jo24_banner
jo24_banner

هل تعيش أنغام في عالم مواز؟.. قراءة في كلمات ألبومها الجديد "تيجي نسيب"

هل تعيش أنغام في عالم مواز؟.. قراءة في كلمات ألبومها الجديد تيجي نسيب
جو 24 :
بعد غياب يقترب من 5 سنوات، عادت المطربة المصرية أنغام إلى الأضواء بقوة بألبومها الجديد "تيجي نسيب"، الذي يحتوي على 12 أغنية تدور جميعها في إطار مشاعر الحب. ورغم أن الظروف المجتمعية في مصر والعالم العربي تتيح لمطربة بحجم وتاريخ أنغام أن تقدم أغنية تتجاوز بها تلك المساحة العاطفية الضيقة، فإنها لعبت في مساحة الأمان المضمونة بالنسبة إليها، فكانت كمن جاء من عالم مواز بلا أزمات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية.

وتكرر الأمر في الألحان، التي جاءت أجواؤها مكررة، إذ يمكن للمستمع ببساطة أن يستدعي معها ألحانا وردت في أعمالها السابقة.

 
ورغم أن ألبوم أنغام الجديد شارك فيه عدد من الملحنين والشعراء، بينهم طارق مدكور، ومحمود الخيامي، وهالة الزيات، وأمير طعيمة، وإيهاب عبد الواحد، فلم يميزه سوى مشاركة الممثل أكرم حسني بأغنيتين في الألبوم، وهما "تيجي نسيب"، و"خليك معاها"، لكن الطريف أن أغنية حسني وجدت ردا موضوعيا عليها في أغنية تالية في الألبوم نفسه، وهي أغنية "موافقة" التي كتب كلماتها مصطفى حدوتة.

علاقات معلنة بلا أسرار
وتبدو الأغنيتان كما لو كانتا تشكلان قصة تلخص ما يحتويه الألبوم بكامله، فأغنية أكرم حسني "تيجي نسيب"، وهي الأغنية الرئيسية للألبوم تأتي على لسان أحد طرفي العلاقة الذي يطرح فكرة الانفصال، ويبررها بالملل وكثرة المشكلات ويقترح أن يبلغ الآخرين أن ما حدث لم يكن بإرادة أي من الطرفين، لكنه ما قدره الله لهما.

تيجي نجيبها في النصيب.. تيجي نقول ما إحناش لبعض

وبينا بُعد.. تغيب وأغيب.. تيجي نضيع.. تيجي.. إحنا الاتنين نبيع

تيجي نعلق في المشانق.. مين مخنوق مين اللي خانق

يلا نشهد الجميع

يحتل الآخرون مساحة كبيرة في العلاقة، فالفراق لن يكون مبررا إلا إذا "شهد الجميع" عليه، واعتبروه "نصيبا"، وليس خطأ من أحد الطرفين.

وتبدأ أنغام وأكرم في سرد مبررات الانفصال، كأنها تقف أمام " الجميع" ليشهدوا.
 
احتمالات الفراق.. كل يوم بتزيد ما بينا

حتى لحظات الاتفاق.. بينا قلت سنة سنة

الملل لا يحتمل راح الأمل خد حتة منا

بقى بُعدنا أريح لنا بقى كرهنا باين في عينا

الملل لا يحتمل راح الأمل خد حتة منا

بقى بُعدنا أريح لنا بقى كرهنا باين في عينا

تيجي نسيب

ورغم الأسباب المقنعة للانفصال، فإن الشاعر مصطفى حدوتة يرد بأغنية "موافقة" في الألبوم نفسه، مطالبا بإعادة الحقوق قبل الانفصال، فيقول:

موافقة.. أسيبك وتسيبني.. ونرجع كل حاجة مكانها

رجعلي لشخصيتي كيانها.. وترجع لحياتي أمانها

في حاجات انكسرت جوايا.. إنت ما تقدرش على تمنها

موافقة.. أسيبك وتسيبني.. وھسدد كل اللي عليا

ھرجعلك روحك المطفیة.. كل مشاكلك النفسية

العدل إننا لو ھنسيب بعض.. نرجع لحياتنا الطبيعية

ولعل الانفصال بوصفه حلا أخيرا في العلاقات العاطفية يعد سلوكا عنيفا، لكن الأعنف منه هو تلك المطالبة المستحيلة بعودة كل شخص إلى ما كان عليه قبل الارتباط. وتبرز الأغنيتان ذلك المنعطف اليائس في العلاقات التي أصبحت معلنة، وبلا أسرار تقريبا.

 

خطايا مكررة
وفي أغنية "بتعمل حاجات"، تطرح أنغام تساؤلات تصلح لأزمة منتصف العمر، وإن كانت أقرب إلى أسئلة شخص تورط في عمل لا يحبه، وهو أمر يدعو للتفاؤل في ألبوم يطفح بالمشاعر الخاصة بين رجل وامرأة، لكن الكلمات سرعان ما تبعد هذا الاحتمال.

بنعمل حاجات.. حاجات مش شبهنا

وما تليقش بينا.. وتبقى في ماضينا

وكل اللي فات.. ده محسوب علينا

ونبكي ساعات.. دموع ندمانين

ويا دوبك يومين.. وننسى ندمنا

ونغير كلامنا.. ونعيد اللي فات

وتبدو الأغنية كأنها خطاب خاص مع الذات في محاولة لمراجعة حسابات الحياة، لكن تأتي المفاجأة:

وده ساب محبة.. لكن بعد حبة

بيوجع قلوبنا.. عشان حبيناه

أما في أغنية "ماكانش وقته"، فيجد المستمع نفسه أمام حالة من الرغبة الغريبة في كراهية الحقيقة، والعشق غير المبرر للعيش في الوهم، إذ تفضل تلك الفتاة أن تعيش في كذبة كبيرة على أن يصارحها الطرف الآخر في العلاقة بحقيقة مشاعره:

ما بقولش ليه خانني وباع.. بقول ياريت كمل خداع

معقولة خلى اختياري.. ما بين ألم وما بين خضوع

ده جنسه إيه ومن أي نوع.. نساني رد اعتباري

هدوء ما قبل العاصفة
تعود أنغام في منتصف ألبوم "تيجي نسيب" تقريبا إلى حالة سلام مؤقتة، ليستريح خلالها المستمع من الخيانات والوعود المهدرة والخداع والدموع، حيث تقدم أغنية "القلوب أسرار" وتقول فيها:

القلوب أسرار

حبيبي وسري إنت

حضن لما بخاف بروح

وأتدارى فيه

لا مفيش منك يا حب العمر وأنت

عندي بالعالم ده كله واللي فيه

عدوانية

تؤكد أغنية "كان بريء" أن مساحة السلام السابقة لم تكن إلا لحشد الأسلحة والاستعداد لـ"معركة" استخدمت فيها مفردات يمكن أن تقود صاحبها إلى ساحات المحاكم إذا وجهت لشخص بعينه، وتقول بعض كلماتها في وصف الحبيب:

مش عدالة

فجأة ينساني بندالة

فجأة يحرجني بتصرف مش رجولي

مش عدالة

رسملي حوالين نفسه ھالة

بس أنا لقيته انتهازي وكان وصولي

كان في نظري

حب ربنا ليا باعته

كان في خوفه عليا بيبين شجاعته

وبعواطفه الزايدة وبعطفه وحنانه

كان مخبي عليا جبروته وبشاعته

وتشي المفردات الصادمة بعمق الجرح الذي سببه الحبيب الخائن، لكنها تؤكد أيضا استقرار العدوانية بوصفها قيمة سلبية مجتمعية سواء في إطار العلاقة الاجتماعية أو بعد نهايتها.

وفي أغنية "أقول لك إيه"، تكرر أنغام حالة الرغبة في تعذيب الذات والتمسك بأطلال حب مضى، فتقول:

يا صورة لحد كان بالنسبة ليا حياة

یا حضن الشوك ماليه ومش قادرة أعیش براه

يا ذنب وصعب أتوب عنه

يا وھم ومش بفوق منه

يا ريت أيامي يستنوا

عشان أنساك

الكلام لك يا جارة

لكنها تعود مرة أخرى، لتقدم أغنية قاسية في كلماتها، وفي حالتها الاجتماعية، إذ تبدو كفتاة تحدث صديق لها بصوت مرتفع ليسمع الحبيب الذي يجلس في مكان قريب، وتحت عنوان "اسكت" تقول:

اسكت مش كبرنا.. وفهمنا وذاكرنا.. ده إنت إن جيبت آخرك مش ھتجيب آخرنا

اسكت.. مش قدمنا وعقبالك فهمنا.. بقى في خبرة نعرف إيه اللي مش لازمنا

الدنيا غيرتنا وعليك استكترتنا.. وخلاص من النهار دا بقي الفراق تالتنا

اسكت مش كبرنا.. وفهمنا وذاكرنا.. ده إنت إن جيبت آخرك مش ھتجيب آخرنا

راجعلي بحساباتك.. بطريقة تناسبك إنت.. ما أنا مكاني في حياتك كالعادة في أي حتة

فأنا ھحدد مكاني وأبلغك قراري.. أنا ما بتعادش تاني ولا أعيش غير باختياري

مرة أخرى، وأغنية أخرى تؤكد حلول العدوانية والشراسة والرغبة في التسبب بالألم عوضا عن الحب والحنان في علاقة الحب.

وتثير أغنية "إيه الأخبار" كثيرا من القلق على المطربة التي اشتهرت باجتهادها في البحث عن الجديد في الموسيقى والكلمات، إذ تقدم فيها المعنى نفسه الذي قدمته في أكثر من أغنية من قبل، حيث تقول:

ما فيش أخبار جديدة عليه

أكيد في بس بيقولولي لسه ما فيش

سألت معارفه وصحابه اللي كانوا حواليه

نسيني طب نسيني بإيه

فاكرني طب ليه ما يقوليش

وهي كلمات تستدعي بالضرورة أجواء أغنية "سأل عليّ" من ألبوم "ما جابش سيرتي"، وتقول:

ما جابش سيرتي مقالش حاجة مكانش نفسه يقولي حاجة

وحب ولا لسه مظنش سهل ينسى

سأل عليا سأل عليا إيه بإيه

سأل عليا بكلامه ولا عنيه

بس اوعوا تكونوا قولتوا له سألت عليه

ما جابش سيرتي

يضع الألبوم عشاق غناء أنغام القدامى في حالة استمتاع بصوت طالما رافقهم أيام الصبا والشباب، وتمنحهم الألحان الرشيقة، التي تنضح بالشجن، بعضا من متعة لا يجدها أغلبهم في ظل حياة يومية تشهد ظروفا اقتصادية قاسية، وهو ينعكس في الأغلب على ميزانية الحبيب التي لن تسمح بجلسة هادئة "في الركن البعيد الهادي في نفس المكان في النادي".

الأجيال الجديدة من عشاق غناء أنغام قد تجد في مساحات الصراحة الواضحة بين الحبيبين في كلمات أغاني الألبوم صدى للطابع الذي تميزت به عن غيرها من الأجيال السابقة، لكنها في ظل القلق والحزن الذي يخيم عليها نتيجة لما تتلقاه -ويتابعه البعض- عبر النشرات الإخبارية وتشاهده عبر الشاشات من أخبار، لا يجد سوى سيمفونية مأساوية حزينة، بينما تقف أنغام في ركنها البعيد الهادئ الذي انطلقت منه في أول ألبوم لها عام 1988.

المصدر : الجزيرة

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير