وقود التدفئة في عجلون خليط من الاحذية والاقمشة والبلاستيك
وضع ارباب الاسر في محافظة عجلون شعار "الحاجة ام الاختراع" موضع التطبيق باستخدامهم وسائل جديدة، قديمة في مادتها، فرضتها قسوة الشتاء، فكانت العودة الى الطبيعة الأحل الأمثل لتوفير الدفء في مواجهة هذه الظروف الاستثنائية.
ففي قضاء الجنيد وتحديدا في منطقة صخرة، يستعين ارباب الاسر بما يتوفر لديهم من احذية بالية واطارات السيارات ومخلفات الابقار والدواب والاقمشة والادوات البلاستيكية وجفت الزيتون وزيت المركبات المحروق اضافة الى الحطب الذي كان الوسيلة الوحيدة للتدفئة من قبل اجدادهم قبل 150 عاما.
ويعزو العديد من ارباب هذه الاسر اللجوء لهذه الوسائل نظرا للارتفاع المتزايد في اسعار الوقود وانخفاض الرواتب، واستعاضتهم بهذه الوسائل بديلا عن الاحراش والتي يعاقب من يقدم على القيام بتحطيب الاشجار منها بعقوبات مغلظة.
ورغم استخدام العديد من المواطنين لمادة الجفت، وهي مخلفات عصر الزيتون والتي يتوقعون ان ضررها على الصحة اقل من الاحذية والمواد البلاستيكية الا انهم ابدوا استغرابهم للاسعار العالية لهذه المادة التي وصل سعر الطن منها الى 140 دينارا مقارنة مع مبلغ 60 دينارا في ايام الصيف.
واشاروا الى ان مادة الجفت كانت تؤخذ من معاصر الزيتون قبل سنوات مجانا والان اصبحت من حق اصحاب المعاصر الذين يبيعونها باسعار باهظة، رغم انها من حق مزارعي الزيتون.
وبين المواطن عبدالله محمود من صخره ان اهالي البلدة لم يكونوا يحسبون للتدفئة قبل 15 عاما أية حساب حيث كانت أسعار المحروقات في ذلك الوقت معقولة، لكن الوضع اليوم اختلف مع الارتفاع الجنوني لاسعار المحروقات التي يستخدمها ألاهالي في التدفئة بشكل كبير، فبدأ العديد من ارباب الاسر باستخدام هذه الوسائل نتيجة الفقر والبؤس والحاجة الى الدفء خاصة ممن لديهم اسر غالبية افرادها اطفال.
واضاف ان معظم الاسر التي عادة ما تكون فقيرة او شديدة الفقر او من الموظفين اصحاب الدخول المتدنية يعتمدون على صوبات الحطب التي تمكنهم من استخدام هذه الوسائل المبتكرة للتدفئة حيث يقومون بجمع هذه المواد قبل ايام الشتاء غير آبهين باثرها على صحتهم واطفالهم وجيرانهم مشيرا الى انه إذا كان الجوع كافراً فماذا نقول للبرد.
فيما تشكو المواطنة ام انس من اثر استخدام هذه الوسائل على الصحة بشكل عام حيث تكون الاجواء الخارجية ملوثة وموبوءة برائحة الاحذية والبلاستيك والزيوت المحروقة وغيرها من المواد التي تؤكد انها سموم تسبب العديد من الامراض لساكني هذه المناطق سواء من يستعملها او من لا يستعملها عدا عن اثرها السلبي على البيئة نظرا لانتقال رائحتها مع تيارات الهواء القوية.
واضافت ان معظم جيرانها يستخدمون مثل هذه الوسائل في التدفئة، وعند خروجها من منزلها، واحيانا وهي بداخلة تشم الروائح الكريهة المنبعثة من بواري الصوبات، فيما اشار زوجها الى انه بحث موضوع انبعاث هذه الروائح الكريهة مع جيرانه والذين غالبا ما تكون اجابتهم اننا نعلم اثر هذه السموم علينا وعلى البلدة كلها لكن لا يوجد باليد حيلة، ونحن لا بد من ان نعمل على توفير التدفئة لابنائنا خاصة في ظل الاجواء الباردة جدا.
المواطن محمد حمدان اكد ان الدخان الاسود المنبعث من بواري هذه الصوبات، هو عباره عن سموم قاتلة، متوقعا ان ارتفاع حالات الاصابة بامراض السرطان في هذه المنطقة يعود الى زيادة استخدام هذه الوسائل في التدفئة خاصة وان الذي يسير في المناطق التي تستخدم هذه الصوبات يشم بشكل واضح رائحة الاحذية والادوات البلاستيكية والملابس المحروقة المستخدمة في التدفئة.
ودعا المواطن علي ابراهيم الحكومة لزيادة دعم المحروقات خلال فصل الشتاء لابناء المناطق التي تتعرض لاجواء عاصفة والتي في العادة يتكبد سكانها تكلفة اضافية ترهق كاهلهم لتامين الدفء لمنازلهم وابنائهم مؤكدا ان الدولة لا يمكن ان يرهقها مبلغ اضافي من دعم المحروقات مقابل ما يعكسه مثل هذا المبلغ على صحة وسلامة ابنائهم وبالتالي التوفير على موازنة الخدمات الصحية.
( وشيش ودويش وطحين ما فيش )
المواطن محمد محمود ابدا استغرابه لاعلان يتكرر باستمرار على شريط التلفزيون من مديرية الحراج في وزارة الزراعة يتضمن دعوة من يشاهد اي اعتداء على الاحراش الى الاتصال على ارقام محددة، قائلا: اننا في هذه المناطق نعاني من ظروف قاسية جدا في فصل الشتاء حيث كان اباؤنا في السابق يعتمدون على مادة الحطب للتدفئة وكانت اراضيهم مليئة باشجار السنديان والبلوط، كما ان الاحراش كانت مليئة بالاشجار وكانت قلوب الناس على بعضها البعض، اما في هذه الايام فقد تغير كل شيء، فالاراضي زرعت بالاشجار المثمرة او بيعت من قبل الورثة او وزعت بمساحات محدودة جدا، والعقوبات قاسية جدا على من يتعدى على الاحراش، ونحن اصبحنا نعاني؛ فالرواتب لا تكفي، وتذهب لسداد البنوك، كما ان دراسة ابنائنا في الجامعات ارهقتنا، ومعظمنا من اصحاب الدخول المتدنية والمحدودة واسرنا ذات اعداد كبيره.
واضاف: كل يوم يعقد مؤتمر او نسمع خبرا او نشاهد مقابلة هنا او هناك لتخفيف معاناتنا ونقول (جاء الفرج) ولكن كل ما نسمعه شبيه بمطحنة الشياطين يصدق فيه القول (وشيش ودويش وطحين ما فيش).
احد المصنعين لهذه الصوبات الحداد ضيف الله علي، قال: ان هذا العام شهد زيادة ملحوظة من قبل المواطنين على شراء صوبات الحطب حيث يطلب الزبائن صوبات باحجام ومواصفات مختلفة كما ان العديد منهم قاموا باعمال صيانة للصوبات القديمة التي لديهم من سنوات سابقة.
فيما اكد احد اصحاب المتاجر المتخصص في بيع الأدوات الكهربائية عبدالله العمري، انه يزود محله قبل فصل الشتاء بالمدافئ الكهربائية والتي تعمل على الغاز مشيرا الى ان هذا العام يشهد اقبالا على شراء المدافىء التي تعمل على الغاز مقابل تراجع في شراء المدافىء التي تعمل على الكهرباء.
فيما اكد الناطق الاعلامي لوزارة البيئة عيسى الشبول ان الدخان المتصاعد من هذه الوسائل يذهب الى الغلاف الجوي حيث ينتقل من بلد الى آخر مشيرا الى ان هذه الوسائل هي ضمن الحد المسموح به، محذرا في الوقت نفسه من استخدام الاطارات والكاوتشوك التي قد تحتوي على مواد ضارة على صحة الانسان وخاصة الاطفال والبيئة.
ودعا المواطنين لاستخدام مادة الجفت في التدفئة مشيرا الى ان مادة الجفت تعتبر ثروة وطنية نظرا للكميات الكبيرة التي تنتج من هذه المادة بعد عصر الزيتون.
واكد اختصاصي الامراض الصدرية الدكتور غنام جرار أن هذه المواد مصنوعة من المشتقات البترولية والبلاستيكية ولها آثار سلبية على الأطفال والمرضى خاصة المصابين بالحساسية وأمراض الربو وغيرها من الأمراض التي تتعلق بالجهاز التنفسي والقصبات الهوائية والقفص الصدري.
واشار الى ان حرق هذه المواد لفترة طويلة والابخرة المتصاعدة نتيجة ذلك قد تؤدي الى الامراض المسببة للسرطان، داعيا الاسر التي تستخدم هذه المواد الى تهوية المنازل باستمرار.بترا