''خزانة الملابس'' غرف نوم الأطفال في غزة
لم يجد "الجريح" الفلسطيني علاء الغندور، مكانا يبات فيه أطفاله الثلاثة، سوى خزانة الملابس، خوفا من تكرار حادثة تعرضهم لخطر الغرق، شتاء العام الماضي.
ففي تلك الفترة، تعرض منزله المكون من غرفة واحدة، للغرق جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت، دون أن يتمكن سقف الغرفة "الصفيح" الصدئ، الممتلأ بالشقوق من منعها.
ومنذ ذلك الوقت، لم يجد مكانا آمنا يؤويهم ليلا، سوى خزانة الملابس الخاصة به.
و"الغندور" البالغ من العمر 30 عاما، "جريح"، أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي بداية الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 بساقيه.
وتسببت إصابة الغندور له بإعاقة منعته من القدرة على العمل.
ويعتاش الشاب الجريح من راتب شهري، تصرفه منظمة التحرير الفلسطينية لأمثاله من الجرحي، تبلغ قيمته ما يعادل 285 دولار أمريكي.
ولا يكاد هذا الراتب الصغير أن يكفي "الغندور"، حيث أنه يعيل إلى جانب زوجته وأطفاله، والديه المسنيْن، بالإضافة إلى اثنين من أشقائه الصغار.
ومع اقتراب حلول فصل الشتاء، يزداد قلق وتوتر الشاب الفلسطيني، الذي يقطن حي الزيتون جنوب قطاع غزة، حيث ما زال شبح "مأساة" العام الماضي يلاحقه.
يقول الغندور: "العام الماضي، أنقذنا الدفاع المدني، الذي شفط المياه التي أغرقت غرفتي، وأنقذوا أطفالي، وأخشى أن تتكرر المأساة، فغرفتي لا تتحمل أمطار الشتاء، ولا حر الصيف".
وتبلغ مساحة غرفة "الغندور" الصغيرة 12 مترا مربعا.
ويبدو أن لخزانة الملابس لدى الغندور، مهمات أخرى إلى جانب استيعاب الملابس، واحتضان أطفاله الثلاثة، فهي كذلك مستودع لأواني المطبخ.
يضيف الغندور :"لا يوجد مكان أعيش فيه.. هذه الغرفة القديمة لا تصلح لحياة الآدميين... بت أخشى على أطفالي وزوجتي من أن تنهار عليهم جدران الغرفة أو سقفها في أي وقت".
ويضيف :"أعاني بشدة عندما يحل الليل فأطفالي يخافون من النوم في خزانة الملابس كما أنهم قد يتعرضوا لخطر السقوط منها ما يجعلني قلقاً طوال الليل عليهم (...) كم أتمنى أن ينتهي هذا الكابوس وأعيش حياتي كبقية البشر".
ولا تقتصر حياة الغندور عند هذا الحد فطفله الأوسط الذي يبلغ من العمر عام وشهرين ولا يستطيع المشي بسبب نقص نسبة الكالسيوم لديه بسبب سوء التغذية، بالإضافة إلى وجود تشوه بسيط في ساقيه يمكن علاجه لكن الوضع الاقتصادي يقف عائقاً أمام ذلك، ما يهدد مستقبل الطفل بالإعاقة الدائمة.
ويضطر الشاب الغزي بعد منتصف كل شهر إلى الاقتراض من المحال التجارية ليوفر الطعام لأطفاله وزوجته ووالديه واخويه، فراتبه الزهيد لا يكاد يكفيه إلا لبضعة أيام، ما أدى إلى تراكم الديون عليه.
ولا تعيش أسرة الغندور وحدها في الغرفة الصغيرة فبعض القوارض تحفر أسفل أرضيتها وتتسلل إلى الداخل في فصل الصيف، ولا تسمح الحالة الاقتصادية للأسرة بإصلاح تلك الحفر التي تحتاج إلى ترميم بمبلغ كبير.
ويعاني الكثير من سكان قطاع غزة في أوضاع معيشية صعبة، وقاسية وفي ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ووفق إحصائية كشف عنها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2012، فإن قرابةمليون و50 ألف فلسطيني يقعون تحت خط الفقر، من أصل 3.75 مليون نسمة يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووفق بيانات الإحصائية الفلسطينية فإن نسبة الفقر في الضفة الغربية بلغت 18.7٪، فيما سجلت 39% في قطاع غزة.(الأناضول)