معاريف: ليست الدولة الفلسطينية ما يهدد وجودنا بل أفكار مسيحانية ينادي بها متطرفون
جو 24 :
ترجمة - معاريف *
يتناول أحد بنود خطة الرئيس ترامب الأفق السياسي للدولة الفلسطينية. وعلى عكس حالة الذعر التي انتابت الرأي العام الإسرائيلي وقيادته جراء موجة التصريحات الصادرة عن دول حول العالم بالاعتراف بدولة فلسطينية، مرّ جزء مماثل من خطة ترامب دون أي ذعر بين السياسيين الإسرائيليين. يصعب عليّ فهم أسباب الذعر المحيط بتصريحات الاعتراف. حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فيها تلك التي تُنسب إلى اليسار، تتعامل مع الأمر كما لو كان تسونامي سياسيًا، كارثةً مروعة تُهدد مستقبلنا. ولكن كيف سيتغير وضعنا نتيجةً لهذه الإعلانات؟
إن إعلان الاعتراف المبدئي بدولة فلسطينية لا يُنشئ كيانًا سياديًا جديدًا بين عشية وضحاها، ولا يُعرّض أمننا الشخصي للخطر. لقد عانينا من أضرار جسيمة مرتبطة بالمقاومة لفترة طويلة، عندما لم يكن للفلسطينيين دولة. ولم تتطلب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول اعترافًا دوليًا.
الاعتراف الأوروبي إلى جانب هذا البند في خطة ترامب، لا يؤثران على التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل. أمننا يُحدد بقرارات القيادة السياسية، وجاهزية الجيش الإسرائيلي، وقدرتنا على الصمود كمجتمع، وليس بخطابات في برلمان أجنبي. لنتذكر أن حزب الله، التنظيم الخطير، كان يعمل أيضًا من دولة ذات سيادة، لبنان، وهذا لم يمنعنا من تصفية قادته، وتدمير أسلحته، وإلحاق أضرار جسيمة ببنيته التحتية. شعرتُ بخيبة أمل عندما اكتشفتُ أن يائير غولان، زعيم الحزب الديمقراطي (العمل وميرتس)، كان هو الآخر متأثرًا بهذه الإعلانات، وسارع إلى التعبير عن معارضته لهذه الخطوة الدولية ("هذا ليس الوقت المناسب”، إلخ)، مع أن الاعتراف بدولة فلسطينية جزء من البرنامج التاريخي لكلا الحزبين. إن الرواية التي تم ترسيخها، والتي تعتبر الاعتراف تهديدًا وجوديًا، تُسبب أيضًا انفعالًا وتثبيطًا لدى سياسيي اليسار.
لكن الحقيقة عكس ذلك: هذا الاعتراف قد يفيدنا. أولاً، يُذكرنا بأن الحل المنشود هو حل الدولتين – الحل الوحيد الذي يضمن الأمن ويُقلل من دائرة سفك الدماء. ثانياً، قد يفتح أفقاً سياسياً للفلسطينيين، ويُقلل من جاذبية الصراع العنيف. ثالثاً، قد يُشكل رافعةً لإسرائيل لاستئناف المفاوضات المباشرة، بدلاً من الانجرار إلى نقاشات دولية عقيمة. لا داعي للخوف. السؤال الحقيقي ليس ما إذا كان سيُمنح الاعتراف الدولي للفلسطينيين، بل ما إذا كانت هناك حكومة في إسرائيل تعرف كيف تُدير الأمور بحكمة وتستغل الوضع الدولي لتعزيز أمننا، وتسير بشجاعة على طريق يُفضي إلى إنهاء الصراع. هذا بدلاً من تفضيل الأهواء المسيحانية على الواقع الاستراتيجي.
* يورم دوري








