«عائلة» تحتفظ برسائل سريّة لمؤسّس الدولة الجزائرية الأمير عبد القادر منذ القرن الـ19
جو 24 : تكتنز قرية «أولاد بن شهرة» الواقعة في إقليم محافظة تيسمسيلت (غرب الجزائر)، إرثاً تاريخياً كبيراً، مرصّع ببطولات الأمير عبد القادر بن محي الدين المعروف، بـ«عبد القادر الجزائري»، قائد المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1832 - 1847) والذي يصفه المؤرخون بمؤسس الدولة الجزائرية، وجُنده الذين قاتلوا ببسالة في ساحات الوغى، إذ تحتفظ إلى حدّ الساعة إحدى العائلات برسائل سرية كان يبعث بها الأمير إلى قادة جيشه.
والتقت «الأناضول»، عائلة «صحراوي» التي تنحدر من قرية «أولاد بن شهرة» بمحافظة تيسمسيلت (240 كلم غرب الجزائر العاصمة)، إذ ما تزال تحتفظ بأوان كان يتناول فيها الأمير عبد القادر الطعام، والأكثر من ذلك تلك الرسالة المؤثرة، التي حرّكت مشاعر الكراهية ضد الإستعمار الذي سلب الأرض، وحاول طمس معالم الهوية العربية الإسلامية للجزائر.
ويشعر أهالي «أولاد بن شهرة» بنوع من الفخر، لأنّ قائد المقاومة الجزائرية خصّهم من دون سواهم، برسالة تحمل توقيعه، حثهم من خلالها على رفع لواء الجهاد وتعزيز صفه بالجند، لما رأى وسمع عنهم من تشبث بالأصالة وتمسك بالقيم الإسلامية، بدليل حفظة كتاب الله والأئمة الذين كانوا ينظمون حلق الذكر آنذاك.
تقول عائلة «صحراوي» إن هذه الخصال «جعلت الأمير يعين أحد أبناء الأهالي وهو الفارس المجاهد الشيخ الصحراوي بن شهرة المدعو الناصر بن شهرة (الاسم الجهادي الذي عرف به)، نائباً له مكلفاً بقيادة الجند».
وكان الناصر بن شهرة ذو شخصية قوية بحسب رواية أحفاده الذين تناقلوا مناقبه عن آبائهم، «حافظاً لكتاب الله، شجاعته وتدينه جعلاه يظفر بثقة الأمير عبد القادر، فاعتبره مستودعاً لأسراره، كان يرتحل رفقته أينما حلّ، وشهد معه المشاهد كلها، مقاتلاً ببسالة جحافل الجيوش الفرنسية».
كما شارك (بحسب ما قالوا) في معارك طاحنة ضد القوات الفرنسية التي كان يقودها آنذاك الجنرال «جوزيف» الذي قضى 20 عاماً في الحروب بالجزائر، كمعركة «المقطع» بمحافظة وهران (غرب الجزائر)، التي كانت الملهمة في قصائد الشعر الملحون، أين مني العدو بهزيمة نكراء.
«النجع» كلمة كانت تتكرر في رسائل الأمير السّرية، كان يبعث بها إلى الفارس «الناصر بن شهرة» التي تعني تحديد المكان الذي يعسكر فيه جنود المقاومة بدقة.
وكتبت تلك الرسائل بلغة عربية راقية، وجاء في نصها: «نريد معلومات عن نجعكم وخيامكم ووضعية الأمن بها»، تلك هي العبارات التي يمكن قراءتها من رسالة الأمير التي تآكلت بفعل الزمن والعوامل المناخية.
قائد المقاومة ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة كما يصفه المؤرخون، كان يلتمس في كل مرة من «الناصر بن شهرة» تزويده بكل كبيرة وصغيرة عن حالة الجند وتعداده البشري وعدته التي كانت جلها من هبات سكان «أولاد بن شهرة» الذين لم يكتفوا بتوفير المأكل والمشرب وتأمين المرقد، بل وهبوا أبناءهم وجيادهم لتعزيز صف الأمير بالمقاتلين، لما كان يحظى به من مكانة كبيرة بين أوساطهم، حتى تحركات العدو كانت ترصد عن طريق السكان الذين كانوا يزودون القائد «الناصر بن شهرة» بكل المعلومات وبدوره يقوم بإبلاغ الأمير عبد القادر عنها لأخذ الاحتياطات اللازمة أثناء عملية الارتحال.
