2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الاوضاع الاقتصادية الصعبة تحول دون عودة "خدمة العلم"

الاوضاع الاقتصادية الصعبة تحول دون عودة خدمة العلم
جو 24 :

دعا المشاركون في ورشة العمل «منتدى الدستور للفكر والحوار» وجاءت تحت عنوان «خدمة العلم.. وإمكانية إعادتها برؤية جديدة» إلى إيجاد مشروع وطني استراتيجي يكون التدريب العسكري جزءا منه وتدريب مهني وتربية وطنية تشجع على الخدمة التطوعية، إضافة إلى وضع آليات تنفيذ برنامج خدمة العلم.
وطالب المتحدثون خلال الورشة بتعزيز الثقافة المعرفية بتاريخ الدولة الأردنية ودور الهاشميين والقيادات الأردنية التاريخية في بناء نهضة الأردن الحديث.
وتوافقوا على مسمى «الخدمة الوطنية» كبديل لـ»خدمة العلم»، اضافة الى استحداث مفهوم جديد يتوافق مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع الأردني.
وقال المشاركون انه لا يجب النظر إلى خدمة العلم على أنها الحل الوحيد لمشاكل الشباب التي ظهرت على السطح في العقدين الأخيرين، مطالبين بدمج مادتي التربية الوطنية والعلوم العسكرية واستحداث مادة باسم الخدمة الوطنية تتولى تدريسها والإشراف عليها المؤسسة العسكرية.
كما دعا المشاركون إلى وضع تصوّر جديد لخدمة العلم يكون منتجا وأكثر فائدة للشباب والمجتمع والدولة، مؤكدين أن خدمة العلم دعوة صادقة لإعادة صياغة شخصية الشباب الأردني.
وأوضحوا أن خدمة العلم ضرورية جداً وليست فقط تدريباً عسكرياً أو سلوكيا بل إعدادا مهنيا ووظيفيا، مؤكدين ضرورة إدخال مفهوم الروح العسكرية لكل أعمالنا.
وأكد المتحدثون أن عدم معرفة الشباب بما يقوم به الجيش ودوره بتحقيق الوحدة الوطنية يؤكد ضرورة عودة «خدمة العلم»، مشيرين الى ان إمكانية عودة خدمة العلم كما كانت سابقا متعذرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

رئيس التحرير المسؤول:

بسم الله الرحمن الرحيم... والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخلق والمرسلين.. نرحب بكم في دار الدستور، لمناقشة موضوع مهم يمسّ أجيالنا، وبناءهم من الناحية الوطنية على أسس سليمة، هؤلاء الذين علينا أن نعترف أن جميع الخطط والأفكار والمبادرات التي برزت خلال السنوات الماضية، للوصول إلى تعامل نموذجي معهم قد فشلت، وهذا الفشل يعني بالضرورة الفشل مع الفئة الأكبر من المجتمع، لقد استطاعت للأسف سياسات الإهمال والعشوائية أن تحول جزءاً كبيراً من شبابنا إلى بؤر عنف، لا يربطهم بالقيم الوطنية مظهراً ولا سلوكاً أي رابط، وبدلاً من أن يكونوا منارات لتصدير العلم، ورفد المجتمع بالقيادات السياسية والإدارية، ونتيجة فشل المؤسسات الاجتماعية، سواء الأسرة والمدرسة والجامعة، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تشوه واضح في تفكير النشء، وقع الشباب تحت تأثير مفاهيم مغلوطة في الدفاع عن كرامته، وعن شخصيته، تحول الكثيرون منهم إلى قنبلة موقوتة، تنفجر على أتفه الأسباب، وتعيث في المجتمع عنفاً وتدميراً، إذ باتت الكرامة يثار لها عند الشاب من أجل خلاف على جهاز خلوي مع أحد زملائه، أو بسبب التنازع على الجلوس على مقعد في حديقة الجامعة، أو النزاع على صداقة إحدى الطالبات، وكثير من هذه القضايا السخيفة التي تجر خلفها صدامات تجتاح عائلات وعشائر، وكل هذا كما قلنا نتيجة الفشل العام في أداء المؤسسات المهنية في المجتمع، التي من واجبها أن تكون مشاركا فعالا في بناء شخصية الشاب، شبابنا الآن يواجهون الفراغ الثقافي والوطني والروحاني وهنا تبرز أهمية المؤسسة التي ما زالت وستظل بإذن الله راسخة ثابتة تشكل البناء الأساس في الوطن كله وهي مؤسسة القوات المسلحة التي لعبت دورا كبيرا على امتداد العقود الطويلة في بناء الشباب جسديا وروحيا ووطنيا، من خلال فكرة خدمة العلم التي تجعل ارتباط الشاب بوطنه مبنيا على أسس سليمة صحيحة وقد شاهدنا عددا من الأجيال التي شملتها خدمة العلم إبان تطبيقها فعليا على ارض الواقع يمثلون نموذجا سليما وناجحا للشاب الأردني الملتزم بمبادئه الوطنية على أسس سليمة وكان هذا بفضل التربية الجسدية والثقافية التي تلقاها خلال خدمة العلم ولنعترف بأنه بعد تجميد خدمة العلم بدأنا منذ سنوات طويلة نلاحظ الخلل في مسيرة الشباب سواء في المظهر أو في السلوك ويبرز بين الحين والآخر الحديث عن إعادتها مرة أخرى إلى أرض الواقع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عند الشباب.
السؤال الكبير المطروح اليوم، لماذا لا يعود تطبيق خدمة العلم من جديد برؤية جديدة عصرية لا تشكل أولاً عبئاً مالياً على موازنة الدولة من ناحية، ومن ناحية ثانية إعادة التفكير بمدتها وليس كما كانت عامين، أو الاكتفاء بالتدريب لمدة ستة شهور أو البدء بتدريب الطلبة منذ المرحلة الثانوية، أسئلة كثيرة تدور في المجتمع حول هذا الموضوع. سنحاول في هذه الورشة أن نجيب عليها ونخرج ببعض التوصيات في هذا المجال لأننا نؤمن أن الإعلام، كما نردد دائماً، هو الرافعة الحقيقية لأي فكرة أو مشروع وطني.

العين الدكتور جواد العناني

أشكر الأستاذ محمد التل رئيس التحرير المسؤول، وأحيي وأرحب بالإخوة الحضور، وأرى نفسي أقلهم علاقة بالموضوع وأقلهم قدرة بالإجابة على هذا السؤال الخطير، ولكن أولاً أعتقد أن حجم التحول الذي يجري في المجتمع وفي الوطن العربي ككل، والتحول الكبير عادة يخلق خوفاً، الخوف هو نقيض الأمن، فقدان الشعور بالأمن يعني التحول إلى مظاهر عنف، وهذه حقيقة اقتصادية اجتماعية أساسية.
ثانياً النظام التعليمي، التعليم عندنا كان في السابق وسيلة للحراك الاجتماعي، فكان الناس يأتون من طبقات أقل حظاً أو أقل مالاً وثروة ويجتازون الصفوف الاجتماعية للمقدمة بسبب العلم، العلم أصبح الآن وسيلة للطبقية، ولأننا قسمنا التعليم إلى قسمين، قسم له علاقة بالعالم، يتحدث صاحبه لغات أجنبية، يتقن لغة العصر، ويستطيع أن يجد وظائف ذات مردود عالٍ، بينما غالبية الذين يذهبون أو يلتحقون بالمدارس الحكومية بالذات أو المدارس العامة، يخرجون لينافسوا في وسط الازدحام على فرص عمل محدودة، وهذا الازدحام في كل مكان أصبح قضية خطيرة.
الملاحظ في كثير من الدول والدراسات التي أجريت، وأنا كنت في جامعة مختصة في الدراسات الاجتماعية الطبية، وجدوا أن الازدحام يخلق عادات وسلوكيات رهيبة جداً، نحن لم ننتبه أن الازدحام في عمان ازدحام على الوظائف وازدحام على الفرص يخلق حالة من الضيق، ولذلك تحولت السيارة إلى سلاح، سلوكيات التعبير الرافض للضيق في رأيي ظاهرة اجتماعية يجب الانتباه إليها، وتصب مباشرة في عملية التعليم.
الأمر الثالث الملاحظ هو عدم قبول فكرة التدريب والالتحاق بالعمل إذا لم يكن العمل ما يريده الخريج، فالخريج الذي يذهب إلى الجامعة لا ينتبه ولا يفطن لقضية أساسية وهي أن الإنسان يغير مهنته على الأقل ست مرات خلال حياته، الآن من يتخرج تخصص لغة عربية يجد عملا، لكن من يتخرج لغة إنجليزية لا يجد عملا، ومن يتخرج تخصص كمبيوتر يجد صعوبة في إيجاد فرصة عمل، ومن تخرج جغرافيا يجد عملا، فهذا عكس ما كان الأمر قبل سنوات، لذلك هناك غياب للتخطيط للقوى البشرية، إذن نحن بحاجة إلى وسائل تدريب وإعادة تدريب، لا يكفي أن تدرب الشخص على أداء المهنة، لكن يجب أن يتعلم سلوكها والانضباط فيها واحترامها، وأن يشعر بأن أي مهنة في العالم تحتاج إلى كفاءة ولها أصولها وإداراتها، نحن لا نعلّم ذلك، فيعتقد الشخص أنه يتعلم المهنة بسرعة، حتى في تجربة الفنادق بالأردن عندما بدأ الناس يَعون بأن هذه المهنة لها أصولها واحترامها وسلوكياتها.
أعتقد في ضوء هذه الحقائق جميعها تصبح خدمة العلم ضرورية جداً، ولذلك نظرتنا لها ليست تدريباً عسكرياً، ولا هي تدريب سلوكي، بل هي أيضاً إعداد مهني وإعداد وظائفي، إذا انتفى عنها ذلك فستصبح جهداً ضائعاً، إذا تخرج الشخص منه لن يبقى الكثير معه لما يمارسه في الحياة، مثال بسيط جداً «التحريج»، فلماذا لا يرتبط التدريب المهني بالتحريج، ندرب الأشخاص على السلوك بأن يستيقظوا مبكراً ويتصرفوا كجنود، وكل مجموعة تعطى جزءا من الأرض في المناطق الحرجية ليقوموا بتحريجها، وتكون الغابة باسم تلك الفرقة التي قامت بذلك، ويبقوا خلال سنة على الأقل مسؤولين عنها، والفريق الذي يأتي بعده يكمل العمل.
اعتقد إذا استطعنا أن نزرع الأشجار المناسبة فسنستطيع أن نعيد بناء غاباتنا في الأردن بشكل سريع جداً، فهذا مثال على ما يمكن عمله.. وممكن أن ندرب في الزراعة وفي قطف الزيتون والعوائد تذهب لهم، فبرأيي إطفاء الجانب المعنوي والجانب الفكري على الموضوع والنظرة إلى العمل وإعادة مفهوم قيمة العمل، ليس فقط مجرد ملء، فنحن نسميه للأسف تعبئة شواغر، فتعبئة الشاغر كلمة مهينة، لأنها تعني بأن هذا الشخص أتى لتعبئة شاغر، بينما هو يقوم بعمل متكامل منتج له مردود ويشعر به. ومن هنا يجب أن نعيد قيمة وروح العمل، فأعتقد أنها فرصة ممتازة من خلال التجنيد وخدمة العلم أن تكون هي البرنامج الذي من خلاله نهيئ عشرات الألوف من الشباب لكي يدخلوا سوق العمل ولديهم مرونة في الذهن وجوانب عملية بأن القيمة النهائية لك كشخص ليس في العمل الذي تقوم به وإنما مدى قدرته لإتقانه وجعله قيمة مضافة في المجتمع، هذا في رأيي مقدمة للموضوع.

النائب بسام البطوش

بسم الله الرحمن الرحيم.. بداية أنا سعيد جداً بهذه الجلسة والورشة الحوارية بمعية قامات من أساتذتنا وزملائنا الأكارم، الشكر كل الشكر دائماً للدستور المؤسسة الصحفية والإعلامية الغراء المعنية دائماً بشجون وهموم الوطن، وعلى رأسها الأستاذ محمد التل رئيس التحرير المسؤول.
أعتقد بأن الدكتور جواد العناني قدم مدخلاً مناسباً جداً للحديث عن إعادة النظر في مفهوم خدمة العلم أو الخدمة الوطنية على المستوى الوطني، كان لدينا تجربة نعتز ونفتخر بها في الأردن في تطبيق تطبيقات متعددة ومتقطعة أحياناً لخدمة العلم حسب الظروف السياسية والعسكرية للبلد في المراحل المختلفة، وحسب الوضع الإقليمي والصراع مع العدو في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وأنا من الذين تشرفوا بأداء خدمة العلم في منتصف الثمانينيات، وأعتقد أنها كانت فرصة مناسبة ومواتية لي ولجيلي أن نلامس الحياة في واحدة من أهم المؤسسات الوطنية التي بنيت الدولة الأردنية عليها، وهي كانت مؤسسة عسكرية إحدى الدعامات الأساسية لبناء الدولة الأردنية، والتي نعلم ما دورها الوطني والتنموي المتنوع في البلد، على المستوى الثقافي والتعليمي ودور الثقافة العسكرية وعلى المستوى الطبي والصحي، وعلى مستوى التأهيل والتدريب الهندسي لكفاءات، وفي جميع مجالات الحياة المختلفة كانت دائماً المؤسسة العسكرية تقدم، وأعتقد كان دخول الشباب الجامعيين في الخدمة العسكرية محاولة لتصنيف هؤلاء الشباب حسب تخصصاتهم، والاستفادة منهم وتوظيف هذه الطاقات لخدمة المؤسسة العسكرية، ولمساعدتها في أداء دورها في المسؤولية المجتمعية وفي المجتمع بشكل عام، فكانت فرصة لصقل شخصية الشباب وتعريفهم على التكوين الثقافي المتنوع للبلد، فاليوم للأسف أصبح أبناؤنا يولدوا في قرية ويذهبوا إلى الجامعة القريبة من هذه القرية، وينهي الدكتوراه في قريته دون أن يلامس أي محافظة من محافظات الوطن، فكانت الفرصة مواتية وثمينة للدمج الاجتماعي بحيث نعرّف الشباب على بعضهم على هذا التنوع الثقافي والتنوع الاجتماعي الموجود في البلد، نساهم في صقل شخصيتهم الوطنية بحيث يعطيهم ذلك إحساسا بالمسؤولية وبالواجب وبالتضحية، لأن الحياة ليس كلها معادلة أخذ وعطاء، وكل ما تقدمه يجب أن تأخذ مقابله، فعندما يذهب الشاب ويقدم من عمره سنة دون مقابل مادي فهي رسالة وتربية رمزية له على أنه في لحظة ما يجب أن يقدم شيئاً بدون مقابل لوطنه ومجتمعه وأمته، فهذا لا يأتي فقط بالتلقين عبر المواد التعليمية والمواد الإعلامية، بل بالممارسة، وأعتقد أن خدمة العلم كانت تشكل هذا المدخل لأن تدريب الناس على أن هنالك لحظة قد يقدم فيها للوطن شيئاً دون مقابل. لكن أعتقد أنه كان هناك رؤية عامة للدولة بأن تجربة الخدمة العسكرية وخدمة العلم بحاجة إلى إعادة نظر وإعادة تقييم من حيث تغير المعادلات في المنطقة ومن حيث زيادة أعداد الخريجين والشباب والكلفة المادية التي كانت تترتب على ميزانية القوات المسلحة الأردنية، أيضاً كان هنالك رغبة لإعادة النظر والتقييم من أجل الوصول إلى تصور جديد وشكل جديد وخدمة بشكل ومضمون مختلف يكون منتجا واكثر فائدة وعملية للشاب نفسه وللمجتمع والدولة، وهذه الخلاصة للأسف لم نتوصل لها لغاية الآن، وطالت فترة الانتظار وفترة التقييم وإعادة التقييم ولم نصل إلى رؤية جديدة في الدولة الأردنية حول كيف نعيد خدمة العلم بمفهوم جديد ونظرة جديدة توافق التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي حصلت داخل المجتمع الأردني.
وأعتقد في مثل هذه الورشة، وهنا أشكر الأستاذ محمد التل رئيس التحرير المسؤول على المبادرة لمناقشة هذا الهمّ الوطني الضروري والحساس، فقد يكون مطلوبا منا أن نقدم تصورا جديدا مداخلة ومقاربة، فكنت أتمنى أن يكون معنا أحد الإخوة من التوجيه المعنوي أو من القوات المسلحة حتى نكون مطلين على وجهة النظر التي يتبنونها في المؤسسة العسكرية.
من الممكن أن ننظر إلى مجموعة من التجارب العالمية الرائدة في التعامل مع خدمة العلم، فلو أخذنا من الوطن العربي مثلاً الجزائر، لديهم خدمة العلم الآن هي 18 شهرا، في فترة العشرية الأمنية التي حصلت لديهم والفوضى والإرهاب تم رفعها هناك إلى 24 شهرا، وبعد الاستقرار عادت إلى 18 شهرا منها ثلاثة أشهر تدريب عسكري، وشهر تدريب سواقة، ودمجهم بعد ذلك حسب تخصصاتهم وتأهيلهم وإعادة تدريبهم إلى مهن، أيضاً ممكن الاستفادة من تجربة خدمة العلم في الصين، وهناك عدة تجارب عالمية.
نحن بحاجة اليوم إلى إعادة تأهيل شبابنا، الشهادات التي يتلقونها ويتعلمونها ويحملونها، المعارف التي يتعلمونها والمهارات التي يتلقونها في التعليم الجامعي والمدرسي لم تعد مواتية وملائمة لاحتياجات سوق العمل، وأعتقد أن هذه هي المشكلة الموجودة اليوم، ارتفاع معدلات البطالة ناجمة عن أننا نقوم بتخريج أناس غير مؤهلين وغير مناسبين للاحتياجات الحقيقية لسوق العمل، فعندما يكون لدينا حوالي مليون من اليد العاملة الوافدة، إذن هنا نحن بحاجة لشبابنا لهذه الفرص، لكننا لم نقم بتأهيلهم ولا تدريبهم ولم نعطهم الكفايات والمهارات اللازمة، بل بالعكس حتى مؤسسة التدريب المهني والتعليم المهني في المدارس كل هذا للأسف أصبح الآن شكلياً لا يقدم تدريبا وتأهيلا حقيقيا مهنيا يجهز الطالب والتلميذ لأن يذهب إلى سوق العمل ويمارس مهنته، وهذا أعتقد أنه فيما لو أعدنا التفكير في خدمة العلم بأن نقدم مقاربة جديدة حيث يتم تدريبهم بضعة شهور تدريبا عسكريا لصقل شخصيتهم وإعادة بناء شخصيتهم، ودمجهم في الحياة العسكرية، بالإضافة إلى تأهيلهم مهاراتياً وتأهيل فني وتقني حتى بعد الخروج من الخدمة العسكرية يكون مؤهلا إلى جانب شهادته وتعليمه الجامعي، أن يكون قادرا على ممارسة مهنة في الحياة، من المهن التي نحن بحاجتها في سوق العمل..
كان هناك تجربة للشركة الوطنية للتدريب والتي تبنتها القوات المسلحة، وكانت تعطي 190 دينارا للشباب وتؤهلهم وتدربهم على مهن معينة ويخرجون لسوق العمل، لكن للأسف هذه التجربة لم ننجح فيها لأسباب كثيرة، أعتقد لو عدنا لخدمة العلم واعدنا دمج هؤلاء الشباب في فكرة شركة التدريب الوطني فمن الممكن أن تكون فرصة مواتية..
بالنسبة للشق المتعلق بالتربية السلوكية، فنحن بحاجة ماسة للشباب، فنرى مظاهر الميوعة الموجودة اليوم بين الشباب، وعدم الاحساس بالمسؤولية والفراغ الروحي والفراغ الوطني، وعدم وجود ثقافة وطنية حقيقية، الشعور بالانتماء الوطني الحقيقي، والهويات الفرعية المسيطرة علينا اليوم داخل الجامعات والعنف في الجامعات، فما أحوجنا لأن نكون بحاجة إلى إعادة النظر، وأعتقد أن الكلفة المادية ممكن التغلب عليها وممكن أن يقوم القطاع الخاص بعمل شراكة مع القوات المسلحة في دعم هذا التدريب والاستفادة من هؤلاء المتدربين في القطاع الخاص.

الأستاذ أحمد نواف العبادي
مدير التوجيه الوطني في المجلس الأعلى للشباب

لي حظ أوفر من الإخوة الذين تحدثوا، حيث اصبح هناك مادة نظرية كبيرة ممكن التعليق عليها، مثل قضية الفراغ الوطني والروحاني التي تم ذكرها والتأكيد على أن القوات المسلحة تجسد المؤسسية، وقضية غياب الانتاجية، التساؤلات المطروحة عند الشباب الأردني عموماً من المسؤول عن هذه الغيابات؟ الشباب الأردني، وأنا من خلال عملي كمدير للتوجيه الوطني في المجلس الأعلى للشباب أكلف بإعداد البرامج وتنفيذ الأنشطة والفعاليات مع طلبة الجامعات وحديثي التخرج.. وأريد أن أستغل فرصة وجود الدكتور أحمد المصاروة الذي كان رئيس المجلس الأعلى للشباب وكنت أنقل تذمر الشباب أثناء إقامة الفعاليات والبرامج والأنشطة بأن الدولة الأردنية كانت مسؤولة بجزء كبير عن الأوضاع التي يعيشها الشباب الأردني، لماذا تم تغييب خدمة العلم؟ هل كانت قراراً سياسياً أم كانت نتيجة ظروف اقتصادية؟ إذا كانت قرارا سياسيا لماذا؟ وإذا كانت نتيجة ظروف اقتصادية لماذا؟، فأثناء الفترة التي غيّبت فيها خدمة العلم رافقت الأوضاع الاقتصادية في الأردن جملة كبيرة من التساؤلات، ولا يخفى على أحد الأوضاع الاقتصادية التي مرت مسؤولية من، هل هي مسؤولية الشباب؟ فالأوضاع التي يعيشها الشباب حالياً والذي يعاني من غياب ميثاق شرف شبابي يجمعهم جميعاً نحو خدمة الأردن ورفع راية الأردن عالياً أصبحت مسائل بالنسبة لهم مسائل شكلية ترتبط ببعض المناسبات، أصبح هناك غياب للثقافة الوطنية، هم يتلمسون هذا الغياب ويعانون منه ومن نتائجه، لذلك خدمة العلم هي مطلب شبابي لكن بأي اتجاه؟! العديد من الذين عاشوا تجربة خدمة العلم ينقلون للشباب أن تجربة خدمة العلم كانت مصحوبة بفراغ في أحيان كثيرة كان الشباب الذين أدوا خدمة العلم في الوحدات كانت أعمالهم تقتصر على مسائل بسيطة، والذي كان يتهرب من خدمة العلم كان لا بد أن يتوسط للخدمة في مؤسسة استهلاكية أو في دائرة اللوازم والأثاث ..الخ، فالشباب يطالبون بأن يكون هناك خدمة علم ولكن لها بعد انتاجي، فأنا أختلف مع الدكتور جواد في قضية عدم قبول فكرة التدريب عند الشباب، عدم قبول فكرة التدريب لأن الشباب يشعرون بأن البرامج التي تعد سواء لتدريبهم أو لعملهم تدور في حلقة مفرغة في غياب لهدف كبير، هم الآن يدركون تماماً بأن العالم أصبح منتجاً، ولديهم إمكانيات للانتاج، لكن ما يدور في الواقع لا يوجد به إنتاج، فهم يدورون في حلقة مفرغة.
على الرغم من العديد من اللقاءات التي تمت بموضوع خدمة العلم، كان هناك شركاء من مؤسسات أخرى ومن القوات المسلحة، إلا أنه كان هناك دائماً تأكيد على أن الوضع الاقتصادي في الأردن لا يساعد على إعادة خدمة العلم، وكأن المسألة في ذهن البعض أن إحياء خدمة العلم مرتبط بصراع مع الآخر، وواقع الأمر يقول أن خدمة العلم تحتاج إلى إعادة النظر وإعادة إحيائها وبنائها مرتبط ببناء الإنسان وليس مرتبطا بصراع مع الآخر، فليس هناك ضرورة بأن ينشأ صراع مع الآخر حتى نتنبه إلى أهمية خدمة العلم.
خدمة العلم نجد أنها أصبحت أيضاً مطلبا عند الفتيات، المظهر العام للشباب أصبح مختلا، السلوك، وقضايا العنف الطلابي في الجامعات ليست مرتبطة بالظواهر التي ندرسها في ندواتنا ومحاضراتنا ولقاءاتنا ومؤتمراتنا، أثناء العامين الماضيين قمنا بإعداد دراسة بالتعاون مع عمداء شؤون الطلبة في الجامعات التقينا بالعديد من الطلاب، وبحثنا عن أسباب العنف الطلابي في الجامعات من وجهة نظر الطلاب أنفسهم، وجدنا أن الأسباب مختلفة تماماً، وهناك احتجاج لدى قطاع واسع من الشباب عن المظاهر التي ترافق قضايا العنف الطلابي، والتي في جوهرها يعتقدون أن وراءها تغييبا لدور الشباب، إذا راقبنا مواقع التواصل الاجتماعي فسنجد أسئلة كبيرة، منها من المسؤول عن الأحداث في جامعة البلقاء، ولماذا يتخذ قرار كذا ..الخ.
نحن في مديرية التوجيه الوطني بالمجلس الأعلى للشباب في كل برنامج ونشاط نقوم بعمل مجموعة ونحاول قياس أثر البرنامج على الشباب من خلال هذه المجموعة، التساؤلات التي تطرح تتهم، وتقول بأن هذه مسؤولية وطنية، وكأن الدولة الأردنية لم تعد معنية بشبابها وتركتهم للفراغ، هناك رغبة شديدة لدى الشباب بأن يتم توظيف إمكانياتهم وطاقاتهم، فالقضية ليست قضية خدمة علم بالنسبة لهم، لأنهم من الممكن أنهم لا يريدون أن يكونوا منضبطين بقضايا الربط العسكري، لكن هذه أداء، فدون أن نمأسس تنظيم الوقت الحر لديهم، ودون أن نمأسس توظيف طاقاتهم فلن نكون بحاجة إلى إعادة النظر في قرار إعادة خدمة العلم، وهي أداة أو وسيلة للضبط، فأنا أنقل هموم الشباب الأردني بأنهم بحاجة لتوظيف إمكانياتهم، ومن المسؤول عن المليون وافد الموجودين في البلد، صحيح أن هناك تعزيزا للنزعة الاستهلاكية في المجتمع الأردني وأن هذا التعزيز يجعل الناس تميل للراحة وتستبدل العمال الأردنيين بعمالة وافدة، وهناك إمكانيات تتوفر لتعطيل دور الشباب ومسؤولية إعادة خدمة العلم مسؤولية المجتمع كله، وهي بحاجة إلى قرار عاجل جداً.
اللواء المتقاعد أحمد مصاروة

بداية نشكر جريدة الدستور على هذه الورشة، فدائماً لديها هذه الأنشطة التي تهم وتؤشر على قضايا الوطن..
هذا الموضوع قديم جديد، أريد التحدث في بعض الأمور وعن التجربة التي خضناها مع هذا الموضوع لإعادته إلى الواجهة مرة أخرى لكن لم نفلح.. حقيقة خدمة العلم، وأنا كنت من المناصرين لموضوع خدمة العلم، فهي لم تلغ، بل تم تجميد القانون، وأنا لا زلت أقول طالما لم تُقم دولة على الضفة الأخرى فيجب أن لا نهمل هذا الموضوع، لأن التهديد لا يزال قائماً وموجودا ولا يجوز أن نقرأ البيئة الاستراتيجية السائدة بشكل مجزء، أحياناً نقرأ ما يحدث في بعض الدول العربية ونعكسه على البيئة السائدة بالأردن، لكن نحن نختلف، فلنا خصوصيتنا سواءً من حيث تكوين المجتمع والتعددية سواء دينية أو عرقية ..الخ.
الآن موضوع خدمة العلم، فهذا الموضوع تم تجميده، وسأعطيكم بعض ما قمنا به من تجارب، كنت أحد أعضاء لجنة من كبار ضباط القوات المسلحة، وكان هذا الأمر في عام 2007، وقدمنا إيجازا حول إعادة مفهوم خدمة العلم، نحن لا يجوز أن نقرأ الموضوع بموضوع العاطفة أو بالتهافت الذي لا يقرأ البيئة الاستراتيجية السائدة بشكل عقلاني، هناك فرق شاسع، وهذه الأمور التي وضعناها، فرق شاسع ما بين البيئة الاستراتيجية سواء على الصعيد الإقليمي أو المحلي التي سادت إبان الستينيات والسبعينيات والثمانينيات إلى غاية وادي عربه عندما تم تجميد هذا القانون، والبيئة الاستراتيجية السائدة الآن، يجب أن نضع هذه المعايير. واجهتنا عدة تحديات عندما قدمنا الإيجاز، التحدي الأول كان تحدي الحاجة، لماذا، ما الذي نريد من إعادة هذا المفهوم للواجهة مرة أخرى؟ هل التحدي «عسكري» يفرض علينا أن نضع عددا كبيرا من الشباب الأردني تحت السلاح لمواجهة ما يمكن أن يحصل في أي لحظة؟! هل ما نريده هدف استراتيجي اقتصادي؟ التحدي الثاني الذي واجهنا تحدٍ اقتصادي بحت، عندما وضعنا الخطة، حيث كنت عضوا في الفريق، وضعنا الخطة أن نعيد مفهوم خدمة العلم شهرين، تدريب شهرين، وكان من عناصر الخطة الاستراتيجية التي وضعناها، خريجو التوجيهي، وجدنا ان الذين يتخرجون من التوجيهي قرابة 120 ألفا، قلنا لتستوعب الجامعات منهم 50-60 ألفا، وتأخذ القوات المسلحة والأجهزة الأمنية 10 آلاف، فيكون العدد حوالي 70 ألفاً، يبقى 50 ألفا، وإذا قمنا باستثناء 20 ألفا وهم الاناث حيث في المرحلة الأولى قلنا بأننا لا نريد أن ندرّب الفتيات، فيبقى لدينا 30 ألفا.. عندما قمنا بتقسيم الـ30 ألفا لمجموعات على أساس تدريب شهرين، فلدينا حوالي سنة على شهرين، أي ستة ورديات، فـ30 على 6 ورديات إذن 5 آلاف في كل وردية، واجهنا أول تحد وهو تحدي الاستيعاب، أين هي مراكز التدريب التي ستستوعب 5 آلاف، فالاستيعاب لدينا لا يتجاوز 3500. فموضوع الاستيعاب وضع عقبة أمامنا.
التحدي الثاني كان تحديا اقتصاديا بحتا، فوجدنا أن مجرد تدريب شهرين في السنة فنحن بحاجة إلى 100 مليون، أين هذا المبلغ؟! صحيح أننا راغبون بذلك كثيرا، ونشعر أن الشباب الأردني أصبح في مهب الريح، منظومة القيم والمثل أصبحت مختلة، حتى أصبح الشباب يفكرون بالمال.. فدخل عليه جهات لا تعلم من هي، كلنا نقول بأن إخراج الشباب الأردني وهذه التحولات التي حصلت من مظلة وفكر الدولة الأردنية هذا مربك، فلم نصل إلى النهايات الاستراتيجية في الإقليم، فلا يزال هناك تهديد، وهو التهديد الأول التهديد الإسرائيلي ويجب أن لا نخجل أن نقول ذلك، أميركا لا صديقة لها إلا مصلحتها ولا حليف لها إلا إسرائيل، فمن أين نأتي بمائة مليون..!!.
وجدنا التحدي الثالث الذي واجهنا وهو الاستخدام، فبعد أن يتم تدريبهم لمدة شهرين أين سنذهب بهم!؟ فإن أردت أن تصقل الشباب الأردني وأن تعيد مفهوم خدمة العلم في أذهاننا يجب أن يذهب إلى معسكرات ويخدم، لا نريد أن نكسر المعنوية بل نريد أن نكسر شأفة النفسية الموجودة لدينا لأننا بحاجة إلى تغيير الثقافة الموجودة لدى الشباب.
التحدي الرابع وكان قاتلاً وهو التراكمية، حيث بعد فترة سيرتفع الرقم كثيراً، إذن سنعود إلى حلقة مفرغة مرة أخرى.
التحدي الأخير كان التحدي السياسي، هل يسمح لك في ظل الظروف السائدة وبوجود اتفاقية سلام، ونعلم ما الذي يحدث..
بعد أن قدمنا الإيجاز لم نستطع أن ننفذ الخطة..
التجربة الثانية وكنت حينها رئيساً للمجلس الأعلى للشباب، حيث طلب منا أن نعد دراسة بالتعاون مع جهات عديدة وهي إعادة إخراج مفهوم خدمة العلم بصورة أخرى، قمنا بعمل اجتماعات بحضور العديد من المختصين، وكانت التصورات واضحة بأن هناك عدة خيارات ممكن أن نقدمها للحكومة الأردنية، هناك الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب، فإذا كان الهدف الاستراتيجي الذي نبتغيه وهو المحافظة على الشباب الأردني وإعادة صقل الشباب الأردني من أجل الانتاجية، فيجب أن نقف وراء هذا المشروع، لكن هذا المشروع لم ينجح لأننا جميعاً قمنا بإفشاله، كان مفهومي أن لا يكون اختيارياً، أن لا يكون مفهوم الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب اختيارياً، بل أن يكون إلزاميا، صحيح أننا قد ننافس القطاع الخاص، لكن يجب أن نتعاون مع القطاع الخاص ونكون شركاء معهم..
قلنا بأنه ممكن أن نجعله إلزاميا أو نضع مفهوما آخر، وذلك بدمجه مع وزارة التربية والتعليم، فتعاونت وزارة التربية والتعليم وقالوا بأنهم على استعداد لفسح مجال في المنهاج، قلنا بأننا نريد وضع مفهوم من أربعة محاور رئيسية: محور التربية الوطنية، محور اللياقة البدنية، محور التدريب العسكري، ومحور يتحدث عن منظومة القيم وبناء الإنسان. وكانت تكلفة هذا المشروع حوالي ثمانية ملايين دينار، لكن هل هذا المبلغ موجود؟! فما أريد قوله بأن هذه قصة قديمة جديدة.. قضية خدمة العلم في أفكارنا لن تكون مجدية.. وكانت هناك تجربة ثالثة ولم نتمكن من عمل أي شيء.
قطاع الشباب الأردني هم الثروة، لكن للأسف، صحيح أن هناك جهات تعمل مع الشباب الأردني، لكن العمل ليس موحدا.. ما أريد أن أقوله إلى أي مدى لا يزال الشباب الأردني تحت فكر ومظلة الدولة الأردنية؟! إلى أي مدى بقي الشباب الأردني خاصة في ظل ما نراه الآن، والقادم أصعب، نعاني من العنف لماذا العنف؟ هل هناك أخطاء في إدارة الامور؟ هل هناك انعدام عدالة ومساواة؟ هل هناك واسطة ومحسوبية؟ هل هناك فقر؟ ..الخ، فخدمة العلم أنا من المناصرين لها لأن التحدي لا يزال قائماً.
سامي المعايطة رئيس هيئة شباب كلنا الأردن

نظراً لأهمية إحياء برنامج خدمة العلم لتأهيل الشباب الأردني وبناء الشخصية الشبابية الوطنية، وفق قيم الانتماء والولاء والمسؤولية والإنجاز والانتاج، فإن هيئة شباب كلنا الأردن/ صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وحرصاً منها على تقديم وجهة نظر الشباب الأردني للآليات التي يمكن أن يتم استثمارها في تنفيذ برنامج خدمة العلم بما ينسجم مع رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للإصلاح، وفي ظل المتغيرات الراهنة التي تشهدها المنطقة العربية كالربيع العربي، ونتيجة للظروف الاقتصادية التي يمر بها الوطن والمواطن وما ينتج عنها من ظواهر اجتماعية واقتصادية تنعكس آثارها على الشباب الأردني كالفراغ والبطالة والفقر والجريمة.. الأمر الذي يبرز أهمية التفكير بشكل جدي بإعادة تطبيق خدمة العلم من جديد، لذا فإن الهيئة تتطلع إلى إعادة ذلك البرنامج وفقاً للأهداف ومحاور وآليات العمل التالية:
أهداف برنامج خدمة العلم: أولاً: تعزيز قيم الولاء للقيادة والانتماء للوطن لدى الشباب الأردني. ثانياً: تعزيز الشعور بالمسؤولية الوطنية القائمة على التاريخ والمصير المشترك والثقافة والهوية الوطنية الجامعة والانتماء الأوحد. ثالثاً: تعزيز الثقافة المعرفية بتاريخ الدولة الأردنية ودور الهاشميين في بناء نهضة الأردن الحديث. رابعاً: تعزيز الوعي بأدوار القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في بناء الدولة الأردنية وحمايتها منذ التأسيس. خامساً: بناء الشخصية الشبابية الأردنية وفق قيم الإنجاز والانتاج الوطني بعيداً عن الشعارات والانتماءات الفرعية. سادساً: تعزيز ثقافة العمل التطوعي لدى الشباب في خدمة المجتمعات المحلية. سابعاً: تعزيز ثقافة التربية المدنية القائمة على احترام سيادة القانون ودولة المؤسسات والعمل الحزبي البرامجي والمؤسسي. ثامناً: تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر والتنوع والتعددية والتعامل مع الاختلاف بعيداً عن التطرف والإقصاء للآخر. تاسعاً: تعزيز فرص التشغيل والاعتماد على الذات للحد من انتشار البطالة والفقر والمشاكل الاجتماعية الناتجة عنها.
محاور العمل: لتحقيق الأهداف المشار إليها أعلاه، وليكون برنامج خدمة العلم مواكباً للتطورات العصرية ومتناسباً مع رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، يرى شباب كلنا الأردن أن تنقسم فترة خدمة العلم إلى ثلاثة محاور رئيسية لغرس قيم الانتماء للمكان والولاء للوطن ومعرفة التاريخ الحقيقي لنشأة الدولة الأردنية ودور الهاشميين في بناء نهضة الأردن الحديث وهي: أولاً التمكين الاجتماعي والعمل التطوعي، ثانياً التمكين الديمقراطي والتربية المدنية، ثالثاً التمكين الاقتصادي وتعزيز فرص العمل.
التمكين الاجتماعي والعمل التطوعي: يعتبر التمكين الاجتماعي والعمل التطوعي من أهم المبادئ التي تعزز التلاحم والترابط بين مكونات الشعب الأردني، ويساعد في بناء شخصية الشاب الأردني المنتمي للمكان الذي يعيش فيه حيث يرى شباب كلنا الأردن أن تنفيذ هذا المحور يتم عبر مرحلتين (نظرية وعملية).
المرحلة النظرية: من خلال البرامج والمشاريع والمبادرات المختلفة التي نفذتها هيئة شباب كلنا الأردن منذ تأسيسها إلى الآن فقد تم رصد وجود ضعف بارز حول معرفة الشباب الأردني بالمحطات التاريخية لنشأة الدولة الأردنية، ومعرفة التاريخ الحقيقي للدولة الأردنية ودور الهاشميين في بناء نهضة الأردن الحديث ودور رجالات الدولة الأردنية في الكفاح والنضال من أجل إقامة دولة عصرية مدنية، ومن هنا يرى شباب كلنا الأردن بأنه يجب الاستعانة بالمؤرخين في تصميم منهاج تعليمي يتضمن تاريخ الدولة الأردنية، النشأة والتأسيس، منذ قدوم الشريف الحسين، ودور جلالة الملك عبدالله الأول في بناء الدولة الأردنية وتاريخ الثورة العربية الكبرى والمحطات التي تبعتها في رحلة التأسيس وإنشاء الجيش العربي، ودور العشائر الأردنية في تلك المرحلة، وزيارة كافة المحطات التي مرت بها عملية التأسيس مع شرح مفصل عن كل محطة تاريخية تبعت عملية وصول الملك عبدالله الأول امتدت إلى التطور الذي تبع ذلك في وضع الدستور ودور جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله في تعريب الجيش، وتأسيس الدولة المدنية ودور جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه في المشروع الإصلاحي الذي تبناه على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى أن يتضمن المنهاج كل سنة مرت بها الدولة الأردنية وأهم الأحداث التي مرت بها الدولة خلال تلك السنوات والأعوام، وكذلك لقاءات مع بعض رجالات الأردن الذين واكبوا مراحل التأسيس للشرح عن المراحل التي مروا بها.
المرحلة العملية: تعتبر هذه المرحلة تطبيقاً عملياً للمعارف التي تم تزويدها للشباب خلال المرحلة الأولى عبر تنفيذ برامج عملية مشتركة، تعزز من الانتماء لدى الشباب وذلك من خلال تنفيذ برامج تطوعية لتعزيز ثقافة المسؤولية لدى الشباب الأردني والحفاظ على المكان والمكتسبات العامة وزيادة اللحمة بين أفراد المجتمع الأردني المستمدة من الدين الإسلامي ونشأة الدولة الأردنية المبنية على التعاون والتكافل والتسامح من خلال تصميم برامج عملية تطوعية للمنتسبين لبرنامج خدمة العلم، منها على سبيل المثال لا الحصر: استثمار المواسم الوطنية مثل موسم الاحتفال بأعياد الشجرة واستثمار طاقات الشباب في عمليات التحريج.. استثمار موسم قطاف الزيتون في مساعدة بعض الأسر المحتاجة في عملية القطاف.. التطوع في قرى الأطفال وبيوت المسنين.. التطوع في مراكز الإصلاح وبرامج الرعاية اللاحقة للمدمنين وخريجي مراكز الإصلاح لإعادة دمجهم في المجتمع.. تصميم حملة وطنية للنظافة لكل دفعة تنتسب للبرنامج.. تصميم حملة وطنية لصيانة مساكن الأسر العفيفة.. تصميم برامج تشاركية مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التطوعية.
التمكين الديمقراطي والتربية المدنية: لا بد لبرنامج خدمة العلم من تعزيز المخزون الفكري لدى الشباب الأردني من خلال التمكين الديمقراطي والتربية المدنية، فيرى شباب كلنا الأردن أن العديد من المواطنين الأردنيين ما زالوا لا يؤمنون بالديمقراطية، وهذا له تأثيره المباشر على نشأة الشباب الأردني وممارساته وسلوكياته في التعبير عن الذات وعن المطالب وعن آرائه وأفكاره وكيفية التعامل مع الآخر وقبول الاختلاف والتعامل معه بعيداً عن الإقصاء والتهميش والتطرف والعنف، وإن كان العديد منهم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في أيام الانتخابات، إلا أن الدافع غالباً لا يكون ممارسة الديمقراطية، بقدر ما يكون تعبيراً عن النزعة العشائرية في ظل غياب تأثير الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى المعنية وقدرتها على تقديم السلوك الصورة الديمقراطية كأداة لا تتعارض مع الشرائع والأديان والتوجهات الفكرية على اختلافها والبناء على العوامل المشتركة فيما بينها وتعظيمها لا على الاختلافات الثانوية الجزئية من خلال الاستفادة من مضامين رسالة عمان.
مما سبق يتضح ضرورة تعزيز المجتمع الاردني ديمقراطيا ما سيؤثر ايجابا حتما على مسيرة الاصلاح السياسي التي يقودها جلالة الملك في البلاد تزامنا مع المطالب الوطنية المختلفة حول اعادة النظر ببعض التشريعات الناظمة للحياة السياسية كقوانين الانتخاب والاحزاب والبلديات.
وهنا تبرز الحاجة الى تعزيز ايمان المواطن بالديمقراطية وتنمية ممارستها في الحياة العامة شأنها كشأن باقي العلوم والفنون التي تبناها العرب المسلمون وساهمت في نهضتهم ولعل اهم شريحة من شرائح المجتمع المؤهلة للتمكين الديمقراطي هي شريحة الشباب.
يقترح الشباب بان يشتمل برنامج خدمة العلم على خطة متكاملة لتعزيز مبدأ التربية المدنية وتعزيز الثقافة الديمقراطية ابتداء بتدريب الشباب الاردني على قواعد الديمقراطية وآليات ربطها بالتنمية الى مرحلة تطبيق الديمقراطية في الحياة العامة.
والى جانب التدريب النظري الهادف الى اثراء المخزون الفكري فان استهداف الشباب المنتسبين لبرنامج خدمة العلم بالتدريب العملي على ممارسة الديمقرطية وتوفير البيئة العملية المحفزة للعمل الديمقراطي يعد من اسباب نجاح هذه المبادرة ويمكن استثمار ربط مادة العلوم العسكرية بمادة التربية الوطنية تحت مسمى التربية المدنية وكذلك تطوير منهاج التربية الوطنية في المدارس ومراكز التدريب المهني وخصوصا في المرحلة الثانوية وعلى ان يشتمل المحتوى العلمي التدريب العملي على المواضيع المقترحة التالية: مهارات التواصل والعمل الجماعي. مهارات الحوار وفنون المناظرة. التعامل مع الآخر والاختلاف. احترام التنوع والتعددية بكافة اشكالها. مبادىء الديمقراطية «يتم استضافة سياسيين وشخصيات من مختلف التيارات والتوجهات السياسية لمناظرتها ومحاورتها لاكتساب القدرة على التمييز بين هذه التيارات السياسية». مهارات التعامل مع الاعلام والاشاعة. مهارات التعامل والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة.
على ان يتم تنفيذ برامج عملية يمارسها الشباب في مختلف مجالات الحياة السياسية والعامة سواء على مستوى البرلمان او البلديات تأخذ في الاعتبار ما يلي: تصميم برامج تنفيذية على اختلاف الاطياف السياسية والفكرية لتعزيز ثقافة الحوار وقبول الاخر. اطلاق الحوار الحر والمناظرات بين الاطياف المتعددة بعد تنميتها. تحفيز الاطياف المتعددة على تبني برامج قابلة للتنفيذ وتساهم في التنمية. العمل على الحفاظ على قاعدة مشتركة بين الاطياف المتعددة تتوافق مع الثوابت الوطنية. الاستفادة من التعددية في طرح برامج مناظرات مكثفة ومستمرة لبناء مخزون فكري لدى الشباب حول مختلف الاطياف السياسية وادبياتها، ولعرض هذه الاطياف امام الشباب لمساعدتهم في تبني الطيف السياسي المناسب.
التمكين الاقتصادي وتعزيز فرص التشغيل: من اجل مساعدة الشباب الاردني على ايجاد مسار اقتصادي آمن ومستدام يحقق لهم العيش الكريم والمشاركة الانتاجية الاقتصادية اللازمة لبناء وتنمية المجتمعات ويحقق الاستقرار لدى الشباب الاردني لذا لا بد من ايجاد بيئة داعمة ومحفزة للخريجين تشمل تصميم برامج تساعدهم على الانخراط في سوق العمل من خلال المشاريع الصغيرة والتدريب المهني وتوفير فرص التدريب في القطاع العام والخاص مع مراعاة المستوى التعليمي لكل مشترك بالبرنامج بما ينسجم مع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وفق المسارات التالية: استثمار صندوق التشغيل الوطني ومؤسسة التدريب المهني على تدريب الشباب على الحرف المهنية المختلفة التي تعد من اهم متطلبات سوق العمل الارني وتدر دخلا جيدا للعاملين في هذا المجال وتساعد في احلال العمالة الاردنية مكان العمالة الوافدة التي يعتمد عليها السوق الاردني بشكل رئيسي لعدم توفر التدريب والخبرة الكافية لدى الشباب الاردني والقدرة على العمل في هذه المجالات.
تدريب الشباب على ادارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة للاعتماد على الذات وعدم الاعتماد على الوظائف الحكومية.
توفير فرص تدريبية للشباب الجامعيين بعد التخرج في مجال تخصصاتهم في مؤسسات القطاع العام والخاص لاكسابهم الخبرات العملية التي يحتاجونها للانخراط في سوق العمل.
وفي ما يلي ابرز التوصيات: إلزام الشركات الكبرى بتحمل المسؤولية الاجتماعية لتمويل برامج العمل التطوعي للمشتركين في برنامج خدمة العلم. ايجاد شبكة للعمل التطوعي تضم كافة مؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية العاملة في مجال العمل التطوعي. اصدار شهادات للمشاركين في البرنامج والزام مؤسسات القطاع العام والخاص باحتسابها ضمن سنوات الخبرة. اعتماج منهاج موحد جديد للتربية الوطنية والمدنية في الجامعات والمدارس يأخذ بالمقترحات السالفة الذكر. إنشاء نافذة تمويلية ضمن المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع العام والخاص لتمويل البرامج والمشاريع التي يحتاجها خريجو برنامج خدمة العلم. توفير مختصين في العمل مع الشباب للاشراف على تنفيذ البرامج المختلفة وفق آليات تشاركية مع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.

الدكتور يوسف بني ياسين المنسق العام
لمادة الثقافة الوطنية في الجامعة الأردنية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، صاحب القول المبين..اما بعد،، فانه من دواعي السرور والسعادة ان اكون هنا في الجريدة التي تحرص على بث النور والفكر الحر البناء بين ابناء الاردن سواء على صفحاتها بأقلام كتابها او بين ردهاتها وفي منتدياتها بحوارات منتسبيها وضيوفها، اجلس هنا مع نخبة من قادة الرأي، لنتحاور في قضية من أجَلِّ قضايا المواطنين وارفعها مكانا، ومن لا يسعد بأن يكون في «خدمة العلم» ونحن في كافة مواقعنا العلمية، خدام للعلم والوطن، واقترح من البداية ان يتوجه الحديث نحو ايجاد مسمى جديد بديل للمراد والمقصود من هذه الحلقة النقاشية، وأرى ان تكون «الخدمة الوطنية» عوضا عن «التجنيد الاجباري» الذي يشي بمعنى الاكراه.
لا بد من التنويه بداية «ان امكانية عودة خدمة العلم كما كانت سابقا» يبدو انه امر متعذر في ظل الاوضاع الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جُله، لذلك اعتقد انه يجب ان يصار الى وضع برنامج دقيق لاستبدال الخدمة الوطنية بخدمة العلم ويمكن الحدث عن ذلك لاحقا، في شكل هذا البرنامج وتفصله على ان يكون في فترة العطلة الصيفية للمدارس.
ان غاية ما نسعى اليه فيما نقوم به سواء هنا او في مواقعها العلمية في المدارس والمعاهد والجامعات هو محاولة خلق مجتمع او جيل واع قادر على مواجهة التحديات المتنوعة وقادر كذلك على الاستجابة لهذه التحديات وهذه المتغيرات والمستجدات بطريقة ابداعية وفاعلة ومؤثرة، وهذا يتطلب منا تفكيرا «جماعيا» ورؤية مشتركة ونظاما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا يضمن تنسيق جهود الافراد والجماعات ليصب في المصلحة الوطنية العليا.
ان هذه الرؤية المشتركة لا بد ان تولي فئة الشباب وهم الاغلبية في المجتمع الاهمية القصوى لأنهم مصدر قوة او ضعف المجتمع فكيفما يكونوا يكن الوطن.. ولذلك لا بد من تبني برامج الخدمة الوطنية لتدريبهم على تحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن.
لقد عرف التجنيد الاجباري في الحضارات الانسانية المتعددة وظهر في مصر الفرعونية وفي اليونان القديمة وعرفته الدول الاسلامية منذ ايام عبدالملك بن مروان في العراق ايام ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي.
واول من توسع في استخدامه في اوروبا سويسرا في القرن السادس عشر الميلادي، وزاد فرضه في كل دور اوروبا وامريكا ابان الحربين العالميتين 1 + 2 ، ومن بين 188 دولة لها دستور هناك 117 دولة نصت دساتيرها بوضوح على واجب التجنيد الاجباري وان ترك بعض الدول ذلك الالزام الآن.
ان الاحوال العامة في دول المنطقة تفرض التجنيد الالزامي فلم تتركه اي دولة من دول الجوار بل ان بعض الدول البعيدة عن قلب الصراعات في الوطن العربي تفكر جديا بفرضه على المواطنين.
وفي اي من الموضوعات المطروحة للنقاش لا بد من التساؤل عن الفوائد المرجوة من وجوده او عدم وجوده وبالنسبة لموضوعنا الحيوي والمهم، لا بد من طرح التساؤل عن الفوائد المأمولة من عودة خدمة العلم وماذا فقدنا بعدم وجودها.
اولا: سأجيب عن ماذا فقدنا بغيابها: 1- فقدنا بغياب خدمة العلم المعرفة الحقيقية بالقوات المسلحة، فما عاد دور الجيش او المؤسسات العسكرية المختلفة وما تقوم به من دور مهم وريادي في شتى مجالات الحياة وعلى رأسها تحقيق الامن الذي هو شرط الحياة الاول، مدركا، من قبل شباب وشابات الوطن الا من خلال الاغاني الوطنية المقدمة من المطربين والمطربات الذين لا يظهرون الا الجانب الرغد لحياة هؤلاء الجنود، حتى غدا يتشكل تصور خاطىء عن المؤسسة العسكرية ودورها، فاذا ما عادت الخدمة الوطنية داخل المعسكرات فستعود المعرفة الحقة للادوار المنوطة بالجيش، فعلى الجميع ان يخوض هذه التجربة ليتعرفوا الى قيمة المنجز وسمو اهدافه وغاياته واعماله ونبل ما يصنع هؤلاء الجند على ارض الواقع لتحقيق الامن الذي ننعم به فبغياب المعرفة والاطلاع من جيل الشباب على هذا يعد خسارة عظيمة لا بد من اجلها ان تعود خدمة العلم.
2- فقدنا بغياب خدمة العلم: الصورة الحقيقية التي يجسدها ويمثلها الجيش بتحقيقه الوحدة الوطنية بين كافة فئات ومناطق الاردن العزيز، حتى غدا يتشكل اعتقاد خاطىء حول انعدام امكانية تحقق الوحدة الوطنية على الارض الاردنية، ونحن نرى تعاظم ما اجتاح الاردن من صور التشظي بين ابناء الوطن في هويات ضيقة وفرعية تبدأ بالمناطقية وتمتد لتشمل العشائرية والاقليمية والعرقية والذي يدحض ويبدد كل هذا هو الجيش، اذ انه يمثل الوجه الحقيقي للاردن والمعبر الاصيل عن المكون الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للاردنيين فأنت اينما ذهبت الى اي ثكنة من ثكنات الجيش، تجد: ابن الشمال والوسط والجنوب، وتجد: ابن البادية والمدني والحضري، وتجد الاردني من اصول شامية وفلسطينية وشركسية وعراقية ومصرية وتجد الغني والفقير، جميعهم يرسمون صورة الاردن الواحد والموحد، انه يجمع بمعنى من المعاني الهوية الوطنية المشتركة فهو أهم مؤسسة في الدولة تتجسد فيها فكرة الدولة الوطنية.
وتخلص الى نتيجة مفادها ان هؤلاء بغض النظر عما يمثلون هم اردنيون واردنيون فقط يعملون ليل نهار لبناء الاردن، فبغياب معرفة الشباب لهذه التجربة خسارة عظيمة لا بد من اجلها ان تعود خدمة العلم.
3- فقدنا بغياب خدمة العلم، الجانب التطبيقي للتربية الوطنية وقيم الولاء والانتماء واقتصر الامر في المدارس والجامعات على تقديم وجبات معرفية نظرية يغلب عليها التبجيل والتطريب والانشاد، وفي الوطن والوطنية، دونما ان نطلعهم على جوانب عملية وطنية من حياة الاردنيين، وبعودة خدمة العلم وقيام الطلبة بمشاركات ميدانية للجند في المواقع العسكرية ومعاينة حياتهم فيها ومشاركتهم فيما يصنعون ويمارسون يجني الطالب الممارسة التطبيقية لتلك القيم، ويعمق روح الترابط الاجتماعي والاخوة والتلاحم والتآلف ويشعرهم بعدم وجود فوارق بينهم.
كما اننا لا نقدم له في غرقة الصف الا دروسا في الجغرافيا والتاريخ مستلة من صفحات الكتب، ولا بد من ترسيخ ذلك في ذهنه عمليا، بزيارة صفحات الوطن من شماله الى جنوبه ومن شرقيه الى غربيه، فكثير من ابنائنا لا يعرفون مدن وقرى المملكة، وكثير منهم كذلك لا يعرف الآثار المتنوعة التي تزخر بها المملكة، وكثير منهم لا يعرف مواقع المعارك ولا اضرحة الشهداء على ارض المملكة، ولذلك بغياب الخدمة الوطنية الميدانية لابنائنا الطلبة افقدناهم الجانب التطبيقي من التربية الوطنية، واذا ما سألنا ايهما ألصق في الذهن الجانب النظري ام التطبيق فان الاجابة بلا شك ترجح لصالح التطبيقي.
4- خسر الوطن بغياب الخدمة العسكرية طاقات عملاقة مهدورة فعلية غير مستثمرة، لو احسن استغلالها عسكريا لاصبحت رصيدا عمليا ومعنويا ورديفا جماعيا لقوة الاردن، فمصداقا لحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «علموا اولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل» الذي يشير الى ضرورة اتقان الاولاد للرماية وللسباحة وللقيادة، وهذا لن يتأتى الا في ميادين الشرف ميادين الاباء، فبغياب الخدمة الوطنية خسرنا هذه الطاقات الشابة الواعدة لا لعيب فيها وانما لسوء تخطيطنا وعدم استثمارنا فيها.
5- خسر الوطن بغياب خدمة العلم الشاب الملتزم الواعي المدرك المنضبط فخدمة العلم هي من انجح الوسائل في القضاء على السلوكيات والممارسات السلبية وهي كثيرة فقد تسربت الى حياة الناشئة من ابنائنا بصورة غريبة. فأسهمت في زيادة العنف بصوره الكثيرة سواء العنف المجتمعي ام العنف الجامعي ام العنف الاسري، وكذلك زادت معدلات الجريمة، واهتز الامن الاجتماعي، وانقلبت منظومة القيم والاخلاق التي تربينا عليها وتربى عليها الاردنيون، ان خدمة العلم هي دعوة صادقة لاعادة صياغة شخصية الشباب الاردني، لمنحهم القوة البدنية، والانضباطية، والصبر، والاعتماد على النفس، وتحمل المسؤولية، ولتقتضي على الاتكالية واللامبالاة والكسل والانانية، ولتقضي على وقت الفراغ وتشحذ همته في استغلال وقت الفراغ بما هو مفيد ونافع.
ان خدمة العلم تمنح الفرد تجنب التصرفات اللامسؤولة، وغير النظامية وعدم الاهتمام بالصالح العام.
6- أغمضنا عيوننا بفقدان خدمة العلم، عن الوضع السياسي العام في المنطقة العربية وما تشهده من تغيرات خطيرة حادة تفرض علينا اتخاذ الاحتياطات والاستعدادات لمواجهة المستقبل.
7- لا بد من القول ان خدمة العلم او الخدمة الوطنية هي ليست العصا السحرية في حل جميع مشاكلنا ولكنها جزء اساس ورئيس من منظومة الحل المتكاتفة مع الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة والمشاركة السياسية.

