فتيات وقعن ضحية إقامة علاقة مع الخاطب قبل الزفاف يفقدن حقوقهن
خلا قانون الاحوال الشخصية من أية بنود تحفظ للفتاة حقوقها في حال أقامت علاقة "فراش" دخول مع خطيبها قبل الزفاف رغم وجود عقد قران مسجل بالمحكمة الشرعية.
فلا مجال الا أن تفقد الفتاة حقوقها الشرعية عندما يتخلى عنها خطيبها أو يتوفاه الله, فحقوقها مرهونة بقدرتها على اثبات واقعة الدخول, والتي في الغالب تعجز عنها لسرية العلاقة, ثم يترك الامر لتحليف خطيبها اليمين والذي قد ينكر أية علاقة مع خطيبته, فتترك الفتاة لتلقى مصيرا مجهولا يتخلله النبذ الاجتماعي رغم أن هذه العلاقة كانت تحت غطاء شرعي, الا أن المجتمع ينظر اليها على أنها "زانية".
ويؤكد كثير من الازواج ان فترة الخطوبة هي المرحلة الذهبية من حياتهم الزوجية فهي علاقة غرامية مشروعة بين الزوجين قبل دخولهم في خضم تربية الاطفال والنفقات المالية المرهقة الا ان هذه المرحلة تعتبر مأساة لبعض الفتيات نتيجة تطورعلاقة الخطوبة إلى لقاءات على الفراش وفي حال حدث فراق بينهما لاي سبب كان تقع الفتاة في مشكلة تدفع ثمنها طيلة فترة حياتها, خاصة اننا نعيش في مجتمع ينظر على ان مثل هذه الامور لا تعيب الرجل في حين تعيب المرأة رغم وجود عقد قران رسمي ومسجل في المحاكم الشرعية.
حالات وتشهد المحاكم الشرعية حالات تكون فيها الضحية المرأة فقانون الاحوال الشخصية يوقع على عاتق المرأة مسؤولية اثبات واقعة الدخول اذا أنكر الزوج بطرق الاثبات المعروفة إما بالشهود وهذا على الاغلب لا يمكن اثباته لأن مثل هذه العلاقات تكون عادة سرية بينهما أو بورقة حجز من فندق اذا ما تم اللقاء في احد الفنادق اما اذا جرت في شقة تعود لأهل اي منهما عند استغلال عدم وجود احد لا يكون دليل سوى طلب الزوج لحلف اليمين وفي غالب الاحيان يحلف على عدم وقوع اي خلوة بينه وبين خطيبته وهنا تقع المشكلة خاصة اذا لم يكن هناك حمل لأن الحمل يسهل الاثبات اما اذا لم يكن هناك حمل فلا يمكن طبيا اثبات ان الدخول وقع من شخص الخاطب وليس من شخص آخر.
"اروى" فتاة في التاسعة عشرة من عمرها تعرضت قبل عام لهذا الموقف نفسه "علما بأن الاسم مستعار بناء على طلبها" اذ خطبت لأحد الشباب وتم عقد قرانها عليه وبعد اشهر استطاع اقناعها انها اصبحت زوجته بالشرع والقانون.
وتقول اروى ل¯ "العرب اليوم" تحت ستار الحب وافقت على طلبه وذهبت معه في احد الايام لمنزل اهله ولم يكن احد في المنزل.
وتضيف "تكرر لقائي به اكثر من مرة وبالطريقة نفسها الى ان شعرت يوما بأعراض حمل فاخبرته بذلك فاخذ يصرخ بوجهي ويقول ان مش مسؤول". وتروي باسى "عندها شعرت بالصدمة وعرفت ان كل ما قاله لي كذب ولم اعرف ماذا افعل وبعد اسابيع قليلة لم اجد حلا الا اخبار والدتي خاصة انه ما ان عرف بموضوع الحمل حتى انقطع عني ولم يعد يزورني أو حتى يتصل بي وهنا بدأت الخلافات بين اهلي وبينه حيث شعر اهلي بالحرج امام الاقارب والجيران ماذا سنقول لهم وبعد تفاهم بين اهلي واهله اتفقنا على ان اذهب لاعيش معه في غرفة داخل منزل اهله مقابل ان اتنازل عن مقدم مهري ودون اجراء مراسم العرس التي تقام لاي عروس ودون ارتداء الفستان الابيض الذي طالما حلمت به وبالفعل رضخت لكل شروطهم وذهبت اليه بحقيبتي مقابل ان يستر امري".
دعوى اثبات واقعة دخول
(ه.ع.د.) فتاة تقدمت مطلع العام الحالي بدعوى لاحدى المحاكم الشرعية تطلب فيها اثبات واقعة دخول بعد ان تنكر "الخطيب" معاشرته لها وتقول ل¯ "العرب اليوم"وهي حائرة منهارة والدموع تذرف من عينيها لا اعرف ماذا اقول بعد ان دمرني طلقني ثم انكر واقعة الدخول تحايلت عليه ان يتزوجني اسبوعا ثم يطلقني ورفض فماذا افعل?... سؤال تطرحه كل فتاة تتعرض لمثل هذه الحالات.
عاشرها خطيبها يوم عقد القران
فتاة أخرى اختلى بها خطيبها في اليوم نفسه الذي جرى فيه عقد قرانها حيث قام بمعاشرتها في مطبخ منزل اهلها وتحت سقف من الزينكو في احد احياء مدينة عمان الشعبية معتقدة انها بذلك اصبحت زوجة شرعية بالشرع والقانون ولن يخلو بها خطيبها الا انها تفاجأت به بعد فترة واذا به ينكر واقعة الدخول بعد علمه بحملها فتقدمت بدعوى بوساطة المحامي شريف الخطيب الذي اكد ل¯ "العرب اليوم" انه اقام دعوى لها في المحكمة لاثبات الخلوة التي وقعت بينهما وقدم شهودا على الواقعة تمثلت في قيامه باغلاق الباب والستائر وعدم وجود مانع شرعي عندها في ذلك اليوم يمنع قيام الواقعة وان الموجودين في المنزل كان فقط ولدا غير مميز ومع ذلك لم تتمكن من اثبات الواقعة.
واضاف المحامي الشريف ان احد الاشخاص حضر الى المحكمة واعترف انه قام بالاعتداء عليها بعد ان أخذها لاحراش ياجوز وان الطفل الذي في رحمها ابنه وانه على استعداد للزواج منها والاعتراف بالطفل الا ان المحكمة لم تأخذ بأقواله كونها على ذمة شخص آخر والذي هو خطيبها الذي ينكر انه اقترب منها أو تعامل معها معاملة الازواج وخسرت الفتاة دعواها لعدم قدرتها على اثبات الواقعة وبعد ستة اشهر وعشرة ايام على عقد قرانها انجبت طفلا ونسب الطفل لدى المحكمة لأمه حيث لم يثبت لديهم هوية والده.
ودعا المحامي الخطيب الفتيات اللواتي يقعن في هذا الخطأ ابلاغ اهلهن في حينه حتى يكون هناك شهود وتكون الضحية قادرة على اثبات الواقعة لا ان تكون عرضة للشك في حال انكاره امام المجتمع.
القاضي الشرعي د. اشرف العمري
وينصح القاضي الشرعي د. اشرف العمري الفتيات بالالتزام باعراف الناس وعدم تمكين الفتاة خطيبها منها قبل الزواج ومحاولة ضبط العاطفة قدر الامكان.
وقال د. العمري ل¯ "العرب اليوم" انه جرت عادة الناس ان لا يتم الدخول على الزوجة الا بعد ان تزف إلى زوجها فينبغي التقيد بذلك واحترامه وان لا يخلو الزوج بزوجته الخلوة الشرعية الصحيحة الكاملة أو يعاشرها حتى تزف اليه في بيته مراعاة للعرف السائد خاصة ان هذا العرف لا يصادم النصوص الشرعية واذا علمنا ان الالتزام بهذا العرف وعدم تجاوزه يحقق عددا من المقاصد الشرعية ومنها عدم وقوع اي نزاع أو خصومات بين اهل الزوجين لان غالب الناس في بلدنا لا ينظرون إلى العقد على انه زواج كامل ما لم يتم به زفاف ولو جرت خلوة بين الزوجين قبل الزفاف, وهذا يؤدي إلى خلافات كبيرة بين الزوج واهل زوجته حيث يعتبرونه متعديا على حرمتهم.
ويضيف د. العمري ان هناك آراء فقهية توجب الاشهاد على الدخول على الزوجة منها عند المالكية التي تطلب الاشهاد تجنبا لوقوع مشاكل بين الناس.
د. هاني جهشان
أما مستشارالطب الشرعي د. هاني جهشان فيقول ل¯ "العرب اليوم" انه لا يمكن معرفة الفاعل الا اذا تم الفحص مباشرة وفي مثل هذا الحالات لا يتم الفحص الا بعد فترة قد تتعدى الاشهر, مؤكدا في الوقت ذاته ان مثل هذا الفحص لا يجرى الا بطلب من جهة قضائية وفي اغلب الحالات التي يتم الطلب فيها تكون في القضايا الجنائية مثل الاغتصاب.
واشار إلى حالات نادرة ما يتم الفحص بناء على طلب المحكمة الشرعية ولو طلب لا يكون له فائدة لأنه عادة ما يكون الفعل وقع قبل فترة تصل لاشهر قبل الطلب ولا يمكن اثبات هوية الفاعل لكن من السهل اثبات وجود اعتداء.
استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية د. حسين الخزاعي حمَّل الاهل المسؤولية عن وقوع مثل هذه المشاكل لانهم في الغالب ما يعتبرون الحديث في مثل هذه الامور تدخلا في باب العيب والخطأ حتى يقعوا في الخطأ, مشيرا الى ان مسؤولية التوجيه والرعاية تقع عليهم اذ لا بد من ارشاد ابنائهم دون حرج من الحديث في مثل هذه الامور.
واضاف د.الخزاعي "ان الاهل عادة لا يعلمون بخفايا مثل هذه السلوكيات التي تنجم تحت ستار ما يسمى بالخطبة أو "كتب الكتاب", لكن لو كان هناك جو صريح وودي وحواري بين الاسرة للجأت الفتاة وصارحتهم بما يجري قبل الوقوع في الخطأ, مشيرا الى ان العائلات التي لا يوجد فيها حوارات اسرية تكون عرضة اكثر للوقوع في مثل هذه المشاكل.
واكد القاضي الشرعي العمري ان المحاكم تتعامل مع وقائع لا مع عواطف مشيرا الى ان المرأة قد تدعي ان الخطيب دخل عليها ويكون ليس هو من دخل عليها فمن غير المقبول ان يصدقها القاضي ويتعاطف معها لمجرد انها امرأة فالقضاء لا يتعامل بالعواطف إنما بالوقائع.
وبين انه اذا ادعت المرأة ان خطيبها دخل عليها وجب عليها الاثبات بطرق الاثبات المعروفة إما باقراره هو واعترافه أو بشهادة الشهود أو تحليفه اليمين وفي حال انكر الواقعة ولا يوجد شهود وحلف اليمين تخسر دعواها ولا يمكن في مثل هذه الحالة اثبات دعواها اذ لا بد ان تكون القرائن قاطعة.
وبين العمري ان الامر يكون ايسر اذا كانت المرأة حاملا ذلك ان قانون الاحوال الشخصية رقم 36 لسنة 2010 نظم بابا محددا للنسب وجعل القانون المدة المحددة لثبوت النسب مرتبطة بالعقد لا بالزفاف مع وجود شروط وضوابط للمسألة لخطورتها واهميتها.
واكد ان المولود يثبت نسبه لصاحب الفراش (الزوج) ان مضى على عقد الزواج الصحيح اقل مدة حمل وهي ستة اشهر ولا يجوز نفي النسب الثابت بالفراش الا بالملاعنة وفق القانون.
واضاف ان القانون احتاط للزوج وللصغير حيث نص على انه في حال ثبوت عدم التلاقي بين الزوجين من حيث العقد فإنه لا تسمع عند انكار الزوج دعوى النسب ما لم يثبت بالوسائل العلمية القطعية ان الولد لهذا الزوج فحينئذ تسمع الدعوى ويثبت النسب.
وبين انه في حال حصول الفراق بين الزوجين بالطلاق أو فسخ أو وفاة فإن نسب المولود يثبت لابيه اذا جاءت به الزوجة خلال سنة من تاريخ الطلاق أو الفسخ أو الوفاة كما ان دعوى اثبات النسب لا تسمع عند الانكار اذا تمت الولادة لاكثر من سنة من تاريخ الوفاة أو الطلاق.
واكد د. جهشان إن إجراء الكشف الطبي على غشاء البكارة; أو ما يعرف عرفا بفحص العذرية, بهدف بيان أن المرأة بكر أو ثيب أو بيان أنها قامت بممارسة الجنس سابقا لا يعتبر من المبررات المهنية الأخلاقية لممارسة مهنة الطب فقد ورد في المادة 2 من الدستور الطبي الأردني "كل عمل طبي يجب أن يستهدف مصلحة المريض المطلقة وان تكون له ضرورة تبرره وان يتم برضائه أو إرضاء ولي أمره إن كان قاصرا أو فاقدا لوعيه".
كما أجازت المادة 62 من قانون العقوبات العمليات والعلاجات الطبية المنطبقة على الأصول الطبية الفنية, فالكشف على غشاء البكارة للتأكد من سلامته أو لتقييم سلوك المرأة ليس مُبَرراً من الناحية الطبية أو الشرعية ولا يندرج ضمن الأصول الطبية الفنية التي تستهدف الحفاظ على صحة وحياة الإنسان. كما ان حصول الخلوة الصحيحة ما بين الزوجين هو أمر تختص بإثباته أو نفيه المحاكم الشرعية بإجراءات قانونية وشرعية ليست مرتبطة بأي إجراء طبي.
واضاف ان فحص العذرية يتصف بكونه إجراء اجتياحياً يخترق خصوصية جسد المرأة بطريقة مهينة ومذلة, يتم بأغلب الأحيان بموافقة منقوصة تتصف بالإذعان والتشكيك بشرف المرأة في حال رفضها الكشف, وهو ممارسة غير عادلة تشكل انتهاكا لحق المرأة بالمساواة ولحقها بعدم التمييز ضدها كونها امرأة, وهو انتقاص من حقها بالكرامة الإنسانية, وهو يشكل نمطا قسريا من انماط التعذيب, والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
فتوى
وورد بالفتوى رقم 131 لسنة 2009 الصادرة عن مجلس الأفتاء بالمملكة بخصوص فحص العذرية أن طلبه حرام وفعله حرام, ذلك ان عورات الرجال والنساء لا يجوز كشفها إلا للضرورة أو الحاجة.
ويؤكد المجلس أن مجتمعنا أشرف وأنظف وأغير وأنبل من أن تُعامل فيه البنات والأخوات هذه المعاملة المهينة, وهن أعز وأكرم وأشد شكيمة من أن يقبلن هذا الإذلال, وورد في هذا القرار نفسه أن مجلس الإفتاء يرى جواز إجراء الكشف إذا طلبته الجهات القضائية ولا يعتبر ذلك قذفاً للمحصنات.
من جهته دعا د. الخزاعي إلى عدم تطويل فترة الخطوبة مشيرا الى ان مثل هذه المشاكل تزداد بازدياد فترة الخطوبة اذا كانت الاجواء مهيأة, فضلا عن ثقة الفتيات العمياء بالخطيب بعد الخطبة فيجب عليهن ان لا يثقن بهم ثقة عمياء خاصة انهن يخضعن في العادة إلى الحيلة والغدر والمراوغة تحت ستار الحب وان هذه حياة طبيعية.
ولفت الخزاعي ان صغيرات السن اكثر عرضة لهذه السلوكيات كونهن ما زلن في مرحلة المراهقة وعدم النضوج والخبرة في الحياة.
وحول الحقوق المادية للمرأة قال الشيخ العمري ان الخلوة الشرعية الصحيحة بين الزوجين قبل الدخول تترتب عليها بعض احكام الدخول مثل وجوب كامل المهر للزوجة المعجل والمؤجل حيث ان المهر يجب نصفه فقط اذا تم الطلاق قبل الدخول أو الخلوة.
ودعا د.الخزاعي الأهالي الى عدم السماح بخروج الخاطبين مع بعضهما بعضاً حتى وان اغضبهما ذلك لأن الغضب لمصلحتهم خاصة ان الظروف حاليا مهيأة اكثر لايقاع مثل هذه المشاكل مؤكدا ان الهدف الاساسي من الزواج ان يلحق السعادة لا الاذى والمعاناة وان يكتمل الزواج بشكل صحيح.
وبين الشيخ العمري ان مثل هذه الامور يجب ان يتعامل الناس معها بحذر حتى لا يقعوا في الحرام فالخلوة الصحيحة توجب على الزوجة العدة اذا حصل الطلاق ولا يجوز لها الزواج من آخر بعد الطلاق وقبل انتهاء العدة ولو لم يتم دخول وهذا مما يوجب التنبيه اليه.
** الصورة تعبيرية