السياقة في عمّان: بين الفوضى وسوء السلوك
الكابتن اسامة شقمان
جو 24 :
إن شوارع عمّان اليوم ليست سوى مسرح للفوضى. الطرق التي صُممت لتسهيل حياتنا أصبحت ساحات للصراعات اليومية بين السائقين. وبينما تعمل أمانة عمّان على تحسين التخطيط وبناء التقاطعات والجسور بملايين الدنانير، فإن الجهود تذهب سدى بسبب السلوك العشوائي والأنانية المستشرية بين معظم السائقين.
هل فقدنا قيم القيادة؟
تجاوز الإشارات الحمراء، القيادة بسرعات جنونية، وإهمال القوانين ليست استثناءات بل أصبحت القاعدة. المشهد اليومي يعكس استهانة واضحة بأبسط قواعد المرور. ترى السائقين يتجاوزون من اليمين، يستخدمون الهواتف أثناء القيادة، ويطلقون أبواق السيارات بشكل هستيري عند كل منعطف. أما المشاة، فلا مكان لهم، وكأن أرصفة المدينة ملك للسائقين الذين يحتلونها بلا أدنى إحساس بالمسؤولية.
النتائج الكارثية للفوضى
ما يحدث على الطرق ليس مجرد إزعاج يومي؛ إنه خطر دائم على الأرواح. كم من حياة فقدناها بسبب السرعة الزائدة أو التجاوز الخاطئ؟ وكم من مشروع بُذلت فيه جهود ضخمة لتنظيم المرور انتهى بالفشل لأن السائقين لا يحترمون الأنظمة؟ الأرقام تتحدث عن مئات الحوادث يومياً، بعضها مأساوي، نتيجة غياب الوعي والالتزام.
ما الذي يدفع بعض السائقين للتصرف وكأنهم وحدهم على الطريق؟ هل هي أنانية؟ جهل؟ أم غياب الخوف من القانون؟ الحقيقة أن معظم السائقين في عمّان يفتقرون إلى أبسط مقومات الأخلاق المرورية. الاحترام المتبادل، الصبر، والالتزام بالقواعد غائبة تماماً، وحلت محلها السلوكيات العدوانية واللامبالاة.
الحلول ليست مستحيلة
لكن الحلول لا تأتي من السماء. يجب أن تكون هناك قرارات حازمة:
تطبيق القانون بصرامة: لا تهاون مع المخالفات، والعقوبات يجب أن تكون قاسية ورادعة.
إعادة التأهيل المروري: فرض برامج تدريبية إلزامية للسائقين المخالفين لتعريفهم بقواعد القيادة وأخلاقياتها.
تعزيز الوعي: حملات توعية مكثفة تسلط الضوء على أخطار الفوضى المرورية وتأثيرها على الأرواح والاقتصاد.
النقل العام كحل بديل: تحسين البنية التحتية للنقل العام ليصبح خياراً مفضلاً للجميع.
إن شوارعنا ليست ملكاً لأحد، والقوانين ليست مجرد نصوص تُكتب على الورق. إذا أردنا أن نعيش في مدينة حضارية، فعلينا أن نبدأ من الطرق، لأنها المرآة التي تعكس أخلاقنا كمجتمع. والسؤال الذي يجب أن يطرحه كل سائق على نفسه: هل أنا جزء من الحل أم من المشكلة؟
.