jo24_banner
jo24_banner

تاكر كارلسون: حين يخرج الصدع من قلب الإمبراطورية

تاكر كارلسون: حين يخرج الصدع من قلب الإمبراطورية
جو 24 :

كتب حلمي الأسمر - كيف تحوّل إعلامي يميني إلى كابوس إسرائيلي… ولماذا استضافة ألبانيزي ليست تفصيلًا؟

لم تعد المعركة حول فلسطين، ولا حول غزة، ولا حتى حول إسرائيل نفسها.
المعركة اليوم تدور حول من يملك حق السرد داخل الغرب، ومن يُسمح له أن يسأل، ومن يُعاقَب لمجرد أنه تجرأ على كسر الإجماع.

في هذا السياق، يظهر اسم تاكر كارلسون لا كصحافي عابر، بل كـ عرضٍ جانبي لانكسار أعمق في البنية الفكرية والسياسية الأميركية.

---

أولًا: من هو تاكر كارلسون فعلًا؟

تاكر كارلسون ليس يساريًا، ولا ناشط حقوق إنسان، ولا وافدًا من الهامش.
هو ابن المنظومة الأميركية البيضاء المحافظة:

وُلد عام 1969

تخرّج من النخبة

صعد داخل الإعلام السائد

بلغ ذروة تأثيره في فوكس نيوز، حيث كان الصوت الأكثر مشاهدة داخل اليمين الأميركي

لسنوات، لعب الدور المتوقع:

هجوم على الليبراليين

دفاع عن القومية الأميركية

نقد للهجرة

شكّ في العولمة

لكن ما يميّزه أنه لم يكن "موظف خطاب”، بل صاحب نزعة شكّ مرضية تجاه الدولة العميقة، الحروب الخارجية، وتحالفات واشنطن المقدسة.

وحين خرج من فوكس نيوز، لم يسقط… بل تحرّر.

---

ثانيًا: السؤال المحرّم… "ما ثمن إسرائيل؟”

التحوّل الحقيقي لم يبدأ بتأييد فلسطين، بل بسؤال أميركي بحت:

> لماذا تُقاتل الولايات المتحدة دائمًا نيابةً عن الآخرين؟

ثم تطوّر السؤال:

لماذا تُستثنى إسرائيل من أي محاسبة؟

لماذا يُمنع النقاش حول نفوذ اللوبي الإسرائيلي؟

لماذا يُتَّهم كل من ينتقد تل أبيب بمعاداة السامية فورًا؟

هذه ليست أسئلة فلسطينية…
هذه أسئلة سيادية أميركية.

وهنا يكمن الرعب الإسرائيلي.

---

ثالثًا: غزة كسرت المعادلة

حرب غزة لم تكشف فقط وحشية إسرائيل، بل فضحت عُري الخطاب الغربي.
وحين رأى كارلسون:

آلاف الأطفال يُقتلون

مدن تُمحى

مستشفيات تُقصف

وصمتًا أميركيًا مطبقًا

لم يسأل: هل حماس مخطئة؟
بل سأل:

> هل هذه حربنا أصلًا؟

وهذا السؤال، في واشنطن، أخطر من أي صاروخ.

---

رابعًا: قطر… الخروج من الجغرافيا السياسية الأميركية

زيارة تاكر كارلسون إلى قطر لم تكن "رحلة إعلامية”، بل هجرة رمزية من المركز إلى الهامش الذي صار مركزًا.

في الدوحة:

جلس مع القيادة القطرية علنًا

ناقش دور الوساطة، لا منطق القصف

طرح أسئلة عن أخلاق القوة

كسر الصورة النمطية عن "الشرق المظلم”

ثم جاءت القنبلة:

> "سأشتري منزلًا في قطر”

لم يكن تصريحًا عقاريًا.
كان إعلان عصيان رمزي:

أنا لست رهينة واشنطن

ولا تابعًا لإجماعها

ولا خائفًا من شيطنتها

منذ تلك اللحظة، تحوّل من إعلامي إلى هدف.

---

خامسًا: استضافة فرانشيسكا ألبانيزي… كسر السقف بالكامل

هنا نصل إلى نقطة اللاعودة.

فرانشيسكا ألبانيزي ليست:

ناشطة

ولا سياسية

ولا إعلامية

هي مقرّرة أممية رسمية، تمثل القانون الدولي نفسه، وصفت ما يجري في غزة بأنه إبادة جماعية محتملة.

أن تُستضاف:

على منصة أميركية

من إعلامي محافظ

أمام جمهور يميني

فهذه ليست حلقة…
هذه خيانة كبرى في نظر إسرائيل.

كارلسون لم يحاورها ليُحرجها، بل ليمنحها:

شرعية

منصة

جمهورًا كان محظورًا عليها

وهنا بالضبط انكسر الاحتكار.

---

سادسًا: لماذا هذا مرعب لإسرائيل؟

لأن إسرائيل بُنيت سرديًا على معادلة بسيطة:

اليمين الأميركي = دعم غير مشروط

اليسار = معارضة يمكن تشويهها

لكن كارلسون:

من اليمين

جمهوره جمهوري

لغته قومية

مرجعيته "أميركا أولًا”

أي أنه يضرب الرواية من داخل قاعدتها الحيوية.

وهذا أخطر من ألف مظاهرة في لندن.

---

سابعًا: رد الفعل… حين لا يبقى سوى التخوين

لم ترد إسرائيل على أفكاره.
لم تفنّد أسئلته.
بل فعلت ما تجيده:

شيطنة

تخوين

ربطه بقطر

اتهامه بالتحريض

تلويح بمعاداة السامية

والأخطر:
محاولة تحويله إلى "حالة شاذة”، لا إلى عرضٍ لانقسام أعمق داخل أميركا نفسها.

---

ثامنًا: ماذا يمثّل كارلسون الآن؟

تاكر كارلسون لا يقود ثورة.
ولا يحمل مشروعًا أخلاقيًا كاملًا.
لكنه يمثّل الشق الأول في جدار الصمت.

هو يقول للأميركي:

> من حقك أن تسأل
من حقك أن تشك
من حقك أن ترفض أن تُقاتل باسم الآخرين

وهذا الخطاب، حين يصدر من اليمين، يعني أن:

إسرائيل لم تعد محصّنة

اللوبي لم يعد مطلق السيطرة

الرواية بدأت تتآكل

---

الخلاصة: الخطر ليس في كارلسون… بل فيما يشبهه

إسرائيل لا تخاف من تاكر كارلسون كشخص.
بل تخاف من:

10 كارلسون

100 صحافي محافظ يطرح السؤال ذاته

جمهور جمهوري يبدأ بالتململ

استضافة ألبانيزي لم تكن صدفة.
كانت علامة على أن جدار الخوف تصدّع.

وغزة، مرة أخرى، لم تغيّر موازين القوة العسكرية…
بل موازين الوعي داخل قلب الإمبراطورية نفسها.

كلمات دلالية :

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير