التيار القومي التقدمي : التعليم في الأردن يخضع للمساومة
أصدر التيار القومي التقدمي بيانا ارتكز على واقع التعليم في الأردن وخاصة بعد كشف وزارة التربية والتعليم بأن 100 ألف طالب في الصفوف الأولى لايستطيعون القراءة والحساب.
ووفق البيان الذي وصل Jo24 نسخة منه الثلاثاء، يطالب التيار بالتركيز على النصف الفارغ من الكأس دون نظرة سوداوية وذلك لحل أزمة التعليم.
وتاليا نص البيان :
حسنًا فعل وزير التربية والتعليم عندما أعلن بصراحة عن عدم مقدرة 100 ألف طالب من الصفوف الاساسية الأولى قراءة الحروف وإجراء عمليات حسابية بسيطة.
وحسنًا فعل أعيان ونواب وقيادات أكاديميّة بإعلانهم أن أزمة التعليم العالي وصلت إلى حد لا يمكن الصمت حيالها ولا تبرير الانتظار والتريث في مواجهتها (راجع صحف 23/12/2013). يحق للشعب الأردني أن يقرع ناقوس الخطر، فهذه المشكلة، إن لم تعالج، فستعني أن الأعداد المشار إليها ستتزايد وسترفد البطالة والانحراف والتطرف، وستبدد طاقات كان بالإمكان الاستفادة منها.
كان الأردن في طليعة الدول التي حققت توسعًا كميًا في التعليم، وسادته قناعة إن الرأسمال البشري هو أثمن ما يملك، لكن هذا التوسع الكمي لم يرفد بارتقاء نوعي، بل بالعكس، فإننا نشهد تراجعًا في النوعية وفي الأداء يعبّر الكثير من المعلمين والكتاب عن قلقهم منه. وبعد قراءة تقرير "البيانات التعليمية: أداء الطلاب في القراءة والحساب، والممارسات التربوية، والإدارة المدرسية في الأردن"، وبعد التأمل في القضايا التي يثيرها، وبكل موضوعية وتقدير لكل الجهود الصادقة، ومن دون سوداوية أو تركيز على النصف الفارغ من الكأس، يحق للشعب الأردني أن يتساءل عن:
1- مدى جدوى الإصلاح التربوي الذي كثر الحديث عنه منذ العام 1988، وحقيقة تردي التعليم المستمر منذ ذلك الحين.
2- محتوى الإصلاح التربوي الذي ركز على تغيير المناهج وتجاهل حقيقة أن المنهاج الجيد بيد معلم ضعيف لا يحقق غاياته، وأن المعلم المؤهل يمكن أن يتجاوز عثرات المنهاج الضعيف. ألم يكن من الأجدى الاستثمار بالمعلمين؟ ألم يكن الإصلاح التربوي بمثابة تجنب للمهمة الصعبة المتمثلة بتأهيل المعلمين وهروبًا نحو المهمة الأبسط وهي تعديل المناهج (وهي مناهج لا تزال تعاني من إشكالات جدية).
3- ما هي المساندة التي يتم تقديمها للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وكيف تسهم المدرسة الأردنية بحل مشكلات التحصيل هذه قبل تفاقمها؟ هناك الكثير من الأسئلة الصعبة الأخرى، لكن جوهر الموضوع هو أن التعليم في الأردن في العقود الماضية خضع لمساومة، حيث أطلقت يد تيار فكري في وزارة التربية والتعليم، فغير وعدل كما يشاء دون حسيب أو رقيب، فألغى تدريس الفلسفة، وأعطى الكتب المدرسية لونًا معينًا وأعاق التفكير الناقد الحر وحول العلم إلى حفظ وتكرار.
وها قد وصلنا إلى مرحلة الأزمة المستعصية حيث أن مخرجات الجامعة غير قادرة على تعديل هذا النظام لأنها نتاجه. الوضع التربوي خطير جدًا وبحاجة إلى قرارات جادة وسريعة تستند إلى حوار مجتمعي فعال وشفاف. في الكثير من دول العالم كانت نواقيس الخطر الشبيهة لحظة البداية لتغيير شامل، ففنلندة مثلًا وضعت خطة ثلاثينية (نعم 30 سنة!) عابرة للحكومات والأحزاب حولت المعلم والمنهاج والمدرسة والنتاج التعليمي لتصبح تلك الدولة في المقدمة. أما الولايات المتحدة فكانت ردة فعلها على إطلاق الاتحاد السوفييتي للقمر الصناعي الأول هي الإصلاح التربوي. إن المخاطر التي تجابه الأردن اليوم لا يستهان بها، وهي مخاطر لا يمكن أن تجابه بسياسة الأمن الخشن كما يعتقد البعض، فالأمر لا يتعلق بوضع قوة في مواجه قوة أخرى، بل يتطلب الأمر التحلي بالحكمة اللازمة لمواجهة التحديات. لكن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا طائل من اقتراح حلول تم تجربتها سابقًا ولم تثبت نجاحًا... الوطن بحاجة إلى تكاتف الجميع للوصول إلى حل توافقي. فالتعليم حقل هام واستراتيجي، ولفرط أهميته يجب ألا يترك للمختصين فحسب، بل يجب أن يشارك فيه المجتمع ككل. التعليم صمام من صمامات أمن الوطن، فهل ثمة ضرورة لخلية أزمة؟
عمان 24/12/2013