2025-11-17 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الحلايقة: مبادرة ترامب جاءت لإنقاذ الكيان.. وفرق كبير بين خطابه في الكنيست وشرم الشيخ

الحلايقة: مبادرة ترامب جاءت لإنقاذ الكيان.. وفرق كبير بين خطابه في الكنيست وشرم الشيخ
جو 24 :

 مالك عبيدات – قال الوزير الأسبق الدكتور محمد الحلايقة إن من المبكر جدًا الحديث عن نجاح مبادرة الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب حول غزة، رغم كل الضجيج الإعلامي الذي رافق زيارته إلى الكيان الصهيوني والمؤتمر الذي عقد في شرم الشيخ، معتبرًا أن ما جرى لا يرقى إلى أن يكون مؤتمرًا حقيقيًا، بل مجرد فرصة لترامب لإعادة تلميع صورته كصانع سلام في ظل تراجع شعبيته عالميًا.  

وأوضح الحلايقة في حديثه لـ"الأردن 24" أن الفارق كان واضحًا بين خطاب ترامب في الكنيست، وما تضمّنه من وعود للكيان الصهيوني، وبين خطابه الضعيف والمترهّل قبيل توقيع الاتفاقيات في شرم الشيخ، لافتًا إلى أن ما تحقق حتى الآن لا يعدو كونه المرحلة الأولى من المبادرة، وهي المرحلة الأسهل، مشيرًا إلى أن المراحل المقبلة ستكون أكثر تعقيدًا من الناحية السياسية والفنية. 

 وقال الحلايقة إن ما تحقق حتى اللحظة يقتصر على تخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة، وإيصال قدرٍ محدود من المساعدات الإنسانية التي بدأت تصل بالفعل، إلى جانب وقف مؤقت لعمليات القتل والتدمير، وعودة بعض النازحين سيرًا على الأقدام إلى مناطقهم المهدمة التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.

  وأضاف: "أشعر ببعض الارتياح لما تحقق حتى الآن في تخفيف معاناة المدنيين، ومساعدتهم بما تيسر، وهذه العودة التي شاهدناها لمعظمهم سيرًا على الأقدام إلى غزة، إلى بيوت مهدمة ومنطقة تفتقر إلى مقومات الحياة، تلخّص قصة صمود أهل غزة وإصرارهم على البقاء والتمسك بأرضهم رغم كل الدمار." 


   وأشار الحلايقة إلى أن المبادرة الأمريكية ما زالت غامضة في تفاصيلها المقبلة، خصوصًا فيما يتعلق بالمسائل السياسية الحساسة مثل: من سيدير قطاع غزة في المرحلة التالية، وآلية إعادة الإعمار، ومستقبل نزع سلاح المقاومة، وتشكيل مجلس سلام محتمل، مؤكّدًا أن كل هذه الملفات مؤجلة وغامضة حتى اللحظة.  

وأضاف أن "ما جرى حتى الآن يمثل الجزء الأسهل من المبادرة، وهو تبادل الأسرى بين الجانبين، لكن التعقيد الحقيقي سيظهر لاحقًا حين يبدأ الحديث عن الملفات الكبرى، التي تمس جوهر الصراع وهويّة القطاع ومستقبل المقاومة."   

 ورأى الحلايقة أن المبادرة الأمريكية في جوهرها جاءت لإنقاذ الكيان الصهيوني من أزمته الداخلية والسياسية بعد فشله الذريع في تحقيق أهدافه العسكرية خلال الحرب الأخيرة على غزة. وقال إن الكيان "وصل إلى طريق مسدود بعد كل هذا الوقت الطويل الذي منحته الإدارة الأمريكية لنتنياهو وزمرته لتحقيق ما يسمونه النصر المزعوم." 

 وأوضح أن الواقع أثبت أن "نتنياهو لم يحقق أي نصر، بل مارس القتل والتدمير بأبشع صورة في التاريخ الحديث"، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني يعيش اليوم حالة انقسام داخلي خطيرة، وأن إسرائيل "دخلت في عزلة دولية متزايدة، خصوصًا مع التحولات الكبيرة في الرأي العام الغربي تجاه القضية الفلسطينية."  

وأكد أن الخطاب الأخير لترامب تضمن رسائل واضحة لنتنياهو، مفادها أن إسرائيل لم تعد قادرة على "محاربة العالم بأسره"، وأن التحول الكبير في المواقف الأوروبية والأمريكية الشعبية تجاه العدوان على غزة مثّل انقلابًا حقيقيًا في المزاج الدولي بعد عقود من الانحياز للرواية الصهيونية. 

  وبيّن الحلايقة أن ما شهده العالم بعد حرب غزة الأخيرة شكّل ضربة قوية للسردية الصهيونية التي كانت تُروّج لإسرائيل كـ"دولة ديمقراطية تدافع عن نفسها"، موضحًا أن "هذه السردية سقطت بالكامل بعد مشاهد القتل والدمار في غزة، وباتت الشعوب الأوروبية تدرك أن إسرائيل دولة احتلال تمارس الإبادة والعنصرية." 

 وأضاف: "اليوم عادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي بعد أن كانت شبه منسية، وقطار التطبيع الذي كان يسير بسرعة فائقة توقّف فجأة بعد أحداث 7 أكتوبر التي غيّرت معادلات المنطقة."   

 وأكد أن المبادرة الأمريكية لا تصبّ في مصلحة الفلسطينيين، بل جاءت لإنقاذ صورة إسرائيل أمام العالم، و"لتخفيف الضغط الدولي المتزايد عليها وعلى الولايات المتحدة نفسها."    

وتحدث الحلايقة عن أبعاد اقتصادية وسياسية متوسطة المدى مرتبطة بالمبادرة، مشيرًا إلى أن ما يجري هو امتداد لاتفاقيات أبراهام ومشاريع "الشرق الأوسط الجديد"، التي تشمل إنشاء ممر اقتصادي هندي–إماراتي–إسرائيلي، واستغلال الموارد الطبيعية، خصوصًا الغاز الموجود قبالة سواحل غزة. 

 وقال الحلايقة  إن الرئيس ترامب "رجل صفقات بطبيعته"، وأن مبادرته تنطوي على أبعاد تجارية واقتصادية عميقة تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل، أكثر من اهتمامها بتحقيق العدالة أو السلام للفلسطينيين.   

 وحذّر الحلايقة من الانخداع بالمظاهر الإعلامية للمبادرة، مؤكدًا أنه "من الخطر جدًا الاعتقاد بأن ما يجري يمثل نهاية لمأساة الشعب الفلسطيني أو بداية لتحقيق طموحاته الوطنية"، مضيفًا أن القضية تجاوزت البعد الإنساني إلى أبعاد جيوسياسية تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة على أسس جديدة.

  وقال:  "خطورة المبادرة أنها نقلت قضية غزة من خانة سياسية تتعلق بالاحتلال والحقوق الوطنية إلى خانة إنسانية تتحدث عن الإغاثة والإعمار والكهرباء والمياه. وهذا أمر خطير جدًا لأنه يفرّغ القضية من جوهرها الوطني."   

 وأضاف أن المرحلة المقبلة قد تشهد محاولات لتدويل قضية غزة عبر مجلس الأمن، ما قد يؤدي إلى فرض حلول قسرية على الفلسطينيين تحت مسمى "مجلس السلام"، إلا إذا استخدمت دول كالصين أو روسيا حق النقض (الفيتو).  

  وأشار الحلايقة إلى أن تجربة نتنياهو السابقة مع الاتفاقيات تؤكد أنه "لا يُؤتمن"، وأنه قد ينقلب على أي تفاهمات لاحقًا تحت ذرائع أمنية أو انتخابية داخلية، كما حدث في اتفاق لبنان الذي رعته فرنسا وأمريكا، حيث واصلت إسرائيل خروقاتها وقتلها للمدنيين اللبنانيين بشكل شبه يومي. 

 وقال الحلايقة  إنّ "الشيطان يكمن في التفاصيل"، وإن "المقاومة الفلسطينية اضطرت لتقديم تنازلات مؤلمة تحت ضغط الميدان والدمار الهائل"، لكنه شدد على أن صمود الشعب الفلسطيني يبقى العامل الحاسم في حماية الحقوق الوطنية، رغم غياب الدعم العربي والإسلامي الفاعل.  

  وبين الحلايقة أن المبادرة الأمريكية جاءت لإنقاذ إسرائيل وليس لخدمة الفلسطينيين و ما تحقق حتى الآن يقتصر على وقف جزئي للعدوان ومنع التهجير القسري والتحولات في الرأي العام العالمي تمثل أكبر إنجاز سياسي للمقاومة منذ عقود ,محذرا من ان  الخطر الأكبر يتمثل في تحويل القضية الفلسطينية إلى ملف إنساني بحت. 

وأكد الحلايقة انه  لا ثقة في التزام نتنياهو أو الإدارة الأمريكية بأي تعهدات مستقبلية ،مؤكدا ان صمود الشعب الفلسطيني هو المخرج الحقيقي في ظل غياب الدعم العربي والإسلامي.  

 وختم الحلايقة تصريحه بالقول،"رغم الألم والقهر، نشعر ببعض الارتياح لما تحقق من تخفيف لمعاناة المدنيين، لكننا في الوقت ذاته ندرك أن ما هو قادم أصعب، وأن المستقبل القريب سيكشف مدى صدقية هذه المبادرة أو زيفها. وغدًا لناظره قريب."

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير