انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال: تداعيات محسوسة في سوق العملات الرقمية
جو 24 :
شهدت شبه الجزيرة الأيبيرية انقطاعًا كهربائيًا واسع النطاق يوم 28 أبريل 2025، تسبب في شلل شبه تام في البنية التحتية في إسبانيا والبرتغال، وأثر بشكل غير مباشر على أسواق العملات الرقمية، مما سلط الضوء على هشاشة البنية التحتية الرقمية وأثار نقاشات حول ضرورة تطوير أطر تنظيمية أقوى.
تفاصيل الانقطاع
في تمام الساعة 12:33 ظهرًا بتوقيت وسط أوروبا، تسبب انخفاض مفاجئ في تردد الشبكة الكهربائية من 50 إلى 49 هرتز في توقف تلقائي لمحطات توليد الطاقة في أنحاء إسبانيا والبرتغال. شمل الانقطاع أيضًا أندورا وأجزاء من جنوب غرب فرنسا، وتُرك عشرات الملايين من السكان دون كهرباء لمدد وصلت إلى عشر ساعات في بعض المناطق، وتجاوزتها في مناطق أخرى.
تأثرت بشكل حاد البنى التحتية الحيوية مثل المستشفيات، وشبكات المواصلات، وأنظمة الاتصالات. شركة القطارات الإسبانية "رينفي" علّقت جميع رحلاتها، مما أدى إلى احتجاز حوالي 35,000 راكب. كما عمل مطار مدريد الدولي "باراخاس" بقدرة تشغيلية منخفضة، وتراجعت حركة الاتصالات إلى 17% فقط من مستواها الطبيعي.
التحقيق في الأسباب
لا تزال التحقيقات جارية لتحديد السبب الدقيق للانقطاع، لكن التقديرات الأولية تشير إلى وجود "ذبذبات غير طبيعية" في خطوط الكهرباء فائقة الجهد، ربما ناتجة عن تغيرات شديدة في درجات الحرارة، أدت إلى فقدان التزامن بين أجزاء الشبكة الكهربائية الأوروبية المتصلة.
أفادت شركة "ريد إليكتريكا دي إسبانيا" المشغلة للشبكة أن البلاد فقدت 15 غيغاواط من الطاقة، وهو ما يعادل 60% من إجمالي الطلب المحلي. وعلى الرغم من نفي احتمالية وجود هجوم إلكتروني، إلا أن المحكمة العليا الإسبانية تدرس إمكانية تصنيف الحادث كعمل تخريبي إرهابي ذي طبيعة سيبرانية.
أثار الانقطاع كذلك مخاوف بشأن مدى استقرار الشبكات الكهربائية المعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة المتقلبة، خصوصًا وأن الطاقة الشمسية كانت توفر نحو 59% من كهرباء إسبانيا في وقت الانقطاع.
تأثيرات على قطاع العملات الرقمية
تعد هذه الحادثة إنذارًا بشأن هشاشة النظام الرقمي، حيث ألقت بتأثيرها على قطاع العملات الرقمية بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
الاضطرابات التشغيلية
أدى انقطاع الكهرباء إلى تعطل كبير في خدمات الإنترنت ومراكز البيانات، مما أثر على بورصات العملات الرقمية وعمليات سلاسل الكتل (بلوك تشين). أبلغ المستخدمون عن صعوبة في الدخول إلى منصات التداول، وتنفيذ المعاملات، وإدارة المحافظ الرقمية. وأبرزت هذه الواقعة مدى اعتماد النظام المالي الرقمي على استقرار البنية التحتية للطاقة والاتصالات.
تبعات تنظيمية
في البرتغال، زاد الانقطاع من حدة النقاشات حول غياب إطار تنظيمي واضح للعملات الرقمية. وعلى عكس إسبانيا التي تبنّت خدمات الأصول الرقمية، لا تزال البنوك البرتغالية حذرة في التعامل مع هذا القطاع. حيث رفضت بنوك كبرى مثل "كايشا جيرال دي ديبوزيتوش" و"BPI" تقديم خدمات متعلقة بالعملات الرقمية بسبب ما وصفته بـ"الضبابية التنظيمية".
وقد دعت هذه الحادثة إلى ضرورة سن تشريعات واضحة تنظم هذا المجال، لحماية المستهلكين وضمان الاستقرار المالي، مع تشجيع الابتكار في الوقت ذاته.
ردود فعل السوق
على الرغم من الاضطرابات، حافظت العملات الرقمية الكبرى على استقرارها النسبي. حتى تاريخ 6 مايو 2025، بلغ سعر البيتكوين حوالي 94,501 دولارًا، والإيثيريوم 1,805.51 دولارًا، وكاردانو 0.663288 دولارًا. وهو ما يعكس قدرة السوق على امتصاص تأثير الانقطاع دون تقلبات كبيرة.
المستقبل: الدروس المستفادة
يمثل انقطاع الكهرباء في شبه الجزيرة الأيبيرية تذكيرًا صارخًا بمدى ترابط البنية التحتية للطاقة مع الاقتصادات الرقمية. ومع توجه الدول نحو مصادر الطاقة المتجددة، تصبح مسألة ضمان استقرار الشبكات الكهربائية أكثر أهمية من أي وقت مضى.
كما أبرزت الحادثة ضرورة وجود أنظمة تنظيمية متماسكة وشفافة لقطاع العملات الرقمية. ومع استمرار تطور هذا القطاع، سيكون التعاون بين الحكومات والمؤسسات المالية والشركات التكنولوجية عاملًا حاسمًا في بناء اقتصاد رقمي آمن ومستدام.
تابعو الأردن 24 على 
