jo24_banner
jo24_banner

العالم على صفيح ساخن: من كييف إلى غزة… حين يلمع الذهب إيذانًا بالحرب

العالم على صفيح ساخن: من كييف إلى غزة… حين يلمع الذهب إيذانًا بالحرب
جو 24 :

 *هل سيكتب التاريخ أن الحرب العالمية الثالثة بدأت من غزة؟  

كتب وسام السعيد - في كل مرة ظنّ فيها الإنسان أن الحروب الكبرى أصبحت من الماضي، كانت الأحداث تُذكّره أن التاريخ لا يملّ من تكرار نفسه، لكن بأسلحةٍ جديدةٍ ووجوهٍ مختلفة. اليوم، تتقاطع النيران في الشرق والغرب، ويبدو أن العالم يقف على أعتاب تحوّل تاريخي قد يحدد شكل النظام الدولي لعقودٍ قادمة.  

السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: 

هل نحن حقًا نعيش مقدمات الحرب العالمية الثالثة؟ أم أننا داخلها بالفعل
 ولكن في شكلٍ جديد لا يُشبه ما عرفناه من قبل؟ 

 أولاً: حرب أوكرانيا… بداية الانقسام الجديد  حين اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، بدت كأنها أزمة أوروبية محدودة. 

لكن ما لبثت أن تحولت إلى حرب عالمية بالوكالة: 
روسيا تقاتل دفاعًا عن مجالها الحيوي، والولايات المتحدة تقاتل للحفاظ على نفوذها عبر أوكرانيا، وحلف الناتو يضخ السلاح والمال والاستخبارات بلا حدود.  
أوكرانيا أصبحت رمزًا لصراع النفوذ بين الشرق والغرب، فهي ليست معركة حدود بل معركة هوية: 
من يحكم العالم… ومن يُكتب له البقاء في قمة الهرم الدولي؟ 

  ثانيًا: الصين وأمريكا… الصراع البارد بأدوات ساخنة  في الطرف الشرقي من الكوكب، تتهيأ الصين بثبات وصمت لتحدي الإمبراطورية الأمريكية، ليس عبر المدافع، بل عبر التكنولوجيا والاقتصاد والتحالفات. 

قضية تايوان، بحر الصين الجنوبي، الذكاء الاصطناعي، شبكات الجيل الخامس… كلها ساحات معركة غير معلنة، لكنها تحمل في طيّاتها خطر التحوّل إلى مواجهة فعلية لو اختلت المعادلة لحظة واحدة. 

 فالتنين الصيني لا يزأر عبثًا، والنسر الأمريكي لا ينسحب بهدوء. وما بينهما… العالم يترقب الشرارة التي قد تُعيد تعريف مفهوم "القوة العظمى”.  

 ثالثًا: غزة… الشرارة الأقرب إلى الانفجار  في قلب الشرق الأوسط، تتحول غزة من حرب محلية إلى ملف عالمي بالغ الخطورة. ليست المسألة حدودًا أو صراعًا على أرض، بل هي عقدة سياسية ودينية وأخلاقية تمسّ وجدان مليارات البشر. 

 تداخلت فيها إيران وحزب الله وسوريا واليمن، ودخلت واشنطن بثقلها الكامل لحماية إسرائيل، بينما تتابع موسكو وبكين المشهد بارتياحٍ خفيّ، تترقبان سقوط صورة "العدالة الغربية” أمام أعين الشعوب. 

 وما بين تصاعد جبهات القتال واحتمال امتدادها شمالًا وجنوبًا، تبدو غزة اليوم أقرب ما تكون إلى الفتيل في برميل بارودٍ إقليمي، قد يتحول في لحظة واحدة إلى مواجهة دولية شاملة.
  وربما يسجّل التاريخ يومًا أن الحرب العالمية الثالثة لم تبدأ في كييف أو تايوان… بل في غزة.
  
 رابعًا: الاقتصاد يترنّح… والذهب يلمع  في خلفية المشهد العسكري، هناك حرب أخرى لا تقل خطورة:

 الحرب الاقتصادية. 

العالم يواجه ديونًا أمريكية متضخمة، وركودًا أوروبيًا، وتباطؤًا صينيًا، وقلقًا عالميًا من فقدان الثقة في العملات الورقية.  وفي كل مرة يشتدّ الخوف، يقفز الذهب ليذكّرنا بأنه العملة الوحيدة التي لا تخون. ارتفاعه المستمر ليس صدفة، بل هو مؤشر على قلقٍ عالميّ عميق، ورسالة من الأسواق تقول:  "العالم لا يثق بالمستقبل.”

  فكلما ارتفع الإنفاق العسكري، وكلما تصاعد التوتر، ازدادت شهية الدول والمستثمرين لتخزين الذهب لا حبًّا في الثراء، بل خوفًا من الغد.  

  خامسًا: 
الإنفاق العسكري… لغة ما قبل العاصفة  أرقام الإنفاق العسكري تكشف الحقيقة بوضوح:
 أكثر من 2.4 تريليون دولار صُرفت على التسلّح عام 2024 أعلى رقم في تاريخ البشرية. 
من موسكو إلى واشنطن، ومن بكين إلى نيودلهي، الجميع يُسلّح نفسه وكأنه يعرف أن الغد لن يكون سلميًا. 
 إنها ليست مصادفة، بل استعدادٌ طويل المدى لحربٍ قد لا يُعلن عنها رسميًا، لكن تجهيزاتها تُبنى في العلن كل يوم.  

 سادسًا:
 الحرب القادمة… ليست كما كانت  الحروب المقبلة لن تبدأ بإعلان، ولن تنتهي بتوقيع هدنة. إنها حروب هجينة: تجمع بين الذكاء الاصطناعي، والعقوبات الاقتصادية، والسيطرة السيبرانية، وحروب المعلومات، وحروب العملات والطاقة.  
العالم اليوم لا يحتاج إلى صواريخ ليشتعل، بل إلى "خلل واحد في التوازن” ليغرق بأكمله. 

  سابعًا: 

ولادة نظام عالمي جديد  كل ما يحدث — من كييف إلى غزة، ومن تايوان إلى البحر الأحمر — ليس سوى مخاضٍ عنيفٍ لنظام عالمي جديد. النظام القديم الذي وُلد بعد الحرب العالمية الثانية يحتضر، وعالمٌ جديد يتشكل على مهل، بقيادة أقطاب متعددة، حيث لم يعد الغرب وحده سيد القرار. 

 لكن كل ولادة كبرى تأتي بثمنٍ باهظ، وثمن هذا التحوّل قد يكون حربًا كبرى  العالم اليوم يعيش حالة "ما قبل الانفجار” لا هو في حرب، ولا هو في سلام. 

صوت الذهب يرتفع، والأسواق تترنّح، والتحالفات تتبدل، وغزة تشتعل، وأوكرانيا تنزف، والصين تترقب، وأمريكا تتشبّث بالقيادة. 

 كل ذلك يجعل السؤال ليس هل ستقع الحرب؟ بل متى… وأين ستكون الشرارة الأولى؟  

وإن كان للتاريخ حكمةٌ يرددها، فهي أن الحروب لا تبدأ حين تشتعل المدافع، بل حين يُطفئ العقل صوته… ويعلو ضجيج القوة.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير