بالتهديد والوعيد والتجسس يواجه نتنياهو الجنائية الدولية ويتحدى العالم
جو 24 :
في عام 1866، نشر الكاتب الروسي "فيودور دوستويفسكي" واحدة من أفضل رواياته تحت عنوان "الجريمة والعقاب". تجلَّت براعة "دوستويفسكي" في هذا العمل، وفق رأي النقاد، في قدرته على تصوير نفسية المجرم/بطل روايته "راسكولينكوف"، بعدما أقدم الأخير على قتل امرأتين، كانت إحداهما موجودة مصادفة في مسرح الجريمة.
لقد صوّر "دوستويفسكي" تردد بطله على مسرح الجريمة وهوسه وشكوكه في كل ما حوله، ورغبته المحمومة في متابعة ما تتداوله التحقيقات عن جريمته، بما أفضى في الأخير، إلى إقراره بالجرم عوضا عن العيش في غابات الشك وثقل الضمير.
ورغم اتسام "راسكولينكوف" -نوعا ما- بضمير حي، على العكس من دولة مثل إسرائيل، فإن الإجرام الذي تمارسه بحسب الكثير من المراقبين، تماما على غرار "راسكولينكوف"، يدفع إسرائيل إلى هوس التحايل على العدالة والتلصص عليها ومحاولة عرقلتها كما أثبتت الوقائع التاريخية.
المجرم والترقب الدائم للعقاب!
تلخص العبارة الأخيرة صراع إسرائيل والمحكمة الجنائية الدولية على مدى عقد كامل. وإذا ما كانت فصوله الحالية تتمثل فيما أعلنته رئيسة الجنائية الدولية، توموكو أكاني، أمام أعضاء المحكمة في لاهاي في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن تعرض المحكمة لضغوط تُشكِّل "خطرا وجوديا" عليها، وإعرابها عن قلقها من مواجهة أعضاء الهيئة القضائية "تدابير قسرية وتهديدات وضغوطا وأعمالا تخريبية"، منذ إصدارها مذكرات الاعتقال بحق كلٍّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" ووزير دفاعه السابق "يوآف غالانت".
لكن ثمة ما يشير إلى أن استهداف مسؤولي المحكمة من قِبَل إسرائيل لم يبدأ مع إصدار حكمها ضد نتنياهو وغالانت، إنما يعود إلى عام 2015، حين وجّهت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حملة منظمة لتعقب مسؤولي المحكمة، بعد حصول فلسطين على عضوية الجنائية الدولية رسميا في أبريل/نيسان من ذلك العام.
آنذاك، قررت القانونية الغامبية، فاتو بنسودا، التي شغلت منصب المدعي العام بين عامي 2012-2021، فتح تحقيق أولي حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وإجراء تقييم لشبهة ارتكاب جرائم في غزة والضفة الغربية، وهو ما أثار خشية إسرائيل نظرا لإدراكها تورط مسؤوليها وجنودها في عمليات داخل الأراضي الفلسطينية، بما قد يعرضهم للملاحقة القضائية حال اتخاذ المحكمة خطوات أبعد في هذا الصدد.
نتيجة لذلك، سعى رئيس جهاز الموساد آنذاك، يوسي كوهين، إلى احتواء بنسودا ومحاولة تجنيدها، حيث التقى بها مرات عدة حاول خلالها إقناعها بعدم المضي قدما في إجراء التحقيقات، كما أراد توجيهها إلى العمل وفق مصالح إسرائيل، بينما تشير المصادر إلى أن كوهين في ذلك الوقت كان يعمل "رسولا غير رسمي” لنتنياهو.
من جانبها، أطلعت بنسودا مجموعة صغيرة من كبار مسؤولي المحكمة على تواصل كوهين معها ومحاولاته للتأثير عليها، نتيجة تزايد مخاوفها من طبيعة سلوكه الذي انتقل من خانة الود الذي اتسم به في البداية، إلى محاولة ترهيبها حين أدرك أنها لن تتخلى عن إجراء التحقيق ولن تستجيب لأغراضه.
تلا ذلك إرسال تهديدات مبطنة إلى المدعية العامة، تطرق كوهين خلالها إلى مسيرتها المهنية وسلامتها الشخصية وسلامة أفراد عائلتها. تزامن ذلك مع نشاط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في رصد اتصالات بنسودا الشخصية أو المتعلقة بالعمل على حد سواء، إلى جانب اعتراض اتصالات أفراد عائلتها بغرض الحصول على معلومات مسيئة يمكن استخدامها ضدها.
ولم تقتصر عمليات التجسس على بنسودا، فثمة شكوك بين كبار مسؤولي الجنائية الدولية بأن إسرائيل زرعت مصادر لها داخل قسم الادعاء. كما أشرف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بنفسه على عمليات المراقبة والتنصت، وأبدى اهتماما يصل إلى درجة الهوس بالاستماع إلى المكالمات الهاتفية الخاصة بمسؤولي المحكمة.
