2025-01-30 - الخميس
10°C
صافي
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الصمود الأسطوري والعودة للمنازل رغم الركام..!

فريق ركن متقاعد موسى العدوان
جو 24 :


عودة الغزيين النازحين إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، خلال اليومين الماضيين على شكل طوفان بشري سائرون على أقدامهم، يحمل رسالة قوية لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية وللمتطرفين الصهاينة، في دعواتهم لتهجير الغزيين من وطنهم كرها أو طوعا. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل عل جهلهم بطبيعة وعقيدة الغزيين، الذين يتمسكون بوطنهم يقدّسونه، حتى وإن كانت منازلهم ركاما على سطحه. إنهم يعودون إليه ليقبلوا حجارته وترابه، لأنهم يعلمون أن من هدمه ا وعاث فيها فسادا بآلته الحربية، كان مجرما لا يعرف معنى الإنسانية.

من يدعون لهجرة أهل غزة، لا يعرفون تاريخ الغزيين، ولا يعرف تاريخ هذ المدينة التي يحمل القطاع اسمها، وهي التي فتحها القائد العربي المسلم، عمرو بن العاص في صدر الإسلام. ثم وقفت صامدة في وجه الغزاة والطامعين على مر العصور، كالفراعنة، الإغريق، الرومان، البيزنطيين، العثمانيين، والبريطانيين. فكانت قلعة تتحدى قوتهم وجبروتهم. وها هي اليوم تقف بعزة وشموخ، تصارع القوات الإسرائيلية الغاشمة، بكل ما لديها من ترسانة عسكرية متفوقة.

عند العودة إلى التاريخ الحديث، نجد أن غزة كانت عصية على الاحتلال. فمثلا احتلت إسرائيل قطاع غزة في حرب عام 1967، من تحت الإدارة المصرية. وحاولت فرض سيطرتها الكاملة عليها، ولكنها في الواقع شكلت معضلة أمنية وإدارية كبرى لذلك المحتل، لدرجة أن اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، تمنى أن يصحو من النوم ذات صباح، ليجد غزة وقد ابتلعها البحر. أما تسيفي لفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة فقد قالت : " إذا أردت الموت لشخص ما، قل له اذهب إلى قطاع غزة ".

في عام 1993 اضطرت القوات الإسرائيلية للانسحاب من غزة، وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية دون قيد أو شرط. وفي عام 2008 شنت تلك القوات عملية عسكرية على مدينة غزة أطلقت عليها اسم " الرصاص المسكوب " استمرت لمدة 22 يوما. إلاّ أن تصميم أهل غزة على الصمود والمقاومة، أفشل العملية العسكرية، رغم ما حل بالمدينة من قتل ودمار. وها هم المتطرفون الصهاينة يدعون لحكم غزة من جديد، فلعلهم يواجهون ما واجهه غيره من قبل.

وما أشبه اليوم بالبارحة، حين حاصرت ثلاث جيوش نازية مدينة ليننغراد السوفيتية لمدة 900 يوم، إلاّ أن أهالي لينينغراد صمدوا أما القصف الجوي والمدفعي والجوع والبرد والمرض. واليوم وبعد حصار قطاع غزة لأكثر من 17 عاما، وصمود أهلها أمام القصف الجوي بقنابل تزيد زنتها عن 2000 رطل، إضافة للاقتحامات البرية بكل ما فيها من قتل وتدمير لمدة تزيد عن 450 يوما بعد عملية " طوفان الأقصى "، تخرج المقاومة والشعب الغزيّ منها، أكثر تمسّكا بوطنهم والوقوف بكل قوة وعزم بوجه المحتل. ونرى هذه الأيام النازحين إلى جنوب القطاع، يعودون إلى منازلهم بشماله، في عودة ستكون بعون الله بداية الطريق للعودة الكبرى، إلى بقية أرض فلسطين المحتلة.

لقد طلبت من أهل غزة في مقالاتي السابقة، أن يقتدوا بأهل مدينة لينينغراد، وتخليد صمود مدينتهم في وجه العدو النازي. وأكرر طلبي اليوم لأهل غزة، بأن يتساموا فوق الجراح التي تسبب بها العدو المجرم، ويخلدوا صمودهم الأسطوري في وجه العدو الإسرائيلي أما الأجيال اللاحقة، بأن ينصبوا لوحة كبرى من حجر الجرانيت الصلب، في أهم موفع بمدينة غزة، يُكتب عليها بأحرف كبيرة بارزة: "أتمنى أن أكون بصلابتكم يا أهل غزة البواسل".

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير