jo24_banner
jo24_banner

حرب وجودية !

أحمد ذيبان
جو 24 :

 كنا نظن أن دولة الاحتلال تعتمد على الحروب الخاطفة مع العرب ، قياسا على الحروب السابقة التي شنتها اسرائيل ضد العديد من الدول العربية ، لكن الحرب المشتعلة مع الكيان الصهيوني على جبهات عديدة منذ أكثر من عام ، وفي مقدمتها جبهة غزة أثبتت أن هذا الكيان قادر على التعايش مع حرب طويلة ، أو أن النتائج الميدانية في العمليات العسكرية على الأرض، أجبرت هذا الكيان على تعديل استراتيجياته في مختلف المجالات !

وهذا تطور خطير بالنسبة للأطراف العربية المنخرطةفي حروب مع العدو ، ذلك أن العدو أصبحيستطيع تحمل الخسائر البشرية في ضباطه وجنوده ، كما يتضح من خلال مجريات الحرب في الميدان، وربما يلجأ الى تجنيد مرتزقة كما تشير بعض التقارير ،كما أنه يستطيع تحمل الخسائرفي المعدات " الدبابات والاليات المدرعة والمدافع وغيرها "، فضلا عن قدرته على تحمل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن شل الحياة الطبيعية ، بسبب استدعاء الاحتياط الذي يشكل عناصره عصب الاقتصاد في مختلف القطاعات . مع ملاحظة أن حجم الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بلغ حوالي 500 مليار دولار في عام2022 ، وهو رقم يعادل حجم الناتج المحلي الاجمالي لدول عربية عديدة ، ويتوقع أن يسجل خلال عام2024 أحد أضعف معدلاته ، دون أن ننسى أن الداعم الرئيسي لهذا الكيان ، هو الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية ، بكل ما تملكه من امكانات عسكرية واقتصادية وتكنولوجية ومالية هائلة !

كل الأطراف الرئيسية المنخرطة في هذا الحرب ، باتت تشعر أنها حرب وجودية بالنسبة لها ، فدولة الاحتلال تعتبر أنها اذا خسرت الحرب ، فانها مهددة بشكل جدي في وجودها ، وعليه فانه يصبح من السهل ، على أي قوة مسلحةأو فصيل مقاوم أو ميليشيا ، استهدافها بسهولة وربمايؤدي ذلك الى انهيار الكيان الصهيوني ، وعليه فاندولة الاحتلال مصرة على الاستمرار فيهذه الحرب المتعددة الجبهات حتى النهاية، سواء بتحقيق نصر حاسم ، أو تسجيلانجازات عسكرية متراكمةمثل عمليات الاغتيال ، والقصف الجوي الرهيب الذي يحول غزة ولبنان الى أرض محروقة ، فضلا عن مفاقمة الوضع الانساني من خلال استمرار عمليات النزوح الجماعي في غزة ولبنان ، واجبار النازحين على البحث عن ملاجيء ايواء جماعي في ظروف انسانية بائسة، وانتظار تلقي المساعدات الاغاثية القادمة من الخارج وسط انتشار الامراض والاوبئة !

وحركة حماس من جانبها باتت مقتنعة ، بأن الحرب التي أعقبت عملية "طوفان الأقصى" ، تعتبر وجودية بالنسبة لها ، بمعنى أن انتهاء الحرب باعلان اسرائيل انتصارها ، يعني أن نهاية الحركةكجهة حاكمة في قطاع غزة ، فضلا عن الخسائر الكبيرة التي أصابت جناحها العسكري " كتائب القسام" وهي خسائر غير معروفة ، بالاضافة الى الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية الأساسية ومفاقمة المعاناة الانسانية ، زد على ذلك عمليات الاغتيال التي نفذتها قوات الاحتلال وجهاز الموساد ، وكان أخرها قتل الشهيد يحى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وسبقه اغتيالسلفه اسماعيل هنية في طهران ، وقبل ذلك اغتيال نائب صالح العاروري نائب هنية في بيروت ، لكن تبقى حركة حماس فكرة قابلة للتجدد .

وبالتأكيد فان حزب الله يشعر أكثر من أي وقت مضى ، بأن مصيره مهدد بشكل جدي بعد فتحه جبهة اسناد قطاع غزةفي 8 اكتوبر عام 2023 ، في اليوم التالي لتنفيذ عملية "طوفان الاقصى "، لكن النتائج بدت مختلفة عن شعار" اسناد غزة " ، حيث واصلت اسرائيل عملية تدمير القطاعبشكل ممنهج ، وسط جدل ساخن بين القوى والاحزاب اللبنانية ، حول جدوى فتح جبهة اسناد غزة دوناستشارة الاطراف اللبنانية ، بعد ان اتسع نفوذ حزب الله داخل لبنان ، الى درجة أنه أصبح يتحكم بمفاصل الدولة .

فبعد مسلسل الاغتيالات التي نفذتها اسرائيل ، واستهدفت قياداته السياسية والعسكرية من الصفين الاول والثاني، التي طالت رأس الهرم أمين عام الحزب حسن نصرالله ، واسرائيل لا تخفي أهدافها في هذا الشأن وأهمها تفكيك الجناح العسكري للحزب ونزع سلاحه ، وأقلها تراجعه الى شمال نهر الليطاني ، بعد أن أصبح الحزب أقوى عسكريا من الدولة والجيش اللبناني .

والمفارقة أن كل من حزب الله وحركة حماس يطالبان بوقف اطلاق النار ، فيما تصر اسرائيل على مواصلة الحرب حتى النهاية !

Theban100@gmail.com


كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير