jo24_banner
jo24_banner

ترامب الثاني: بين الإرث الثقيل والتحديات العالمية

أحمد عبدالباسط الرجوب
جو 24 :

 
في العشرين من يناير 2025، يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية (ترامب الثاني)، حاملًا معه إرثًا ثقيلًا من التحديات والملفات الشائكة التي قد تعرقل مسيرته في المجتمع الدولي. فقد أظهرت ولايته الأولى مواقف حادة وداعمة بلا هوادة للكيان الصهيوني، حيث أعلن القدس عاصمة لدولة الكيان واعترف بضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة. كما أثارت تصريحاته بشأن شراء جزيرة غرينلاند وانضمام كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية جدلًا واسعًا، ليضيف بذلك بُعدًا جديدًا لرؤيته المثيرة للجدل في العلاقات الدولية. هذا الإرث السياسي يثير تساؤلات جوهرية حول مدى التغير المحتمل في سياسته الخارجية في ظل واقع دولي متحول.

مرحلة ثانية محملة بالتحديات
المرحلة الثانية لرئاسة ترامب تشير التوقعات إلى أنها ستكون أكثر هيمنة على الساحة العالمية مقارنة بفترة رئاسته الأولى. ومع ذلك، فإن العالم بات أكثر تعقيدًا وتهديدًا، يعكس توازنًا هشًا بين توجهاته السابقة والتحديات الجديدة التي تفرضها الظروف الدولية المتغيرة. ورغم تركيزه على شعار "أميركا أولًا" داخليًا، فإن أجندته الاقتصادية، مثل التعريفات الجمركية وتمديد التخفيضات الضريبية، قد تُسبب موجة جديدة من التضخم وزيادة الديون. إضافة إلى ذلك، فإن سياسات ترحيل المهاجرين قد تعطل الاقتصاد.

على الصعيد الخارجي، قد يجد ترامب نفسه سريعًا في مواجهة تحديات سياسية عالمية، بدءًا من حرب أوكرانيا إلى الشرق الأوسط المضطرب بعد الحرب على قطاع غزة. وفي ظل هذه البيئة المتقلبة، يُتوقع أن تكون تصريحاته بشأن شراء غرينلاند وانضمام كندا بمثابة أوراق ضغط سياسية واقتصادية أكثر منها خطوات قابلة للتنفيذ.

قضايا المجتمع الدولي والبؤر الساخنة
من المتوقع أن تكون سياسة ترامب امتدادًا لنهجه الأول، لكن مع تعقيدات إضافية.

1.في الشرق الأوسط: في ملف الحرب على غزة ولبنان، من المرجح أن يستمر ترامب في دعم الكيان الصهيوني بشكل غير محدود، مما يزيد التوترات في المنطقة. أما في الحرب الأوكرانية، فقد يتسم موقفه بالغموض بسبب شكوكه المستمرة تجاه دعم حلف الناتو، وانتقاداته المتكررة للدول الأوروبية لتقاعسها عن تحمل مسؤولياتها.

2.فيما يتعلق بكندا وغرينلاند: تصريحات ترامب السابقة حول إمكانية انضمام كندا إلى الولايات المتحدة أثارت دهشة الكثيرين، إلا أنها تعكس رؤيته التوسعية لتعزيز الهيمنة الاقتصادية والسياسية. أما مسألة شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، التي قوبلت بالرفض القاطع في الماضي، فقد تعود إلى الواجهة كجزء من استراتيجيته لتوسيع النفوذ الأمريكي في القطب الشمالي، في ظل صراع النفوذ مع روسيا والصين.

3.التحديات مع الصين وروسيا: تمثل الصين الخصم الاستراتيجي الأبرز للولايات المتحدة، ويتوقع أن تشهد العلاقات بين البلدين تصعيدًا تجاريًا وتكنولوجيًا. أما روسيا، فهي في صراع مباشر مع الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا، ورغم مواقف ترامب السابقة المترددة تجاه موسكو، فإن دعمه لحلف الناتو قد يظل محدودًا.

الوضع السوري الجديد
خلال ولايته الأولى، أبدى ترامب رغبة متكررة في تقليص التواجد العسكري الأمريكي في الخارج، مع إبقاء القوات في مواقع استراتيجية لضمان المصالح الأمريكية. في ولايته الثانية، قد يواصل ترامب هذه السياسة مع احتمال تعزيز التواجد العسكري شرق الفرات لمواجهة النفوذ الإيراني والروسي. كما قد يعتمد قراره على التطورات الإقليمية وضغوط حلفائه، خاصة الكيان الصهيوني ودول الخليج.
هيئة تحرير الشام قد تظل قضية حساسة، وقد تتجه الإدارة إلى دعم غير مباشر عبر قنوات دبلوماسية أو استخباراتية إذا رأى ترامب في ذلك فائدة استراتيجية. يبقى الملف السوري اختبارًا رئيسيًا لقدرة ترامب على التوفيق بين شعاره "أميركا أولًا" واستراتيجيات واقعية.

الخليج العربي والشرق الأوسط
قد يركز ترامب على استغلال نفوذه الاقتصادي والعسكري للحصول على مزيد من الامتيازات المالية من دول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية. أما تصريحاته السابقة حول "إحراق الشرق الأوسط"، فقد تعكس نهجًا أكثر عدوانية.

1.مع حماس: قد يتجه ترامب إلى دعم دولة الكيان الصهيوني بشكل غير محدود، مما يؤدي إلى تصعيد الأوضاع في قطاع غزة.
2.مع إيران: استمرار سياسة "الضغط الأقصى" قد يؤدي إلى عمليات عسكرية محدودة ضد المنشآت النووية الإيرانية أو حلفائها في المنطقة.
3.مع الحوثيين: قد يدعم ترامب تحالفًا عربيًا جديدًا بقيادة السعودية في مواجهته للحوثيين، مما يزيد العمليات العسكرية في اليمن.

الدلالات
تصريحات ترامب عن كندا وغرينلاند تشير إلى استمراره في نهجه المثير للجدل، ساعيًا إلى فرض هيمنة أمريكية على الساحة الدولية، سواء عبر التصعيد الكلامي أو الخطوات العملية. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه السياسات يعتمد على السياق السياسي والعسكري السائد.

خاتمة: بين الماضي والمستقبل
ترامب الثاني قد يكون أكثر شراسة في تنفيذ أجندته مستفيدًا من خبرته السابقة. لكن العالم اليوم أكثر تعقيدًا مع صعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا. يبقى السؤال الأهم: هل سينجح ترامب في التكيف مع هذه التحديات أم يواصل نهجه الصدامي؟ الإجابة ستتحدد في السنوات القادمة.

باحث وكاتب اردني

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير