jo24_banner
jo24_banner

ليلة الأحلام: رحلة إلى عالم بلا حدود

الكابتن اسامة شقمان
جو 24 :


 
بعد أن أطفأت شموع الاحتفال برأس السنة، ألقيت برأسي على وسادة الأحلام، وغرقت في نوم عميق. فجأة، وجدت نفسي في عالم يشبه لوحة فنية صممها خيال ساحر. عالم لا يعرف الحروب، ولا تحمل أجواؤه سوى رائحة الزهور والنسيم العليل. رأيت كوكب الأرض وقد تحول إلى جنة حقيقية، حيث يعيش البشر في انسجام تام مع الطبيعة ومع بعضهم البعض.

كانت العدالة تتجسد في كل مكان، كأنها شمس أبدية لا تغيب. رأيت شعوب العالم تتحد، أيديهم متشابكة، يعيدون بناء تاريخ جديد قائم على الحب والتعاون. في هذا العالم، لم تكن هناك حدود ولا جدران تفصل بين الدول. كان الجميع يعيشون في مجتمع عالمي واحد، يتبادلون الأفكار والابتسامات بدلًا من النزاعات والخلافات.

في غزة، كانت الحياة نابضة كأنها قلب الأرض. شوارعها ملأى بالفرح، وأطفالها يركضون بحرية، ضحكاتهم تُسمع كأنها أنغام موسيقى. المدارس والمستشفيات تنبض بالحيوية، والأسواق تعج بالخير الوفير. لم يكن هناك أثر للدمار أو الحصار، فقد تحولت غزة إلى منارة للسلام، حيث تُعقد المؤتمرات وتُبنى الحضارات.

في كل زاوية من هذا العالم، كانت التكنولوجيا في خدمة الإنسان، تُسهم في القضاء على الأمراض والجوع، وتعيد للبيئة نقاءها. كانت الغابات تعود للنمو، والأنهار تستعيد صفاءها، والسماء تزداد زرقة مع كل صباح.

عودة إلى الحقيقة: كابوس اليقظة

ولكن، وكأن صوتًا خفيًا أيقظني من حلمي، فتحت عيني لأواجه الواقع. عدت إلى عالمنا المعتاد، حيث الأخبار محملة بصور الدمار والبؤس. غزة التي رأيتها تزدهر، ما زالت تقبع تحت وطأة القتل و الدمار الذي استمر لأكثر من 450 يومًا، والعدوان الاسرائيلي ينهش أرواح الأبرياء. اللاجئون يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في ليالي الشتاء القاسية، بينما الأطفال يحلمون برغيف خبز يسد رمقهم.

الطائرات ما زالت تمزق السماء، والبيوت تتهدم على رؤوس ساكنيها. أما العدالة التي رأيتها في حلمي، فهي في واقعنا مقيدة بسلاسل المصالح والسياسات. الإنسان هنا ليس سوى رقم في نشرات الأخبار، وألمه ليس سوى مشهد في فيلم يتكرر كل يوم.

أمل بين الحلم والواقع

رغم هذا الواقع، أدركت أن حلمي لم يكن مجرد خيال، بل رسالة. رسالة بأن العالم المثالي ليس مستحيلًا، لكنه يتطلب منا شجاعة وإرادة. علينا أن نؤمن بأن التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، بيد تمتد للمساعدة، بكلمة طيبة تزرع الأمل، بقرار يُقدم فيه الخير على المصلحة.

الحلم هو الشعلة التي تنير طريقنا في ظلام الواقع، لكنه لا يكفي وحده. علينا أن نكون بناة الأحلام، نحولها إلى جسور نعبر بها من الألم إلى الأمل.

في النهاية، ربما لن نعيش يومًا في عالم كامل المثالية، ولكن إذا بذلنا جهدنا، يمكننا أن نصنع عالمًا أقل قسوة، وأكثر إنسانية.

 
.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير