هل نحن مقبلون على انفراجة متعددة المسارات ام انها حادثة عارضة منعزلة عن سياقات الاستحكام والسيطرة؟
جو 24 :
مالك عبيدات - بالرغم من اعلان نتائج الانتخابات النيابية بشكل رسمي يوم الخميس الماضي واعتمادها من قبل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات الا ان الشارع الاردني لازال يعيش حالة من الصدمة والذهول بعد اجتياح طوفان جبهة العمل الاسلامي مقاعد البرلمان .
سياسيون وكتاب صحفيون اكدوا ل الاردن24 ان الاعلان عن نتائج الانتخابات بمنتهى السلاسة ودون رصد وتسجيل ملاحظات تضرب نزاهة العملية الانتخابية ، والانتقال فورا للحديث عن المحطات القادمة ، وكأننا قد اتممنا هذا الفصل من الكتاب بنجاح باهر ، وماضون لاستكمال ما جاء في الفصول الاخرى ، هذه الارتياح العام اثار تساؤلات وربما قلق لدى الكثيرين له علاقة بالتوقيت والدوافع ، لاسيما وان السلطات فتحت الصنبور دفعة واحدة ودون مقدمات، ما يثير العديد من علامات الاستفهام حول استبطانها توظيف هذه الجرعة الوافية من النزاهة لخدمة اغراض سياسية معينة لا علاقة لها بهدف تحقيق النزاهة بحد ذاته.
والسؤال الذي ردده المتداخلون كان له علاقة بزاوية الانفراج ومدى اتساعها ، مبدين خشيتهم من ان هذه العملية ستظل في حدود ما تم الافراج عنه من هوامش والقبول به من اختراقات لذلك السد المنيع من الاستحكام والسيطرة ...
الفلاحات : الحكم على النتائج بعد جلسات النواب الاولى
الشخصية الحزبية البارزة و المحلل السياسي الرصين سالم الفلاحات قال : لا اريد الاستعجال بالحكم على نتائج العملية الانتخابية ، اداء النواب في الجلسات الاولى - جلسات انتخاب الرئيس والمساعدين واللجان - سيظهر ويكشف ما اذا كان هناك ثمة انتخابات وتصويت وفرز ومنافسة ، ام انها لا تعدو كونها ملهاة جديدة ، "اما ان تكون الانتخابات قد جرت بشكل طبيعي ام بشكل استبعادي استحواذي ،اقصائي يعيدنا لخط البداية" ..
واضاف الفلاحات ل الاردن24 ان الدولة الاردنية يجب ان تقرأ المزاج الشعبي، وتتحصن بمجلس النواب مصدر الشرعية والتعبير الواقعي لنبض الشارع واتجاهات الرأي العام .
وتابع الفلاحات يجب على عقل الدولة ان يفهم ما يدور في المنطقة وما يواجهه الاردنيون من تحديات داخلية وخارجية ، وما يقررونه من خيارات .على عقل الدولة ان ينفتح من جديد على الناس وممثليهم ويستمع لمعاناتهم ومطالبهم ويلتزم بخياراتهم.
ورأى الفلاحات ان المرحلة خطيرة والاردن بعين العاصفة ..والاردن الرسمي امامه خيارين لا ثالث لهما فاما انه سيلجأ الى شعبه ويتحصن بهم ويخوض بهم البحر ، واما انه سيعتمد على التحالفات التي يجريها وطالما راهن عليها ، وهنا لا نستطيع الضرب على الرمل لمعرفة حقيقة الاشياء ،وما اذا كانت الدولة قد تفاجأت بنجاح هذا العدد من الاسلاميين ام انها خططت لذلك بالاساس .
وأنهى الفلاحات مداخلته بالقول : لا استطيع ان اجزم ان ما جرى طبيعي ام غير طبيعي ، وهنا ياتي دور الاحزاب ، التي عليها ان تثبت جدارتها للتأسيس لمرحلة جديدة تكون فيها الكلمة العليا للاحزاب .
البدارين : الانتخابات عودة لاصل محمود
الكاتب الصحفي المرموق بسام البدارين اكد ان قلق الاردنيين ومخاوفهم من تداعيات طوفان الاقصى والعمليات العسكرية الموسعة في الضفة الغربية انعكس على المزاج الشعبي وتكوينه السياسي وكان حاسما بعملية التصويت ، وتمخض عنه نجاح هذا العدد الكبير من مرشحي الحركة الاسلامية .
واضاف البدارين ل الاردن24 ان هناك قلقا لدى المواطنين من المناخ الصدامي والعسكري المتأزم في المنطقة والاقليم، مشيرا الى ان كل هذه العناصر شكلت مسار نجاح كتلة كبيرة بالبرلمان واختيار الاغلبية من الاسلاميين والتصويت لمرشحين لهم سقف سياسي يحاكي مشاعر وغرائز المواطنين .
وتابع البدارين: الاردن شعبا وسلطات مستفيدان من هذه الممارسة الديموقراطية التي بلا شك كان فيها عودة حقيقية لاصل محمود في مسألة النزاهة وتفاصيلها و اجراءات الاقتراع يوم الانتخابات.
و اكد البدارين : علينا البناء على هذه الممارسة الديموقراطية الانتخابية التي كانت فعلا اشبه بعرس وطني ، حيث تشكل عنها قناعات بان ما افرزته صناديق الاقتراع يعكس فعلا ارادة الناس وخياراتهم .
وانهى البدارين مداخلته بالقول : ان مشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي و ستة احزاب اخرى وسطية في البرلمان يمكن ان يؤسس للعبور لمرحلة ثانية من مسارات تحديث المنظومة السياسية ، وبطبيعة الحال ان وجود نواب بهذه الخلفية السياسية والحزبية سيساهم فعلا في رفع سوية الاداء وتحسين المخرجات والنتائج ، وقد نصل بالمحصلة الى نموذج الحكومات البرلمانية والتبادل السلمي للسلطة ..
الاسمر : جمعة مشمشية
من جانبه قال الكاتب الصحفي صاحب الخبرة المهنية الواسعة حلمي الاسمر انه للوهلة الاولى وفور اعلان نتائج الانتخابات النيابية شعر بالتفاؤل ولكن سرعان ما داهمته عشرات الاسئلة والشكوك والعوائق التي تحول دون ان يبالغ في التقديرات ويرفع سقف التوقعات ، ومن بين هذه الاسئلة تحدث الاسمر عن :
اولا - توقيتها تشعر اننا امام ديمقراطية الحنفية او الصنبور ، التي يتم فتحها وقتما تشاء السلطة وتغلقها وقتما تشاء او بالقدر الذي تريد ، مبينا ان المؤذي في هذه المشهد هو توظيف هذا القدر الكبير من النزاهة وضخها بالمشهد وفق لما تمليه المناخات والظروف.
الفرحة بالنتائج منقوصة لان الحكومات هي من تضبط ايقاع الانتخابات وتقرر ما اذا كانت تريد قياس اتجاهات الرأي العام والتعبير عنها او انها تريد مصادرة صوت الناس ووأد فرص اظهاره .
ثانيا : المشاعر الاخرى التي تدفعنا للقلق :ان لجوء الدولة للصندوق وقبولها بالنتائج جاء استجابة لازمات اقتصادية وسياسية وامنية فقط ، وليس مرده رغبة حقيقية بتكريس نهج جديد ،تحتكم فيه السطات لنتائج الانتخابات دون تدخل وعبث و هندسة .
لا نريد ان تتكرر تجربة انتخابات 1989، والتي فيها تم العودة للشارع الذي كان يغلي ، وبعد انقضاء موجة الاستياء والغضب عادت حليمة لعادتها القديمة ، وخسرنا كل المكتسبات وعدنا للخلف سنوات وسنوات .. فلم تكن اكثر من جمعة مشمشية ، وهذا ما نخشى ان يتكرر اليوم ..
وختم الاسمر حديثه ل الاردن24 بالقول سواء كان هناك ممثلا واحدا لجبهة العمل الاسلامي او 30 ممثلا ، فالنتيجة واحدة لن يكون هناك تغيير حقيقي وملموس ، طالما ان هناك تغولا من قبل السلطة التنفيذية ، لذلك نطالب ان يكون هناك اعادة ترسيم بين السلطات الثلاث لتؤدي وظيفتها بفعالية،مشيرا الى ان تغول السلطة التنفيذية يشعرنا بعدم الجدية بمأسسة الديمقراطية.