اكتشاف بنية كونية ضخمة تدور مثل "لعبة الملاهي"!
عثر فريق بحثي دولي على أضخم بنية دوارة في الكون حتى الآن. وهي عبارة عن سلسلة مجرية رفيعة تشبه شفرة الحلاقة، موجودة داخل خيط كوني عملاق يبعد نحو 140 مليون سنة ضوئية عن كوكب الأرض.
وقد نشر هذا الاكتشاف في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، ويتوقع أن يقدم أدلة مهمة حول كيفية تشكل المجرات في بدايات الكون.
ولفهم أهمية هذا الاكتشاف، يجب أولا استيعاب طبيعة الخيوط الكونية. فهذه الخيوط هي أكبر الهياكل المعروفة في الكون، حيث تمتد لمئات الملايين من السنين الضوئية، وتشكل الهيكل العظمي للكون المرئي. وتتكون هذه الخيوط أساسا من المادة المظلمة الغامضة التي تشكل نحو 85% من مادة الكون، بالإضافة إلى المجرات والغازات المنتشرة على طولها.
واستخدم الفريق البحثيبقيادة جامعة أكسفورد مجموعة متطورة من التلسكوبات والمسوحات الفلكية، أهمها تلسكوب MeerKAT الراديوي في جنوب إفريقيا، وهو أحد أكثر التلسكوبات الراديوية حساسية في العالم، ويتألف من 64 طبقا راديويا متصلا.
ومن خلال مسح MIGHTEE العميق للسماء، تمكن العلماء من رصد 14 مجرة غنية بغاز الهيدروجين، مرتبة في خط رفيع بشكل مدهش داخل خيط كوني أكبر. وهذا الخط الرفيع، الذي يشبه شفرة حلاقة كونية، يبلغ طوله نحو 5.5 مليون سنة ضوئية وعرضه نحو 117 ألف سنة ضوئية فقط، ما يجعله هيكلا متناهيا في الرقة بمقاييس الكون.
وما يجعل هذا الاكتشاف استثنائيا حقا هو وجود حركتين دورانيتين متزامنتين. أولا، تدور المجرات الفردية حول محاورها الخاصة، تماما كما تدور مجرتنا درب التبانة. ثانيا، و هذا هو الجديد، يدور الخيط الكوني بأكمله ككتلة واحدة.
ولتوضيح هذه الفكرة، استخدمت الدكتورة لايلا يونغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة، تشبيها بليغا: "يمكن تخيل الأمر كلعبة فناجين الشاي في مدينة الملاهي. كل فنجان شاي (يمثل مجرة) يدور حول نفسه، بينما المنصة بأكملها (الخيط الكوني) تدور أيضا. وهذه الحركة المزدوجة تمنحنا نافذة نادرة على كيفية اكتساب المجرات لدورانها من البيئة الكونية المحيطة".
ويبدو أن هذا الخيط الكوني ما يزال في مرحلة مبكرة من تطوره، حيث يتميز بوفرة المجرات الغنية بالغاز الهيدروجيني - المادة الخام لتكوين النجوم - وبحركته الداخلية البطيئة التي يصفها العلماء بحالة "البرود الديناميكي". وهذه الخصائص تجعله مختبرا طبيعيا فريدا لدراسة المراحل الأولى من تطور المجرات.
ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على الفهم النظري فحسب، بل تمتد إلى الجوانب التطبيقية أيضا. فالمجرات الغنية بالهيدروجين تعمل كأدوات تتبع مثالية لمراقبة كيفية انتقال الغاز عبر الخيوط الكونية، ما يساعد العلماء على فهم آلية انتقال الزخم الزاوي عبر الشبكة الكونية وتأثيره على بنية المجرات وتشكل النجوم فيها.
المصدر: ساينس ديلي








