مشيخة المكانس مذهبهم الخبز
مِنَ الطرائفِ المُضحِكةِ المُبكِيةِ في آنٍ واحدٍ:ما نُقِل عن أحدِ رِجالِ القرنِ الثامنِ الهجرِيّ ، وكان شَافعِيّ المذهبِ، وأرادَ الالتحاقَ بوظيفةٍ في مدرسةٍ أنشأها السُلطان الظاهِر سيف الدين بَرقوق، سلطانُ مصر 1382-1392م فلم يَجِدْ إلّا وظيفةً للحنابلةِ، لأنَّ وظائفَ الشافعِيّة اكتملت، فتحوّل عن مذهبه الفقهيِّ، ولمّا سُئِل عنْ ذلك وعنْ مَذهبِه، مَا هو؟ قالَ:"مَذهَبِي الخُبز".
قد تَبدُو مَسألةَ التحوُّلِ لمَذهبٍ فقهيٍّ مُعتبرٍ مَسألةً يَسيرةٌ فكلُّها مذاهبٌ ارتضتهَا الأمّةُ، لكنّ المشكلةَ الكُبرى حينما يكون"الدّرهمُ والدُولار"دافعًا للتحوّل العَقَدِي والفكرِيّ، وتَبنِّي المواقِف والآراءِ في مسائلَ شرعيةٍ، والتنازلِ عن الثوابتِ، وهو أمرٌ مشاهدٌ بكثرةٍ في زمَانِنَا.
أصحَابُ مذهبِ الخبزِ مِن شيوخِ المكانِس العربيّة - شيوخُ المَنفَعَةِ والتَكَسُّبِ - مِمَّن يُمارسون (الدعارَة السياسيّة مُقابلَ الخدمةِ الدِينيّةِ)مِمّن أغوتهُم الأموالُ والمراتبُ فباعُوا دِينَهم بعرضٍ دُنيويّ زائل للسلطانِ مقابل الطّعنِ في صاحبة الفخامة والجلالة،المقاومةِ وشيطِنتِها، وأنَّها هي جَلَبَت للفلِسطِينيين القتلَ وسَفكَ الدِّماءِ والدمارِ، وهي التِي تتحملُ المسؤوليةَ، وليسَ المُجرِم الصِهيُونِيّ.
هؤلاءِ في حقيقتِهم سَماسرةٌ للصِهيونيَّةِ العالميَّةِ ويشكلونَ خطَراً جَسِيمًا على المُجتمَعِ العربي والإسلامِيِّ مِن خلالِ زرعِ بعضِ المفاهيِم العقائِديّة التِي تتواءمُ معَ توجهاتِهم الخبِيثَة.
هؤلاءِ هُم مَن قالَ فيهم الإمام مالكُ -رحمه الله - قال لي شيخي ربيعة الرأي-رحمه الله-:مَن السَفَلَة؟قلتُ مَن أكلُّ بِدِينِه، قال فمَن سفلةُ السفلة؟ قالَ:مَن أصلحَ دنيا غيره بفساد دينه، قال الشيخ محمد البشير الابراهيمي:(قبّحَ اللهُ خبزةً أبيعُ بها دِينِي وأعقُّ بها سَلَفِي وأهدُمُ بها شَرفِي وأهينُ بها نفسِي وأكونُ بها حُجّةً على قومِي وتاريخِي)
فتاوى مذهب الخبز مُعلَّبةٌ مُضَلِّلَةٌ، وآراؤٌهم للباطلِ مُرقَّعَةٌ مُعلِّلَةٌ، فلا للحَقِّ وأهلِهِ نَصروا ولا للباطلِ وحزبِهِ قهَروا، وهذا مَا حذّر منه سعيدُ بن المُسَيَّب –رحمه الله- :"إذا رأيتم العالِمَ يخشَى الأميرَ فاحذروا مِنه فإنَّهُ لِصٌ".
لا يمانعُ أصحابُ هذا المذهب، أنْ يتحمَّلوا أوزارَهم وأوزارَ كُبراِئهم، قال القاضي بن أبي داؤد المعتزلي للخليفةِ المُعتصِم وهو يُحرِّضُ على قتلِ الإمامِ أحمد – رحمهُ الله - في مِحنَةِ خلق القرآن: "اقتلْهُ يا أميرُ المؤمنين ودَمُهُ فِي رقبَتِي" أقولُ لأصحابِ هذا المَنهجِ:"تبًا لكم،سيتبينُ لكُم أنّ الخُبزَةَ التِي أُعطِيتُمُوهَا، سَتَجِدُونَ في أول قضمةٍ مُتعُةً ولذةً وهناءً، وآخرها عَفَنٌ وخِزيٌ وبَلاءٌ، ثمّ تُدفًنُونَ في مَزبَلَةِ التَارِيخِ.