عياش .. الرجل الذي أذاق الاحتلال ''رعبا وألما''
جو 24 : تصادف اليوم الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد أحد مجاهدي فلسطين الأبطال (الشهيد القسامي يحيى عياش) الذي أذاق الاحتلال الاسرائيلي رعبا و بؤسا وألما في كافة جولات القتال التي خضها معه.
واشتهر المهندس عياش كخبير في صناعة المتفجرات التي أذاقت الاحتلال بأس المقاومة ليشفي صدور قوم مؤمنين، وتعرض لعشرات محاولات الاغتيال الصهيونية الفاشلة.
حياته وبطولاته
كان عياش قدم إلى غزة، في عام 1994 بعد اشتداد حملة المطاردة التي تعرض لها في الضفة الغربية على خلفية العمليات النوعية التي نفذها وأشرف عليها.
واختار يحيى عياش، الذي كان الاحتلال يقلب الأرض بحثاً عنه، طريقة جريئة للوصول إلى غزة، وفيها قدر كبير من الجرأة والتحدي، من خلال وصوله في وضح النهار عبر حاجز بيت حانون "إيرز" الذي يمثل البوابة الشمالية الشرقية للقطاع مستخدماً سيارة تحمل لوحات صهيونية صفراء وهوية حاخام يهودي، في مجازفة خطيرة، تمت وبنجاح، ولم يكتشف الاحتلال وصوله لغزة إلا بعد فترة من الزمن حيث استمر في البحث عنه بالضفة.
وقد روى أحد المجاهدين الذين عملوا مع المهندس في قطاع غزة كيف اجتاز المهندس حاجز إيرز «بكل أدب، رد الجنود الصهاينة عند نقطة التفتيش في حاجز إيرز على تحية الحاخام الصهيوني، الذي اعتمر قلنسوة ضيقة -شالوم- وهم يلوحون لسيارته السوبارو بالعبور إلى داخل مناطق الحكم الذاتي، معتبرين إياه واحداً من أربعة آلاف مغتصب كانوا يقطنون القطاع، خاصة وأنه لم يثر انتباه أي منهم، دون أن يعلم أولئك أن هذا المبتسم وصاحب العيون الغائرة هو يحيى عياش، المطلوب الفلسطيني الأول، والذي يعتقد أنه وراء سلسلة من العمليات الاستشهادية أسفرت عن مصرع 70 صهيونيا وجرح عشرات آخرين. فعندما اختار عياش التخفي في صورة حاخام يهودي حرص على التأكد من كتابة كل الشعارات الضرورية على سيارته، من قبيل: الله أعطى هذه الأرض لليهود، والجولان لنا، والخليل مدينة يهودية. كما وضع عياش رشاش العوزي بشكل ظاهر للعيان في المقعد المجاور للسائق.
وتفخر الكثير من العائلات الفلسطينية أنها استضافت المهندس يحيى عياش في فترة حالكة كان يتعرض فيها لملاحقة مزدوجة وقاسية من أمن السلطة ومن الاحتلال، إذ بعد انكشاف أمر وصوله إلى غزة؛ نفذت قوات المخابرات والوقائي مئات عمليات المداهمة للمنازل لمجرد الاشتباه بوجود المهندس يحيى عياش.
ومن الشخصيات التي استضافت يحيى عياش كان الحاج محمد النجار أحد قادة العمل الإسلامي ومؤسسيه في قطاع غزة، والذي توفاه الله قبل سنوات، حيث كان يؤوي المهندس القائد كما كان يؤوي غيره من قادة المطاردين، وهو ما كان سراً مكتوماً حتى تم الكشف عنه بعد وفاته.
وأكد الدكتور يونس الأسطل، القيادي في حماس، أن منزل الحاج النجار كان يأوي فيه الشهيد القائد يحيى عياش، والمجاهد القائد محمد الضيف، في فترة كانت وطأة السلطة الفلسطينية قوية، وكانت وطأة الاحتلال أشد، ومع ذلك لم يكن يهاب أحداً.
ولم يركن العياش إلى السكون أو الدعة فبمجرد وصوله إلى غزة، حيث استقر به المقام في البداية في حي الشيخ رضوان حيث يتخذ القائد كمال كحيل إحدى قواعده السرية بين أهله الذين يعرفون بتأييدهم ومساندتهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تمهيداً لدراسة الأوضاع ميدانياً بهدف اختيار أفضل وأنجع الخطط لتنفيذ الأهداف التي من أجلها وفد لقطاع غزة.
وبعد فترة وجيزة جاء اغتيال الاحتلال للقائد في الجهاد الإسلامي، هاني عابد، بتفجير قنبلة متقنة الصنع وضعت خلف مقعد السائق في سيارته أثناء توقفها خارج مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس، في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1994 ، فقرر العياش الرد على هذه الجريمة بعمل نوعي فعمد مع إخوانه على ترتيبات سريعة، حتى كانت العملية الاستشهادية التي نفذها المجاهد هشام إسماعيل عبد الرحمن حمد (أبو محمد) البالغ من العمر (21) عاماً والذي يعمل إماماً لأحد مساجد حي الشيخ رضوان، وهو أصغر أشقائه الستة سناً، عندما وصل لهدفه عبر دراجة هوائية بتاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1994. وفجر البطل عبواته الناسفة على بعد أقل من متر من الضباط الثلاثة (مقدم ونقيب وملازم أول) فقتلوا على الفور وأصيب ستة من الجنود وأفراد حرس الحدود.
مثلت عملية الشهيد البطل هشام حمد في مفترق نتساريم بداية مرحلة جديدة ليحيى عياش، مهندس العمليات الاستشهادية الأول في فلسطين. وهذه البداية لا تقتصر على كون العملية، هي الأولى التي يشرف على تنفيذها في قطاع غزة فحسب، بل لكون المهندس قد اتفق مع قيادة الحركة الإسلامية في القطاع بألا تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن تبني العمليات الاستشهادية التي تنفذ في قطاع غزة أو تنطلق من هناك. وكان البعد الأمني لهذا الموضوع واضحاً في هذا الاتفاق، إذ إن أجهزة الاستخبارات الصهيونية لم تكن على علم بأي شكل من الأشكال -حتى الأسبوع الرابع من آذار 1995- بوجود المهندس في قطاع غزة، وكان آلاف الجنود والمخبرين ورجال الشرطة يبحثون عنه في الضفة الغربية.
ويعود المهندس بنا إلى حي الشيخ رضوان حيث اجتمع مع مساعديه والقائد كمال كحيل لتقييم الهجوم الاستشهادي في مفترق نتساريم ودراسة الآثار والتوقعات المحتملة لردود الفعل الصهيونية، وتحرك أجهزة أمن واستخبارات شرطة الحكم الذاتي بحثاً عن الخلايا التي تقف وراء الشهيد هشام حمد. وفي ضوء التقارير الواردة من جهاز الأمن التابع لحركة حماس ومجموعات الرصد السرية في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وجدت الكتائب بأن الوضع يتطلب نقل قاعدة المهندس إلى المنطقة الجنوبية من قطاع غزة (خان يونس - دير البلح - رفح)، خاصة وأن شرطة السلطة قد ركزت مجهوداتها على مدينة غزة والمخيمات المحيطة بها.
لم تكن أجواء خان يونس غريبة على يحيى عياش، فقد عاصر الكثير من مجاهديها الذين وفدوا إلى الضفة الغربية مثل عبد الرحمن حمدان وإبراهيم سلامة ومحمد شهوان وغيرهم. كما أن صديقه القديم، محمد الضيف (أبو خالد) الذي وفد أيضاً إلى الضفة وعمل مع المهندس في أوقات سابقة، يقف اليوم على رأس الجهاز العسكري لحركة حماس في المنطقة. وسوياً، بدأ القائدان القساميان بتدريب وتأهيل المرشحين للعمل الجهادي إلى جانب وضع الخطط والتفاصيل الدقيقة لتنفيذ عمليات عسكرية تستهدف منشآت عسكرية وأهداف اغتصابية ليس في قطاع غزة فحسب، وإنما في القدس والمناطق المحتلة منذ عام 1948 بالتعاون مع المجموعات التي نظمها المهندس في الضفة الغربية قبل مغادرته.
واستمر العياش ورفاقه في العمل والتدريب وإدارة عمليات المقاومة ببسالة واقتدار متحدين الملاحقة المزدوجة، حتى نالته يد الغدر ليستشهد وتبكيه غزة التي خرج في مشهد زحوف لم يسبق لها مثيل في وداعه وليبقى حياً في قلوب الذين عايشوه وقلوب الذين حلموا به فارساً مغواراً ليعيد المجد التليد، وفي قلوب الجيل الذي تعلم منه واستلم الراية لتمضي القافلة جيل يسلم جيل .. ليكبر جيش القسام ويتعاظم أداؤه ويكبر الأمل بقرب لحظة التحرير.
واشتهر المهندس عياش كخبير في صناعة المتفجرات التي أذاقت الاحتلال بأس المقاومة ليشفي صدور قوم مؤمنين، وتعرض لعشرات محاولات الاغتيال الصهيونية الفاشلة.
حياته وبطولاته
كان عياش قدم إلى غزة، في عام 1994 بعد اشتداد حملة المطاردة التي تعرض لها في الضفة الغربية على خلفية العمليات النوعية التي نفذها وأشرف عليها.
واختار يحيى عياش، الذي كان الاحتلال يقلب الأرض بحثاً عنه، طريقة جريئة للوصول إلى غزة، وفيها قدر كبير من الجرأة والتحدي، من خلال وصوله في وضح النهار عبر حاجز بيت حانون "إيرز" الذي يمثل البوابة الشمالية الشرقية للقطاع مستخدماً سيارة تحمل لوحات صهيونية صفراء وهوية حاخام يهودي، في مجازفة خطيرة، تمت وبنجاح، ولم يكتشف الاحتلال وصوله لغزة إلا بعد فترة من الزمن حيث استمر في البحث عنه بالضفة.
وقد روى أحد المجاهدين الذين عملوا مع المهندس في قطاع غزة كيف اجتاز المهندس حاجز إيرز «بكل أدب، رد الجنود الصهاينة عند نقطة التفتيش في حاجز إيرز على تحية الحاخام الصهيوني، الذي اعتمر قلنسوة ضيقة -شالوم- وهم يلوحون لسيارته السوبارو بالعبور إلى داخل مناطق الحكم الذاتي، معتبرين إياه واحداً من أربعة آلاف مغتصب كانوا يقطنون القطاع، خاصة وأنه لم يثر انتباه أي منهم، دون أن يعلم أولئك أن هذا المبتسم وصاحب العيون الغائرة هو يحيى عياش، المطلوب الفلسطيني الأول، والذي يعتقد أنه وراء سلسلة من العمليات الاستشهادية أسفرت عن مصرع 70 صهيونيا وجرح عشرات آخرين. فعندما اختار عياش التخفي في صورة حاخام يهودي حرص على التأكد من كتابة كل الشعارات الضرورية على سيارته، من قبيل: الله أعطى هذه الأرض لليهود، والجولان لنا، والخليل مدينة يهودية. كما وضع عياش رشاش العوزي بشكل ظاهر للعيان في المقعد المجاور للسائق.
وتفخر الكثير من العائلات الفلسطينية أنها استضافت المهندس يحيى عياش في فترة حالكة كان يتعرض فيها لملاحقة مزدوجة وقاسية من أمن السلطة ومن الاحتلال، إذ بعد انكشاف أمر وصوله إلى غزة؛ نفذت قوات المخابرات والوقائي مئات عمليات المداهمة للمنازل لمجرد الاشتباه بوجود المهندس يحيى عياش.
ومن الشخصيات التي استضافت يحيى عياش كان الحاج محمد النجار أحد قادة العمل الإسلامي ومؤسسيه في قطاع غزة، والذي توفاه الله قبل سنوات، حيث كان يؤوي المهندس القائد كما كان يؤوي غيره من قادة المطاردين، وهو ما كان سراً مكتوماً حتى تم الكشف عنه بعد وفاته.
وأكد الدكتور يونس الأسطل، القيادي في حماس، أن منزل الحاج النجار كان يأوي فيه الشهيد القائد يحيى عياش، والمجاهد القائد محمد الضيف، في فترة كانت وطأة السلطة الفلسطينية قوية، وكانت وطأة الاحتلال أشد، ومع ذلك لم يكن يهاب أحداً.
ولم يركن العياش إلى السكون أو الدعة فبمجرد وصوله إلى غزة، حيث استقر به المقام في البداية في حي الشيخ رضوان حيث يتخذ القائد كمال كحيل إحدى قواعده السرية بين أهله الذين يعرفون بتأييدهم ومساندتهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تمهيداً لدراسة الأوضاع ميدانياً بهدف اختيار أفضل وأنجع الخطط لتنفيذ الأهداف التي من أجلها وفد لقطاع غزة.
وبعد فترة وجيزة جاء اغتيال الاحتلال للقائد في الجهاد الإسلامي، هاني عابد، بتفجير قنبلة متقنة الصنع وضعت خلف مقعد السائق في سيارته أثناء توقفها خارج مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس، في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1994 ، فقرر العياش الرد على هذه الجريمة بعمل نوعي فعمد مع إخوانه على ترتيبات سريعة، حتى كانت العملية الاستشهادية التي نفذها المجاهد هشام إسماعيل عبد الرحمن حمد (أبو محمد) البالغ من العمر (21) عاماً والذي يعمل إماماً لأحد مساجد حي الشيخ رضوان، وهو أصغر أشقائه الستة سناً، عندما وصل لهدفه عبر دراجة هوائية بتاريخ 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1994. وفجر البطل عبواته الناسفة على بعد أقل من متر من الضباط الثلاثة (مقدم ونقيب وملازم أول) فقتلوا على الفور وأصيب ستة من الجنود وأفراد حرس الحدود.
مثلت عملية الشهيد البطل هشام حمد في مفترق نتساريم بداية مرحلة جديدة ليحيى عياش، مهندس العمليات الاستشهادية الأول في فلسطين. وهذه البداية لا تقتصر على كون العملية، هي الأولى التي يشرف على تنفيذها في قطاع غزة فحسب، بل لكون المهندس قد اتفق مع قيادة الحركة الإسلامية في القطاع بألا تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن تبني العمليات الاستشهادية التي تنفذ في قطاع غزة أو تنطلق من هناك. وكان البعد الأمني لهذا الموضوع واضحاً في هذا الاتفاق، إذ إن أجهزة الاستخبارات الصهيونية لم تكن على علم بأي شكل من الأشكال -حتى الأسبوع الرابع من آذار 1995- بوجود المهندس في قطاع غزة، وكان آلاف الجنود والمخبرين ورجال الشرطة يبحثون عنه في الضفة الغربية.
ويعود المهندس بنا إلى حي الشيخ رضوان حيث اجتمع مع مساعديه والقائد كمال كحيل لتقييم الهجوم الاستشهادي في مفترق نتساريم ودراسة الآثار والتوقعات المحتملة لردود الفعل الصهيونية، وتحرك أجهزة أمن واستخبارات شرطة الحكم الذاتي بحثاً عن الخلايا التي تقف وراء الشهيد هشام حمد. وفي ضوء التقارير الواردة من جهاز الأمن التابع لحركة حماس ومجموعات الرصد السرية في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وجدت الكتائب بأن الوضع يتطلب نقل قاعدة المهندس إلى المنطقة الجنوبية من قطاع غزة (خان يونس - دير البلح - رفح)، خاصة وأن شرطة السلطة قد ركزت مجهوداتها على مدينة غزة والمخيمات المحيطة بها.
لم تكن أجواء خان يونس غريبة على يحيى عياش، فقد عاصر الكثير من مجاهديها الذين وفدوا إلى الضفة الغربية مثل عبد الرحمن حمدان وإبراهيم سلامة ومحمد شهوان وغيرهم. كما أن صديقه القديم، محمد الضيف (أبو خالد) الذي وفد أيضاً إلى الضفة وعمل مع المهندس في أوقات سابقة، يقف اليوم على رأس الجهاز العسكري لحركة حماس في المنطقة. وسوياً، بدأ القائدان القساميان بتدريب وتأهيل المرشحين للعمل الجهادي إلى جانب وضع الخطط والتفاصيل الدقيقة لتنفيذ عمليات عسكرية تستهدف منشآت عسكرية وأهداف اغتصابية ليس في قطاع غزة فحسب، وإنما في القدس والمناطق المحتلة منذ عام 1948 بالتعاون مع المجموعات التي نظمها المهندس في الضفة الغربية قبل مغادرته.
واستمر العياش ورفاقه في العمل والتدريب وإدارة عمليات المقاومة ببسالة واقتدار متحدين الملاحقة المزدوجة، حتى نالته يد الغدر ليستشهد وتبكيه غزة التي خرج في مشهد زحوف لم يسبق لها مثيل في وداعه وليبقى حياً في قلوب الذين عايشوه وقلوب الذين حلموا به فارساً مغواراً ليعيد المجد التليد، وفي قلوب الجيل الذي تعلم منه واستلم الراية لتمضي القافلة جيل يسلم جيل .. ليكبر جيش القسام ويتعاظم أداؤه ويكبر الأمل بقرب لحظة التحرير.