بعض الروايات التي تتداولها عائلة «صحراوي» تقول إن القائد الناصر بن شهرة، كان «مميزاً في كل شيء حتى في عدته الحربية، إذ عرف بحمله لقرن من الحجم الكبير لحيوان أفريقي جلب من أحد بلدان القارة السمراء، كان يضع فيه الذخيرة الحربية المتمثلة أساساً في البارود، ناهيك عن بدلته الحربية وجواده الأصيل الذي جاب بها ساحات المعارك مقاتلاً ببسالة فلول الاستعمار، حتى ماله وذهبه وضعه تحت خدمة الأمير عبد القادر لكي لا تتعثر المقاومة».
وحسب روايتهم: «كان يحوز ما مقداره 5 كلغ من المعدن النفيس وهو مقدار يلحق صاحبه بمصاف الأثرياء آنذاك، بالاضافة للمواشي والحقول الشاسعة، التي لم يبخل بخيراتها على الجنود المرابطين في المنطقة، والذين قدموا من منطقة معسكر غرب الجزائر (المكان الذي ولد فيه الأمير عبد القادر سنة 1808 وتوفي سنة 1883 بدمشق، وبويع فيها كقائد للمقاومة ضد الفرنسيين سنة 1832) ».
وحسب ما كشفت عنه عائلة «صحراوي» فإن جند الأمير «وصل عددهم 500 فارس، احتضنوا بحفاوة من قبل سكان المنطقة آنذاك»، الذين لا تجد بيتا منها يخلوا من إمام أو حفظة لكتاب الله.
وتواصلت فصول المقاومة مع انطلاق شرارة حرب التحرير التي بزغت في أول تشرين الثاني (نوفمبر) 1954، وضربت كالعادة منطقة «أولاد بن شهرة» أروع الأمثلة في التضحيات، فقدمت قوافل الشهداء الذين ساروا على خطى الأجداد، فرووا بدمائهم الزكية أرض الجزائر التي تخلّصت بفضل تضحياتهم من أغلال الاستعمار، بحسب مؤرخين.
وأمام هذا الزخم التاريخي، قال الباحث في تاريخ المنطقة الطيب قايد لـ«الأناضول» إن: «قرية أولاد بن شهرة تحتاج إلى اهتمام من قبل المؤرخين، كي يوثقوا بطولات أهلها، الذين يشكلون بحق جزء من كفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي».
الأناضول
والتقت «الأناضول»، عائلة «صحراوي» التي تنحدر من قرية «أولاد بن شهرة» بمحافظة تيسمسيلت (240 كلم غرب الجزائر العاصمة)، إذ ما تزال تحتفظ بأوان كان يتناول فيها الأمير عبد القادر الطعام، والأكثر من ذلك تلك الرسالة المؤثرة، التي حرّكت مشاعر الكراهية ضد الإستعمار الذي سلب الأرض، وحاول طمس معالم الهوية العربية الإسلامية للجزائر.
ويشعر أهالي «أولاد بن شهرة» بنوع من الفخر، لأنّ قائد المقاومة الجزائرية خصّهم من دون سواهم، برسالة تحمل توقيعه، حثهم من خلالها على رفع لواء الجهاد وتعزيز صفه بالجند، لما رأى وسمع عنهم من تشبث بالأصالة وتمسك بالقيم الإسلامية، بدليل حفظة كتاب الله والأئمة الذين كانوا ينظمون حلق الذكر آنذاك.
تقول عائلة «صحراوي» إن هذه الخصال «جعلت الأمير يعين أحد أبناء الأهالي وهو الفارس المجاهد الشيخ الصحراوي بن شهرة المدعو الناصر بن شهرة (الاسم الجهادي الذي عرف به)، نائباً له مكلفاً بقيادة الجند».
وكان الناصر بن شهرة ذو شخصية قوية بحسب رواية أحفاده الذين تناقلوا مناقبه عن آبائهم، «حافظاً لكتاب الله، شجاعته وتدينه جعلاه يظفر بثقة الأمير عبد القادر، فاعتبره مستودعاً لأسراره، كان يرتحل رفقته أينما حلّ، وشهد معه المشاهد كلها، مقاتلاً ببسالة جحافل الجيوش الفرنسية».
كما شارك (بحسب ما قالوا) في معارك طاحنة ضد القوات الفرنسية التي كان يقودها آنذاك الجنرال «جوزيف» الذي قضى 20 عاماً في الحروب بالجزائر، كمعركة «المقطع» بمحافظة وهران (غرب الجزائر)، التي كانت الملهمة في قصائد الشعر الملحون، أين مني العدو بهزيمة نكراء.
«النجع» كلمة كانت تتكرر في رسائل الأمير السّرية، كان يبعث بها إلى الفارس «الناصر بن شهرة» التي تعني تحديد المكان الذي يعسكر فيه جنود المقاومة بدقة.
وكتبت تلك الرسائل بلغة عربية راقية، وجاء في نصها: «نريد معلومات عن نجعكم وخيامكم ووضعية الأمن بها»، تلك هي العبارات التي يمكن قراءتها من رسالة الأمير التي تآكلت بفعل الزمن والعوامل المناخية.
قائد المقاومة ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة كما يصفه المؤرخون، كان يلتمس في كل مرة من «الناصر بن شهرة» تزويده بكل كبيرة وصغيرة عن حالة الجند وتعداده البشري وعدته التي كانت جلها من هبات سكان «أولاد بن شهرة» الذين لم يكتفوا بتوفير المأكل والمشرب وتأمين المرقد، بل وهبوا أبناءهم وجيادهم لتعزيز صف الأمير بالمقاتلين، لما كان يحظى به من مكانة كبيرة بين أوساطهم، حتى تحركات العدو كانت ترصد عن طريق السكان الذين كانوا يزودون القائد «الناصر بن شهرة» بكل المعلومات وبدوره يقوم بإبلاغ الأمير عبد القادر عنها لأخذ الاحتياطات اللازمة أثناء عملية الارتحال.
بعض الروايات التي تتداولها عائلة «صحراوي» تقول إن القائد الناصر بن شهرة، كان «مميزاً في كل شيء حتى في عدته الحربية، إذ عرف بحمله لقرن من الحجم الكبير لحيوان أفريقي جلب من أحد بلدان القارة السمراء، كان يضع فيه الذخيرة الحربية المتمثلة أساساً في البارود، ناهيك عن بدلته الحربية وجواده الأصيل الذي جاب بها ساحات المعارك مقاتلاً ببسالة فلول الاستعمار، حتى ماله وذهبه وضعه تحت خدمة الأمير عبد القادر لكي لا تتعثر المقاومة».
وحسب روايتهم: «كان يحوز ما مقداره 5 كلغ من المعدن النفيس وهو مقدار يلحق صاحبه بمصاف الأثرياء آنذاك، بالاضافة للمواشي والحقول الشاسعة، التي لم يبخل بخيراتها على الجنود المرابطين في المنطقة، والذين قدموا من منطقة معسكر غرب الجزائر (المكان الذي ولد فيه الأمير عبد القادر سنة 1808 وتوفي سنة 1883 بدمشق، وبويع فيها كقائد للمقاومة ضد الفرنسيين سنة 1832) ».
وحسب ما كشفت عنه عائلة «صحراوي» فإن جند الأمير «وصل عددهم 500 فارس، احتضنوا بحفاوة من قبل سكان المنطقة آنذاك»، الذين لا تجد بيتا منها يخلوا من إمام أو حفظة لكتاب الله.
وتواصلت فصول المقاومة مع انطلاق شرارة حرب التحرير التي بزغت في أول تشرين الثاني (نوفمبر) 1954، وضربت كالعادة منطقة «أولاد بن شهرة» أروع الأمثلة في التضحيات، فقدمت قوافل الشهداء الذين ساروا على خطى الأجداد، فرووا بدمائهم الزكية أرض الجزائر التي تخلّصت بفضل تضحياتهم من أغلال الاستعمار، بحسب مؤرخين.
وأمام هذا الزخم التاريخي، قال الباحث في تاريخ المنطقة الطيب قايد لـ«الأناضول» إن: «قرية أولاد بن شهرة تحتاج إلى اهتمام من قبل المؤرخين، كي يوثقوا بطولات أهلها، الذين يشكلون بحق جزء من كفاح الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي».
الأناضول