سوريا ما بين الخلاص و التقسيم
جو 24 :
كتب محمد خالد الشوابكة
ما يجري في سوريا اليوم قد يُنظر إليه من بعض الزوايا كخطوة للتخلص من نظام طالما وُصف بالظالم، بعد أن فرض سلطته على الشعب السوري بطريقة قمعية، متجاهلاً مطالبهم وآمالهم في الحرية والعدالة. ولكن، ورغم ما نراه من انتصارٍ للثوار والمظلومين، فإن المشهد لا يخلو من التعقيدات غير المنطقية ببعض الشيء، حيث يُخشى وراء هذه الصورة توافق دولي قد يهدف إلى إعادة صياغة المشهد السوري وفق مصالح الأطراف الفاعلة.
حيث أن التطورات في سوريا قد تذكرنا بما حدث بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، فقد تحولت الساحة هناك إلى مسرح لصراعات وتدخلات إقليمية ودولية، وأثرت بإطالة أمدها على الاستقرار في المنطقة لعقود. وبالنظر إلى الواقع السوري الذي نشاهده، من الواضح أن البلاد قد تواجه السيناريو ذاته إذا لم يُدار الوضع بحكمة وبُعد نظر من الداخل.
القلق الرئيسي في هذا السياق هو أن الصراعات الدائرة والتدخلات الخارجية قد تؤدي إلى تقسيم سوريا وإعادة تشكيلها وفق مصالح القوى الكبرى. وهذا السيناريو يحمل في طياته مخاطر كبيرة ليست فقط على مستقبل الشعب السوري، بل أيضاً على استقرار المنطقة بأسرها. وقد يستغرق الأمر سنوات طويلة لاحتواء الصراعات وإعادة تنظيم العلاقات والمصالح المشتركة، وهو ما قد يُلقي إلى تداعيات كارثية على الشعب السوري الذي عانى على مدار سنوات من ويلات الحرب.
في هذا الإطار، فإن التحدي الأكبر أمام سوريا يكمن في كيفية إدارة المرحلة المقبلة بحكمة وعقلانية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف الداخلية والخارجية. فإذا لم يتم التوصل إلى حل يضمن وحدة البلاد ويحترم تطلعات الشعب السوري في السلام والعدالة، فقد تجد سوريا نفسها في مأزقٍ يدفعها نحو صراع مستمر مع عواقب وخيمة وهذا ما لا يتمناه الجميع.