البرنامج المقترح: دمج مادتي التربية الوطنية والعلوم العسكرية، النظريتين مع بعضهما واستحداث مادة عملية باسم الخدمة الوطنية وتمنح 6 ساعات معتمدة في خطة الطالب الجامعي. تتولى المؤسسة العسكرية الاشراف والتدريب والتدريس في المادة الجديدة. تكون مدة الدراسة في المادة الجديدة 300 ساعة عملية بواقع 6 ساعات يوميا «8-2» وذلك في الفصل الصيفي ولمدة شهرين. يكون المحتوى العلمي لهذه المادة هو برنامج تدريبي عملي ومحاضرات نظرية وتدريبات عسكرية في ميادين الشرف وفي شتى «مواقع العسكرية». يمنح الطالب في نهاية الفصل الصيفي وعقب انهائه الدورة التدريبية شهادة وتعد شرط تخرج من الجامعة.

- الدستور: نتفق مع الدكتور يوسف وكل الذين تحدثوا في الموضوع، أولوية عودة بشكل ما وبصورة ما استعادة هؤلاء الشباب، وأنا معكم بأنه تم اختراق هؤلاء الشباب من قبل منظمات دولية.. هناك ثلاثة مساقات يدرسها الطلاب في المجتمع، خدمة مجتمع، تربية وطنية، وعلوم عسكرية.. من درس في جامعة مؤتة لغاية عام 1991 يعلم أنه كان الفصل الصيفي هناك فصل عسكري، الطلاب يدرسوا فيه 11 ساعة ضمن المساق ويدفعها الطالب ساعات معتمدة، وهذه الساعات يغيب الطالب ثلاثة أشهر، في مناوبات وغفر ورماية ..الخ، فكان أفضل فصل وينصهر الطلاب مع بعضهم البعض في هذا الفصل، توقف هذا الأمر بعد عام 1991 بسبب الكلفة المالية، الآن بما أن الطالب يدفع هذه الساعات المعتمدة، لماذا لا يعود للجامعات ويكون هناك فصل صيفي عسكري؟.

- رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد حسن التل: أعتقد أن أول جريمة وأول خطأ أن التربية الوطنية والعلوم العسكرية وخدمة المجتمع في الجامعات لم تدخل في المعدل وفي التقويم.. فلو كان بها امتحان وتدخل في المساق لكان أفضل.

- الدستور: من الخلاصة الأولية التي استطعنا استيعابها من خلال الحديث الذي تفضل به السادة المشاركون أن العسكري يبقى عسكريا ويريد خدمة عسكرية، والمدني يريد أن تتوسع الأمور بطريقة تلائم العصر، فالأستاذ المصاروة قال عن الخدمة العسكرية وخاصة أنه ما دام هناك إسرائيل العدو الأساسي فلا بد من وجود الخدمة.. نفس الأمر عندما تحدث الأستاذ سامي عن التمكين والقبول بالآخر والحرية والقيم والتسامح إلى أن جاء الدكتور يوسف وحاول الخلط بين الاثنين.. ما شكل هذه الخدمة وماذا نريد؟.
لماذا غيبت خدمة العلم، ويبدو أن الحاجة الأساسية فيها هي الكلفة وعدم القدرة المادية والمشاركات، لكن بالمقابل الهدف الأساسي في الخدمة، سواء خدمة علم عسكرية أو خدمة وطنية هم الشباب، فالشباب كما قال أحد المشاركين بأنهم ضاعوا..
- الدستور: من مجمل ما سمعناه بأن هناك نوعا من الألم ونوعا من الحسرة على الوضع الموجود به الشباب في الوقت الحالي.. كان في الماضي يوجد حصة تدريب عسكري لكل الفصول، فهذه كانت جيدة ولا يوجد بها تكلفة، وهي تصقل شخصية الشاب.. ثانياً من الأسباب التي أدت إلى الوضع الذي نحن فيه، والوضع خطير، فكلام الأستاذ مصاروة مهم، من الأسباب التي أدت هو الطغيان السياسي والاقتصادي على الوطني، فبالأساس يجب أن يكون هناك انتماء للوطن وبناء الشباب بناء حقيقي ومن ثم يكون الانطلاق للسياسي والعسكري، ما حصل في السنوات الماضية هو طغيان السياسي وجاء الاقتصادي بوضع صعب بالتالي تراجع بناء الشباب بدرجة عالية.
نريد إلقاء الضوء على حاجات وأولوليات الشباب الأردني في المحافظات، بدأنا نشهد حتى في بعض الحراكات التي تخرج في المحافظات شبابا يطلبون فرص عمل، وهذا نتيجة الفقر والبطالة والتحديات التي يواجهونها، وأن نلقي الضوء على الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل التي وجدت كبديل لخدمة العلم، لكن هذه التجربة فشلت في بعض المحافظات ومنها محافظة العقبة التي لم ينضم إليها إلا 12 شخصا في برنامج التدريب، هذه الشركة وجدت كتدريب مهني، ومن ينضم إلى هذه الشركة هو فاشل أو راسب في التوجيهي، وهذا عنصر سلبي في برنامج الشركة الوطنية للتدريب.. لم يتم تطعيمها بالتربية الوطنية وبالعلوم العسكرية وبالتدريب العسكري، المطلوب إعادة النظر في مفهوم الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل.
نريد التحدث عن بعد شبابي وبعد اقتصادي، البعد الشبابي نحن دائماً نتحدث عن خدمة العلم عندما يكون هناك مشكلة شبابية، يكون هناك عنف في الجامعات وفي الملاعب نتحدث عن أين خدمة العلم، المشكلة في قيمة الشباب، القيم الشبابية التي دمرت وانهارت، وما تفضل به الأستاذ مصاروة بأن في زمن معين هناك حاجة لإعادة بناء الشاب عسكرياً، فأعتقد أن الأعداء الآن كثروا، لم يعد فقط الخطورة العسكرية، العدو الماثل أمامنا، أصبح الآن الشاب يواجه خطورات أخرى، فممكن أن يعد الشاب لسنوات ويهد في لحظة بمعلومة على إحدى الفضائيات، بمعنى أن مفهوم إعداد الشباب يجب أن يتطور بمفهوم العصر، يجب إعادة تنظيم أو إعادة بناء الشباب الأردني بكل مفاهيمه العصرية والمتطورة ومن أساسياتها بالتأكيد تأهيله عسكرياً، أن يكون رجلاً.. كيف يكون رجلا هذا يكون بإعادة بنائه من كافة الجهات المعنية.. مشكلتنا أنه لغاية الآن في الأردن لا يوجد مركزية المسؤول عن الشباب، من هي مرجعية الشباب في الأردن؟!.
الآن في الموضوع المقترح، صورة خدمة العلم القديمة إذا بقيت فلن يقبل الشباب بها، لأن الفكرة السابقة لدى الشباب بأنه سيضيع عامين من عمره لن يقبلها الشاب، فإعادة المسمى مهم جداً وإعادة مفهوم المعسكرات الشبابية ومعسكرات صيفية، أيضاً من الأفكار الاقتصادية هي التجربة الصينية، فأصبح الصيني يخدم وطنه بأن يعمل في الخارج ويأتي بالعملات الصعبة لبلاده.
في البعد الاقتصادي، هناك شركات القطاع الخاص مشكلتها أنها دائماً تتحدث عن موضوع تدريب الشباب، المشكلة ما بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل، هذه الفترة البسيطة التي غير مؤهل بها الشباب، من مقترحات القطاع الخاص ان يتدربوا لمدة شهرين، فأسواق الخليج الآن فتحت ما يسمى بتأجير موظفين، فلو تبنتهم إحدى الجهات وقام القطاع الخاص بتدريبهم وقام بتسويقهم فهذا يعتبر جزءا من خدمة العلم، فالأفكار كثيرة لكن اختصرها بالآتي، بأن موضوع تضافر جهود جهة واحدة معينة تتبنى هذا المشروع، فكان لدينا تجربة تم تطبيقها في التسعينات أيام الحرب الخليجية بأن الدفاع المدني قام بالتدريب في القطاع الخاص لمدة شهر، فهذا ممكن، فتدريب شهر بالجامعات وفي القطاع الخاص هذا جيد، فالأفكار كثيرة لكن لا بد من توحيدها بجهد واحد.

- رئيس التحرير المسؤول: نتحدث عن تجارب الآخرين، لدينا تجارب في الستينات والسبعينات، تجارب رائعة كمعسكرات الحسين والكشافة ومؤسسة رعاية الشباب، والتدريب في المدارس، فلدينا تجارب رائدة، لكن مشكلتنا أن البوصلة ضاعت وخلطنا ما بين التحضر والضياع، فاختلطت الصورة وضاعت الهوية وضاعت البوصلة ودفع الثمن الشباب.
ثانياً، أعتقد أن خدمة العلم كما تفضل الذوات ليست الحل السحري لحل جميع المشاكل، بل هي فقط لبناء الإنسان روحياً ووطنياً، بعد ذلك يرسل إلى المؤسسات الأخرى لتكمل بنائه حتى يكون أردنيا صالحا بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ.
العين الدكتور جواد العناني: أشكر كل الذين تلوني في الحديث، لأن كل واحد قدم شيئا وأكمل معلومات أساسية ناقصة لدي شخصياً، فأشكركم على هذا الأمر، لأن عصف الدماغ الذي حصل في غاية الأهمية..
أنا كمراقب أقول أولاً المشكلة المالية تكمن في أنك تريد أن تفرد هذا البرنامج كأنه موضوع منفصل عن باقي القضايا، فنحن تعلمنا في الاقتصاد أن أميركا نجحت في تمويل كل إنفاقها العسكري لأنها ربطته بالانفاق المدني، فهذا جعل الكلفة العسكرية كلفة مقبولة ومحتملة، وهذا سبب من أسباب نجاح الولايات المتحدة الامريكية في استيعاب الانفاق العسكري الكبير لها، لأنه في النهاية يعود لبنية الاقتصاد.
حتى نخرج من الضائقة المالية، أنه إذا حصل إجماع هنا، والإجماع حصل بأنني لا أستطيع أن أتعامل مع برنامج الخدمة العسكرية ليؤدي الأغراض المختلفة التي نريده منها إلا إذا أصبح جزءاً من برنامج وطني كامل.
فلننظر إلى موضوع الشباب في الأردن، فالمشكلة لا تقف عند ما تحدث به الأستاذ المصاروة والإخوة المشاركون، لكن المشكلة في المستقبل أخطر بكثير، والسبب أن معدل عمر الأردنيين 23 سنة، بمعنى شباب، بينما الأوروبي 45 سنة، فنحن نضع شابا عمره 23 مقابل 45 سنة، لذلك نحن مجتمع شاب، حل المشكلة الاقتصادية الاجتماعية التربوية الثقافية في الأردن يكمن في الشباب، لذلك أي انفاق يكون على التنموي يجب أن يكون موجهاً للشباب.
ثانياً يجب أن ننتبه إلى بعض الألفاظ، فأنا لا أريد أن «أحمّل» خدمة العلم فغيابها لم يؤدِ إلى كل ما تم الحديث عنه، لأن أهدافها لم يكن لتلبية كل الأمور التي تم الحديث عنها، فلماذا نحملها مسؤولية المشاكل الموجودة الآن.. فيجب أن يكون لخدمة العلم أهداف غير التدريب العسكري، بناء الهوية الوطنية..
بالنسبة للهوية الفرعية أتت من رغبتنا بأننا نريد أن نجد لأنفسنا فرصة، فيصبح هناك عملية استثناء، من هنا في تقديري أن خدمة العلم كتربية وطنية في النهاية ليس كل شخص يحصل على وظيفة على حساب الآخر، القضية بالعكس فتكاتفنا وتعاوننا سيخلق فرصا إضافية لم تكن موجودة بالأصل، لذلك يجب أن نغير من نمط تفكيرنا.
الآن هل نحن بحاجة إلى خطة استراتيجية في الأردن؟ نعم بحاجة لخطة استراتيجية، خطاب العرش السامي في الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة السابع عشر تحدث عن ذلك، وإذا أردنا وضع خطة اقتصادية اجتماعية لإعادة بناء الأردن، في رأيي تكوين القوى البشرية المناسبة من الشباب خاصة يجب أن يحتل الركن الأساسي، ويأتي برنامج الخدمة الوطني ضمنها وجزء أساسي منها.
الآن أولاً يجب أن ندخل مفهوم الروح العسكرية لكل عمل من أعمالنا، كل عمل نقوم فيه يجب أن يكون فيه روح الخدمة العسكرية، بمعنى قبول الآخر، الاعتماد عليه والثقة فيه، الأمر الآخر والمهم جداً هو الانضباط واحترام القوانين، احترام مهنتي وروحها، هذه الروح العسكرية الحقيقية التي يجب أن ننشرها، فلذلك أنا معكم في إعادة النظر في الجامعات وفي التعليم، لكنني يجب أن أضع برنامجا ما، وأقترح ما يلي.. يجب أن يتدرب الشباب شهرين أو ثلاثة أشهر في موقع معين ليتعلم الانضباط العسكري، بعد ذلك يتم ربطه في برنامج مهني، وهذا البرنامج المهني لا يقوم به الجيش، بل يقوم به كل المؤسسات التدريبية المختلفة في البلد، لكن تبقى الروح العسكرية فيها لغاية أن يتقن المهنة، وبعد اتقانه المهنة لا يتم إعطاؤه شهادة بأنه أنهى الخدمة الوطنية إلا بعد أن يعمل عاما كاملا ويأتينا تقرير من الجهة المعنية بأن هذا الشخص كان منضبطاً وفق معايير معينة، وقتها يتم البناء. ويتم وضع برنامج تدريجي لعشر سنوات بحيث يدخل مثلاً مليون شخص إلى سوق الانتاج وهؤلاء هم الذين سيسيطروا بثقافتهم وروحهم على الذين لم يستفيدوا من هذه التجربة. فيجب أن نعتبرها جزءا أساسيا من الاستراتيجية العامة للدولة وكيف نعمم هذه الروح على الجميع.. وأنا معكم إذا لم نراع ِ هذا الأمر فسيختطف الشباب.

اللواء المتقاعد أحمد مصاروة

بالنسبة لما تم طرحه، ففي الحقيقة لا يوجد مفهومان على الطاولة، ما تحدثت به وذكرته في البداية هي تجربة عندما طلب منا إعادة دراسة خدمة العلم، نحن الآن يجب أن نفكر بمفهوم جديد وهو ما نحتاجه الآن هو إعادة بناء الشباب الأردني وجزء منها التدريب العسكري، ومفهوم إعادة بناء الشباب لمواجهة مفهوم «اختطاف الشباب».
نحن بحاجة إلى برنامج استراتيجي وطني بحيث يكون التدريب العسكري جزءا منه، وتدريب مهني وتربية وطنية خدمة تطوعية، نحن بحاجة ماسة لذلك، لكن قضية أن نعود للمفهوم السابق فأنا غير مؤمن به ومن المستحيل أن نعود له، لأن هناك فرقا ما بين البيئة الاستراتيجية التي كانت سائدة آنذاك والبيئة الاستراتيجية التي تسود الآن.
خلاصة القول أن الشباب الأردني لهم حق علينا، عندما نتحدث عن الاستراتيجية الوطنية ما الذي نريده فهو موجود، وهو يأتي دائماً في السياسات أو في خطابات جلالة الملك، لكن ما يعيقنا هو عنصر كيف، فكيف غير موجود، وكيف للحكومة.. فكيف نلائمها مع الظروف أو الفرص المتاحة والمعوقات أو المعيقات، فهذه غير موجودة، أقول بأن الشباب ثروة، ونحن بحاجة لهؤلاء الشباب وإعادة بنائهم.
وبعد أن تم تحويل وزارة الشباب إلى المجلس الأعلى للشباب ضاعت الأمور، وأنا أتساءل هنا، من هي الجهة أو المرجعية التي تجعل الشباب تحت فكر الدولة الأردنية، فنحن بأمس الحاجة إلى برنامج وطني استراتيجي وليس العودة إلى المفهوم القديم.

الأستاذ سامي المعايطة

نحن أمام أزمة في المفاهيم، بأنه ماذا نريد للدولة؟ هل نريد عسكرة الدولة أم الدولة المدنية، فهذا هو السؤال، وهل مفهوم الدولة المدنية هو الدولة المتراخية التي بلا قيم ولا أخلاق ولا ثقافة ولا سلوك، نحن نرى المجتمعات المتحضرة فهي مجتمعات مدنية مؤمنة بالحوار والثقافة والقيم المدنية، ولا تتعارض هذه القيم مع مفاهيم الانضباط ومفاهيم دولة القانون والمؤسسات.
الأردن في ظل الانفتاح وما يحصل في المنطقة لا يمكن أن يتحول إلى دولة مغلقة على نفسها، ولم يعد في الاستطاعة اليوم أن تغلق على الشباب الأردني الأبواب والنوافذ لأنه لديه تواصل مع جميع العالم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
أتفق مع الأستاذ المصاروة في وجود استهداف للدولة الأردنية، لكن تغيرت آليات الاستهداف، في مصر وفي تونس في سورية وفي الدول التي عاشت الفوضى، كان هناك ما يسمى بالمنظمات التي تخلق ما يسمى الأدوات لتدمير الدولة من الداخل من خلال عناوين وأشكال مختلفة، فهؤلاء لا يجابهون بالانغلاق وإقفال الأبواب والشبابيك على الشباب الأردني، فهذا لم يعد ممكناً، المطلوب خلق البديل الوطني الناجح ويكون هناك قوانين وأنظمة ضابطة وناظمة لمؤسسات المجتمع المدني بحيث يتم توجيهها باتجاه إيجابي وتخلق شراكات مع مؤسسات وطنية، فهذا المهم، لذلك أعود وأؤكد بأن هدفنا هو خلق دولة مدنية ودولة تعددية وهي الحل باعتقادي، ونقوم بتحصين أبنائنا وخلق قيم من خلال المؤسسات التعليمية والمؤسسات التربوية والمؤسسات الشبابية، أنا مع خلق استراتيجية موحدة للشباب وليس آلية واحدة للتعامل مع الشباب، فالتعدد أحياناً إيجابي.. أتمنى أن نخلص بخلاصة وهي أن نخرج بمنتج كما قام بتسميته الإخوة وهو مادة الخدمة الوطنية تبتدئ من المدرسة وتنتهي في الجامعة، وتكون مترابطة وجزءا من السياق الذي له علاقة بالتربية المدنية مع خليطها، بحيث نخلط خليط الانضباطية، نأخذ الانضباطية من المدرسة العسكرية والدولة المدنية والإيمان بالدستور والقانون من الدولة المدنية.

الدكتور يوسف بني ياسين

أرى أنه لا يوجد خلاف بين المنتدين على ضرورة عودة أي شكل متفق عليه في الخدمة الوطنية، والغاية كلنا اتفقنا عليها لخلق جيل واع قادر على مواجهة التحديات وهي كثيرة. أمامنا تحديات تحتاج منا إلى رؤية واحدة تصدر عن الدولة بحيث تصبح متبناة وبوسائل عديدة، ليس شكلاً واحداً من أشكال المواجهة لكن تحتاج إلى وسائل عديدة على رأسها الإعلام بحيث نحتاج إلى خلق حالة من الوعي.. أؤكد على أن الخدمة الوطنية هي جزء من الحل وليست الحل، الحل يحتاج إلى برنامج استراتيجي عام من الدولة بشكل عام.
الكلفة هناك جزء في البرنامج المقترح الذي قدمته، بأن الطلاب أنفسهم يدفعون الأموال بدل ساعات معتمدة للذهاب في الشهرين اللذين تم الحديث عنهما.. أكرر شكري للأستاذ محمد التل رئيس التحرير المسؤول ولجريدة الدستور مرة أخرى.

الأستاذ أحمد نواف العبادي

أريد أن أشكر الدكتور جواد العناني بأن حل أي مشكلة يجب أن يكون موجها للشباب، ولأن حل أي مشكلة في الأردن تحديداً يجب أن يكون موجها من الشباب أستطيع القول أن في ظل هذا الكم من البواكي على الشباب، الشباب في الأردن لا بواكي لهم، مع زخم البواكي، لأن ما يرصد لقضايا الشباب وما يوظف من برامج وفعاليات وأنشطة لخدمة الشباب فهي تخدم عددا محدودا وفئات محدودة، حتى لو كانت في المحافظات فهي تستهدف أعدادا محدودة، وبالتالي أعتقد أن الشباب الأردني معرض لخطر كبير يتمثل بتهديد الهوية الشبابية الوطنية الأردنية، والجانب الثاني يتمثل في الاختلال بمنظومة القيم، ففي الجامعة الواحدة وفي الغرفة الواحدة وفي المجموعة الشبابية الواحدة هناك وجهات نظر مختلفة ومتناقضة تجاه نفس القيمة، معنى ذلك أن ما نتألم منه اليوم ممكن أن تكون نتائجه كارثية غداً. لذلك أعتقد أن الخدمة الوطنية هي جزء من مشروع حل كبير، نحن نحتاج إلى استراتيجية وطنية. فما دام هناك إجماع لدى الجميع فأين تكمن الإشكالية؟! المطلوب وعي مؤسساتي، فمن المفروض أن تشترك جميع المؤسسات في رؤية واحدة وباستراتيجية واحدة، لكن حتى المؤسسات لا تحظى باحترام ذاتها حتى، فالمؤسسات نفسها تعاني والعاملون فيها كذلك يعانون، فكيف سيقدمون لجيل الشباب؟.
- رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد حسن التل: من الواضح أن جميع الذوات والضيوف أجمعوا أن الأردن بحاجة إلى مشروع وطني استراتيجي تكون خدمة العلم جزءا منه، وأعتقد أن الخلل يبدأ من مؤسسات المجتمع الحقيقية وهي الأسرة والمدرسة والبيت ودور العبادة وكل هذه المؤسسات، يجب إعادة النظر في تعامل هذه المؤسسات مع الشباب منذ نعومة أظافرهم حتى يصل إلى المدرسة والجامعة ويكون مهيأ، وهذا جزء من المشروع الوطني الذي تحدث المشاركون في هذه الورشة به.
أشكركم جميعاً، أشكر حضوركم باسم الدستور، وأهلاً وسهلاً بكم.

تــوصـيـــات ورشـــة العـمــــل

إيجاد مشروع وطني استراتيجي يكون التدريب العسكري جزءا منه وتدريب مهني وتربية وطنية تشجع على الخدمة التطوعية

وضع آليات تنفيذ برنامج خدمة العلم
بما يتوافق مع رؤى جلالة الملك للإصلاح

تعزيز الثقافة المعرفية بتاريخ الدولة الأردنية ودور الهاشميين والقيادات الأردنية التاريخية في بناء نهضة الأردن الحديث

التأكيد على شمول خدمة العلم على خطة متكاملة لتعزيز
مبدأ التربية المدنية وتعزيز الثقافة الديمقراطية
لا بد من جهة أو مظلة تكون المرجعية الموحدة
لكافة المؤسسات المعنية بالشباب تبقيهم تحت فكر الوطن
وتحول دون «اختطافهم» من مؤسسات وجهات لا تعرف أجندتها

التوافق على مسمى «الخدمة الوطنية» كبديل لـ «خدمة العلم» واستحداث مفهوم جديد يتوافق مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع الأردني

البناء على تجارب الأردن السابقة في الستينات والسبعينات كمعسكرات الحسين ومؤسسات رعاية الشباب والتدريب العسكري في المدارس

يجب عدم النظر إلى خدمة العلم على أنها الحل الوحيد
لمشاكل الشباب التي ظهرت على السطح في العقدين الأخيرين
دمج مادتي التربية الوطنية والعلوم العسكرية واستحداث مادة باسم الخدمة الوطنية تتولى تدريسها والإشراف عليها المؤسسة العسكرية

تضافر جهود الأسرة والمدرسة ودور العبادة ووسائل الإعلام وجميع المؤسسات في غرس الروح العسكرية من خلال تقبل الآخر والانضباط

تـــنــــظــــــيـــــــــــــــــــم مــــعســكـــــــــــــرات أو دورات تـــــــــدريـبــيـــــة
خلال فصل الصيف في المدارس والجامعات

تعاون كافة مؤسسات الدولة الحكومية والقطاع الخاص
مع القوات المسلحة لتحمل كلفة إعادة العمل بخدمة العلم
في حال إقرارها برؤية وآليات جديدة

الدستور

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير