"احكيلهم عنا" أحلام اللاجئين في مواجهة الواقع بأرض الغرباء
بينما نجح الآلاف في العبور بأنفسهم وعائلاتهم إلى أوروبا هرباً من حروب وصراعات مسلحة أنهكت المنطقة العربية، يبحث جيل جديد من الشبان عن شق طريقه في الغرب محاولين تخطي حواجز اللغة والدين والعادات الاجتماعية وهي الرحلة التي يسلط الضوء عليها الفيلم الوثائقي "احكيلهم عنا" للمخرجة الأردنية رند بيروتي.
الفيلم الذي تدور أحداثه في 92 دقيقة يتتبع على مدى نحو 4 سنوات حكاية مجموعة من الفتيات وصلن لاجئات مع عائلاتهن إلى ألمانيا وتحولاتهن في سن المراهقة بالتوازي مع صراعهن الخارجي في البحث عن فرص لتحقيق طموحهن وسط مجتمع ينظر للمهاجرين باعتبارهم خطراً يهدده خاصة وأن بعض تلك الفتيات محجبات.
في بداية الفيلم تحث المخرجة بطلات فيلمها على التعبير عن أنفسهن فتطلب من كل فتاة تسجيل أمنيتها، تكتب إحداهن أنها تريد أن تصبح طبيبة أطفال وأخرى تريد أن تصبح مضيفة طيران وثالثة تريد تأسيس مطعم للمأكولات الشرقية ورابعة تريد أن تصبح شرطية.
لكن الواقع له منطق آخر فتجد الفتيات أنفسهن بعد إنهاء الدراسة الثانوية، وتعلم اللغة الألمانية بشكل مقبول أمام اختيار واحد وهو العمل ممرضات بدور رعاية المسنين بسبب نقص العمالة في قطاع التمريض.
قتل اليأس
وهنا تنتقل مخرجة الفيلم من دور الراصد والموثق إلى دور "الساحرة" التي تحقق الأحلام ولو بالخيال فتصمم مشاهد سينمائية تمثل فيها الفتيات المهن اللائي تمنين العمل بها، وهو ما يحقق قدراً من السعادة والثقة بالذات انعكست على وجوه البطلات وكسرت أجواء اليأس برسالة مختصرة مفادها أن السعادة صناعة ذاتية وليست هبة من الآخر.
وعن فكرة الفيلم ورحلته من الواقع إلى الشاشة قالت المخرجة رند بيروتي في نقاش بعد عرضه الأول عربياً في مهرجان الجونة السينمائي أمس الجمعة، إنها كانت بمرحلة الدراسات العليا في ألمانيا حين تواصلت مع مركز لمساعدة اللاجئين العرب، وبعدها توافدت هؤلاء الفتيات على المركز وتعرفت عليهن وشاركتهن في ورش تدريب على المسرح والموسيقى والرسم.
وأضافت أنها فكرت بداية في عمل فيلم توثيقي عن أنشطة الفتيات والمركز، لكن بعد أن اختلطت بهن ودخلت بيوتهن وتعرفت على عائلاتهن قررت أن هناك الكثير مما يستحق الحكي عنه وعن أحوالهن وأحلامهن.
وأوضحت أن علاقتها بالفتيات توطدت على مدى سنوات صناعة الفيلم ولم تعرضه إلا بعد أن شاهدن النسخة النهائية وأعجبتهن، وكانت تتمنى أن يأتين لرؤية رد فعل الجمهور لكن تعذر حصولهن على تأشيرات سفر.
الفيلم ينافس ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الـ7لمهرجان الجونة السينمائي ومؤهل للمنافسة على جائزة سينما من أجل الإنسانية التي تعتمد على تصويت الجمهور.