وقد شاركت في دعم هذه العملية جهات عدة، على رأسها: وكالة الاستخبارات المحلية الإسرائيلية (شين بيت)، وجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، فضلا عن الوحدة 8200 من قسم الاستخبارات الإلكترونية.
وبشكل دوري، أرسلت المعلومات المستقاة من عمليات التنصت إلى وزارات العدل والخارجية والشؤون الداخلية، إضافة إلى فريق سري من كبار المحامين والدبلوماسيين، وذلك للاستفادة منها واتخاذ آليات استباقية تضمن إحباط تحقيقات المحكمة.
تضمنت هذه الخطوات الاستباقية: فتح تحقيقات بأثر رجعي في حوادث وانتهاكات إسرائيلية بحق فلسطينيين، علم الاحتلال أنها موضع اهتمام الجنائية الدولية بعد رصده مناقشتها في الاتصالات المتبادلة بين مسؤولي المحكمة، ومن ثم عرض هذه التحقيقات الملفقة عبر قنوات خلفية على مسؤولي المحكمة، لإقناعهم بأن النظام القانوني الإسرائيلي عادل وقادر بمفرده على محاسبة أفراده.
هل يشكل قرار المحكمة خطرا فعليا على نتنياهو؟
يستبعد المراقبون تعرض نتنياهو أو غالانت للاعتقال فعلياً بعد قرار المحكمة يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن القرار في كل الأحوال سيمثل عبئا كبيرا عليهما، وسيزيد من تعميق الضغط الدولي على إسرائيل وحلفائها، ولن يكون سهلا على نتنياهو أن يسافر إلى أي من الدول الأعضاء بالمحكمة الجنائية (والبالغ عددها 124 دولة)، دون تعريض حكوماتها إلى إحراج بالغ، مما يرجح أن تحركاته الخارجية ستكون محدودة ومدروسة للغاية.
فعلى الرغم من كون غالبية الدول الأوروبية تقدم دعما واسعا لإسرائيل، فإن مفوضية الاتحاد الأوروبي أعلنت دعمها للجنائية الدولية، والتزامَ جميع دول الاتحاد بتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق، في الوقت الذي ألمحت فيه بريطانيا إلى إمكانية اعتقال نتنياهو إذا حطّ فوق أراضيها، إذ أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني على التزام المملكة المتحدة بالقوانين المنصوص عليها في القانون المحلي والدولي، مما يعني أن نتنياهو قد يُدفع إلى اتخاذ تدابير احتياطية وتغيير خططه المستقبلية المتعلقة بالسفر.
ويشير الأستاذ الفخري للقانون الدولي بجامعة برنستون الأميركية، ريتشارد فولك، إلى أن المكسب الأكبر من إصدار مذكرات الاعتقال هو مساعدة فلسطين على الفوز في "حرب الشرعية"، التي تحاول فيها إسرائيل السيطرة على أعلى مستويات القانون والأخلاق والخطاب العام عالميا.
ويؤكد فولك على خطأ الواقعيين السياسيين الذين يهيمنون على إدارة السياسة الخارجية الأميركية، ويرفضون إعطاء أهمية للقانون الدولي والاعتبارات المعيارية في الأمن العالمي، باعتبارها -من وجهة نظرهم- تشتيتا عن تفاعلات أكثر أهمية تحددها القوة العسكرية وحدها، لأن مثل هذا التفكير يتجاهل تجارب الحروب المناهضة للاستعمار في القرن الماضي، والتي انتصر فيها الجانب الأضعف عسكريا نظرًا لانتصاره في "حرب الشرعية"، وهي الحرب التي سيطرت على النتائج السياسية في الصراعات الداخلية المتعلقة بالهوية، منذ عام 1945، مثلما كان الأمر في حالة فيتنام.
وبشكل مماثل، يرى الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، في تداعيات القرار تضييق الخناق على إسرائيل من جانب الرأي العام العالمي، بما يزيد من عزلتها الدولية ويهدد بحدوث انقسام بين حلفائها الأوروبيين على وجه الخصوص. كما يرجح أن يؤدي إلى رفع دعاوى محلية ضد مواطنين آخرين من إسرائيل، وخاصة مزدوجي الجنسية في الدول الأوروبية، لأن المحكمة أقرت بارتكاب جرائم.
إضافة إلى ذلك، تواجه حملات تجريم الاحتجاجات المناصرة لفلسطين مأزقا كبيرًا في الوقت الحالي، ذلك أن دولا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، زعمت أن لإسرائيل الحق في مواصلة حربها على غزة باسم الدفاع عن النفس، بينما أظهر القرار موقف القانون الدولي مما يحدث في القطاع باعتباره "جرائم حرب".
جدير بالذكر أن بيان المحكمة تضمن وجود "أسباب معقولة للاشتباه في ارتكاب مسؤولين إسرائيليين جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة. وقد قررت الدائرة التمهيدية الأولى إصدار المعلومات الواردة في بيانها، رغم تصنيفها بادئ الأمر بأنها سرية، وكان الغرض من ذلك حماية الشهود وضمان سير التحقيقات، غير أن المحكمة ارتأت بعدئذ أن من مصلحة الضحايا وأسرهم إعلامهم بوجود مذكرات اعتقال، نظرا لأن السلوك الذي تناولته المذكرات لا يزال مستمرا من قِبَل القادة الإسرائيليين.
"غزو لاهاي".. إلى أي حد يمكن أن تواجه أميركا المحكمة؟
هذه الضغوط التي يمكن أن تتعرض لها إسرائيل وحلفاؤها، تفسر صدمة الأوساط السياسية الإسرائيلية بالحُكم، وإصرارها على نعته بأوصاف من قبيل "المعادي للسامية" أو "السخيف الذي يُسعد أعداء إسرائيل" أو "مكافأة الإرهاب"، في حين يبذل حلفاؤها جهودا في تحجيم تداعياته، من ضمنها تهديد السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، بفرض عقوبات على الدول التي تتعاون أو تستجيب لقرار الجنائية الدولية، ودعوته إلى التحرك بقوة ضدها.
وهو ما أيَّده عدد من المسؤولين الأميركيين الذين دعوا مجلس الشيوخ إلى فرض عقوبات على الجنائية الدولية، فيما ندد الرئيس الأميركي "جو بايدن" بالقرار واصفا إياه بـ"الشائن"، ومؤكدا وقوف بلاده دائما بجانب إسرائيل.
كما يبدو أن الضغوط الموجهة إلى المحكمة سبقت إصدارَ القرار ولم تكن وليدة الأيام الأخيرة، ويرجح ذلك استغراقَ القضية فترة 6 أشهر في الدائرة التمهيدية حتى يتمكن القضاة من اتخاذ قرار بشأنها، في حين يبلغ متوسط الانتظار في العادة شهرين. ومقارنة بقضية أخرى، استغرق الأمر 3 أسابيع فقط لإصدار مذكرات اعتقال بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والمفوضة الروسية لحقوق الطفل، ماريا بيلوفا.
ويدعم وجهةَ النظر هذه ما أبرزته تقارير عدة بشأن ضلوع إسرائيل في تهديد مسؤولي الجنائية الدولية على مدار أكثر من 6 أشهر، وذلك بعدما أعلن المدعي العام للمحكمة كريم خان في مايو/أيار الماضي، عن سعيه لإصدار مذكرات اعتقال بحق القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم حرب في قطاع غزة.
وفور إعلان المدعي العام عن نيته، واجهت الجنائية الدولية سيلا من الانتقادات من مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، مرفقة بتحذيرهم من "العواقب" التي قد تطال أعضاء المحكمة.
وضمن حرب الرد والرد المضاد، نشر مكتب المدعي العام بيانا غامضا على منصة "إكس"، طالب خلاله بإيقاف جميع المحاولات الرامية إلى ترهيب مسؤولي المحكمة الجنائية ومحاولة التأثير عليهم بشكل "غير لائق".
ومع أن البيان لم يحدد ماهية التأثيرات "غير اللائقة"، ولم يعلن صراحة عن مصدرها، فإن وسائل إعلام غربية كشفت علاقة البيان الغامض بما تقوم به إسرائيل، من استخدام أجهزتها الاستخباراتية ووكلائها في فرض مراقبة على مسؤولي الجنائية الدولية واعتراضها لاتصالاتهم، بما فيها المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وبريدهم الإلكتروني، بغرض الحصول على معلومات تُسهل ابتزازهم وتشويه سمعتهم، كجزء من عملية استخباراتية تهدف إلى إحباط تحقيقات المحكمة حول جرائم الاحتلال في غزة.
وتؤكد التقارير أن عمليات المراقبة أفضت إلى تزويد نتنياهو بمعلومات مسبقة عن نوايا المدعي العام، بينما تشير رسالة تم اعتراضها إلى أن كريم خان واجه ضغوطا أميركية هائلة بعد إعلانه عن نواياه.
إثر ذلك، استدعت وزارة الخارجية الهولندية السفير الإسرائيلي لديها، مودي إفراييم، في يونيو/حزيران الماضي، بعدما طرح نواب في البرلمان الهولندي أسئلة حول الاتهام الموجه إلى إسرائيل بشأن التجسس على أعضاء الجنائية الدولية.
يذكر أن هولندا -بوصفها الدولة المضيفة للمحكمة الجنائية الدولية- ملزمة بموجب الاتفاقيات؛ بحماية موظفي المحكمة وضمان سلامتهم وأمنهم.
الاستفادة من جرائم الحليف
على جانب آخر، تتخذ واشنطن موقفا سلبيا من الجنائية الدولية منذ إنشائها عام 2002، كما ترفض قبول اختصاصها فيما يتعلق بمحاكمة الرعايا الأميركيين الذين يرتكبون جرائم، نظرا لأن امتداد سلطات المحكمة من شأنه أن يعرض جنودا أميركيين للإدانة والملاحقة القضائية، بسبب تجاوزهم القوانين الدولية وارتكابهم انتهاكات تتعلق بحقوق الإنسان في مناطق عدة، كما حدث في أفغانستان والعراق.
وسعت الولايات المتحدة إلى تعزيز ما تسمى "اتفاقيات الحصانة الثنائية" (BIAs)، وهي اتفاقيات عُقدت بشكل منفرد بين واشنطن ودول عدة، وتنص على عدم تسليم المواطنين الأميركيين إلى الجنائية الدولية.
ومنذ عام 2002، اجتهدت واشنطن في إبرام اتفاقيات حصانة ثنائية مع أكبر عدد ممكن من الدول، بينما علقت مساعداتها المقدمة إلى 35 دولة عام 2003، ردا على رفض هذه الدول توقيع الاتفاق الثنائي معها.
أضف إلى ذلك إصدار الولايات المتحدة قانون حماية أفراد الخدمة الأميركية (ASPA) عام 2002، وهو قانون يسمح للرئيس الأميركي باستخدام "الوسائل الضرورية لإطلاق سراح أي من أعضاء الخدمة الأميركية، سواء كان محتجزا أو معتقلا من قبل المحكمة الجنائية العليا أو بالنيابة عنها أو بأمر منها"، ولذلك يُعرف هذا القانون باسم "غزو لاهاي".
ويحظر هذا القانون على واشنطن ومؤسساتها التعاون مع الجنائية الدولية، كما يحظر تلقي أي خطابات أو إنابات قضائية منها، أو توجيه أي خطابات أو إحالات عليها، إضافة إلى منع أي وكالة أو كيان تابع لحكومة الولايات المتحدة من تقديم الدعم للمحكمة.
أما على المستوى الخارجي، فيحظر قانون "حماية أفراد الخدمة" تقديم مساعدات عسكرية أميركية لأي حكومة تساند المحكمة الجنائية الدولية، مع إتاحة الاستثناء في هذه المادة، بما يقدره ويقرره الرئيس الأميركي حسب مصالح الدولة.
وقد سبق لدونالد ترامب فرض عقوبات على بعض مسؤولي الجنائية الدولية خلال فترة رئاسته الأولى عام 2020، بسبب فتح تحقيقات في مخالفات ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان، ومع تراجع المحكمة ألغى جو بايدن تلك العقوبات خلال العام الأول من ولايته الرئاسية.
يشير ذلك إلى التقاء المصالح الأميركية والإسرائيلية فيما يتعلق بتقويض سلطة الجنائية الدولية والتحايل على إجراءاتها، وكثيرا ما استفاد الاحتلال الإسرائيلي من موقف واشنطن المتحفز إزاء المحكمة، وكثيرا ما تهربت الأخيرة من مواجهة جرائم مسؤوليه، نظرا لخشيتها من تداعيات ذلك على علاقتها المتوترة بالأساس مع الولايات المتحدة.
وليس أدل على ذلك، من رفض المدعي العام الأسبق للجنائية الدولية، الأرجنتيني لويس أوكامبو، النظر في طلب السلطة الفلسطينية لعام 2009 والمتعلق بضلوع الاحتلال في ارتكاب جرائم داخل غزة، تحت ذريعة عدم وضوح المركز القانوني لفلسطين ووقوعها خارج اختصاص المحكمة، نظرا لأن فلسطين لم تكن عضوا بالمحكمة آنذاك، مما يعني أن أوكامبو استند في تبرير موقفه إلى أسس سياسية بدلا من اعتماد الأسس القانونية.
على أن عداوة واشنطن للمحكمة لم تمنعها من إبداء الترحيب بإصدارها مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2023، على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
لا تتعلق المسألة إذن بالقانون الدولي ولا باحترام مؤسساته، وإنما تتعلق بموازين القوى والمصالح الأمنية والسياسية، تحجيم سبيل ذلك لا تجد الولايات المتحدة غضاضة في أن تكيل للعالم بمكيال، ولإسرائيل بمكيال آخر من الذهب.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية