30 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزة
جو 24 :
كثيرة هي القصص الحزينة التي تغرق قطاع غزة الذي يعيش منذ عام حرب إبادة لقي فيها حتى الآن -بحسب الأرقام الرسمية- حوالي 42 ألف شهيد مصرعهم، بينهم نحو 17 ألف طفل، ونحو 12 ألف امرأة، وحوالي 2500 مسنّا.
وفي زحمة الأحداث الكبرى التي تشهدها المنطقة التي تعيش على شفا حرب إقليمية ستأكل الأخضر واليابس إذا اندلعت، واغتيال القيادات البارزة لحركات المقاومة، والقصف الإيراني الثاني لإسرائيل، وتهديد إسرائيل بالرد، وتعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة، تكاد تنسى تلك القصص الصغيرة الحزينة، التي تحرك العالم وإن بدت بسيطة، وتظهر الوجه الحقيقي البشع لحرب الإبادة تلك.
وفي ظل استحالة حصر كل المشاهد الحزينة بالقطاع المنكوب، نقدم فيما يلي 30 من مشاهد حرب الإبادة المستمرة ربما تعكس بعض معاناة أهل غزة المستمرة منذ عام.
1- أسماء على الأطراف لتجمع في كفن واحد
في كل بلاد الدنيا، يمسك الآباء أطفالهم الصغار للعب معهم، دفعا وقرصا وضربا خفيفا وسط صيحات وضحكات، لكن في غزة، تصارع الأم أو الأب مشاعر الأبوة المتدفقة للإمساك بقلم لكتابة أسماء أطفالهم على أطراف أجسادهم الغضة.
حتى إذا استشهدوا بقصف صواريخ أميركية من زنة ألف طن، يجد المنقذون بعض أطرافهم المشتتة هنا وهناك وهنالك، فيجمعونها في كفن واحد، أو مع أجزاء أخرى من أطراف أجساد تحمل التوقيع الحزين نفسه.
وكثيرة هي المقابر الجماعية في قطاع غزة التي تحوي قبورا مجهولة، تضم أطرافا لأجساد مختلفة جمع بينها القصف الإسرائيلي بأسلحة أميركية.
2- وإذا الخدج سئلوا بأي ذنب قتلوا
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى للأطفال بشمال قطاع غزة كان اسمه مستشفى النصر، وطردت طاقمه من الأطباء والممرضين وحتى المرضى.
المثير أن قوات الاحتلال منعت الأسر من نقل أطفالها الخدج الذين كانوا في العناية المركزة؛ مما اضطر تلك الأسر تحت التهديد بالقتل إلى ترك فلذات أكبادها لمصيرها.
بعد أربعة أيام، انسحب الجيش الإسرائيلي، وعاد الأطباء إلى المستشفى، فوجدوا جثث الخدج وقد تحللت على الأسِرّة.
قبلها بأيام، كانت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة قد أعلنت أن 39 رضيعا بقسم العناية في مجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة مهددون بالوفاة جراء انقطاع الأكسجين.
لا توجد أرقام دقيقة عن وفيات الأطفال الخدج، لكن المؤكد أنه إلى حدود الأربعاء استشهد أكثر من 16891 طفلا فلسطينيا (من أصل 41615 شهيدا)، وهذه الإحصائية الفلسطينية الرسمية لا تشمل الأطفال الذين لا يزالون تحت الأنقاض ولم تنتشل جثثهم بعد.
3- ريم روح الروح
كان اسمها ريم، وعمرها أوقفته صواريخ الاحتلال عند العام الثالث، كانت تعيش حياتها بسعادة مع أخيها طارق كأي طفلة عادية في أي بقعة من العالم. لكن في إحدى ليالي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قصفت قوات الاحتلال بيتهم في قطاع غزة، فانهار على الجميع، وارتقت ريم شهيدة مع أخيها طارق.
نجا جدها وصديقها خالد نبهان (أبو ضياء) من موت محقق برفقة زوجته وعدد من أفراد أسرته، وأنقذ من تحت الركام، ثم سرعان ما ظهر على مقطع فيديو وهو يعانق الشهيدة ريم ويخاطب الناس قائلا "هذه روح الروح".
انتشر المقطع انتشار النار في الهشيم في كل مناطق العالم، وأبكى الملايين في القارات كلها، وسرعان ما تلته مقاطع فيديو أخرى بعضها يظهر الجد خالد نبهان وهو يلعب مع حفيديه ريم وطارق، وبعضها يشرح فيه الجد كيف كان يلاعب حفيديه، ويستمتع بشغبهما.
وفي أحد تلك المقاطع يحكي أبو ضياء كيف أن ريم خاطبته ساعات قليلة قبل استشهادها في شغب ودلال "هل ما زلت تتذكر الموز يا جدي؟ هل ما زلت تذكر البطيخ؟". وكان قد مضى نحو شهرين لم تتذوق فيهما ريم أي نوع من أنواع الفواكه.
حتى حبة "الكلامنتين" الصغيرة (البرتقال) التي جلبها لها جدها حرمتها الصواريخ منها، وظلت لأيام لا تغادر جيبه.
رزق أبو ضياء في يوليو/تموز الماضي بحفيدة جديدة أطلق عليها اسم "روجاد"، ومعناه "وقت صلاة الفجر".
4- عوني الدوس "المهندس الصغير"
عوني، طفل فلسطيني من غزة لم يتجاوز 13 عاما من عمره، كان حلمه أن يصبح صاحب قناة ناجحة على موقع يوتيوب، وأن يصبح عدد المشتركين في قناته 100 ألف مشترك، أو ربما 500 ألف، أو مليونا، أو 10 ملايين، أو أكثر.
كان يلقب بـ"المهندس الصغير" لعشقه للحاسوب والإنترنت والألعاب الإلكترونية، كما اشتهر داخل مدرسته بحبه للاكتشافات العلمية، والكل كان يتوقع له مستقبلا زاهرا.
لكن صواريخ الاحتلال كان لها رأي آخر، إذ كان بيت عوني من أوائل البيوت التي قصفت في الأسبوع الذي تلا طوفان الأقصى، وانضم عوني الدوس لقافلة الأطفال الشهداء في غزة.
وسرعان ما انتشرت مقاطع الفيديو الخاصة به بعدما وجدت طريقها إلى مشاهير التواصل الاجتماعي، وحقق الشهرة التي كان يحلمها بها، وإن بعد استشهاده، ولا شك أنه سعيد بها الآن.
5- شاب مصاب بمتلازمة داون وبالتوحد تنهشه الكلاب
اسمه محمد بهار، وهو شاب فلسطيني عمره 24 عاما، كان مصابا بمتلازمة داون، وتحكي أمه أنه أصيب في آخر عمره بالتوحد؛ مما زاد أوضاعه الصحية تعقيدا.
كانت أمه تغير له ملابسه، وتنظفه، ولا يكاد يأكل ولا يشرب إلا من يدها، ولا يتحرك إلا بمساعدة أفراد أسرته.
إعلان
في 3 يوليو/تموز داهمت قوات الاحتلال أسرته في غزة بعد أيام طويلة من القصف المكثف لكل المنطقة، وتحكي الأم أن أفراد الأسرة تجمعوا في بيت صغير خوفا من رصاص الاحتلال، في حين بقي محمد داخل الصالة وهو الذي لا يستطيع أن يهرب أو أن يجري.
الشاب محمد بهار المصاب بـ"متلازمة داون"
وسرعان ما اقتحم البيت كلب مدرب على القتل، فبدأ يمزق جسد محمد المصاب بمتلازمة داون والتوحد، وهو يخاطبه "خلاص يا حبيبي خلاص"، والدماء تملأ الكرسي الذي كان يجلس عليه.
منع جنود الاحتلال الأم المكلومة من إنقاذ ابنها، ثم أكدوا لها أنهم جلبوا له طبيبا عسكريا خاصا، وطلبت منهم منحه ماء ليشرب وقد سمعت صوته المقهور يسأل ماء ليشرب، فأكدوا لها مرة أخرى أنه شرب وارتاح.
بعدها انقطع صوت محمد الذي كان يأتي خافتا من الصالون، وصعقها أحد الجنود بقوله "محمد، خلاص". ولم يكذب الجندي الإسرائيلي، فقد ارتاح محمد فعلا، وانتقل شهيدا ليلتحق بأبيه الشهيد.
6- "هي أمي بعرفها من شعرها"
في كل بقاع الدنيا يتعرف الأطفال على أمهاتهم، من خلال وجوههم، وصورهم أو أصواتهم. لكن في غزة الحكاية مختلفة قليلا.
في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لطفلة فلسطينية تصرخ من أعماق قلبها بأنها تعرفت على أمها، وشرعت تطلب من الطاقم الطبي تركها لترى أمها، أو ما بقي منها.
وبرغم المحاولات الحثيثة للطاقم الطبي لثنيها عن ذلك بدعوى أنها ليست أمها وأن الأمر يتعلق بسيدة تشبهها، واصلت الطفلة صراخها وبكاءها الحارق "هي أمي، بعرفها من شعرها"!.
ولم تفتأ الطفلة تصرخ وتبكي أمام خيمة المسعفين "والله ما بقدر أعيش من دونك يما، يما ليش يما"، وتطلب من المسعفين تركها لتلقي نظرة أخيرة على جثمان أمها.
مضت الطفلة المكلومة تعدد الشهداء من عائلتها، جدها وجدتها وعمتها وأولاد عمتها، وها هو الاحتلال يقتل أمها وأختها، وبين كل دمعة حارقة وأخرى تطلب تركها ترى أمها، فقد عرفتها مما بقي من شعرها، وهل يكذب شعر الأم؟
7- جثمان التصق بالجدار وبالذاكرة
اسمها سيدرا حسونة، عمرها كان 7 سنوات، هُجّرت من بيتها برفقة أسرتها من شمال غزة، وانطلق الجميع إلى رفح التي ظن الكثيرون أنها ملجأ آمن من قصف الاحتلال الذي لا ينتهي حتى يبدأ.
في فبراير/شباط الماضي، صعق العالم لانتشار صورة لجثمان الطفلة سيدرا وقد التصق ما بقي من جسدها بأحد الجدران، على إثر قصف إسرائيلي مكثف قتل أمها وإخوتها الصغار وعددا من أقاربها.
استشهدت سيدرا، وهي من أقارب سفير فلسطين في بريطانيا حسام زملط، وانتشرت صورتها عبر ربوع العالم.
ورثتها الشاعرة البريطانية لوسي كوتس بقصيدة حزينة، مثلما رثاها موسيقون بمقاطع موسيقية حزينة.
وقد حرصت أمهات غربيات على شراء لباس مماثل لذلك الذي كانت ترتديه سيدرا في بعض مقاطع الفيديو التي كانت تظهر فيها سعيدة فرحة بالحياة، وألبسنه بناتهن تخليدا لذكرى الشهيدة الصغيرة.
8- "الولاد ماتو بدون ما ياكلو"
في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظهر مقطع لسيدة فلسطينية بساحة أحد مستشفيات غزة، وقلبها فارغ إلا من صور أبنائها الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي بصواريخ تزن الأطنان.
بدت الأم تمشي على غير هدى وهي تنظر إلى الفراغ وتخاطب الفراغ "الولد اختفى من بين أيديا ومات، الأولاد وين؟ حدا يطمني على الأولاد".
لكن لم يكد أحد من المحيطين بها يلتفت إليها أو يطمئنها على فلذات كبدها، وهي تتحرك جيئة وذهابا لا تنتظر جوابا من أحد، حيث تابعت صارخة "يكفي يا عالم يكفي، أحنا ناس غلابة".
وما سيخلد في ذاكرة كل من شاهد الفيديو تلك الصرخة المؤلمة التي صاحت بها الأم المكلومة قائلة "الأولاد ماتوا من دون ما ياكلوا، يشهد علي الله الأولاد ماتوا من دون ما ياكلوا، يشهد علي الله الأولاد ماتوا من دون ما ياكلوا".
لقد استشهد الأطفال وهم جوعى.
9- "عمّو أنا زعلانة كتير"
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتشر مقطع فيديو هز كل من رآه، ظهرت فيه طفلة صغيرة جريحة داخل المستشفى وهي تخاطب المسعف قائلة "عمو أنا زعلانة كتير أنا خايفة على ماما، بدي ماما كتير وتيتة".
صرخت وبكت وكررت شكواها، والمسعف يحاول علاج جرحها، ولا تكاد تسعفه وسيلة لمداواة جرحها النفسي الذي لن يبرأ أبدا.
يحتضنها الطبيب لكنها لا تأبه لأحد، كل ما يهمها الآن أن يطمئنها أحدهم على أمها، لذلك لم تتوقف عن الصياح باكية "أنا خايفة على ماما وتيتة".
10- طفل يغطي وجه أخيه الشهيد
في العاشر من يونيو/حزيران برزت قصة حزينة أخرى لأسرة فلسطينية في غزة، حيث انطلق الأب حاملا جثمان طفله الشهيد ليدفنه، وهو منظر أصبح عاديا في غزة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
لكن ما ليس عاديا هو مسارعة الطفل -أخي الشهيد- لوضع يديه حاجزا بين الشمس الحارقة وبين وجه أخيه الذي بدا كالنائم في حضن أبيه المكلوم.
منظر مؤلم سيبقى خالدا في ذاكرة كل من رآه.
11- هند رجب "تعالي أمي خذيني إليك"
في أواخر يناير/كانون الثاني، وفي محيط "دوار المالية" بحي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، كانت سيارة مدنية تجوب المكان، وداخلها مواطن اسمه بشار حمادة وبرفقته زوجته وأطفاله محمد (11 عاما) وليان (14 سنة) ورغد (13 عاما) وابنة شقيقته الطفلة هند (6 سنوات).
أمطر جنود الاحتلال السيارة بوابل من الرصاص، فاستشهد كل من فيها على الفور، باستثناء ليان وهند. بادرت ليان بالاتصال بالنجدة، وظلت تتواصل معهم في قهر ورعب شديدين، وسرعان ما انقطع صوتها وهي على الخط مع فريق الإنقاذ، بعدما اخترق رصاص الاحتلال جسدها.
الطفلة هند التي بقيت محاصرة داخل مركبة اطلق الاحتلال النار على كل من فيها فاستشهدوا جميعا ( 6 افراد )
الطفلة الشهيدة هند رجب (مواقع التواصل)
بقيت الطفلة هند ذات السنوات الست لوحدها حية في سيارة مليئة بجثث أقاربها، وتواصلت مع أمها طالبة إنقاذها من هذا الجحيم. انقطع الاتصال مرة أخرى، وبقي مصير هند مجهولا لـ12 يوما كاملة، وكبد أمها محترقة عليها، ومعها أكباد كل من سمع صوت ليان وصوتها وهما تطلبان النجدة.
وفي العاشر من فبراير/شباط أكد الهلال الأحمر الفلسطيني العثور على جثامين شهداء المركبة وبينهم جثة الطفلة هند، كما أكد العثور على جثماني مسعفين بعد فقد أثرهما بمهمة إنقاذ الطفلة، وقال إن الاحتلال تعمد استهداف مركبة الإسعاف على بعد أمتار من مركبة عائلة الطفلة هند.
وسيبقى صوت هند يرن في الآذان كلما ذكرت حرب إبادة غزة، وصرخات أطفالها وبكائهم من صواريخ أتت من بلدان "العالم الحر".
12- تالا أبو عجوة صاحبة حذاء التزلج الوردي
تالا، طفلة من غزة عمرها 10 سنوات، كانت تحلم بأن تصبح طبيبة أسنان عندما تكبر، وكانت تعشق الرسم والسباحة، وكذلك التزلج بالشارع.
اندلعت حرب إبادة غزة، ونزحت تالا مع أسرتها عدة مرات، في محاولة للنجاة من صواريخ إسرائيلية لا تفرق بين صغير وكبير.
قبل نحو شهر، أرادت تالا أن تخرج للعب مع رفيقاتها وتسرح وتمرح في الشارع بحذاء تزلجها الوردي الجميل، لكن أمها رفضت خوفا من القصف الإسرائيلي، فما كان من تالا إلا أن ضغطت كما يفعل الأطفال، فرضخت الأم خاصة بعدما تدخلت إحدى الجارات لإقناعها، كما تداولت منصات التواصل الاجتماعي.
لكن تالا كانت على موعد مع الشهادة حيث حرمتها صواريخ الاحتلال من المرح قليلا وسط دمار الحرب، وظهرت تالا في مقطع فيديو شهيدة، وحذاء التزلج الوردي يزين رجليها الصغيرتين، لتخلد كصورة حزينة مؤلمة من صور حرب الإبادة الجارية.
13- "يوسف، شعره كيرلي، وأبيضاني وحلو"
اسمه يوسف، وعمره لم يتجاوز 7 سنوات، جمع أسرته في صباح 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وطلب منهم حضنا أسريا جماعيا لم يكن يعتقد لا هو ولا والداه أنه سيكون الحضن الأخير.
أبوه يشتغل طبيبا، ومنذ اندلاع حرب إبادة غزة، كان يقضي كل الوقت داخل المستشفى في خدمة ضحايا القصف الإسرائيلي العنيف المستمر.
في ذلك اليوم الحزين، دخل الأب إلى المستشفى ليبحث عن ابنه وعن أفراد من أسرته قيل إنهم نقلوا إليه بعد القصف، ففهم كل شيء من نظرة زميل له يعرف ابنه.
بحث في كل مكان داخل المستشفى، وبدا وكأنه لا يشعر بمن حوله، وسرعان ما تأكد من وجود ابنه "الأبيضاني الحلو"، في المشرحة وقد لقي مصرعه في القصف برفقة أبناء عمه وأفراد من عائلته.
اكتفى الأب بالبكاء وترديد "الحمد لله وحسبنا الله ونعم الوكيل"، أما الأم فكانت تسأل عن مصير ابنها وتدلهم على أوصافه قائلة "يوسف، شعره كيرلي، وأبيضاني وحلو".
بدت هذه اللوحة الإنسانية مؤلمة حزينة تُبكي من يراها، حيث دخلت الأم في نوبة بكاء حارق وهي تصيح وتطلب ممن حولها أن يتركوها تراه، وكان صراخ شقيقه وبكاؤه يصمّ الآذان، وسيظل صداه يتردد في ذاكرة كل من شاهد الفيديو إلى الأبد.
14- قتل واغتصاب وتعذيب الأسرى
بادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الاقتحامات الأولى لمدن وبلدات قطاع غزة إلى اعتقال عدد كبير من الفلسطينيين، فكانت تجمع الرجال منهم في ساحات محددة، وتجبرهم على نزع ملابسهم والبقاء شبه عرايا.
ظهور صور ومقاطع فيديو لتلك المشاهد أثار ضجة كبرى عربيا وعالميا، لكن من دون تأثير حيث استمرت إسرائيل في ممارساتها المعادية لحقوق الإنسان، ونقلت الأسرى إلى مراكز اعتقال، لعل أشهرها معتقل سدي تيمان.
وأثبتت الجمعيات الحقوقية معاناة المعتقلين مختلف صنوف التعذيب من اغتصاب وضرب مبرح؛ مما تسبب في استشهاد عدد منهم، وإصابة بعضهم بعاهات دائمة وحالات نفسية قاسية.
15- "بتنتقمو منا في الأولاد.. معلش"
في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قصف الاحتلال الإسرائيلي بيت مدير مكتب الجزيرة في قطاع غزة، الزميل وائل الدحدوح، الذي أصبح يمثل بالنسبة للمشاهد العربي أيقونة الإعلام الجاد والمهني في القطاع المحاصر.
لطالما ألفته الوجوه متحدثا عن شؤون أهل غزة في حياتهم اليومية، سواء تحت الحصار، أو تحت القصف، وفي كل تلك الأجواء كان دائما يحرص على إيصال المعلومة الصحيحة المحايدة بغض النظر عن الظروف القاسية في القطاع المحترق.
لكن قوات الاحتلال لا تريد للمعلومة الصحيحة أن تصل، ولا تريد أن يعلم العالم المذابح اليومية التي ترتكبها في قطاع محاصر منذ نحو عقدين، فأرادت أن توصل الرسالة إلى كل الصحفيين عبر استهداف الأيقونة.
في ذلك اليوم المؤلم، قتل الاحتلال زوجته وابنه وابنته بغارة على مخيم النصيرات وسط القطاع. وشاهد العالم كيف ذهب وائل ليحتضن الشهداء ويصلي عليهم، مثلما شاهد كيف عاد لينقل الحقيقة مباشرة بعد المأساة، بعد أن نطق بآهته الشهيرة "بينتقموا منا في الأولاد؟.. معلش".
ولم تمر أيام حتى استهدفه الاحتلال رفقة زميله المصور سامر أبو دقة أثناء محاولتهما نقل صور الدمار التي خلفها قصف إسرائيلي على مدرسة في خانيونس، مما أدى إلى إصابة وائل بجروح متفرقة، واستشهاد زميله المصور سامر.
ولأن الاحتلال يصر على إسكات صوت الحقيقة، ولأن أصحابها يصرون على إيصالها إلى العالم، فقد قتل الاحتلال الشهيد الصحفي حمزة وائل الدحدوح في 7 يناير/كانون الثاني 2024، باستهدافه بصاروخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة قصفت سيارة كان يستقلها مع الصحفي مصطفى ثريا في منطقة المواصي جنوبي غربي قطاع غزة.
وقد انضم الصحفيان إلى قافلة شهداء الحقيقة وبينهم الزميل مراسل الجزيرة إسماعيل الغول وزميله المصور رامي الريفي اللذين قتلا مساء الأربعاء 31 يوليو/تموز 2024 في مخيم الشاطئ بمدينة غزة وهما يشاركان في تغطية أصداء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية في طهران.
وقد وصل عدد الشهداء من الإعلاميين في قطاع غزة المنكوب حتى الآن -بحسب أرقام وزارة الصحة الفلسطينية- إلى 174 صحفيا على الأقل.
16- الميركافا والياسين
من المشاهد التي تحظى بمتابعة حثيثة في حرب إبادة غزة، مشاهد تفجير دبابات الميركافا الإسرائيلية.
يعتبر جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه الدبابة من أيقونات صناعاته الحربية المتطورة، فهي مصممة لتكون أداة حرب متنوعة تؤدي مجموعة وظائف عسكرية في وقت واحد، ولذلك تبلغ تكلفة إنتاجها أكثر من 6 ملايين دولار.
وأظهرت مقاطع فيديو عديدة مقاومين بفصائل المقاومة وفي مقدمتهم كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) وهم يخرجون من الأنفاق ويضعون ألغاما متفجرة مصنوعة محليا على هذه الدبابة المتطورة التي يفترض أنها تكاد تحصي أنفاس من يحيط بها على بعد كيلومترات.
لكن هؤلاء المقاومين يخرجون ويضعون الألغام ويبتعدون عنها بسرعة قبل أن تنفجر الميركافا وتتطاير شظاياها في الهواء.
ومعها تتطاير سمعة الصناعة العسكرية الإسرائيلية التي دمرتها أيضا قذائف "الياسين" التي أصبح اسمها يتردد على كل لسان بعدما أثبتت فعالية كبرى في التعامل مع الدبابات والعربات العسكرية الإسرائيلية.
17- "ما تعيطش زلمة، كلنا مشاريع شهداء"
لا يكاد أحد يعرف اسمه، لكن صورته وصوته وما قاله كل ذلك محفوظ في ذاكرة من شاهدوا مقطع فيديو ظهر فيه هذا الرجل الفلسطيني الذي فقد ابنه البكر شهيدا في غزة، لكن المأساة أظهرت ثباتا غريبا أثر فيمن رآه.
بدا هذا الرجل الفلسطيني داخل مستشفى بغزة يثبّت ذوي شهداء ويخاطب أحدهم بأن يكون رجلا، ويطلب منه ألا يبكي، فالكل مشاريع شهداء، ويقول له هذا الشهيد الذي تبكيه الآن سيأخذ بيدك غدا ويدخلك إلى الفردوس الأعلى، فالشهيد يشفع في 70 شخصا.
"ما تعيطش يا زلمة" ستبقى صرخة محفورة في الذاكرة، تُثَبّت الجميع وليس فقط ذوي الشهداء.
18- بروباغاندا دانيال هاغاري
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطل الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري ببذلته العسكرية الميدانية وخوذته والسترة الواقية من الرصاص، من داخل مستشفى الرنتيسي للأطفال بقطاع غزة، وبدأ يتحدث عن أدلة تثبت استغلال حركة حماس لقبو المستشفى كمقر عسكري.
وذلك في محاولة منه لتبرير قصف الاحتلال للمستشفيات الذي كان في البداية يثير بعض قلق "المجتمع الدولي"، قبل أن تصبح عادية بالنسبة إليهم تسوية المستشفيات والمساجد والكنائس والمنازل بالأرض.
لكن الدعاية الإسرائيلية بمستشفى الرنتيسي أتت بنتائج عكسية تماما، وجعلت من هاغاري موضوعا دسما للسخرية في منصات التواصل الاجتماعي عبر العالم.
أبرز مشهد ظهر فيه هاغاري وكان مثيرا لسخرية العالم هو ذلك الذي بدا فيه وهو يشير إلى أيام الأسبوع محررة باللغة العربية، مؤكدا أنها أسماء قائمة "إرهابيي حماس" الذين يتناوبون على حراسة "المقر العسكري" المزعوم.
19- المثلث الأحمر المقلوب
في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أفاد موقع ذا إنترسبت الأميركي أن شركة ميتا تفرض قيودا على استخدام رمز المثلث الأحمر المقلوب، الذي يشير إلى عمليات كتائب القسام ضد جيش الاحتلال وذلك على منصاتها: فيسبوك وإنستغرام وواتساب.
وقد انتشر المثلث الأحمر على الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي، وأصبح مرتبطا بعمليات المقاومة، حتى إن تلك المثلثات التي توجد على المصاعد وداخل المستشفيات وفي كل المؤسسات أصبحت تذكر الناس بما تقوم به المقاومة الفلسطينية.
وبدأ كثيرون يعبرون عن دعمهم للمقاومة بنشر كل مثلث يصادفونه على حساباتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، حتى إن أحدهم نشر قطعة من بيتزا على شكل مثلث، وتحدث بشغف عن لذتها.
وهو ضع أقلق الجهات الغربية والشركات الكبرى التي تمتلك وسائل التواصل الاجتماعي؛ فشرعت تضيّق على كل المثلثات الحمراء المقلوبة، وهي التي لم تكفّ يوما عن التضييق على الحسابات التي تدعم قضية فلسطين أو تنتقد إسرائيل، وتحذف كل المنشورات التي تدخل في هذا الإطار.
بل إن الأمر وصل إلى درجة إغلاق كثير من الحسابات التي تؤيد الضحايا بحجة مخالفتها لقوانين النشر لدى تلك المنصات.
20- "ولّعت"
اسمه عاهد عدنان أبو ستة، وكان قد ظهر في مقطع فيديو شهير يصرخ "ولّعت" بعد تدميره دبابة إسرائيلية وهو يقفز فرحا: "ولّعت"، في إشارة إلى احتراق الدبابة.
الفيديو نشرته سرايا القدس -الجناح العسكري لـحركة الجهاد الإسلامي– وانتشر انتشار النار في الهشيم، وأصبح من علامات حرب إبادة غزة.
وفي أحد أيام يناير/كانون الثاني، نقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي نبأ استشهاد عاهد بعد قصف الاحتلال مجموعة من الأهالي قرب مسجد فلسطين بمعسكر خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتُخلّد صرخة "ولّعت" والقفزة الشهيرة إلى الأبد بدماء قائلها.
21- "حلل يا دويري"
في أحد أيام ديسمبر/كانون الأول استهدف عضو بكتائب القسام قوات الاحتلال الإسرائيلية بقذيفة مضادة للتحصينات بمنطقة جحر الديك شرقي المحافظة الوسطى في القطاع، ثم ما لبث أن صرخ "حلل يا دويري".
واللواء فايز الدويري، هو محلل الشؤون العسكرية على قناة الجزيرة، ودأب على تحليل مجريات حرب إبادة غزة، وعمليات المقاومة الفلسطينية.
وقد علق الدويري على دعوة المقاوم الفلسطيني بتأثر قائلا "إذا سألتني عن شعوري وإحساسي أقول لك: لقد قُلّدت أجمل وسام كنت أحلم بوضعه على صدري، أن أنادى من قلب المعركة حلل يا دويري، هذه شهادة أفتخر وأعتز بها، أن ما قدمته يتماشى مع الحدث وإن كان لا يرقى إلى مستواه".
22- ما سر ثبات أهل غزة؟
قُتل الآلاف، أطفالا ونساء وشيوخا، وهدمت البيوت فوق رؤوس أصحابها، ودمرت البنية التحتية وسويت كل المباني بالأرض، لكن أهل غزة كانوا يخرجون من تحت الركام وهم يحمدون الله ويتعهدون بالصبر حتى انتهاء هذه المأساة، مؤكدين لصواريخ إسرائيل وداعميها الغربيين -وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية- أنهم لن يستسلموا مهما لحقهم من ضرر.
ثبات غريب ظهر في مقاطع الإبادة وخاصة على منصة تيك توك الصينية، التي سمحت -على الرغم التضييقات التي تمارسها- بنشر مقاطع فيديو كثيرة جعلت الغربيين -لأول مرة- يشاهدون بشكل واضح حرب الإبادة الجارية دون تعتيم.
هذا الثبات جعل كثيرين يتساءلون عن السر الذي يقف خلفه، إذ لم يعتادوا رؤيته في مآسي الحياة العادية، وبالأحرى في حرب إبادة تنقل مباشرة على الهواء.
ومن بين المتسائلين كانت الشابة الأميركية ميغان رايس، التي سرعان ما أطلقت حملة لقراءة القرآن الكريم بحثا عن جواب عن سر الثبات.
شارك في الحملة آلاف الأميركيين، وكثير منهم اعتنقوا الإسلام، وفي مقدمتهم ميغان التي سرعان ما تحجبت، وانخرطت في حملة دعم لضحايا حرب غزة وقضايا العالم العادلة.
23- يهود: ليس باسمنا !
كليوس وورلد، أندروميرو، كيت، هي أسماء لحسابات مواطنات أميركيات من الديانة اليهودية على منصة تيك توك، دأبن على نشر مقاطع فيديو يحذرن فيها من أخطار الحركة الصهيونية على اليهود تحديدا، ويفضحن مخططات تلك الحركة وأساليب دعايتها المضللة.
بعضهن أكدن أنهن كن ضحايا لتلك الدعاية طوال سنوات، حيث شاركن في رحلات تثقيف صهيوني إلى إسرائيل، لكن مشاهد الفصل العنصري بالأراضي المحتلة جعلتهن يطرحن تساؤلات كثيرة حول مصداقية الأفكار التي يتم تغذية عقولهن بها.
وجاءت مشاهد الإبادة والتعذيب في غزة لتدفع ناشطات أميركيات من الديانة اليهودية إلى إعلان موقفهن الداعم للضحايا؛ مما جلب لهن انتقادات عديدة من طرف منظمات صهيونية.
ولم يكنّ وحدهن من طالته سهام النقد اللاذع والتهديدات، بل شملت أيضا حركات يهودية مناهضة للصهيونية وللاحتلال الإسرائيلي، ومؤيدة للسلام، حرصت على المشاركة في مظاهرات عدة داخل الولايات المتحدة نفسها ضد الإبادة الجارية في قطاع غزة.
24- "رجعوا التلامذة يا عم سام"
منذ اندلاع حرب إبادة غزة، نظم العديد من الطلاب الأميركيين في الجامعات الشهيرة أنشطة عديدة مؤيدة للفلسطينيين، ومناهضة لممارسات إسرائيل.
وتسبب أسلوب تعامل إدارة جامعة كولومبيا مع المعتصمين بالحرم الجامعي في تأجيج حركة الاعتصامات في الولايات المتحدة، حيث استدعت الإدارة الشرطة لتفريق المعتصمين؛ مما تسبب في تدخلات عنيفة تناقلتها وكالات الأنباء، وهو ما جعل الاعتصامات تنتشر وتشمل جل الجامعات الأميركية الشهيرة عالميا.
ولم تتوقف حركة التضامن الطلابية عند الحدود الأميركية، بل تجاوزتها إلى عواصم العالم الغربي وجامعاته الشهيرة، كما حدث في بريطانيا وفرنسا على سبيل المثال.
وحدثت عمليات اعتقال واسعة في صفوف الطلاب، كما اتُّهم المتظاهرون بمعاداة السامية، لكن ذلك لم يوقفهم عن إبراز مظاهر دعمهم لضحايا حرب إبادة غزة، حتى إن تلك المظاهر وصلت إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ قاطع المتضامنون عدة كلمات للرئيس جو بايدن نفسه، ومسؤولين أميركيين آخرين.
وكان موضوع غزة محورا رئيسيا في وعود المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترامب، اللذين لم يفاجآ أحدا بتحيزهما الكامل لإسرائيل.
25- بوشنل الأميركي الذي أحرق نفسه لأجل غزة
في 25 فبراير/شباط 2024، أحرق الجندي الأميركي التابع للقوات الجوية آرون بوشنل نفسه أمام مقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأميركية واشنطن، ونشر ذلك عبر بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي.
ودع آرون أصدقاءه المقربين بطريقة غير مباشرة، حيث أرسل إلى صديق له رسالة قبل يوم من الحادث قال فيها: "آمل أن تفهم، أحبك، وربما هذا لا معنى له، لكني أشعر أنني سأفتقدك".
كما لم ينس أن يعطى جاره قطته التي كان يملكها ليعتني بها.
وقال أصدقاء لبوشنل إنهم تحدثوا معه عن الفلسطينيين، وتقاسموا معه نفورهم المشترك من دور الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال بوشنل، الذي كان يرتدي زي القوات الجوية الأميركية، إنه "لن يكون متواطئا بعد الآن في الإبادة الجماعية" في غزة، وصرخ قائلا: "الحرية لفلسطين" وهو يحترق حتى جثا على الأرض، وبعدها بساعات توفي في المستشفى متأثرا بحروق خطيرة.
وأثارت وفاته والرسالة التي وجهها وهو يحترق غضبا وسط جنود أميركيين، كما حمل بعض أهل غزة صورته وهم بين الركام مؤكدين أنهم لن ينسوا أبدا بوشنل، الأميركي الذي احترق لأجلهم.
26- الشهيد الساجد
في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 نشرت إسرائيل مقطع فيديو من مسيّرة تتابع خطوات مقاوم من كتائب القسام، وهو متوجه لتنفيذ عملية وبيده سلاحه.
وأظهر الفيديو المقاوم وهو يعاني من إصابة بليغة والدم ينزف من ظهره، ثم ما لبث أن تحامل على نفسه ليلقى ربه وهو ساجد، فيبعث على مات عليه.
وجاء الفيديو بنتائج عكس ما كانت تريده إسرائيل، حيث انتشر المقطع بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى القنوات الفضائية، وغبط الجميع الشهيد على ميتته.
للإشارة، الشهيد هو تيسير أبو طعيمة، وأكد فلسطينيون على منصات التواصل الاجتماعي أنه عضو قيادي بكتائب القسام.
27- رضيع مات جوعا
في 25 فبراير/شباط، توفي الرضيع محمد فتوح البالغ من العمر 45 يوما داخل مستشفى الشفاء شمالي قطاع غزة نتيجة نقص حاد في التغذية بسبب الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل.
وأظهر الفيديو والد الرضيع يشكو -باكيا- من انعدام حليب الأطفال، قائلا "لم أجد له علبة حليب واحدة في كل أنحاء غزة".
استشهد محمد قبل أن يشهد خراب مجمع الشفاء الذي دمرته إسرائيل في أواخر مايو/أيار، وارتكبت فيه مجازر بشعة.
ولائحة الشهداء الرضع الجوعى ما تزال مفتوحة تحت عين العالم.
28- "اتركوا سالي معي"
اسمها إيناس أبو معمر، وهي امرأة فلسطينية من قطاع غزة، سرعان ما انتشرت صورة لها التقطها مصور وكالة رويترز، وهي تحتضن جثمان ابنة أختها سالي البالغ عمرها 5 سنوات، التي قُتلت بغارة إسرائيلية، في مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب قطاع غزة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقالت إيناس: "فقدت وعيي عندما رأيت الفتاة، فأخذتها بين ذراعي. طلب مني الطبيب أن أتركها، لكنني أخبرتهم أن يتركوها معي".
كان مصور رويترز محمد سالم في خان يونس في ذلك اليوم في مشرحة مستشفى ناصر، فالتقط الصورة التي فازت بجائزة أفضل صورة صحفية عالمية لعام 2024.
29- قطتي الجميلة لا تأكلي جثتي
لم تسلم الحيوانات الأليفة من قصف الاحتلال المستمر منذ عام، واشتهرت عدة مقاطع فيديو لأطفال من غزة وهم يحملون معهم قططهم خلال رحلات النزوح المستمرة، حتى تجمعهم النجاة أو الشهادة.
كما ظهرت مقاطع عديدة لقطط مرتعبة من الخوف، وأخرى تخرج من تحت الأنقاض جريحة كسيرة، ومن الفيديوهات التي حظيت بإقبال شديد فيديو لطفلة توصي قطتها بأن لا تأكل جثثهم إذا استشهدوا.
30- كيف تلقي هنية نبأ استشهاد أبنائه وحفيدتيه؟
في العاشر من أبريل/نيسان كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يزور جرحى غزة بأحد مستشفيات قطر.
وسرعان ما ظهر في مقطع فيديو وهو يتلقى نبأ استشهاد 3 من أبنائه وحفيدتيه بصبر ورباطة جأش، وقال لحظة سماعه للخبر "ربنا يسهل عليهم".
وأصرّ هنية على الاستمرار في زيارته للجرحى بعد تلقيه نبأ استشهاد أبنائه وأحفاده.
وفي أول تعليق له على حادث الاغتيال، قال إسماعيل هنية، في مقابلة مع الجزيرة، "أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الـ3 وبعض الأحفاد.. بهذه الآلام والدماء نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا".
وأردف "الاحتلال يعتقد أنه باستهداف أبناء القادة سيكسر عزيمة شعبنا.. نقول له إن هذه الدماء لن تزيدنا إلا ثباتا على مبادئنا وتمسكا بأرضنا".
وسرعان ما التحق بهم شهيدا في 31 يوليو/تموز 2024 في العاصمة الإيرانية طهران، وقالت حماس في بيان إن رئيس الحركة "قضى إثر غارة صهيونية غادرة على مقر إقامته في طهران".
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي