أما من «جنيف فلسطيني»؟!
عريب الرنتاوي
جو 24 : لا يكفي أن يتداعى وزراء الخارجية لاجتماع طارئ في القاهرة بعد أسبوع، حتى يُقال إن “شبكة أمان عربية” قد توفرت للمفاوض، فالذين سيجتمعون في القاهرة قد يصبحون سيفواً مسلطة على رقاب الفلسطينيين بدل أن يكونوا سيوفاً بأيديهم، بعضهم لانخراطهم من الرأس حتى الأذنين في معارك السلطة وتعقيدات مرحلة الانتقال، وبعضهم الآخر لأنه اعتاد أن يدفع من جيوب الفلسطينيين ثمن استحقاقات أخرى على جبهات أخرى.
مع ذلك فإن الاجتماع المنتظر يبدو ضرورياً، وقد يكون مفيداً، شريطة أن يذهب الوفد الفلسطيني إلى القاهرة بموقف شديد الوضوح، من الأطروحات الأمريكية الجديدة، التي تذهب جميعها كما تشير كافة الدلائل، باتجاه معاكس للمصالح والحقوق والتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني ... فالضغوط التي يتعرض لها الجانب الفلسطيني تتخطى حدود قدرته على التحمل والمقاومة، والمنعطف الذي تمر به القضية الفلسطينية أشد خطورة من أن يترك للفلسطينيين وحدهم ... يتعين على الرئيس الفلسطيني أن يذهب للقاهرة بخريطة طريق يعرضها على الوزراء العرب، لا أن يكتفي بانتظار ما ستجود به قرائحهم المشغولة بأجندات أخرى، ليس من بينها أجندة الشعب الفلسطيني وحقوقه.
ملامح الصفقة التي يدور بشأنها التفاوض، ويسعى جون كيري في تمريرها، تُسقط حق الفلسطينيين في استرداد عاصمة دولتهم، وإعادة أشقائهم اللاجئين إلى ديارهم التي أخرجوا منها، وغور الأردن معروض للصفقات والمساومات فيما قمم الضفة الغربية مطلوبة للإيجار كقواعد عسكرية ومحطات إنذار مبكر، أما جدار الفصل العنصري فيواصل التفافه حول أعناق الفلسطينيين وأرزاقهم، و”يهودية الدولة” تطارد كالشبح، ذاكرة الفلسطينيين وضمائرهم وعقائدهم وكتب التاريخ التي توارثوها جيلاً بعد جيل، عن صراعهم التاريخي مع عدوهم.
مثل هذه الصفقة لا يمكن أن تكون مقبولة، حتى من قبل أكثر المسؤولين تهافتاً، فالقبول بها هو نهاية مطاف المسؤولين أنفسهم، وهو الوصفة الموصوفة للخراب الشامل، وهي بذرة لموجات متلاحقة من الصراعات والحروب والانتفاضات التي لا شك ستندلع وإن بعد حين.
خيارات كيري ومبادراته التجسيرية، باتت تشكل تحدياً خطيراً وغير مسبوق للشعب الفلسطيني وقيادته، وقد آن الأوان لـ “كسر الاحتكار” الأمريكي لعملية السلام والمفاوضات بين الجانبين ... فلا يعقل أن تكون “جنيف” قبلة العالم بأسره لمعالجة أكثر أزماته تفاقماً، من الكيماوي السوري إلى النووي الإيراني، ويبقى الفلسطينيون رهينة التفرد والاستفراد الأمريكي – الإسرائيلي، وضحايا عملية تبادل الأدوار بين واشنطن وتل أبيب.
آن الأوان لإطلاق مبادرة جديدة، تبدأ مع الأصدقاء الروس وبعض الأوربيين ودول “البريكس” وأنقرة وطهران وبعض العواصم العربية، حشداً للتأييد لإعادة القضية الفلسطينية إلى حاضنتها الدولية، وتوظيف “التوازنات الجديدة” في العلاقات الدولية، من أجل حل عادل ومتوازن للقضية الفلسطينية ... آن الأوان لتحرير “الرهائن” الفلسطينيين من قبضة مختطفيهم من إسرائيليين مدعومين بالانحياز الأمريكي الأعمى لتل أبيب، وبأبشع حسابات السياسة الداخلية الأمريكية وتوازناتها المعروفة.
أشهر قلائل وتنتهي المهلة التي ألزم الجانب الفلسطيني نفسه بها للتفاوض غير المشروط ... وهي فترة بالكاد كافية لإطلاق مثل هذا التحرك على المسارات العربية والإقليمية والدولية، وهو تحرك يتعين أن يتوازى، بل وأن يكون مسبوقاً بتحرك على مسار استعادة المصالحة وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، إذ من دون شرط ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، لن يكون أي تحرك على مسارات الخارج، كافياً مهما عظم.
“الوكالة الأمريكية الحصرية لملف المفاوضات”، إرث متحدّر من عصر الانفراد الأمريكي بالعالم، فقد كثيٍر من صلاحيته في أزمتنا الراهنة، بعد أن انكمش دور واشنطن وتنامت أدوار لاعبين دوليين آخرين ... وهي وكالة أثبتت التجربة بالملموس، أن صاحبها عاجز عن القيام بالحدود الدنيا من واجباته ووظائفه، وقد آن أوان تغيير الوكيل، أو توسيع دائرة الوكلاء، وعلينا أن نفعل ذلك الآن، وأن نفعله من دون إبطاء.
(الدستور)
مع ذلك فإن الاجتماع المنتظر يبدو ضرورياً، وقد يكون مفيداً، شريطة أن يذهب الوفد الفلسطيني إلى القاهرة بموقف شديد الوضوح، من الأطروحات الأمريكية الجديدة، التي تذهب جميعها كما تشير كافة الدلائل، باتجاه معاكس للمصالح والحقوق والتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني ... فالضغوط التي يتعرض لها الجانب الفلسطيني تتخطى حدود قدرته على التحمل والمقاومة، والمنعطف الذي تمر به القضية الفلسطينية أشد خطورة من أن يترك للفلسطينيين وحدهم ... يتعين على الرئيس الفلسطيني أن يذهب للقاهرة بخريطة طريق يعرضها على الوزراء العرب، لا أن يكتفي بانتظار ما ستجود به قرائحهم المشغولة بأجندات أخرى، ليس من بينها أجندة الشعب الفلسطيني وحقوقه.
ملامح الصفقة التي يدور بشأنها التفاوض، ويسعى جون كيري في تمريرها، تُسقط حق الفلسطينيين في استرداد عاصمة دولتهم، وإعادة أشقائهم اللاجئين إلى ديارهم التي أخرجوا منها، وغور الأردن معروض للصفقات والمساومات فيما قمم الضفة الغربية مطلوبة للإيجار كقواعد عسكرية ومحطات إنذار مبكر، أما جدار الفصل العنصري فيواصل التفافه حول أعناق الفلسطينيين وأرزاقهم، و”يهودية الدولة” تطارد كالشبح، ذاكرة الفلسطينيين وضمائرهم وعقائدهم وكتب التاريخ التي توارثوها جيلاً بعد جيل، عن صراعهم التاريخي مع عدوهم.
مثل هذه الصفقة لا يمكن أن تكون مقبولة، حتى من قبل أكثر المسؤولين تهافتاً، فالقبول بها هو نهاية مطاف المسؤولين أنفسهم، وهو الوصفة الموصوفة للخراب الشامل، وهي بذرة لموجات متلاحقة من الصراعات والحروب والانتفاضات التي لا شك ستندلع وإن بعد حين.
خيارات كيري ومبادراته التجسيرية، باتت تشكل تحدياً خطيراً وغير مسبوق للشعب الفلسطيني وقيادته، وقد آن الأوان لـ “كسر الاحتكار” الأمريكي لعملية السلام والمفاوضات بين الجانبين ... فلا يعقل أن تكون “جنيف” قبلة العالم بأسره لمعالجة أكثر أزماته تفاقماً، من الكيماوي السوري إلى النووي الإيراني، ويبقى الفلسطينيون رهينة التفرد والاستفراد الأمريكي – الإسرائيلي، وضحايا عملية تبادل الأدوار بين واشنطن وتل أبيب.
آن الأوان لإطلاق مبادرة جديدة، تبدأ مع الأصدقاء الروس وبعض الأوربيين ودول “البريكس” وأنقرة وطهران وبعض العواصم العربية، حشداً للتأييد لإعادة القضية الفلسطينية إلى حاضنتها الدولية، وتوظيف “التوازنات الجديدة” في العلاقات الدولية، من أجل حل عادل ومتوازن للقضية الفلسطينية ... آن الأوان لتحرير “الرهائن” الفلسطينيين من قبضة مختطفيهم من إسرائيليين مدعومين بالانحياز الأمريكي الأعمى لتل أبيب، وبأبشع حسابات السياسة الداخلية الأمريكية وتوازناتها المعروفة.
أشهر قلائل وتنتهي المهلة التي ألزم الجانب الفلسطيني نفسه بها للتفاوض غير المشروط ... وهي فترة بالكاد كافية لإطلاق مثل هذا التحرك على المسارات العربية والإقليمية والدولية، وهو تحرك يتعين أن يتوازى، بل وأن يكون مسبوقاً بتحرك على مسار استعادة المصالحة وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، إذ من دون شرط ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، لن يكون أي تحرك على مسارات الخارج، كافياً مهما عظم.
“الوكالة الأمريكية الحصرية لملف المفاوضات”، إرث متحدّر من عصر الانفراد الأمريكي بالعالم، فقد كثيٍر من صلاحيته في أزمتنا الراهنة، بعد أن انكمش دور واشنطن وتنامت أدوار لاعبين دوليين آخرين ... وهي وكالة أثبتت التجربة بالملموس، أن صاحبها عاجز عن القيام بالحدود الدنيا من واجباته ووظائفه، وقد آن أوان تغيير الوكيل، أو توسيع دائرة الوكلاء، وعلينا أن نفعل ذلك الآن، وأن نفعله من دون إبطاء.
(الدستور)