تمخض الجبل فولد فأراً: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن
جو 24 :
كتب كابتن اسامه شقمان - بعد نقاشات مطولة وجدل امتد لفترة طويلة، أعلنت اللجنة الثلاثية التي تضم ممثلين عن أصحاب العمل والحكومة والعمال، قرارها برفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص من 260 دينارًا إلى 290 دينارًا، اعتبارًا من الأول من يناير 2025. خطوة طال انتظارها لكنها جاءت مخيبة لآمال الكثيرين، وسط تباين واضح في الآراء بين العمال وأصحاب العمل حول تأثيرها على الاقتصاد والمعيشة.
رغم التصريحات الرسمية التي تؤكد أن القرار يهدف إلى تحسين مستوى معيشة العاملين في القطاع الخاص، فإن رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 30 دينارًا فقط يبدو ضئيلاً مقارنة بالاحتياجات الحقيقية للأسر الأردنية.
تشير التقديرات المحلية إلى أن خط الفقر يبلغ 480 دينارًا شهريًا، بينما يقدره البنك الدولي بحوالي 800 دينار، ما يعني أن الحد الأدنى الجديد لا يكفي حتى لتغطية نصف الاحتياجات الأساسية للأسرة.
هذا الواقع يثير تساؤلات حيال جدوى القرار وأثره الحقيقي على تحسين معيشة شريحة واسعة من العاملين الذين يكافحون لتأمين احتياجاتهم اليومية، في ظل تضخم اقتصادي متزايد وارتفاع تكاليف المعيشة.
بحسب وزارة العمل، فإن رفع الحد الأدنى للأجور جاء بعد توازن دقيق بين تحسين أجور العمال وأخذ ظروف أصحاب العمل الاقتصادية بعين الاعتبار. ولكن هذه "الموازنة" تبدو غير متكافئة بالنظر إلى الفجوة الكبيرة بين الدخل المطلوب للعيش الكريم ومستوى الحد الأدنى الجديد.
أصحاب العمل، من جهتهم، عبّروا عن مخاوفهم من تأثير هذا القرار على تكاليف الإنتاج، رغم أن دراسات متخصصة أشارت إلى أن رفع الحد الأدنى إلى 300 دينار سيؤدي فقط إلى زيادة طفيفة في تكاليف الإنتاج بنسبة 1.5%، وهي نسبة ضئيلة لا تهدد الأرباح بشكل كبير.
الدراسات الاقتصادية تشير إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور يمكن أن يكون له أثر إيجابي على الاقتصاد الكلي. فزيادة أجور القوى العاملة في الأردن تعني تحسين القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المجتمع، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تحفيز وتنشيط الاقتصاد المحلي.
"تمخض الجبل فولد فأراً"
في ظل الأرقام الحالية، يبدو أن رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 30 دينارًا فقط لا يرقى إلى طموحات العمال ولا ينسجم مع التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسر الأردنية. فالفجوة بين الحد الأدنى الجديد وخط الفقر تظل شاسعة، ما يجعل القرار أقرب إلى "إبرة مسكنة" في مواجهة جرح عميق.
يبقى السؤال الملح: هل يكفي رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 30 دينارًا لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة؟ أم أن الحاجة تتطلب إعادة نظر شاملة في السياسات الاقتصادية لضمان حياة كريمة للمواطن الأردني؟
.