jo24_banner
jo24_banner

زهران ممداني.. فلسطين باتت معيارا أخلاقيا

زهران ممداني.. فلسطين باتت معيارا أخلاقيا
جو 24 :


كتب زياد فرحان المجالي - 

في المشهد السياسي الأميركي المزدحم بالوجوه التقليدية، يبرز اسم زهران ممداني كأحد أكثر الشخصيات التي أثارت اهتمام الإعلام الإسرائيلي مؤخرًا، ليس لكونه سياسيًا ذا نفوذ مباشر، بل لأنه يعبّر عن ملامح التحوّل الأخلاقي والثقافي داخل الحزب الديمقراطي تجاه إسرائيل.

في إسرائيل، تُقدَّم سيرته ضمن سلسلة ملفاتٍ عن شخصيات "صاعدة” داخل الحزب الديمقراطي يُنظر إليها على أنها تمثل خطرًا على التحالف التاريخي بين واشنطن وتل أبيب.

ممداني، البالغ من العمر 34 عامًا، وُلد في أوغندا لأسرةٍ من أصولٍ هندية، وهاجر إلى الولايات المتحدة في طفولته ليستقر في الجنوب الأميركي. نشأ في بيئةٍ منفتحة على التنوّع الثقافي والديني، وسرعان ما برز في العمل الأكاديمي والسياسي حتى أصبح أستاذًا في جامعة كولومبيا ووجهًا تقدميًا داخل الحزب الديمقراطي. يجمع بين الفكر الاشتراكي والهوية الدينية الشيعية، في معادلةٍ يرى فيها كثيرون تعبيرًا عن أميركا الجديدة – أميركا الملوّنة التي ترفض أن تُعرّف تحالفاتها باللون أو المذهب أو المصالح وحدها.

ينتمي ممداني إلى الجناح اليساري من الحزب، القريب من تيار بيرني ساندرز وألكسندريا أوكاسيو كورتيز. خطابه جريء في انتقاد اللوبي الإسرائيلي، إذ يقول إن "الاعتراف بإسرائيل لا يمكن أن يكون أخلاقيًا ما لم يُرفق باعترافٍ بحقوق الفلسطينيين”. هذا التصريح وحده كان كافيًا ليضعه في مرمى الصحافة العبرية التي وصفته بأنه "صوت شيعي معادٍ لإسرائيل”، رغم أن خطابه يستند إلى مبادئ العدالة والمساءلة لا إلى أيديولوجيا دينية.

زهران متزوج من "لاراما"، ابنة مترجمين سوريين وأستاذة في جامعة كولومبيا، ويعيش في نيويورك. تفاصيل حياته الخاصة لم تُغفلها الصحافة الإسرائيلية، بل استُعملت لتغذية صورةٍ نمطيةٍ تربطه بـ"الشرق الأوسط"، وكأن الانتماء الثقافي أو الديني يكفي لتبرير موقفٍ سياسيٍّ نقديٍّ من إسرائيل.وفي زاويةٍ خفيفةٍ من البطاقة التعريفية التي نشرتها الصحف العبرية، أُشير إلى أنه كان يؤدي موسيقى الراب باسم "Mr. Cardamom" – في محاولةٍ لإضفاء لمسةٍ ساخرةٍ تُفرغه من الجدية السياسية.لكن خلف هذا التناول الإعلامي، يكمن قلق إسرائيلي حقيقي من اتساع رقعة الأصوات الأميركية التي لم تعد ترى في إسرائيل "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بل دولةً يجب أن تُحاسَب على أفعالها مثل أيٍّ أخرى.

هذا التحوّل لا يُقاس بحجم الأسماء، بل بالثقافة التي تمثلها. فممداني ليس ظاهرة فردية، بل جزء من جيلٍ جديدٍ في الحزب الديمقراطي يرى أن القيم أهم من التحالفات، وأن الفلسطينيين لم يعودوا مجرّد قضية بعيدة، بل معيارًا أخلاقيًا يُختبر عنده صدق الديمقراطية الأميركية نفسها.

في واشنطن، لا تزال المؤسسة التقليدية تحاول الحفاظ على خطاب الدعم المطلق لإسرائيل، لكن في الجامعات الأميركية – من كولومبيا إلى هارفارد – تتكوّن اليوم لغةٌ سياسيةٌ مختلفة، أكثر إنسانية وأقل خضوعًا للوبيات المال والدين.

وهكذا، يصبح "زهران ممداني" ليس مجرد اسمٍ جديدٍ في السياسة الأميركية، بل رمزًا لمرحلةٍ يعاد فيها تعريف الحلفاء والأعداء بلغة الضمير لا بلغة المصالح.


كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير