عايش: ارتفاع المديونية إلى 119% من الناتج المحلي يعكس خللاً هيكلياً في إدارة المالية العامة
جو 24 :
مالك عبيدات – قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن ارتفاع المديونية العامة بنحو 2.7 مليار دينار عن مستواها في نهاية عام 2024 ووصولها إلى 119% من الناتج المحلي الإجمالي، يعكس حاجة جوهرية ومتكررة للاقتراض لتغطية العجز، بغض النظر عن الحكومات المتعاقبة وأدائها الاقتصادي.
وأضاف عايش أن المديونية مرشحة للارتفاع بما يقترب من 3 مليارات دينار بنهاية العام، وهو رقم كبير يُستخدم لتغطية عجز الموازنة، موضحاً أن الإشكالية تكمن في أن كل زيادة في الإيرادات تقابلها زيادة مضاعفة في النفقات، حيث "عندما يرتفع الدينار الواحد في الإيرادات، تقابله زيادة بنحو دينارين في النفقات"، الأمر الذي يتطلب ضبطاً مالياً بحيث تكون الزيادة في النفقات مساوية على الأقل للزيادة في الإيرادات.
وأشار إلى أن حجم الدين العام البالغ نحو 47 مليار دينار يضع ضغطاً هائلاً على الاقتصاد، قائلاً:
> "لو افترضنا سداد مليار دينار سنوياً من دون فوائد، فسنحتاج إلى 47 عاماً لتسديد الدين، وإذا خُفّض السداد إلى 500 مليون سنوياً فسنحتاج إلى نحو 90 عاماً".
وأوضح أن هذه المقاربة رغم كونها افتراضية، إلا أنها تبيّن حجم العبء المالي والاقتصادي الذي تسببه المديونية، خاصة مع اقتطاع الفوائد والأقساط مباشرة من الإيرادات المحلية، ما يزيد الضغط على الأفراد والمستثمرين والقطاعات الاقتصادية.
ورأى عايش أن ارتفاع المديونية بهذا الشكل يحد من النمو الاقتصادي، مضيفاً أن معدل النمو في الربع الثاني بلغ 2.8%، لكن حجم الدين ينمو بمعدل أعلى من النمو الاقتصادي بضعفين تقريباً، ما يعني أن الاقتصاد "يدور في حلقة مفرغة" تمنعه من تحقيق تحسن ملموس في معيشة المواطنين.
وقال إن خدمة الدين العام من فوائد وأقساط تقتطع من معدل دخل الفرد، ما يؤدي إلى تراجع مستوى المعيشة، لافتاً إلى أن "المديونية تحولت إلى ضرائب مؤجلة وأعباء إضافية على المواطنين والاستثمارات".
وأكد عايش أن التعامل مع الدين العام يجب أن يقوم على استراتيجية وطنية مغايرة، لا تقتصر على استبدال دين بدين آخر أو تمديد آجال السداد، بل تشمل إعادة النظر في النموذج الاقتصادي الأردني القائم على الاستهلاك والديون والاستيراد، والتحول إلى نموذج يعتمد على الإنتاج والتصدير والاعتماد على الذات.
وأشار إلى أن الحكومة اقترضت نحو 11 مليار دينار من أموال الضمان الاجتماعي، وأن المتبقي من موجودات الصندوق لا يتجاوز 7 مليارات دينار موزعة على قطاعات اقتصادية مختلفة، داعياً إلى إعادة النظر في العلاقة المالية بين الحكومة والضمان لضمان استدامة الصندوق.
وشدد على ضرورة العودة إلى النسبة القانونية للدين العام البالغة 60% من الناتج المحلي، والعمل على خفضها تدريجياً إلى ما دون 80% بحلول عام 2028، مشيراً إلى أن الدين العام (بدون احتساب دين الضمان) وصل فعلياً إلى نحو 90% من الناتج المحلي وربما أكثر.
وختم عايش بالقول:
> "نمو المديونية أصبح أسرع من نمو أي قطاع اقتصادي تقريباً، ولم يعد من الممكن التعامل مع هذا الواقع وكأنه أمر طبيعي، بل يجب وضع سياسات وبرامج اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار خطورة هذا التصاعد، والعمل على تحويل الدين من عبء مزمن إلى أداة نمو مدروسة ومستدامة".








