العرب والإبداع: هل نستطيع استعادة مجد الحضارة
الكابتن اسامة شقمان
جو 24 :
تعيش الأمة العربية اليوم مفارقة تاريخية، حيث تمتلك موارد بشرية وطبيعية هائلة، ولكنها تعاني من فجوة كبيرة في تحقيق التنمية والازدهار. رغم تاريخها الغني بالإسهامات الحضارية، فإن العالم العربي يواجه تحديات مستمرة نتيجة التراجع في التعليم، وتفشي الفقر، والانقسامات السياسية والاجتماعية.
تراكمت على مدار قرون عوامل الضعف كغياب العدالة الاجتماعية، وانتشار الفكر التقليدي على حساب الإبداع والتجديد، مما أدى إلى تراجع دور المثقف والعقلاني، وإلى هيمنة أنظمة تفتقر إلى رؤية تنموية شاملة. هذا الواقع أفرز مجتمعات تعاني من أزمات متكررة، وعزز حالة من الركود الثقافي والفكري التي تعيق النهضة المنشودة.
فشلت الأنظمة الاستبدادية في بناء مشروع تنموي حقيقي يهدف إلى تعزيز قدرات الإنسان العربي. هذا الفشل أدى إلى تفاقم الأزمات الثقافية والفكرية والاجتماعية، مما خلق بيئة مشوهة عمّقت الخلل الاجتماعي والسياسي. نتيجة لذلك، تواجه المجتمعات العربية خطر التفكك والانحطاط الثقافي والسياسي.
للخروج من هذا الواقع المأساوي، تحتاج الأمة العربية إلى رؤية جديدة للمستقبل. هذه الرؤية تتطلب إصلاحًا جذريًا في أنظمة العدالة الاجتماعية، وتعزيز ثقافة الحياة وحب الوطن، وإعادة هيكلة نظم التربية والتعليم. لا يمكن تحقيق النهضة إلا باستنهاض قدرات الأمة وإبداعاتها وتوجيهها نحو مسار يعيد العرب إلى طليعة الأمم المتحضرة.
خطوات عملية نحو التقدم
1. تعزيز الحريات الفردية والإبداع
ينبغي إفساح المجال أمام الأفراد للتفكير والابتكار بعيدًا عن القيود الفكرية والاجتماعية التي تعيق الإبداع.
2. دور الدولة في التنمية
على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمع من خلال: القضاء على الأمية. توفير الرعاية الصحية والاجتماعية. دعم التعليم والبحث العلمي كركائز أساسية للتقدم.
3. تأسيس كيان تنظيمي شامل
يجب تشكيل لجنة عليا تضم خبراء من مختلف المجالات مثل الدين، السياسة، الاقتصاد، الفكر، والإعلام، لوضع استراتيجية شاملة وواقعية تهدف إلى بناء مستقبل واعد للأمة العربية.
ملامح خريطة المستقبل
1. إصلاح التعليم
التعليم هو حجر الزاوية لبناء أجيال قادرة على الإبداع والمشاركة في تقدم الأمة. يجب التركيز على تطوير المناهج، تدريب الكوادر التعليمية، وربط التعليم بمتطلبات سوق العمل.
2. تمكين الشباب
يتطلب تحقيق النهضة توفير بيئة محفزة تدعم الابتكار والمبادرات الفردية والجماعية، مع توفير فرص عمل متكافئة تدعم التنمية المستدامة.
3. تعزيز القيم الإنسانية
القضاء على الفقر والجهل والفساد.
تعزيز التسامح واحترام التنوع.
نشر ثقافة حقوق الإنسان والعمل الجماعي.
خلاصة القول
إعادة صياغة مستقبل الأمة العربية ليست مهمة سهلة، لكنها ممكنة من خلال التخطيط السليم والعمل الجماعي الجاد. يجب على العرب أن يتحولوا من أمة مستهلكة إلى أمة منتجة تسهم في خدمة البشرية وتحقق إنجازات تتناسب مع تاريخهم وإمكاناتهم. هذا الهدف لن يتحقق إلا عبر رؤية استراتيجية شاملة تهدف إلى بناء الإنسان أولاً، وتحقيق نهضة حقيقية تعيد العرب إلى مكانتهم الحضارية.
.