حجم النيران وموازين القوى العسكرية بين إيران وإسرائيل
جو 24 :
وضعت الضربة الصاروخية التي وجهتها إيران إلى مناطق مختلفة في إسرائيل مساء الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024 العالم في حالة ترقب لما سيسفر عنه هذا الهجوم من ردة فعل إسرائيلية قد تفتح الباب على مصراعيه أمام تمدد للصراع في الشرق الأوسط يجر إلى حرب إقليمية واسعة.
وأمام هذه التكهنات باتت دوائر إستراتيجية حول العالم تستحضر سيناريوهات الحرب وتعقد مقارنات بين موازين القوى وحجم التسلح وكثافة النيران بين قوتين تعدان الأبرز في منطقة الشرق الأوسط.
مؤشرات عامة
ويبين المخطط بعض المؤشرات العامة التي تظهر تفوقا واضحا لإيران في مجال العامل البشري والجغرافي، في حين تتفوق إسرائيل في ميزانية الدفاع وحجم الإنفاق على التسلح بشقيه المتمثلين في قوة النار التقليدية وتكنولوجيا الحرب الإلكترونية ووسائل الدفاع السيبرانية التي سيتم تسليط الضوء عليها لاحقا.
وفي مجال المصادر الطبيعية والثروة القومية تبتعد إيران في الصدارة بخطوات واسعة مقارنة بإسرائيل.
ورغم العقوبات المفروضة عليها فإن طهران تمتلك أوراق ضغط إستراتيجية بفضل تلك الثروات التي تمتلكها والحاجة العالمية الماسة لتلك المصادر التي تجعل كثيرا من الدول تبحث عن ثغرات في بنود العقوبات تتيح لها الحصول على حاجاتها منها.
القوة الجوية
وبحسب موقع "غلوبال فاير باور"، تتمتع إسرائيل بتفوق كمي ونوعي من حيث القوة الجوية وحجم النار ودقة اختيار الأهداف مقارنة بسلاح الجو الإيراني وطائراته التي تعاني نقصا في الصيانة والتحديث نتيجة للعقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.
في المقابل، تستولي برامج التسلح الإسرائيلية على صدارة اهتمامات الإدارات الأميركية المتعاقبة، وتحرص دول أوروبا الغربية كذلك على رعاية هذا التفوق للقوة الإسرائيلية على بقية قوى الإقليم.
ويتم بين الحين والآخر تزويد سلاح الجو الإسرائيلي بأحدث الطائرات المقاتلة وأدق القذائف والصواريخ وأكثرها تدميرا، وهذه بعض مظاهر التفوق الإسرائيلي في مجال القوة الجوية:
القوة البرية
ورغم أن احتمالات المواجهة البرية بين القوتين تبدو محدودة نتيجة الموقع الجغرافي وعدم وجود حدود مشتركة بين الدولتين ورغم الفرق الشاسع في المساحة بينهما فإن الأرقام تشير إلى تقارب بين القوتين في الآليات البرية المدرعة ونيران المدفعية بأنواعها.
القوة الصاروخية
أما القوة الصاروخية فيظهر فيها السباق محموما بين الدولتين، وفي حين تحرص إيران على تطوير منظوماتها الصاروخية بمدياتها المختلفة فإن إسرائيل هي الأخرى تسعى إلى تطوير قدراتها الصاروخية، سواء من حيث مسافة الوصول أو حجم الرؤوس الهجومية وقوة التدمير وكذلك الدقة في إصابة الأهداف.
وتشمل ترسانة الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى مجموعة من الطرز يتراوح مداها بين 1500 و2500 كيلومتر، وتستطيع حمل رؤوس متفجرة يتراوح وزنها بين 500 وألفي كيلوغرام، ومنها صواريخ "قدر" و"خرمشهر" و"عاشوراء" و"عماد" و"سجيل".
أما الصواريخ المتوسطة المدى فيتراوح مداها بين 120 و1800 كيلومتر، ومنها "شهاب-3" و"شهاب-2″ و"صياد-3″ و"الحاج قاسم" و"فاتح".
وتشمل عائلة الصواريخ القصيرة المدى على مجموعة من الطرز يبلغ مداها نحو 500 كيلومتر، ومنها "فاتح-110″ و"زلزال" و"الخليج الفارسي" و"فجر" و"سومار" و"شهاب-1″.
أما إسرائيل فقد بدأت تطوير ترسانتها الصاروخية منذ خمسينيات القرن الماضي، وبدأت بسلسلة صواريخ "أريحا-1" التي طورتها بمساعدة فرنسا، ووصل مداها إلى 500 كيلومتر، ولاحقا جاء الإصدار "أريحا-2" بالتعاون مع حكومة جنوب أفريقيا العنصرية في أواخر السبعينيات، والذي وصل مداه إلى 1500 كيلومتر.
وأجريت تجارب على أخطر هذه الصواريخ في بداية الألفية الثانية، إذ يبلغ مدى "أريحا-3" أكثر من 15 ألف كيلومتر ويصل إلى جميع قارات العالم تقريبا، بما فيها أميركا اللاتينية وأوقيانوسيا.
وبإمكان هذا الصاروخ حمل رؤوس نووية تعادل قدرتها التدميرية 650 قنبلة من تلك التي ألقيت على هيروشيما، بالإضافة إلى الأبحاث الجارية على صواريخ "أريحا-4″ و"كروز-بوباي نيربو".
الدفاعات الجوية
أما في مجال الدفاعات الجوية فتمتلك إسرائيل 3 مستويات من أنظمة الدفاع الصاروخية، ويأتي نظام القبة الحديدية في المستوى الأدنى، ويمكنه التصدي لقذائف المدفعية والصواريخ القصيرة المدى والمنخفضة التحليق.
ويأتي المستوى الثاني متمثلا بنظام "مقلاع داود" الذي يمكنه التصدي للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى على مسافة 186 ميلا.
وفي المستوى الثالث تأتي منظومة صواريخ "آرو-2″ و"آرو-3" لمواجهة الصواريخ الباليستية، ويمكن لصاروخ "آرو-2" التصدي للرأس المتفجر عندما يدخل الغلاف الجوي ويكون على مقربة 32 ميلا من الهدف، في حين يذهب الصاروخ "آرو-3" بعيدا للتصدي للصواريخ الباليستية وهي لا تزال في الفضاء فوق طبقة الغلاف الجوي.
وتمتلك إيران 3 طبقات مشابهة من أنظمة الدفاع الجوي، فالطبقة الدنيا منها تشمل صواريخ "يا زهراء" و"تور" ويصل مداها إلى 15 كيلومترا، والطبقة المتوسطة من صواريخ "خورديد" و"مرصاد" التي يصل مداها إلى 75 كيلومترا.
ثم تأتي طبقة صواريخ بعيدة المدى التي يتراوح مداها بين 100 و400 كيلومتر، وتشمل صواريخ "إس-300" الروسية الصنع، بالإضافة إلى صواريخ "أرمان" الإيرانية الصنع.
القوة البحرية
تطل إيران على واحد من أهم الممرات المائية العالمية، وهو مضيق هرمز الإستراتيجي، ولذا فهي تحرص على تطوير قدراتها البحرية بما يتيح لها قدرا من التحكم في المضيق الذي تشاركها فيه دولتا عُمان والإمارات العربية المتحدة، ويخضع للمراقبة الدائمة والتدخلات المتكررة من قبل البحرية الأميركية بوصفه ممرا مهما للنفط والبضائع.
وتعود جذور البحرية الإسرائيلية إلى ما قبل نشوء الدولة نفسها، إذ أسس الصهيوني جابوتنسكي أول معهد لتدريب البحرية في إيطاليا أواسط ثلاثينيات القرن الماضي، ورست أول سفينة يهودية "سارة-1" على شواطئ فلسطين عام 1937.
وشاركت البحرية الإسرائيلية في معظم الحروب التي شنتها إسرائيل على الدول العربية، وتشارك اليوم بشكل حاسم وفعال في العدوان الذي تشنه إسرائيل اليوم على قطاع غزة ولبنان.
ومع استبعاد الهجوم البري والحرب الطويلة بين إيران وإسرائيل فإن سلاح البحرية سيلعب دورا فعالا في الحروب الخاطفة من خلال توجيه ضربات صاروخية بعيدة المدى، وكذلك من خلال تأمين طرق الإمداد والتجارة البحرية أثناء الحروب:
مؤشرات القوة البحرية - إيران - إسرائيل
الدعم اللوجستي والإسناد
ولا توجد مقارنة بين القوتين من حيث منظومات الدعم اللوجستي والإسناد، فالأرقام المنشورة تشير إلى تفوق إيراني واضح في هذا المجال، لكننا يجب ألا نغفل الدعم المطلق الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة ودول حلف الناتو فور حدوث أي صدام بين إسرائيل وأي قوة إقليمية مهما صغرت.
وهذا ما بدا واضحا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي تكفلت فيه أساطيل أميركا وحاملات طائراتها في نقل آلاف الأطنان من الذخائر على مدار الساعة، بالإضافة إلى كل أشكال الدعم الاستخباراتي والمعلوماتي واللوجستي، فضلا عن الدعم السياسي والدبلوماسي والتغطية على جرائم الحرب والإبادة التي اقترفتها إسرائيل بشهادة معظم دول العالم ومحاكمه الدولية.
الحروب السيبرانية
خلف دخان البنادق ونيران المدافع تدور منذ أكثر من عقدين رحى حرب صامتة لا تقل خطورتها عن حروب التدمير التقليدية، وهي الحروب الإلكترونية أو ما اصطلح على تسميتها الهجمات السيبرانية.
وقد بدأت إسرائيل هذه الحروب منذ 2002 عندما بدأت تتضح معالم المشروع النووي الإيراني، وأطلقت إسرائيل عشرات البرامج الخبيثة "الفيروسات" التي أصابت أهدافا حساسة في حواسيب المفاعلات النووية وشبكات الماء والكهرباء ومحطات الوقود الإيرانية.
وكان أخطرها الهجوم الذي تعرضت له المنشأة النووية "نطنز" في يونيو/حزيران 2020، والذي أسفر عن اضطراب برنامج التخصيب الرئيسي لليورانيوم، وتسبب بشكل غير مباشر في حريق هائل أصاب الأجزاء العلوية من المنشأة.
أما إيران فقد أنشأت "جيش فضاء إيران الرقمي" في 2005، وتطور هذا الجيش السيبراني وتضاعفت ميزانيته مرات عدة في عهد الرئيس روحاني.
وتكررت اتهامات الولايات المتحدة وإسرائيل لهذا الجيش بشن هجمات سيبرانية عدة على منشآتهما الحيوية.
ولعل هجمات 2020 التي طالت مرافق مصلحة المياه والصرف الصحي في إسرائيل و9 مستشفيات حكومية والمنظومة المحوسبة للحكم المحلي الإسرائيلي والسيطرة على بيانات 700 ألف مواطن كانت من أخطر الهجمات السيبرانية التي وجهت فيها أصابع الاتهام إلى إيران.
القوة النووية
رغم الضجة العالمية الهائلة على البرنامج النووي الإيراني -التي لم تهدأ منذ أكثر من عقدين من الزمن- فإنه لم يثبت لأي جهة عالمية أو منظمة دولية أن إيران في طريقها لامتلاك السلاح النووي في غضون السنوات القادمة.
وما فتئت إسرائيل ومن خلفها الإدارات الأميركية المتعاقبة تتخذ من هذه الضجة "فزاعة" تبتز بها دول الجوار العربية، لتخويفها من البرنامج النووي الإيراني وتحضها على إشباع ترساناتها المتضخمة أصلا بالأسلحة الأميركية وأنظمة الردع الإسرائيلية.
في المقابل، فإن الترسانة النووية الإسرائيلية المسكوت عنها محليا وعالميا تصل -حسب تقديرات بعض مجالس الدفاع ومنظمات إستراتيجية- إلى أكثر من 200 رأس نووي.
المصدر : الجزيرة