مرشحون وناخبون (٤) الاردن والمرحلة الجديدة
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
…
الانتخابات الحالية ليست معزولة عن سياقات الانتخابات السابقة فمجالات التشابه والتقاطع اكثر من الاختلاف والتمايز، لكن حجم وشدة " الوجع العام" هذه المرة أكثر بكثير من السابقات، فالوضع الاقتصادي أسوأ من اي مرحلة سابقة، ونسبة البطالة غير مسبوقة، والعدوان على غزة ترك جرحا عميقا في الذات الانسانية والكرامة العربية والوطنية على حد سواء.
ما ينبغي التنبيه له ان كثير من مفردات الخطاب الانتخابي السابقة لم تعد تلقى قبولا، فلا عبارة " أبشر بالفزعة" ستكون حقيقة، ولا الوعود بالتوظيف والتنفيع ستكون صادقة، ولا شعارات " السمن والعسل" اصبحت تفتح شهية الناخبين. وبالتاكيد حجم المقاطعة سيكون واضحا.
اذا اراد المرشحون اقناع الناخبين بالمشاركة و الاقتراع والتصويت لهم فلا بد من خطاب يلمس اوجاع الناس وينحاز لهم، ولا بد من اظهار التزام اخلاقي شخصي بالقيم التي يؤمن بها الناخبون، فلا بذخ الولائم ينفع، ولا سيارات المرشحين الفارهة ستعزز قناعة انتخابهم بهم، ولن تكون كلمات المجاملات في الدواوين اصواتا فئ الصناديق.
ما ننصح به - والنصيحة بالمجان- ان يتواضع المرشحون بسلوكياتهم، وان ينحازوا للبسطاء والفقراء، وان يستشعروا هم الشباب العاطل عن العمل، وان يتكلموا بالشان الوطني العام وليس بالشان المصلحي الخاص مهما توسع. فلابد من طروحات جريئة تتناول ادارة الملفات للشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ان الناخبين لم يعودوا يقبلون بوصف " نائب الخدمات" للتصويت له، ولا يقدرون من لا يسمع له رأيا بالشان العام، فلغة " احنا قرايب ونسايب" لا تجد اذانا صاغية، فحجم الخرق أكبر من رقعه بهكذا خطاب. وان الشباب الذين ذهب من استطاع منهم للمخاطرة والهجرة لبلاد الغرب وامريكا يتطلعون الى من يحاكي حالهم ويسير مع ابسط حقوقهم بالعيش الكريم والعمل الشريف الذي لم يعد ممكنا ان تكون الوظيفة في القطاع العام هي الحل له في ظل سياسة تقليل الوظائف كشروط دولية و / او مصلحة وطنية.
دعوة مختصرة نوجهها للناخبين؛ أن مايزوا بين المرشحين وزنوهم بطموحاتكم وليس بجمال خطاباتهم او شعاراتهم فحسب، واعطوا الثقة لمن يقدم اراءً ممكنة بالشأن العام.