أشكال اللعب للأطفال. كما أشارت دراسة صدرت عام 2017 وشملت عينة من 264 عائلة إلى أثره الإيجابي على النمو النفسي والعقلي للطفل، حيث يعزز من الإبداع وتفوق الإدراك الاجتماعي، كما يساعد الطفل على تحسين إستراتيجيات التكيف وحل المشكلات، ويمنحه فرصة لاستكشاف السلوكيات والأدوار المختلفة في العلاقات وكذلك يساعد في تخطي شعور الأطفال بالوحدة.
ومن ناحية أخرى، تعد محادثات طفلك مع صديقه الخيالي بمثابة نافذة مفتوحة تتيح لك الفرصة لإلقاء نظرة على ما يدور في عقله من أفكار قد يجد صعوبة في التعبير عنها بشكل مباشر.
تتنوع أسباب لجوء الطفل إلى ابتكار الصديق الخيالي، وتختلف من طفل إلى الآخر، بعض الأطفال يحاولون التغلب على الشعور بالوحدة، خاصة إذا كانوا يواجهون صعوبة في تكوين صداقات حقيقية. كما يساعدهم الأصدقاء في التعبير عن مشاعرهم والتعامل معها، دون خوف من العقاب أو الرفض.
متى تشعر بالقلق؟
"أمي.. رحبي بصديقي (كوكو) وضعي له طبقا ليأكل معنا من فضلك" هكذا طالبت الصغيرة (ريم) ذات الأربع سنوات أمها، مشيرة إلى الفراغ.
وعلى الرغم من أن أمها تفهم جيدا أن "كوكو" مجرد خيال فهي تتساءل حول أفضل طريقة للتعامل معه بما لا يؤثر على النمو النفسي لصغيرتها.
ينصح الخبراء بأن تظهر اهتمامك بالصديق الخيالي، وتطرح الأسئلة حوله وتندمج مع طفلك في لعبته، مما سيشعره بالحب والاحترام. وعادة لا يسبب وجود الصديق الخيالي قلقا أو مشكلات، لكن في بعض الحالات قد تضطر للتدخل، على سبيل المثال بعض الأطفال يستغلون وجود الصديق الخيالي لتمرير السلوكيات السيئة واختبار الحدود عبر التظاهر بأن الصديق هو من يرتكب الأخطاء، لكن الخبراء لا ينصحونك بالاستسلام لمثل هذه السلوكيات، عليك أن تضع حدودا صارمة، وتخبر طفلك أن على الصديق الخيالي تحمل العواقب، على سبيل المثال أخبره أن "صديقك عليه أن ينظف الفوضى التي قام بها" وذلك دون أن تلجأ لإجبار الطفل على الاعتراف بأنه الفاعل الحقيقي.
بعض الأطفال قد يطلبون أمورا إضافية من آبائهم من أجل الأصدقاء الخياليين، على سبيل المثال يطلب منك فتح الباب لصديقه أو ترتيب فراشه، لكن بإمكانك استغلال الفرصة لتطوير مهارات طفلك، أطلب منه أن يساعد صديقه في فعل هذه الأمور.
من ناحية أخرى يقلق أغلب الآباء من تأثير الصديق الخيالي على فهم الطفل للواقع، أو قدرته على تمييز الخيال، لكن ذلك عادة لا يحدث حيث يدرك أغلب الأطفال حقيقة الصديق الخيالي.
ورغم أن وجود صديق خيالي يعد أمرا صحيا لنمو الطفل فهناك بعض العلامات التي تستدعي القلق ومن بينها:
ظهور الصديق الخيالي عقب مرور طفلك بتجربة قاسية، وأن يكرر الطفل سرد التجارب المؤلمة بشكل متكرر على الصديق الخيالي.
القيام بأفعال عدوانية أو مؤذية ولوم الصديق الخيالي عليها.
الشعور بالخوف أو التهديد من الصديق الخيالي. وجود تغيرات مفاجئة في عادات النوم أو الطعام.
استمرار الصديق الخيالي بعد عمر الـ12.
إذا ظهرت أي من هذه العلامات فيفضل أن تلجأ لطبيب أو اختصاصي نفسي للاطمئنان على صحة الطفل العقلية، فقد تشير إلى وجود مشكلات نفسية أخرى.
سواء كان صديق الطفل الخيالي بشريا، أو حيوانا أليفا، أو حتى دمية، فلا داعي للقلق، من المتوقع أن يودعكم الصديق الخيالي عندما ينتهي احتياج الطفل له، ويصبح جاهزا لمواجهة العالم بمفرده، قد يدوم وجوده لأشهر قليلة، وقد يستمر لسنوات، لا تقلق من وجوده، بل احتفي به وشجعه وسامح لطفلك بالاستمتاع بصحبته وبما توفره له من إلهام.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية