ما الذي يحتاجه المنتخب ليرتقي نحو مستوى يؤهله لمقارعة الكبار؟
وائل منسي
جو 24 :
رغم الفرح الجماعي بالفوز الصعب على العراق، إلا أن المشهد الكروي كما تكشفه رسائل المشجعين يكشف صورة أكثر تعقيدًا: منتخب قدّم مباريات قوية في بدايات البطولة، لكنه تراجع بشكل واضح في آخر مباراة، فتأرجح أداؤه بين روح قتالية عالية وانهيار نفسي مفاجئ بعد إصابة يزن نعيمات، ثم خروج أسامة أبو الذهب، ما جعل الفريق يدخل بحذر مبالغ فيه أمام خصم شرس لعب "معركة حرب” كما وصفه البعض.
هذا التذبذب، رغم الفوز، لا يؤهّل المنتخب حتى الآن؛ لمواجهة منتخبات كبرى في بطولات بحجم كأس العرب ولا كأس العالم، خاصة إذا ظل الاعتماد على لاعب أو اثنين فقط لصناعة الفارق، فكل إصابة تتحول إلى أزمة نفسية جماعية.
الحوارات تعكس أيضاً خللاً تكتيكياً واضحاً؛ خطة دفاعية في الشوط الثاني و”فردية مفرطة” أمام المرمى جعلت كثيرين يتوقعون انهيار الدفاع لو استمرت المباراة على النهج ذاته، فيما شعر اللاعبون بالخوف من الالتحامات نتيجة خشونة العراقيين وغياب حماية التحكيم. ومع ذلك، صنع الحارس يزيد أبو ليلى لحظة بطولية أنقذت المنتخب من الخروج، فكان "بطل المعركة” كما وصفه المشجعون، بينما جاء الفرح ممزوجًا بقلق حقيقي: هل نملك أداءً ثابتاً أم أننا نعيش على فترات توهّج مؤقتة؟
وبين الانفعال والدعاء ودموع فرح المدرب، بقي السؤال الأهم مطروحًا: ما الذي يحتاجه المنتخب ليرتقي نحو مستوى يؤهله لمقارعة الكبار؟ أولاً، معالجة هشاشة المنظومة النفسية بحيث لا تهتزّ لمجرد إصابة لاعب.
ثانياً، تطوير بدائل هجومية حقيقية تُنهي الاعتماد على الأفراد وتعزز اللعب الجماعي.
ثالثاً، بناء دفاع قادر على الصمود تحت الضغط بدل الانهيار التدريجي.
رابعاً، إدارة الأحمال البدنية وتخفيف أثر تقارب المباريات الذي جعل المنتخب يدخل مرهقًا مقارنة بفرق أخرى.
فالفرح حق، والإنجاز مهم، لكن المستقبل يتطلب اعترافًا بأن الفوز وحده لا يكفي. المطلوب منتخب لا يعتمد على "كبوة ظرفية”، بل على منظومة ثابتة تُواجه الشرسين بلا خوف، وتستمر في البطولة وهي أكثر استعدادًا من مجرد لحظة حماس، حتى لا يكون الوصول إلى الأدوار المتقدمة مجرد ومضة عابرة، بل بداية طريق نحو منتخب قادر فعلاً على الوقوف في وجه الكبار.








