jo24_banner
jo24_banner

رئيس وزراء اليابان المنتخب شيجورو إيشيبا نظرة شمولية نحو التغيير

الاستاذ الدكتور محمد ابودية معتوق
جو 24 :

الأستاذ الدكتور محمد ابودية معتوق

اعلن في اليابان يوم الجمعة 27 أيلول عن انتخاب السيد شيجرو إيشيبا رئيسا للحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان بعد منافسة قوية بين تسع مرشحين إضافة الى الرئيس المنتخب (شينجيرو كويزومي، ساناي تاكايتشي، تارو كونو، يوكو كاميكاوا، هاياشي يوشيماسا، توشيميتسو موتيجي، تاكايوكي كوباياشي، كاتسونوبو كاتو). وجميع المرشحين من الحزب الحاكم الذين يشكلون مع أعضاء البرلمان الآخرون من الحزب الليبرالي الديمقراطي 369 صوتا ويبلغ أعضاء الحزب كاملا 1.13 مليون عضو حسب إحصاء اخر اجتماع للقيادة العامة في 2021، وفاز السيد إيشيبا بحصوله على 194 صوتا من أصل 215 أي بالأغلبية بعد ان هزم منافسته القوية ساناي تاكايتشي وزيرة الامن الاقتصادي والتي تعتبر من اقوى مؤديين سياسة رئيس الوزراء الأسبق الراحل السيد ابي.

إيشيبا من مواليد توتوري ويحمل درجة القانون من جامعة كييو وبدا حياته كموظف في بنك ودخل البرلمان بعد انتخابات 1986 وهو في سن صغير ليصيح أصغر نائب في حينة (29 عاما) نافس رئيس الوزراء السابق شينزو ابي وخسر امامه في عام 2021، وكرس معظم حياته السياسية في الاهتمام بالمجتمعات الريفية، ويعد إيشيبا من المؤيدين للنساء للسماح بالحكم من العائلة الإمبراطورية وهي قضية مثيرة للجدل إلى حد كبير يعارضها العديد من أعضاء الحزب الليبرالي الديمقراطي والحكومات المتعاقبة.

ومما يعرف عن إيشيبا انه ناقد لاذع لم يسلم من نقده زملاءه رؤساء الوزراء السابقين الذي كان ينتقدهم بالعلن وهو امر غير مألوف في السياسة اليابانية وقد أدى نقده هذا الى تهميشه من قبل رؤساء الوزراء السابقين بما في ذلك رئيس الوزراء المنتهية ولايته فوميو كيشيدا، ليصبح صوتا معارضا في الحزب واستياء زملائه في الحزب منه بينما حظي على النقيض الاخر من ذلك بصدى على المستوى الشعبي الذي اعتمد عليها في نجاحه الاخير.

وعلى الرغم من هذه المسموعات الا ان إيشيبا له خبرة في التعامل مع السياسات الحزبية والأمنية ويرى ان اليابان يجب ان تعزز أمنها المحلي والإقليمي في خضم التوغلات من الجانب الروسي والصيني في الأراضي اليابانية وتجارب الجارة الكورية الشمالية من كثرة إطلاق الصواريخ التي كثيرا ما كانت تخرق الأجواء اليابانية وتسقط في الطرف المقابل لجزر اليابان.

على الرغم من ان إيشيبا لم يكن دبلوماسيا من الطراز الأول الا ان فاجا زملاءه أعضاء الحزب والنواب باعتذار لهم جميعا مما سبب لهم جرح للمشاعر وقال "لقد جرحت بلا شك مشاعر كثير من الناس وتسببت في تجارب غير سارة وجعلت كثيرين يعانون. أعتذر بصدق عن كل أوج" مما كان له إثر في تغيير وجهة نظرهم له في قيادة الحزب واعتقد انه تكتيك عسكري للدخول في معركة شرسة.

وامام إيشيبا تحديان قويان تعقد الحكومة اليابانية امالا كبيرة عليه لإنقاذ اليابان اقتصاديا وتطهير الحزب من تبعيات الفساد وفضائح المال السياسي بين أعضاء حزبه. والحفاظ على توازن الحزب بعد انقسامه بينه وبين منافسته تاكايتشي.

نستقرئ فكر إيشيبا في نظرته لإنقاذ الاقتصاد الياباني من الانكماش بعدة مؤشرات منها وعد "بالخروج الكامل" من معدلات التضخم المرتفعة في اليابان، وتعهد بتحقيق "نمو في الأجور الحقيقية". اذ تشير الإحصاءات العامة أن الأجور في اليابان لم تتغير منذ ثلاثين عاماً وارتفاع معدلات التضخم وقلة الاستثمار الأجنبي وارتفاع الين كل هذه تحديات ستبقى امام الرئيس القادم.

اما على المستوى الأمني فان إيشيبا يسعى الى تغيير التنافس بين القوى الكبرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ودعا الى تشكيل "حلف شمال الأطلسي الآسيوي"، وينظر له أيضا من الناحية الحزبية بما له من ثقل فكري وخبيرا في سياسة الامن القومي بدفاعه عن اليابان والتقليل من الاعتماد على حليفتها القوية أمريكا مما قد يؤدي الى تغيير الأجواء بين الطرفين خاصة بعد ان عارضت امريكا تصريحاته اثناء حملته الانتخابية بأنشاء حلف أطلسي اسيوي ووصفته بانها خطة متسرعة للغاية.

اما على المستوى الشخصي فان إيشيبا شخصية معروفة في السياسة اليابانية بسبب خبرته الواسعة في مجالي الدفاع والأمن القومي. يُوصف إيشيبا بأنه شخص "غير تقليدي" أو "غريب الأطوار" بين السياسيين اليابانيين، حيث يتمتع بسمعة كونه مثقفًا وخبيرًا في السياسات الدفاعية، ويُلقب بـ"نيرد الدفاع" نظرًا لاهتماماته العميقة في الشؤون العسكرية، بما في ذلك بناء نماذج للطائرات والسفن العسكرية التي يعرضها في مكتبه.

كما يُعرف عنه أيضًا نزاهته وتواضعه، مما جعله يحظى بدعم شعبي كبير، على الرغم من كونه غير محبوب بين بعض أعضاء حزبه (الحزب الليبرالي الديمقراطي) طوال حياته السياسية الى انه بنى سمعته بكونه مدافعًا عن إصلاح النظام الحزبي وبتبنيه لمواقف تدعو إلى تعاون أوسع مع جيران اليابان الآسيويين، رغم أنه يدعم تعزيز قدرات الدفاع اليابانية ضد التهديدات الإقليمية، خاصة من الصين وكوريا الشمالية.

يبقى السؤال الأهم هل ينجح إيشيبا في انقاذ الاقتصاد الياباني ويخرجها من الركود الحالي ان ذلك يعتمد على عدة عوامل، منها سياساته الاقتصادية وقدرته على معالجة التحديات الهيكلية التي تواجه اليابان. فقد أشار إلى أنه سيسعى لمواصلة إصلاحات سلفه فوميو كيشيدا، مع التركيز على تعزيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الأجور وضمان ارتفاعها فوق معدلات التضخم، وهو أمر بالغ الأهمية في بلد يعاني من تضخم منخفض ونمو اقتصادي بطيء.

كما ان إيشيبا يتبنى رؤية لتحقيق "رأسمالية أكثر عدالة" تسعى لتوزيع الثروة بشكل أكثر توازنًا بين الطبقات المتوسطة، وهو موضوع لطالما أثير في النقاشات الاقتصادية اليابانية خاصة مع تفاقم الفجوة بين المدن الكبرى والمناطق الريفية. ومع ذلك، لا يزال التحدي الأكبر لإيشيبا ان اليابان تواجه معضلات كبيرة مثل شيخوخة السكان وتباطؤ النمو السكاني، مما يزيد من الضغط عليه لتحقيق نتائج فعالة.

بالإضافة إلى ذلك، سياسات إيشيبا الدفاعية والعلاقات الخارجية يمكن أن تؤثر على مناخ الأعمال والاستثمار، خاصة مع دعوته لتعزيز الاستقلال الدفاعي لليابان وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. هذا قد يثير توترات دولية تؤثر على البيئة الاقتصادية المحلية

بناءً على ذلك، ان نجاح إيشيبا في إنقاذ الاقتصاد الياباني يعتمد على قدرته على مواجهة هذه التحديات المعقدة، وتطبيق إصلاحات هيكلية طويلة الأجل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام يتجاوز الأزمات الحالية.

وخلاصة القول ان إيشيبا على الرغم انه لم يحظى بدعم زملاءه في الحزب الا انه انتزع الفوز من منافسته القوية ساناي تاكايتشي لأسباب مهمة ارتكزت على محاور رئيسيه هامة:

1.دعم القاعدة الشعبية: على الرغم من أنه ليس دائمًا محبوبًا بين بعض أعضاء حزبه إلا أن إيشيبا لديه دعم قوي بين أعضاء الحزب العاديين والجمهور. شعبيته بين الجمهور تنبع من صورته كسياسي نزيه وصريح، بعيدًا عن الفضائح التي أثرت على سمعه الحزب في السنوات الأخيرة

2.إصلاحات اقتصادية وعدالة اجتماعية: خلال حملته الانتخابية، ركز إيشيبا على "رأسمالية أكثر عدالة"، وهي رؤية تهدف إلى توزيع الثروة بشكل أفضل وزيادة الأجور بما يتناسب مع التضخم. هذه السياسات التي تستهدف الطبقات المتوسطة والمناطق الريفية التي تضررت اقتصاديًا ساعدته على كسب تأييد شعبي واسع

3.مواقفه الأمنية والدفاعية: إيشيبا معروف بأنه خبير في السياسة الدفاعية، ودعا إلى تعزيز قدرات اليابان الدفاعية وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. هذا الطرح لاقى دعمًا من الذين يرون ضرورة اتخاذ موقف أقوى تجاه التحديات الأمنية الإقليمية مثل الصين وكوريا الشمالية

4.الشفافية والنزاهة: في ظل سلسلة من الفضائح السياسية التي طالت الحزب الليبرالي الديمقراطي في السنوات الأخيرة، قدم إيشيبا نفسه كخيار نزيه وشفاف. هذا جعله يبدو وكأنه يمثل تغييرًا إيجابيًا للحزب.

باختصار، ان نجاح إيشيبا جاء نتيجة مزيج من دعمه بين الشعب ووعوده بالإصلاحات الاقتصادية، بجانب مواقفه القوية في القضايا الدفاعية والشفافية السياسية.

 

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير